هلال رمضان والحسابات الفلكية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
ورد سؤال للجنة الدائمة - وفقهم الله لمرضاته - عن هذه المسألة، وهذا نص السؤال، مع نص جواب أصحاب الفضيلة:
س: هل يجوز للمسلم الاعتماد في بدء الصوم ونهايته على الحساب الفلكي، أو لا بد من رؤية الهلال؟
ج: الشريعة الإسلامية شريعة سمحة، وهي عامة شاملة أحكامها جميع الثقلين الإنس والجن، على اختلاف طبقاتهم: علماء وأميين، أهل الحضر وأهل البادية، فلهذا سهَّل الله عليهم الطريق إلى معرفة أوقات العبادات فجعل لدخول أوقاتها وخروجها أمارات يشتركون في معرفتها، جعل غروب الشمس أمارة على دخول وقت المغرب وخروج وقت العصر، وغروب الشفق الأحمر أمارة على دخول وقت العشاء مثلاً، وجعل رؤية الهلال بعد استتاره آخر الشهر أمارة على ابتداء شهر قمري جديد وانتهاء الشهر السابق، ولم يكلفنا معرفة بدء الشهر القمري بما لا يعرفه إلا النزر اليسير من الناس وهو علم النجوم أو علم الحساب الفلكي، وبهذا جاءت نصوص الكتاب والسنة بجعل رؤية الهلال ومشاهدته أمارة على بدء صوم المسلمين شهر رمضان، والإفطار منه برؤية هلال شوال، وكذلك الحال في ثبوت عيد الأضحى ويوم عرفات قال الله - تعالى -: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}1، وقال - تعالى -: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}2، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غُمَّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين))3، فجعل - عليه الصلاة والسلام - الصوم لثبوت رؤية هلال شهر رمضان، والإفطار منه لثبوت رؤية هلال شوال، ولم يربط ذلك بحساب النجوم، وسير الكواكب، وعلى هذا جرى العمل زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وزمن الخلفاء الراشدين، والأئمة الأربعة، والقرون الثلاثة التي شهد لها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالفضل والخير، فالرجوع في إثبات الشهور القمرية إلى علم النجوم في بدء العبادات والخروج منها دون الرؤية من البدع التي لا خير فيها، ولا مستند لها من الشريعة، وإن المملكة العربية السعودية متمسكة بما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - والسلف الصالح من إثبات الصيام والإفطار، والأعياد وأوقات الحج نحوها برؤية الهلال، والخير كل الخير في اتباع من سلف في الشئون الدينية، والشر كل الشر في البدع التي أحدثت في الدين، حفظنا الله وإياك وجميع المسلمين من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
--------------------------------------------------------------------------------
1 سورة البقرة (185).
2 سورة البقرة الآية (189).
3 سنن الترمذي العلم (2676), وسنن ابن ماجه المقدمة (44), ومسند أحمد بن حنبل (4/126), وسنن الدارمي المقدمة (95).
4 فتاوى اللجنة الدائمة (32) جزءاً (10/104) الفتوى رقم (386) بتصرف يسير جداً.