منتديات شريف سليمان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


    مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:05 pm



    الشاعر : نزار قباني


    مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 ) 7

    بالأحمرِ فقـَـط
    -----------------------

    في كل مكان في الدفتر

    إسمك مكتوب بالأحمر

    حبك تلميذ شيطان

    .. يتسلى بالقلم الأحمر

    يرسم أسماكا من ذهب

    ونساء .. من قصب السكر

    وهنودا حمرا .. وقطارا

    .. ويحرك آلاف العسكر

    يرسم طاحونا ، وحصانا

    .. يرسم طاووسا يتبختر

    وامرأة يرسم .. عارية

    .. ولها ثديان من المرمر

    يرسم عصفورا من نار

    مشتعل الريش ، ولا يحذر

    وقوارب صيد ، وطيورا

    .. وغروبا وردي المئزر

    يرسم بالورد والياقوت

    ويترك جرحا في الدفتر

    حبك رسام مجنون

    .. لا يرسم إلا .. بالأحمر

    ، ويخربش فوق جدار الشمس

    ولا يرتاح ، ولا يضجر

    ويصور عنترة العبسي

    ويصور عرش الإسكندر

    ما كل قياصرة الدنيا؟

    . ما دمت معي .. فأنا القيصر

    *****************************************

    مـع بيروتيه
    --------------------

    .. لم يبقى سوانا في المطعم

    لم يبقى سوى

    .. ظل الرأسين الملتصقين

    لم يبقى سوى

    .. حركات يدينا العاشقتين

    وبقايا البن الراسب

    .. في أعماق الفنجانين

    .. لم يبق سوانا في المطعم

    .. بيروت . تغوص كلؤلوة

    .. داخل عينيك السوداوين

    .. بيروت . تغيب بأكملها

    ، رملا ، وسماء ، وبيوتا

    .. تحت الجفنين المنسبلين

    ، بيروت . أفتش عن بيروت

    .. على أهدابك ، والشفتين

    فأراها طيرا بحريا

    وأرها عقدا ماسيا

    .. وأرها امرأة فاتنة

    تلبس قبعة من ريش

    تشبك دبوسا ذهبيا

    وتخبيء .. زهرة غاردينيا

    .. خلف الأذنين

    بيروت ! وأنت على صدري

    .. شيء .. لا يحدث في الرؤيا

    .. من يوم تلاقينا فيها

    .. صارت بيروت

    .. هي الدنيا

    لم يبقى سوانا .. في المطعم

    .. شال الكشمير .. على كتفيك

    .. يرف حديقة ريحان

    .. يدك الممدودة .. فوق يدي

    .. أعظم من كل التيجان

    .. عيناك .. أمامي صافيتان

    .. صفاء سماء حزيران

    وطفولة وجهك مقنعة

    .. أكثر من كل الأديان

    ما دامت مملكتي عينيك

    .. فإني سلطان زماني

    .. المطعم أصبح مهجورا

    .. وأنا أتأمل فنجاني

    ماذا سيكون بفنجاني ؟

    ، غير الأمطار ، وغير الريح

    .. وغير طيور الأحزان

    .. تذبحني امرأة من لبنان

    .. تساوي ملك سليمان

    .. آه.. يا حبي اللبناني

    .. آه.. يا جرحي اللبناني

    .. لا غيرك يسكن ذاكرتي

    لا غيرك يسكن أجفاني

    قد ماتت كل نساء الأرض

    .. وأنت بقيت بفنجاني

    ***********************************

    يَدي
    --------------

    جزءاً من يدي

    جزءاً من انسيابها

    من جوها الماطر

    من سحابها

    .. كأنما

    في لحمها ، حفرت

    .. في أعصابها

    .. أصبحت جزءا من يدي

    ، أراك في عروقها ، في غيمها الازرق ، في ضبابها

    أراك في هدوئها

    أراك في اضطرابها

    ، في حزنها ، في صمتها الطويل ، في اكتئابها

    أراك في الدمع الذي

    .. يقطر من أهدابها

    أراك يا حبيبتي

    .. على يدي نائمة

    .. كطفلة نامت على كتابها

    .. أصبحت جزءاً من يدي

    إسمك مكتوب على أبوابها

    وجهك مرسوم على ترابها

    .. تذكري

    كم مرة .. لعبت بالثلج على هضابها

    وضعت كالنجمة في أعشابها

    .. كم مرة

    .. دفأت كفيك على أحطابها

    لا .. لست جزءاً من يدي

    . أنت يدي

    بشمسها .. وبحرها

    .. وطهرها .. وكفرها

    .. ونثرها .. وشعرها

    ، وحبك المحفور ، بالسكين

    .. في أعصابها

    ************************************

    قصة خلافاتنا
    -----------------------

    برغم .. برغم خلافاتنا

    .. برغم جميع قراراتنا

    .. بأن لانعود

    .. برغم العداء .. برغم الجفاء

    .. برغم البرود

    .. برغم انطفاء ابتساماتنا

    .. برغم انقطاع خطاباتنا

    .. فثمة سر خفي

    .. يوحد مابين أقدارنا

    .. ويدني مواطئ أقدامنا

    .. ويفنيكِ فيّ

    .. ويصهر نار يديكِ بنار يديّ

    .. برغم جميع خلافاتنا

    .. برغم اختلاف مناخاتنا

    .. برغم سقوط المطر

    .. برغم استعادة كل الهدايا .. وكل الصور

    .. برغم الإناء الجميل

    .. الذي قلت عنه.. انكسر

    ..برغم رتابة ساعاتنا

    .. برغم الضجر

    ..فلا زلت أؤمن أن القدر

    .. يصر على جمع أجزائنا

    .. ويرفض كل اتهاماتنا

    .. برغم خريف علاقاتنا

    .. برغم النزيف بأعماقنا

    ..وإصرارنا

    .. على وضع حد لمأساتنا

    .. بأي ثمن

    .. برغم جميع ادعاءاتنا

    .. بأنيَ لن

    .. وأنكِ لن

    .. فإني أشك بإمكاننا

    .. فنحن برغم خلافاتنا

    .. ضعيفان في وجه أقدارنا

    .. شبيهان في كل أطوارنا

    .. دفاترنا .. لون أوراقنا

    .. وشكل يدينا .. وأفكارنا

    .. فحتى نقوش ستاراتنا

    .. وحتى اختيار اسطواناتنا

    .. دليل عميق

    .. على أننا

    .. رفيقا مصير .. رفيقا طريق

    .. برغم جميع حماقاتنا


    تابع
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:18 pm

    الحَسْناء والدّفتَر
    -----------------------------

    قالت : أتسمح أن تزين دفتري

    .. بعبارةٍ أو بيت شعرٍ واحد

    بيت ٍ أخبئه بليل ضفائري

    و أريحه كالطفل فوق و سائدي

    قل ما تشاء فإن شعرك شاعري

    أغلى و أروع من جميع قلائدي

    ذات المفكرة الصغيرة .. أعذري

    ما عاد ماردك القديم بمارد

    من أين ؟ أحلى القارئات أتيتني

    .. أنا لست أكثر من سراج خامد

    أشعاري الأولى .. أنا أحرقتها

    ورميت كل مزاهري وموائدي

    أنت الربيع .. بدفئه و شموسه

    . ماذا سأصنع بالربيع العائد ؟

    لا تبحثي عني خلال كتابتي

    شتان ما بيني وبين قصائدي

    أنا أهدم الدنيا ببيتٍ شاردٍ

    و أعمر الدنيا ببيتٍ شارد

    بيدي صنعت جمال كل جميلةٍ

    و أثرت نخوة كل نهدٍ ناهد

    أشعلت في حطب النجوم حرائقاً

    وأنا أمامك كالجدار البارد

    كتبي التي أحببتها و قرأتها

    ليست سوى ورقٍ .. وحبرٍ جامد

    لا تُخدعي ببروقها ورعودها

    فالنار ميتةٌ بجوف مواقدي

    سيفي أنا خشبٌ .. فلا تتعجبي

    إن لم يضمك ، يا جميلة ، ساعدي

    إني أحارب بالحروف و بالرؤى

    ومن الدخان صنعت كل مشاهدي

    شيدت للحب الأنيق معابداً

    .. وسقطت مقتولاً .. أمام معابدي

    .. قزحية العينين .. تلك حقيقتي

    هل بعد هذا تقرأين قصائدي ؟

    *************************************
    القصيدة البحرية
    ---------------------------

    في مرفأ عينيك الأزرق

    أمطار من ضوء مسموع

    وشموس دائخة .. وقلوع

    ترسم رحلتها للمطلق

    في مرفأ عينيك الأزرق

    شباك بحري مفتوح

    وطيور في الأبعاد تلوح

    .. تبحث عن جزر لم تخلق

    في مرفأ عينيك الأزرق

    يتساقط ثلج في تموز

    ومراكب حبلى بالفيروز

    أغرقت الدنيا ولم تغرق

    في مرفأ عينيك الأزرق

    أركض كالطفل على الصخر

    .. أستنشق رائحة البحر

    .. وأعود كعصفور مرهق

    في مرفأ عينيك الأزرق

    أحلم بالبحر وبالإبحار

    وأصيد ملايين الأقمار

    وعقود اللؤلؤ والزنبق

    في مرفأ عينيك الأزرق

    تتكلم في الليل الأحجار

    في دفتر عينيك المغلق

    من خبأ آلاف الأشعار ؟

    لو أني .. لو أني .. بحار

    لو أحد يمنحني زورق

    أرسيت قلوعي كل مساء

    في مرفأ عينيك الأزرق

    *********************************

    لو كنت في مدريد
    -----------------------

    لو كنت في مدريد في رأس السنة

    كنا سهرنا وحدنا

    في حانة صغيرة

    ليس بها سوانا

    تبحث في ظلامها عن بعضها يدانا

    كنا شربنا الخمر في اوعية الخشب

    .. كنا اخترعنا - ربما - جزيرة

    .. أحجارها من الذهب

    .. أشجارها من الذهب

    .. تتوجين فيها اميرة

    لو كنت في مدريد في رأس السنة

    كنا راينا .. كيف في اسبانيا

    .. أيتهاالصديقة الاثيرة

    تشتعل الحرائق الكبيرة

    .. في الاعين الكبيرة

    .. كيف تنام الوردة الحمراء في الضفيرة

    كنا عرفنا لذة الضياع في الشوارع

    وجوهنا تحت المطر

    ثيابنا تحت المطر

    كنا رأينا في مغارات الغجر

    .. كيف يكون الهمس بالاصابع

    .. والبوح والعتاب بالمشاعر

    . وكيف للحب هنا .. طعم البهار اللاذع

    .. لو كنت في مدريد في رأس السنة

    كنا ذهبنا آخر الليل للكنيسة

    .. كنا حملنا شمعنا وزيتنا

    .. لسيد السلام والمحبة

    كنا شكونا حزننا اليه

    .. كنا أرحنا رأسنا لديه

    .. لعله في السنة الجديدة

    .. ايتها الحبيبة البعيدة

    .. يجمعني اليك بعد غربة

    في منزل جدرانه محبة

    .. وخبزه محبة

    لو كنت في مدريد في رأس السنة

    .. كنا ملأنا المدخنة

    .. عرائسا ملونة

    . لطفلة دافئة العيون

    .. نعيش ياحبيبي بوهمها

    .. من قبل أن تكون

    نبحث ياحبيبتي عن اسمها

    من قبل ان تكون

    كنا صنعنا تختها الصغير من ظنون

    تختا من الاحلام .. والقطيفة الملونة

    .. تنام فيها - ربما - بعد سنة

    . لو كنت في مدريد في رأس السنة
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:20 pm

    أوعيةَ الصَّدِيد
    -------------------

    " لا.. لا أُريدْ.."

    "المرَّةُ الخمسونَ.. إني لا أُريد.."

    ودَفَنْتَ رأسكَ في المِخدَّة يا بَليدْ

    وأدرتَ وجهكَ للجدار.. أيا جداراً من جَليدْ

    وأنا وراءَك – يا صغيرَ النَفْس- نابحةُ الوريدْ

    شَعْري على كَتِفي بَدِيدْ..

    والريحُ تَفْتُلُ مقبضَ الباب الوَصِيدْ

    ونباحُ كلْْبٍ من بعيدْ

    والحارسُ الليليُّ، والمِزْرَابُ مُتَّصِلُ النشيدْ..

    حتى الغطاءَ .. سَرَقْتَهُ

    وطعنتَ لي الأملَ الوحيدْ

    أملي الذي مَزَّقتَهُ..

    أملي الوحيدْ..

    ماذا أُريدْ؟

    وقُبيلَ ثانيتينْ..

    كنتَ تجولُ كالثور الطَريدْ

    والآنَ..

    أنتَ بجانبي..

    قفصٌ من اللحمِ القديدْ..

    ما أشنَعَ اللحمَ القَديدْ..

    *

    ماذا أريدْ؟

    يا وارثاً عبد الحميدْ..

    والمُتَّكى التركيُّ، والنرجيلةُ الكسلى تَئِنُّ وتستعيد

    والشَرْكسيَّاتُ السبايا حول مضجعهِ الرغيدْْ

    يَسْقُطْنَ فوقَ بساطهِ..

    جيداً فجيدْ..

    وخليفةُ الإسلام، والمَلِكُ السعيدْ

    يرمي.. ويأخُذُ ما يُريدْ..

    لا.. لم يمُتْ عبدُ الحميدْ

    فلقد تَقَمَّصَ فيكمُ عبدُ الحميدْ

    حتى هنا. حتى على السُرُر المقوَّسةِ الحديدْ

    نحنُ النساءَ لكمْ عبيدْ

    وأحطُّ أنواع العبيدْ..

    كم ماتَ تحت سياطكمْ نَهْدٌ شهيدْ

    وبكى من استئثاركمْ خَصْرٌ عميدْ..

    ماذا أريد؟

    لا شيء. يا سفاح. يا قرصان. يا قبو الجليد

    فأنا وعاءٌ للصديد..

    يا ويل أوعية الصديدْ..

    هي ليست تملكُ .. أن تُريدَ ولا تُريدْ..

    **********************************

    إلى أجيرة
    ------------------

    بِدَراهمي!

    لا بالحديثِ الناعمِ

    حَطَّمتُ عزَّتَكِ المنيعَةَ كُلَّها .. بِدَراهمي

    وبما حَمَلْتُ من النَفَائسِ، والحريرِ الحالِمِ

    فَأطَعْتِني..

    وتَبِعْتِني..

    كالقِطَّة العمياءِ مؤمنة بكلِّ مزاعمي..

    فإذا بصَدْرِكِ – ذلك المغْرُورِ – ضمْنَ غَنَائمي

    أينَ اعتدادُكِ؟

    أنتِ أطوَعُ في يدي من خَاتَمي..

    قد كان ثغرُكِ مَرَّةً..

    رَبِّي.. فأصبح خادمي

    آمنتُ بالحُسْن الأجيرِ.. وطأْتُهُ بدراهمي..

    ورَكَلْتُهُ..

    وذَلَلْتُهُ..

    بدُمىً، بأطواقٍ كَوَهْم الوَاهمِ..

    ذَهَبٌ .. وديباجٌ .. وأحجارٌ تَشُعُّ فقاومي!!

    أيُّ المواضع منكِ .. لم تَهْطُلْ عليهِ غَمَائِمي

    خَيْراتُ صدركِ كُلُّها ..

    من بَعضِ .. بَعْضِ مواسمي..

    بدراهمي!

    بإناءِ طيبٍ فاغمِ

    ومشيتِ كالفأرِ الجَبَان إلى المصير الحاسمِ

    ولَهَوْتُ فيكِ.. فما انتخَتْ شفتاكِ تحت جرائمي

    والأرْنَبَانِ الأبيضانِ.. على الرُخَامِ الهاجِمِ

    جَبُنا .. فما شَعَرا بظُلْم الظَالمِ..

    وأنا أصبُّ عليهما..

    ناري.. ونارَ شتائمي..

    رُدِّي.. فلستُ أُطيقُ حُسْناً..

    لا يَرُدُّ شَتَائِمي..

    *

    مسكينةٌ..

    لم يَبْقَ شيءٌ منكِ... منذُ اسْتَعْبَدَتْكِ دَرَاهمي!!

    **********************************

    لن تُطفِئي مَجدِي
    --------------------------

    ثَرْثَرْتِ جدّاً.. فاتْرُكيني

    شيءٌ يُمَزِّقُ لي جبيني

    أنا في الجحيم، وأنتِ لا

    تَدرينَ ماذا يَعتريني

    لنْ تفهمي معنى العَذابِ

    بريشتي.. لن تفهميني

    عَمياءُ أنتِ .. ألم تَرَيْ

    قلبي تَجمَّعَ في عُيوني؟

    ماتَ الحنينُ .. أتسمعينَ؟

    ومُتِّ أنتِ مع الحنينِ

    لا تسأليني.. كيف قِصَّتُنَا

    انْتَهتْ، لا تَسأليني

    هي قصَّةُ الأعصاب، والأفْيونِ

    والدمِ.. والجنونِ

    مَرَّتْ.. فلا تَتَذكَّري

    وجهي.. ولا تتذكَّريني

    إنْ تُنكِريها.. فاقرَأي

    تاريخَ سُخفْكِ .. في غُضُوني

    *

    أمريضةَ الأفكارِ.. يأبى

    الليلُ أن تستضعفيني

    لنْ تُطْفِئي مجدي على

    قَدَحٍ.. وضمَّةِ ياسمينِ

    إن كان حُبُّكِ.. أن أعيشَ

    على هُرائكِ.. فاكرهيني..

    *

    حَاولتِ حرقي.. فاحْترقتِ

    بنار نفسكِ.. فاعذريني

    لا تطلبي دَمْعي، أنا

    رَجُلٌ يعيشُ بلا جُفُونِ

    مَزَّقْتِ أجملَ ما كتبتُ

    وغِرْتِ حتى من ظُنُوني

    وكسرتِ لوحاتي، وأضرمتِ

    الحرائقَ في سُكُوني

    وكرِهتني .. وكرهتِ فَنَّاً

    كنتُ أُطعمهُ عيوني

    ورأيتني أهَبُ النُجومَ

    محبَّتي فوقفتِ دُوني

    حاولتُ أن أعطيكِ من

    نفسي، ومن نور اليقينِ

    فسخرتِ من جُهدي، ومن

    ضرباتِ مطرقتي الحَنون

    وبقيتِ – رغم أناملي-

    طيناً تراكمَ فوق طينِ

    لا كُنتِ شيئاً .. في حسابِ

    الذكرياتِ، ولَنْ تَكُوني

    *

    شَفَتي سأقطعها.. ولَنْ

    أمشي إليكِ على جبيني..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:21 pm

    إلى نَهْدَيْن مَغروُرَيْن
    ----------------------------

    عندي المَزيدُ من الغُرُورِ .. فلا تَبيعيني غُرُورَا

    إنْ كنتُ أرضى أن أُحِبَّكِ..

    فاشْكُري المولى كثيرا..

    منْ حُسن حَظِّكِ..

    أَنْ غَدَوْتِ حبيبتي.. زَمَناً قصير

    فأنا نفختُ النارَ فيكِ..

    وكُنتِ قَبْلي زَمْهَريرا..

    وأنا الذي أَنْقَذْتُ نَهْدَكِ من تَسَكُّعِهِ..

    لأجعَلَهُ أميرا..

    وأدَرْتُهُ.. لولا يدايَ .. أكان نهدُكِ مُسْتديرا؟

    وأنا الذي حَرَّضتُ حَلْمَتَكِ الجبانةَ كي تَثُورا

    وأنا الذي ..

    في أرضكِ العَذْراءِ.. ألقيتُ البُذُورا

    فتفجَّرتْ.. ذَهَباً، وأطفالاً، ويَاقُوتاً مُثيرا

    *

    مِنْ حُسْنِ حَظِّكِ.. أن تُحِبِّيني

    ولو كذِباً وزُورا..

    فأنا بأشعاري فَتَحتُ أمامكِ البَابَ الكبيرا

    وأنا دَلَلْتُ على أُنوثتِكِ .. المراكبَ والطُيُورا

    وجَعَلْتُ منكِ مليكةً

    ومَنَحْتُكِ التاجَ المُرصَّعَ ، والسريرا

    حَسْبي غُرُوراً أنَّني علَّمتُ نَهْدَيكِ الغُرُورا

    فَلْتَشْكُري المولى كثيرا..

    أنِّي عَشِقْتُكِ ذاتَ يومٍ..

    اشْكُري المولى كثيرا..

    ********************************

    نَهْدَاكِ
    ---------------

    سَمْرَاءُ.. صبِّي نهدَكِ الأسمرَ في دُنْيَا فَمِي

    نَهْدَاكِ نَبعَا لذَّةٍ حمراءَ تُشعِلُ لي دمي

    مُتمردانِ على السماء، على القميص المُنْعَمِ

    صَنَمانِ عاجيَّانِ... قد ماجا ببحرٍ مُضْرَمٍ

    صَنَمانِ.. إنِّي أَعْبُدُ الأصنامَ رَغْمَ تَأثُّمي

    فُكِّي الغِلالةَ.. واحْسِري عن نَهْدِكِ المُتضَرمِ

    لا تكبتي النارَ الحبيسةَ، وارتعاشَ الأعظُمِ

    نارُ الهوى، في حَلْمَتيكِ، أكُولةٌ كجهنَمِ

    خَمْريَّتانِ.. احْمَرَّتا بلظى الدمِ المُتَهَجِّمِ..

    مَحْرُوقَتَانِ.. بشهوةٍ تبكي، وصَبْرٍ مُلْجَمِ

    *

    نَهْداكِ وحشيَّان.. والمصباحُ مَشْدوهُ الفمِ

    والضوءُ مُنْعكسٌ على مَجرى الحليبِ المُعتِمِ

    وأنا أمُدُّ يدي.. وأسْرُقُ من حُقُول الأنْجُمِ

    والحَلْمَةُ الحمقاءُ.. ترصُدُني بظِفْرٍ مُجْرِمٍ

    وتَغُطُّ إصْبَعَها وتغمسُها بحبرٍ من دمي..

    يا صلبَةَ النَهْدَيْنِ.. يأبى الوهمُ أن تَتَوهَّمي

    نَهْداكِ أجملُ لوحَتَينِ على جدارِ المَرْسَمِ..

    كُرَتَانِ من زَغَب الحرير، من الصَبَاح الأكرمِ

    فتقدَّمي، يا قِطَّتي الصُغْرَى، إليَّ تقدَّمي..

    وتحرَّري ممَّا عليكِ.. وحَطِّمي.. وتَحَطَّمي..

    *

    مَغْرُورةََ النَهْدَينِ.. خَلِّي كبرياءَكِ وانْعَمي

    بأصابعي ، بزوابعي ، برُعُونتي ، بتَهَجُّمي

    فغداً شبابُكِ ينْطَفي مثلَ الشُعَاع المُضْرَمِ

    وغداً سيذوي النَهْدُ والشَفَتَانِ منكِ.. فأقدِمي

    وتَفَكَّري بمصير نهدكِ.. بعدَ موتِ المَوْسِمِ

    لا تَفْزعي.. فاللَّثمُ للشُعَرَاء غيرُ مُحَرَّمِ

    فُكِّي أسيرَيْ صدركِ الطِفْلَيْنِ.. لا.. لا تظلمي

    نَهْداكِ ما خلِقا للثمِ الثوبِ.. لَكنْ.. للفمِ

    مَجنونةٌ مَنْ تحجبُ النهدين.. أو هي تحتمي

    مَجنونةٌ.. من مَرَّ عهدُ شبابِها لم تُلْثَمِ..

    *

    .. وجَذَبْتُ منها الجسمَ، لم تَنْفُرْ ولم تتكَلَّمِ

    مخمورةٌ.. مالتْ عليَّ بقدِّها المُتَهَدِّمِ

    وَمَضَتْ تُعلِّلُني بهذا الطافرِ المُتَكَوِّمِ

    وتقولُ في سُكْرٍ ، مُعَرْبِدَةً ، بأرشق مبسمِ

    "يا شاعري.. لم أَلقَ في العشرينَ مَنْ لم يُفْطَمِ.."
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:23 pm

    البغي
    -----------

    1

    نازفَ الشريانِ ، مُحمرَّ الفتيلهْ

    في زقاقٍ ضَوَّأتْ أوكارُهُ

    كلُّ بيتٍ فيه، مأساةٌ طويلَهْ

    غرَفٌ .. ضيِّقَةٌ .. موبوءةٌ

    وعناوينُ لـِ (ماري) و (جميلَهْ)

    وبمقهى الحيِّ.. حاكٍ هَرِمٌ

    راح يَجْتَرُّ أغانيهِ الذليلَهْ

    وعَجوزٌ خلفَ نرجيلتها

    عُمْرُها أقدمُ من عُمْر الرذيلَه

    إنَّها آمِرَةُ البيتِ هنا..

    تَشْتُمُ الكسلى، وتَسترضي العَجولَهْ

    وأمامَ الباب.. صُعلوكُ هَوَىً

    تافهُ الهيئة، مسلوبُ الفضيلهْ

    يعرضُ اللحمَ على قاضِمِه..

    مثلما يعرضُ سَمْسَارٌ خيولَهْ

    "هذهِ.. جاءتْ حديثاً.. سيِّدي

    ناهدٌ ما زالَ في طور الطُفُولهْ..

    أو إذا شئتَ.. فرافِقْ هذهِ

    إنَّها أشهى من الخمر الأصيلَهْ.."

    أيُّ رِقٍّ .. مثلَ أُنثى ترتمي

    تحت شاريها، بأوراقٍ ضئيلَهْ

    قيمةُ الإنسان ، ما أحقَرَها

    زَعَموهُ غايةً.. وهْوَ وسيلَهْ..

    لو تَرَى الرُدْهَةَ فيها اضْطَجَعَتْ

    كلُّ بنتٍ كانفتاح الزَهَرَهْ

    نَهْدُها منتظرٌ جَزَّارَهُ

    صابرٌ حتى يُلاقي قَدَرَهْ

    هذه المُذْهَبةُ السِنِّ.. هنا

    ترقُبُ البابَ بعينٍ حَذِرهْ

    حَسرَتْ عن رُكبَةٍ شاحبةٍ

    لونُها لون الحياة المُنكرَهْ

    مَنْ سيأتي؟ مَنْ سيأتي معها؟

    أيُّ صُعْلوكٍ، حقيرٍ، نَكِرَهْ؟

    وهناكَ.. انْفَرَدَتْ واحدةٌ

    عطرُها أرخَصُ من أنْ أذْكُرَهْ..

    حَاجِبٌ بُولِغَ في تخطيطِهِ

    وطَلاءٌ كجدار المقبَرهْ..

    وفَمٌ .. مُتَّسِعٌ.. مُتَّسِعٌ

    كغلافِ التينةِ المُعْتَصَرَهْ

    الفُضُوليُّونَ من خلف الكُوَى

    أعيُنٌُ ، جائعةٌ مُسْتعرهْ

    وشِجارٌ دائرٌ في منزِلٍ

    وسكارى.. ونكاتٌ قَذِره..

    من رآهُنَّ.. قواريرَ الهوى

    كنعاجٍ بانتظار المجْزَرَه

    كم صبايا، مثلَ ألوان الضُحى

    أفْسَدَتْهُنَّ عَجُوزٌ خَطِرَهْ

    3

    كوباءٍ.. كبعيرٍ نَتِنِ

    مثلَ مَيْتٍ خارجٍ من كَفَنِ..

    حُفَرٌ في وجهها مُرْعبةٌ

    تَرَكَتْها عَجَلاتُ الزَمَنِ..

    نَهْدُها حَبَّةُ تينٍ.. نَشِفَتْ

    رَحِمَ اللهُ زمانَ اللَّبنِ..

    فالعصافيرُ التي كانت هنا

    تتغذَّى بالشذَا والسوسَنْ

    كلُّها طارَتْ بعيداً.. عندما

    لم يَعُدْْ في الأرضِ غيرُ الدِمَنِ

    إنها الخمسونَ.. ماذا بعدَها؟

    غيرُ أمطارِ الشتاء المُحزِنِ

    إنَّها الخَمسُونَ.. ماذا ظَلَّ لي؟

    غيرُ هذا الوَحْلِ، هذا العَفَنِ

    غيرُ هذي الكأس أستهلكُها

    غيرُ هذا التَبْغ يَسْتهلِكُني

    غيرُ تاريخٍ مُدَمَّىً .. حيثُما

    سِرتُ، ألقى ظلَّهُ يتبعُني

    غيرُ أقدامِ الخطايا.. رجعتْ

    تُحْرِقُ الغرفة بي.. تُحرقُني

    غيرُ رَبٍّ.. كنتُ لا أعرفُه

    وأراهُ الآنَ.. لا يعرِفُني..

    4

    يا لصوصَ اللحم.. يا تجَّارَهُ

    هكذا لحمُ السَبَايا يُؤكَلُ

    أنتمُ الذِئبُ.. ونحنُ الحَمَلُ

    تَفْعَلُ الحُبَّ، ولا تَنْفَعِلُ..

    أُنْبُشُوا في جُثَثٍ فاسِدةٍ

    سارقُ الأكفانِ لا يَختَجِلُ

    وارقُصُوا فوق نُهُودٍ صُلِبَتْ

    ماتَ فيها النورُ.. مات المُخْمَلُ

    من أنا؟ إحدى خطاياكمْ أنا

    نَعْجَةٌ في دمكمْ تغتسلُ

    أشْتهي الأسرةَ والطفلَ .. وأنْ

    يحتويني، مثلَ غيري، مَنْزِلُ

    ارْجموني.. سَدِّدوا أحجاركُمْ

    كُلَّكُمْ يومَ سقُوطي بَطَلُ

    يا قُضاتي، يا رُماتي، إنَّكمْ

    إنَّكم أجبنُ منْ أن تَعْدِلوا..

    لَن تُخيفوني ففي شُرعَتِكُمْ

    يُنْصَرُ الباغي، ويُرمى الأعْزَلُ

    تُسْأَلُ الأُنثى إذا تَزْني.. وكم

    مُجْرمٍ دامي الزِنَا.. لا يُسْأَلُ

    وسريرٌ واحدٌ.. ضَمَّهُمَا

    تَسْقُطُ البِنْتُ، ويُحْمَى الرَجُلُ..

    يُنْصَرُ الباغي، ويُرمى الأعْزَلُ

    تُسْأَلُ الأُنثى إذا تَزْني.. وكم

    مُجْرمٍ دامي الزِنَا.. لا يُسْأَلُ

    وسريرٌ واحدٌ.. ضَمَّهُمَا

    تَسْقُطُ البِنْتُ، ويُحْمَى الرَجُلُ..

    *********************************

    أبي
    ------------

    أماتَ أَبوك؟

    ضَلالٌ! أنا لا يموتُ أبي.

    ففي البيت منه

    روائحُ ربٍّ.. وذكرى نَبي

    هُنَا رُكْنُهُ.. تلكَ أشياؤهُ

    تَفَتَّقُ عن ألف غُصْنٍ صبي

    جريدتُه. تَبْغُهُ. مُتَّكَاهُ

    كأنَّ أبي – بَعْدُ – لم يّذْهَبِ

    وصحنُ الرمادِ.. وفنجانُهُ

    على حالهِ.. بعدُ لم يُشْرَبِ

    ونَظَّارتاهُ.. أيسلو الزُجاجُ

    عُيُوناً أشفَّ من المغرب؟

    بقاياهُ، في الحُجُرات الفِساحِ

    بقايا النُسُور على الملعبِ

    أجولُ الزوايا عليه، فحيثُ

    أمرُّ .. أمرُّ على مُعْشِبِ

    أشُدُّ يديه.. أميلُ عليهِ

    أُصلِّي على صدرهِ المُتْعَبِ

    أبي.. لم يَزلْ بيننا، والحديثُ

    حديثُ الكؤوسِ على المَشرَبِ

    يسامرنا.. فالدوالي الحُبالى

    تَوَالَدُ من ثغرهِ الطَيِّبِ..

    أبي خَبَراً كانَ من جَنَّةٍ

    ومعنى من الأرْحَبِ الأرْحَبِ..

    وعَيْنَا أبي.. ملجأٌ للنجومِ

    فهل يذكرُ الشَرْقُ عَيْنَيْ أبي؟

    بذاكرة الصيف من والدي

    كرومٌ، وذاكرةِ الكوكبِ..

    *

    أبي يا أبي .. إنَّ تاريخَ طيبٍ

    وراءكَ يمشي، فلا تَعْتَبِ..

    على اسْمِكَ نمضي، فمن طّيِّبٍ

    شهيِّ المجاني، إلى أطيبِ

    حَمَلْتُكَ في صَحْو عَيْنَيَّ.. حتى

    تَهيَّأ للناس أنِّي أبي..

    أشيلُكَ حتى بنَبْرة صوتي

    فكيف ذَهَبْتَ.. ولا زلتَ بي؟

    *

    إذا فُلَّةُ الدار أعطَتْ لدينا

    ففي البيت ألفُ فمٍ مُذْهَبِ

    فَتَحْنَا لتمُّوزَ أبوابَنا

    ففي الصيف لا بُدَّ يأتي أبي..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:24 pm

    إلى قِدّيسَة
    ----------------------

    ماذا إذَنْ تَتَوقَّعينْ؟

    يا بِضْعَةَ امْرأةٍ.. أجيبي.. ما الذي تَتَوقَّعينْ؟

    أَأَظلُّ أَصطَادُ الذُبابَ هُنا؟ وأنتِ تُدَخِّنين

    أَجتْرُّ كالحشَّاش أحلامي..

    وأنتِ تدَخِّنينْ..

    وأنا أمامَ سريرك الزَاهي كقِطّ مُسْتَكين..

    ماتتْ مخالبُهُ، وعزَّتُهُ، وهَدَّتْهُ السِنينْ

    *

    أنا لَنْ أكونَ – تأكَّدي- القطَّ الذي تتصورينْ..

    قِطَّاً من الخَشَب المُجوَّفِ.. لا يُحرِّكُهُ الحنينْ

    يغفو على الكُرسيِّ إذ تَتَجردينْ

    ويَرُدُّ عَيْنَيْهِ.. إذا انْحَسَرَتْ قِبَابُ الياسَمينْ..

    *

    تلكَ النهايةُ ليس تدهِشُني..

    فمالكِ تدهشينْ؟

    هذا أنا.. هذا الذي عندي..

    فماذا تأمُرينْ؟

    أعصابيَ احْتَرَقَتْ.. وأنتِ على سريركِ تقرأين..

    أَأَصُومُ عن شَفَتَيْكِ؟

    فوقَ رُجُولتي ما تطلبينْ..

    ما حِكْمَتي؟

    ما طيبتي؟

    هذا طعامُ الميِّتينْ..

    مُتَصوِّفٌ! من قالَ؟ إنِّي آخرُ المتصوِّفينْ

    أنا لستُ يا قدِّيستي الرَبَّ الذي تَتَصورينْ

    رَجُلٌ أنا كالآخرينْ

    بطَهَارتي..

    بِنَذَالتي..

    رَجُلٌ أنا كالآخرينْ

    فيهِ مزايا الأنبياء، وفيهِ كُفْرُ الكافرينْ

    وَوَداعةُ الأطفالِ فيهِ..

    وقَسْوَةُ المُتَوحِّشينْ..

    رَجُلٌ أنا كالآخرينْ..

    رَجُلٌ يُحِبُّ –إذا أحَبَّ- بكُلِّ عُنْفِ الأربعينْ

    لو كنتِ يوماً تَفْهَمينْ

    ما الأربَعُونَ.. وما الذي يَعْنيهِ حُبُّ الأربعينْ

    يا بضْعَةَ امْرأةٍ.. لو أنَّكِ تفهمينْ..

    **********************************

    كُونْشِرتُو البيانو
    ------------------------------

    1

    في ذلك الليلِ الذي يثقبُهُ صوتُ المَطَرْ

    كلُّ شيءٍ ممكنٌ..

    حينَ يكون المرءُ بالكونياكِ مغسولاً

    وبالأحزان مغسولاً

    وبالمجهول مسكوناً

    وحين المرءُ لا يرضى بأن يبقى حَجَرْ..

    فلماذا؟

    تستشيرينَ الفناجينَ، لماذا؟

    تطرحينَ الأسئلَهْ..

    ولماذا؟

    جئتِ صوبَ البحر،

    إن كنتِ تخافينَ السَفَرْ..

    2

    ما بينَ تشرينَ، وتشرينَ،

    كهذا السُكَّرِ الدافقِ من قلب الثَمَرْ...

    فاتْرُكي أمركِ للهِ.. ونامي

    إن نهدَيْكِ يجيئانِ إلى الدنيا قضاءً وقَدَرْ..

    ويموتانِ قضاءً وقَدَرْ..

    3

    سوفَ يأتي الحبُّ في موعدِهِ..

    فالبسي قُفْطَانَكِ المصريَّ..

    أذكُرُ الآنَ حقولَ القطن في الدِلْتَا..

    فاجلسي حيثُ تُحِبّينَ..

    فكونشرتُو البيانُو

    سوفَ يُلغي الوقتَ..

    يُلْغِيكِ..

    ويُلْغِيني

    ويُلْغي العُقَدَ الأولى التي نحملها منذُ الولادَهْ

    سيجيءُ الحبُّ في موعدهِ..

    ويجيءُ الجنسُ في موعدِهِ..

    إنَّ كونشرتو البيانو

    يمسحُ الأشياءَ بالكافور والزيتِ،

    يذيبُ الثلجَ عن وجه البحيراتِ..

    ويأتي بالفراشاتِ الغريباتِ،

    ويأتي بالحقولْ..

    فاتركي الأمرَ طبيعياً.. وسَهْلاً..

    إنَّ كونشرتو البيانو

    يتولّى هو إيجادَ الحُلُولْ..

    سيجيءُ الحبُّ في موعده..

    والبيانو..

    سينادينا إلى غرفته المائيَّةِ الشكلِ،

    ولا أعلمُ ما سوفَ يقولْ..

    4

    كلُّ شيءٍ ممكنٌ..

    في ذلك الليل الذي يثقبُهُ صوتُ المطَرْ

    إن تشايكوفسكي..

    يمرُّ الآنَ كالعصفور من ساحاتِ بطرسبرغَ،

    ينساب كحُلْمٍ أخضرٍ من حيِّ مونبارناسَ،

    يمرُّ الآنَ من ذاكرة الورد،

    يلمُّ الورقَ الأصفرَ من غابات أوربا..

    يُصلِّي في أياصُوفْيا..

    ويبكي في رحاب النجفِ الأشرفِ،

    ما بين المرايا.. والقبابِ الذهبيَّهْْ..

    5

    كلُّ شيءٍ ممكنٌ..

    في ذلك الليل الذي يثقبُهُ صوتُ المطَرْ..

    فالبسي قُفْطَانَكِ الكُرديَّ..

    لا أدري لماذا..

    أذكرُ الموصلَ أيّامَ الربيعْ

    وحقولَ القَصَبِ المائيِّ في الأهوارِ،

    تحضر الآنَ إلى بالي بساتينُ الرصافَهْ

    والكتاباتُ التي يكتبها اللهُ.. بوردٍ وذهَبْ..

    عند لَحْظَاتِ الغروبْْ

    فوقَ شَعْر النخل في شطِّ العربْ..

    6

    يا صباحَ الفُلِّ.. هل أنتِ بخيرٍ؟..

    إنَّ كونشرتو البيانو

    أشعلَ النارَ لنا.. ثمَّ ذَهَبْ..

    تحضر الآنَ إلى بالي بساتينُ الرصافَهْ

    و (الشناشيلُ) التي تملأ شطَّ الأعظميَّهْ

    والكتاباتُ التي يكتبها اللهُ.. بوردٍ وذهَبْ..

    عند لَحْظَاتِ الغروبْْ

    فوقَ شَعْر النخل في شطِّ العربْ..

    6

    يا صباحَ الفُلِّ.. هل أنتِ بخيرٍ؟..

    إنَّ كونشرتو البيانو

    أشعلَ النارَ لنا.. ثمَّ ذَهَبْ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:25 pm

    البرتقالة
    ---------------

    1

    يُقشِّرُني الحبُّ كالبُرْتُقَالةِ..

    يفتحُ في الليل صدري،

    ويتركُ فيهِ:

    نبيذاً، وقمحاً، وقنديلَ زيتْ

    ولا أتذكَّرُ أنّي انْذَبَحتُ

    ولا أتذكَّرتُ أني نَزَفْتُ

    ولا أتذكّرُ أنّي رأيتْ..

    2

    يبعثرني الحبُّ مثلَ السحابةِ،

    يُلغي مكانَ الولادةِ،

    يُلغي سنينَ الدراسةِ،

    ييُلغي الإقامةَ، يُلغي الدِيانةَ،

    يُلغي الزواجَ، الطلاقَ ، الشهودَ ، المحاكمَ..

    يسحبُ منِّي جوازَ السَفَرْ..

    ويغسلُ كلَّ غُبار القبيلةِِ عنِّي

    ويجعلني..

    من رعايا القَمَرْ..

    3

    يُغيِّرُ حُبُّكِ طقسَ المدينةِ، ليلَ المدينةِ،

    تغدو الشوارعُ عيداً من الضوء تحت رَذّاذ المَطَرْ

    وتغدو الميادينُ أكثرَ سحرا

    ويغدو حمامُ الكنائس يكتبُ شِعْرا

    ويغدو الهوى في مقاهي الرصيف

    أشدَّ حماساً، وأطولَ عمرا..

    وتضحكُ أكشاكُ بيع الجرائدِ حين تراكِ..

    تجيئينَ بالمعطفِ الشَتَويِّ إلى الموعد المنتظَرْ..

    فهل صدفةٌ أن يكونَ زمانُكِ

    مرتبطاً بزمانِ المَطَرْ؟..

    4

    يُعلِّمني الحبُّ ما لستُ أعلمُ،

    يكشفُ لي الغيبَ، يجترحُ المعجزاتْ

    ويفتَحُ بابي ويدخُلُ..

    مثلَ دخول القصيدة،

    مثلَ دخول الصلاةْ..

    وينثرني كعبير المانوليا بكلِّ الجهاتْ

    ويشرحُ لي كيف تجري الجداولُ،

    كيف تموجُ السنابلُ،

    كيف تُغنِّي البلابلُ والقُبَّراتْ

    ويأخُذ مني الكلامَ القديمَ،

    ويكتُبُني بجميع اللُّغَاتْ..

    5

    يقاسمني الحبُّ نصفَ سريري..

    ونصفَ طعامي،

    ونصفَ نبيذي،

    ويسرق منِّي الموانئَ والبحرَ،

    يسرقُ منِّي السفينَهْ

    وينقُرُ كالديكِ وجهَ الشراشفِ،

    يصرخُ فوق قباب المساجدِ..

    يصرخُ فوقَ سطوح الكنائسِ..

    يوقظُ كلَّ نساءِ المدينَهْْ..

    يعلّمني الحبُّ كيف تكونُ القصائدُ مائيَّةَ اللونِ،

    كيف تكون الكتابةُ بالياسمينْ..

    وكيف تكون قراءةُ عينيكِ..

    عَزْفاً جميلاً على المانْدُولينْ

    ويأخذني من يدي.. ويُريني بلاداً

    نهودُ جميلاتها من نحاسٍ..

    وأجسادُهُنَّ مزارعُ بُنٍّ..

    وأعيُنُهُنَّ غناءُ فلامنكو حزينْ

    وحينَ أقولُ: تعبتُ

    يمدُّ عباءتَهُ تحت رأسي

    ويقرأ لي ما تيسَّرَ من سورةِ الصابرينْ

    7

    يفاجئني الحبُّ مثلَ النُبُوءة حين أنامْ

    ويرسمُ فوق جبيني

    هلالاً مضيئاً، وزوجَ حَمَامْ

    يقولُ: تكلَّمْ!!

    فتجري دموعي، ولا أستطيعُ الكلامْ

    يقولُ: تألَّمْ!!

    أُجيبُ: وهل ظلَّ في الصدر غيرُ العظامْ

    يقولُ: تعلَّمْ!!

    أجاوبُ: يا سيِّدي وشفيعي

    أنا منذُ خمسينَ عاماً

    أحاولُ تصريف فعل الغرامْ

    ولكنني في دروسي جميعاً رسبتُ

    فلا في الحروب ربحتُ..

    ولا في السلامْ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:26 pm

    حين أحبك
    ----------------

    يتغيَّرُ – حينَ أُحِبُّكِ – شكلُ الكرة الأرضيَّهْ..

    تتلاقى طُرق العالم فوق يديْكِ.. وفوقَ يَدَيَّهْ

    يتغيَّرُ ترتيبُ الأفلاكْ

    تتكاثرُ في البحر الأسماكْ

    ويسافرُ قَمَرٌ في دورتي الدَمَوِيَّهْ

    يتغيَّرُ شَكْلي:

    أُصبحُ شَجَراً.. أُصبحُ مَطَراً..

    أُصبِحُ أسودَ، داخلَ عينٍ إسبانيَّهْ..

    ***

    تتكوَّنُ – حينَ أُحبّكِ- أَوديَةٌ وجبالْ

    تزدادُ ولاداتُ الأطفالْ

    تتشكَّلُ جُزرٌ في عينيكِ خرافيَّهْ..

    ويشاهدُ أهلُ الأرضِ كواكبَ لم تخطُرْ في بالْ

    ويَزيدُ الرزق، يزيدُ العشقُ، تزيدُ الكُتُبُ الشِعريَّهْ..

    ويكونُ اللهُ سعيداً في حجْرَتِهِ القَمَريَّهْ..

    تتحضَّرُ – حينَ أُحبّكِ- آلافُ الكَلماتْ

    تتشكَّلُ لغةٌ أخرى..

    مُدُنٌ أُخرى..

    أُمَمٌ أُخرى..

    تُسرِعُ أنفاسُ الساعاتْ

    ترتاحُ حروفُ العَطْف.. وتَحْبَلُ تاءاتُ التأنيثِ..

    وينبتُ قمحٌ ما بين الصَفَحَاتْ

    وتجيءُ طيورٌ من عينيكِ.. وتحملُ أخباراً عسليَّهْ

    وتجيءُ قوافلُ من نهديكِ.. وتحملُ أعشاباً هنديَّهْ

    يتساقطُ ثَمَرُ المانغو.. تشتعلُ الغاباتْ

    وتَدُقُّ طُبُولٌ نُوبِيَّهْ..

    ***

    يمتلئُ البحرُ الأبيضُ - حينَ أُحِبُّكِ- أزهاراً حمراءْ

    وتلوحُ بلادٌ فوق الماءْ

    وتغيبُ بلادٌ تحت الماءْ

    يتغيَّرُ جلدي..

    تخرجُ منهُ ثلاثُ حماماتٍ بيضاءْ

    وثلاثُ ورودٍ جُوريَّهْ

    تكتشفُ الشمسُ أنوثَتَها..

    تَضَعُ الأقراطَ الذهبيَّهْ

    ويهاجرُ كلُّ النحل إلى سُرَّتكِ المنسيَّهْ

    وبشارع ما بين النهدينْ..

    تتجمَّعُ كلُّ المَدَنِيَّهّْ..

    يستوطنُ حزنٌ عبَّاسيٌّ في عينيكِ..

    وتبكي مُدُنٌ شِيعيَّهْ

    وتلوحُ مآذنُ من ذَهَبٍ

    وتُضيءُ كُشُوفٌ صوفيَّهْ

    وأنا الأشواقُ تُحوِّلني

    نَقْشاً.. وزخارفَ كُوفيَّهْ

    أتمشّى تحت جسور الشَعْر الأسودِ،

    أَقرأُ أشعاري الليليَّهْ

    أَتَخَيَّلُ جُزُراً دافئةً

    ومراكبَ صيدٍ وهميَّهْ

    تحمل لي تبغاً ومحاراً.. من جُزُر الهند الشرقيَّهْ..

    ***

    يتخلَّصُ نهدُكِ - حينَ أُحِبُّكِ – من عُقْدَتِهِ النفسيَّهْ

    يتحوَّلُ برقاً. رعداً. سيفاً. عاصفةً رمليَّهْ..

    تَتَظَاهرُ - حينَ أُحِبُّكِ – كلُّ المُدُنِ العربيَّهْ

    تتظاهر ضدَّ عصور القَهرِ،

    وضدَّ عصور الثأر،

    وضدَّ الأنظمة القبليَّهْ..

    وأنا أتَظَاهرُ - حينَ أُحِبُّكِ – ضدَّ القبح،

    وضدَّ ملوكِ الملحِ،

    وضدَّ مؤسَّسة الصحراءْ..

    ولسوفَ أَظَلَّ أُحِبُّكِ حتى يأتي زَمَنُ الماءْ...

    ولسوفَ أَظَلَّ أُحِبُّكِ حتى يأتي زَمَنُ الماءْ...
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:26 pm

    قِراءةٌ في نَهدَين إفريقيَّينْ
    ---------------------------

    أعطيني وقتاً..

    كي أستقبلَ هذا الحبَّ الآتي من غير استئذانْ

    أعطيني وقتاً..

    كي أتذكَرَ هذا الوجهَ الطالعَ من شَجَر النسيانْ

    أعطيني وقتاً..

    كي أتجنَّبَ هذا الحبَّ الواقفَ في نِصْفِ الشِرْيَانْ

    أعطيني وقتاً..

    حتَّى أعرفَ ما اسِْمُكِ..

    حتَّى أعرفَ ما اسْمِي..

    حتَّى أعرفَ أين ولدتُ،

    وأينَ أموتُ،

    وكيف سأُبْعَثُ عُصفوراً بين الأجفان

    أعطيني وقتاً..

    حتى أدرسَ حالَ الريحِ،

    وحالَ الموجِ،

    وأدرسَ خارطةَ الخلجانْ..

    ***

    يا امرأةً تسكُنُ في الآتي..

    يا حَبَّ الفُلْفُلِ والرُمَّانْ..

    أعطيني وطناً يُنسيني كلَّ الأوطانْ

    أعطيني وقتاً..

    كي أتفادى هذا الوجهَ الأندلسيَّ، وهذا الصوتَ الأندلسيَّ،

    وهذا الموتَ الأندلسيَّ..

    وهذا الحزنَ القادمَ من كلّ مكانْ..

    أعطيني وقتاً يا سيِّدتي

    كي أتنبَّأ بالطوفانْ..

    ***

    يا امرأةً..

    كانوا كتبوها في كُتُب السِّحْرْ

    من قَبْلِكِ كان العالمُ نثراً..

    ثم أتيتِ فكان الشِّعْرْ

    أعطيني وقتاً..

    كي أستوعبَ هذا النهدَ الراكضَ نحوي مثلَ المهْرْ..

    كرويٌّ نهدُكِ مثل النقطة فوق السطرْ..

    بدويٌّ.. مثل حبوبِ الهالِ،

    ومثلَ القهوة فوق الجمرْ..

    وقديمٌ مثل نحاس الشامِ..

    قديمٌ مثل معابد مصرْ..

    وأنا مهتمٌ بالتاريخِ،

    وعصرٍ يُخرجُني من هذا العصرْ

    وأنا بدويٌّ.. أَخزنُ في رئتيَّ الريحَ،

    وأخزنُ في شفتيَّ الشمسَ،

    وأخزن في أعصابي الثأرْْ..

    فانكسِري فوق سرير الحُبِّ، انكسري

    مثل دواة الحبرْ..

    وانتشري.. كالعطر الهنديّ

    فإنّي اللحمُ.. وأنتِ الظِفْرْ..

    ***

    أَعطيني الفرصةَ..

    كي ألتقطَ السَمَكَ السابحَ تحت مياه الخصرْ..

    قَدَماكِ على وَبَرِ السُجَّادةِ.. حالةُ شِعْرْ

    ويداكِ.. على البطن المتحمّسِ للأطفالِ،

    قصيدةُ شِعْرْ..

    أعطيني الفرصةَ..

    كي أكتشف الحدَّ الفاصلَ بين يقين الحُبّ..

    وبين الكُفْرْ..

    أعطيني الفرصةَ..

    حتى أَقْنَعَ أنيِّ قد شاهدتُ النجمَ

    وكَلَّمني سيِّدُنا الخُضْرْ..

    ***

    يا امرأةً.. يسقُطُ من فخذيْها البَلَحُ الأشقرُ..

    مثلَ النخلة في الصحراءْ..

    يتكلَّمُ نهدُكِ سبعَ لُغَاتٍ..

    وأنا أحترفُ الإصغاءْ..

    أعطيني الفرصةَ..

    كي أتجنّبَ هذا الحبَّ العاصفَ،

    هذا الحبَّ الجارفَ..

    هذا الحبَّ الشَتَويَّ الأجواءْ

    أعطيني الفرصةَ حتى أقنعَ، حتى أؤمنَ، حتى أكفرَ..

    حتى أدخلَ في لحم الأشياءْ..

    أعطيني الفرصةَ.. حتى أمشيَ فوقَ الماءْ..

    ***

    أعطيني الفرصةَ..

    كي أتَهَيّأَ قبل نزول البحرْ..

    فكثيفٌ ملحُ البحر العالقُ بين السُرَّةِ.. والنهدينْ

    وكثيفٌ سَمَكُ القرش القادمُ.. لا أدري من أينْ؟

    أعطيني الفرصةَ كي أتنفَّسَ..

    إن حشيشَ البحر خرافيٌّ تحت الإبطينْ

    أعطيني الفرصةَ..

    حتى أقرأ حظّي في عينيكِ المغلقتينْ..

    فأنا سيِّدتي لم أتعوّدْ..

    أن أتقمَّصَ في رَجُلَيْنْ..

    ***

    يا ذاتَ الوجه الإفريقيِّ، المأساوِيِّ، السِنْجاني..

    يا امرأةً تدخل في تركيب النار، وفي تركيب الأعشابِ..

    أعطيني الفرصةَ كي أتهيَّأَ..

    كي أتأقلَمَ..

    كي أتعوَّدَ..

    كي أتأكَّد من ماهيّة إعجابي..

    أعطيني عشرَ دقائقَ.. خمس دقائقَ..

    حتى يهدأَ زَبَدُ الجنسِ، وتهدأَ حربُ الأعصابِ..

    ***

    أعطيني الفرصةَ كي أرتاحَ..

    وعند الفجر، سأُعطيكِ جوابي..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:28 pm

    أُحبّك.. أُحبّك.. والبقية تأتي
    --------------------------------

    حديثُكِ سُجَّادةٌ فارسيَّهْ..

    وعيناكِ عُصفوتانِ دمشقيّتانِ..

    تطيرانِ بين الجدار وبين الجدارْ..

    وقلبي يسافرُ مثل الحمامة فوقَ مياه يديكِ،

    ويأخُذُ قَيْلُولةً تحت ظلِّ السِّوارْ..

    وإنِّي أُحبُّكِ..

    لكنْ أخافْ التورُّطَ فيكِ،

    أخافُ التوحُّدَ فيكِ،

    أخافُ التقمُّصَ فيكِ،

    فقد علَّمتْني التجاربُ أن أتجنَّب عشقَ النساءِ،

    وموجَ البحارْ..

    أنا لا أناقش حبَّكِ.. فهو نهاري

    ولستُ أناقشُ شمسَ النهارْ

    أنا لا أناقش حبَّكِ..

    فهو يقرِّرُ في أيِّ يوم سيأتي.. وفي أيَّ يومٍ سيذهبُ..

    وهو يحدّدُ وقتَ الحوارِ، وشكلَ الحوارْ..

    ***

    دعيني أصبُّ لكِ الشايَ،

    أنتِ خرافيَّةُ الحسن هذا الصباحَ،

    وصوتُكِ نَقْشٌ جميلٌ على ثوب مراكشيَّهْ

    وعِقْدُكِ يلعبُ كالطفل تحت المرايا..

    ويرتشفُ الماءَ من شفة المزهريَّهْْ

    دعيني أصبُّ لكِ الشايَ، هل قلتُ إنِّي أُحبُّكِ؟

    هل قلتُ إنِّي سعيدٌ لأنكِ جئتِ..

    وأنَّ حضورَكِ يُسْعِدُ مثلَ حضور القصيدَهْ

    ومثلَ حضور المراكبِ، والذكرياتِ البعيدَهْْ..

    ***

    دعيني أُترجمُ بعضَ كلام المقاعدِ وهي تُرحِّبُ فيكِ..

    دعيني، أعبِّرُ عمّا يدورُ ببال الفناجينِ،

    وهي تفكّرُ في شفتيكِ..

    وبالِ الملاعقِ، والسُكَّريَّهْ..

    دعيني أُضيفُكِ حرفاً جديداً..

    على أحرُفِ الأبجديَّهْ..

    دعيني أُناقضُ نفسي قليلاً

    وأجمعُ في الحبّ بين الحضارة والبربريَّهْ..

    ***

    - أأعجبكِ الشايُ؟

    - هل ترغبينَ ببعض الحليبِ؟

    - وهل تكتفينَ –كما كنتِ دوماً- بقطعةِ سُكَّرْ؟

    - وأمّا أنا فأفضّلُ وجهكِ من غير سُكَّرْ..


    أُكرّرُ للمرَّة الألفِ أنّي أُحبُّكِ..

    كيف تريدينني أن أفسِّرَ ما لا يُفَسَّرْ؟

    وكيف تريدينني أن أقيسَ مساحةَ حزني؟

    وحزنيَ كالطفل.. يزدادُ في كلِّ يوم جمالاً ويكبرْ..

    دعيني أقولُ بكلِّ اللغات التي تعرفينَ والتي لا تعرفينَ..

    أُحبُّكِ أنتِ..

    دعيني أفتّشُ عن مفرداتٍ..

    تكون بحجم حنيني إليكِ..

    وعن كلماتٍ.. تغطّي مساحةَ نهديكِ..

    بالماء، والعُشْب، والياسمينْ

    دعيني أفكّرُ عنكِ..

    وأشتاقُ عنكِ..

    وأبكي، وأضحكُ عنكِ..

    وأُلغي المسافةَ بين الخيال وبين اليقينْ..

    ***

    دعيني أنادي عليكِ، بكلِّ حروف النداء..

    لعلّي إذا ما تَغَرْغَرْتُ باسْمِكِ، من شفتي تُولدينْ

    دعيني أؤسّسُ دولةَ عشقٍ..

    تكونينَ أنتِ المليكةَ فيها..

    وأصبحُ فيها أنا أعظمَ العاشقينْ..

    دعيني أقودُ انقلاباً..

    يوطّدُ سلطةَ عينيكِ بين الشعوبِ،

    دعيني.. أغيّرُ بالحبِّ وجهَ الحضارةِ..

    أنتِ الحضارةُ.. أنتِ التراث الذي يتشكّلُ في باطن الأرض

    منذ ألوف السنينْ..

    ***

    أُحبُّكِ..

    كيفَ تريديني أن أبرهنَ أنّ حضوركِ في الكون،

    مثل حضور المياهِ،

    ومثل حضور الشَجَرْ

    وأنّكِ زهرةُ دوَّار شمسٍ..

    وبستانُ نَخْلٍ..

    وأُغنيةٌ أبحرتْ من وَتَرْ..

    دعيني أقولُك بالصمتِ..

    حين تضيقُ العبارةُ عمّا أُعاني..

    وحين يصيرُ الكلامُ مؤامرةً أتورّط فيها.

    وتغدو القصيدةُ آنيةً من حَجَرْ..

    ***

    دعيني..

    أقولُكِ ما بين نفسي وبيني..

    وما بينَ أهداب عيني، وعيني..

    دعيني..

    أقولكِ بالرمزِ، إن كنتِ لا تثقينَ بضوء القمرْ..

    دعيني أقولُكِ بالبَرْقِ،

    أو برَذَاذ المَطَرْ..

    دعيني أُقدّمُ للبحر عنوانَ عينيكِ..

    إن تقبلي دعوتي للسَفَرْ..

    لماذا أُحبُّكِ؟

    إنَّ السفينةَ في البحر، لا تتذكَّرُ كيف أحاط بها الماءُ..

    لا تتذكَرُ كيف اعتراها الدُوارْ..

    لماذا أُحبّكِ؟

    إنَّ الرصاصةَ في اللحم لا تتساءلُ من أينَ جاءتْ..

    وليست تُقدِّمُ أيَّ اعتذارْ..

    ***

    لماذا أُحبُّكِ.. لا تسأليني..

    فليسَ لديَّ الخيارُ.. وليس لديكِ الخيارْ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:28 pm

    تناقضات ن.ق الرائعة
    ----------------------------

    1

    وما بين حُبٍّ وحُبٍّ.. أُحبُّكِ أنتِ..

    وما بين واحدةٍ ودَّعَتْني..

    وواحدةٍ سوف تأتي..

    أُفتِّشُ عنكِ هنا.. وهناكْ..

    كأنَّ الزمانَ الوحيدَ زمانُكِ أنتِ..

    كأنَّ جميعَ الوعود تصبُّ بعينيكِ أنتِ..

    فكيف أُفسِّرُ هذا الشعورَ الذي يعتريني

    صباحَ مساءْ..

    وكيف تمرّينَ بالبالِ، مثل الحمامةِ..

    حينَ أكونُ بحَضْرة أحلى النساءْ؟.

    2

    وما بينَ وعديْنِ.. وامرأتينِ..

    وبينَ قطارٍ يجيء وآخرَ يمضي..

    هنالكَ خمسُ دقائقَ..

    أدعوك ِ فيها لفنجان شايٍ قُبيلَ السَفَرْ..

    هنالكَ خمسُ دقائقْ..

    بها أطمئنُّ عليكِ قليلا..

    وأشكو إليكِ همومي قليلا..

    وأشتُمُ فيها الزمانَ قليلا..

    هنالكَ خمسُ دقائقْ..

    بها تقلبينَ حياتي قليلا..

    فماذا تسمّينَ هذا التشتُّتَ..

    هذا التمزُّقَ..

    هذا العذابَ الطويلا الطويلا..

    وكيف تكونُ الخيانةُ حلاًّ؟

    وكيف يكونُ النفاقُ جميلا؟...

    3

    وبين كلام الهوي في جميع اللّغاتْ

    هناكَ كلامٌ يقالُ لأجلكِ أنتِ..

    وشِعْرٌ.. سيربطه الدارسونَ بعصركِ أنتِ..

    وما بين وقتِ النبيذ ووقتِ الكتابة.. يوجد وقتٌ

    يكونُ به البحرُ ممتلئاً بالسنابلْ

    وما بين نُقْطَة حِبْرٍ..

    ونُقْطَة حِبْرٍ..

    هنالكَ وقتٌ..

    ننامُ معاً فيه، بين الفواصلْ..

    4

    وما بين فصل الخريف، وفصل الشتاءْ

    هنالكَ فَصْلُ أُسَمِّيهِ فصلَ البكاءْ

    تكون به النفسُ أقربَ من أيِّ وقتٍ مضى للسماءْ..

    وفي اللحظات التي تتشابهُ فيها جميعُ النساءْ

    كما تتشابهُ كلُّ الحروف على الآلة الكاتبهْ

    وتصبحُ فيها ممارسةُ الجنسِ..

    ضرباً سريعاً على الآلة الكاتبَهْ

    وفي اللحظاتِ التي لا مواقفَ فيها..

    ولا عشقَ، لا كرهَ، لا برقَ، لا رعدَ، لا شعرَ، لا نثرَ،

    لا شيءَ فيها..

    أُسافرْ خلفكِ، أدخلُ كلَّ المطاراتِ، أسألُ كلَّ الفنادق

    عنكِ، فقد يتصادفُ أنَّكِ فيها...

    5

    وفي لحظاتِ القنوطِ، الهبوطِ، السقوطِ، الفراغ، الخِواءْ.

    وفي لحظات انتحار الأماني، وموتِ الرجاءْ

    وفي لحظات التناقضِ،

    حين تصير الحبيباتُ، والحبُّ ضدّي..

    وتصبحُ فيها القصائدُ ضدّي..

    وتصبحُ – حتى النهودُ التي بايعتْني على العرش- ضدّي

    وفي اللحظات التي أتسكَّعُ فيها على طُرُق الحزن وحدي..

    أُفكِّر فيكِ لبضع ثوانٍ..

    فتغدو حياتي حديقةَ وردِ..

    6

    وفي اللحظاتِ القليلةِ..

    حين يفاجئني الشعرُ دونَ انتظارْ

    وتصبحُ فيها الدقائقُ حُبْلى بألفِ انفجارْ

    وتصبحُ فيها الكتابةُ فِعْلَ انتحارْ..

    تطيرينَ مثل الفراشة بين الدفاتر والإصْبَعَيْنْْ

    فكيف أقاتلُ خمسينَ عاماً على جبهتينْ؟

    وكيفَ أبعثر لحمي على قارَّتين؟

    وكيفَ أُجَاملُ غيركِ؟

    كيفَ أجالسُ غيركِ؟

    كيفَ أُضاجعُ غيركِ؟ كيفْ..

    وأنتِ مسافرةٌ في عُرُوق اليدينْ...

    7

    وبين الجميلات من كل جنْسٍ ولونِ.

    وبين مئات الوجوه التي أقنعتْني .. وما أقنعتْني

    وما بين جرحٍ أُفتّشُ عنهُ، وجرحٍ يُفتّشُ عنِّي..

    أفكّرُ في عصرك الذهبيِّ..

    وعصرِ المانوليا، وعصرِ الشموع، وعصرِ البَخُورْ

    وأحلم في عصرِكِ الكانَ أعظمَ كلّ العصورْ

    فماذا تسمّينَ هذا الشعور؟

    وكيفَ أفسِّرُ هذا الحُضُورَ الغيابَ، وهذا الغيابَ الحُضُورْ

    وكيفَ أكونُ هنا.. وأكونً هناكْ؟

    وكيف يريدونني أن أراهُمْ..

    وليس على الأرض أنثى سواكْ

    8

    أُحبُّكِ.. حين أكونُ حبيبَ سواكِ..

    وأشربُ نَخْبَكِ حين تصاحبني امرأةٌ للعشاءْ

    ويعثر دوماً لساني..

    فأهتُفُ باسمكِ حين أنادي عليها..

    وأُشغِلُ نفسي خلال الطعامْ..

    بدرس التشابه بين خطوط يديْكِ..

    وبينَ خطوط يديها..

    وأشعرُ أني أقومُ بِدَوْر المهرِجِ...

    حين أُركّزُ شالَ الحرير على كتِفَيْها..

    وأشعرُ أني أخونُ الحقيقةَ..

    حين أقارنُ بين حنيني إليكِ، وبين حنيني إليها..

    فماذا تسمّينَ هذا؟

    ازدواجاً.. سقوطاً.. هروباً.. شذوذاً.. جنوناً..

    وكيف أكونُ لديكِ؟

    وأزعُمُ أنّي لديها..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:30 pm

    دعوة إلى حفلة قتل
    ----------------------

    ما لعينيكِ على الأرض بديلْ

    كلُّ حبٍّ غيرُ حبِّي لكِ، حبٌّ مستحيلْ

    فلماذا أنتِ، يا سيدتي، باردةٌ؟

    حين لا يفصلني عنكِ سوى

    هضبتيْ رملٍ.. وبُسْتَانَيْ نخيلْ

    ولماذا؟

    تلمسينَ الخيلَ إن كنتِ تخافين الصهيلْ؟

    طالما فتّشتُ عن تجربةٍ تقتلني

    وأخيراً... جئتِ يا موتي الجميلْ..

    فاقتليني.. نائماً أو صاحياً

    أقتليني.. ضاحكاً أو باكياً

    أقتليني.. كاسياً أو عارياً..

    فلقد يجعلني القَتْلُ وليَّاً مثل كلِّ الأولياءْ

    ولقد يجعلني سنبلةً خضراءَ.. أو جدولَ ماءْ..

    وحماماً...

    وهديلْ..

    ***

    اقتليني الآنَ...

    فالليلُ مُمِلٌّ.. وطويلْ..

    اقتليني دونما شرطٍ.. فما من فارقٍ..

    عندما تبتدئُ اللعبةُ يا سيِّدتي..

    بين من يَقْتُلُ.. أو بين القتيلْ...

    **********************************

    قصة قصيرة
    -------------------

    لا تقنطي أبداً من رحمةِ المَطَرِ..

    فقد أُحبّكِ في الخمسينَ من عُمُري..

    وقد أُحِبُّكِ، والأشجارُ يابسةٌ

    والثلج يسقطُ في قلبي، وفي شَعري

    وقد أُحبُّكِ، حين الصيفُ غادَرَنا

    فالأرضُ من بعدهِ، تبكي على الَثَمَر

    وقد أُحِبُّكِ، يا عصفورتي، وأنا

    مُحَاصَرٌ بجبال الحزنِ والضَجَر..

    قد تحملُ الريحُ أخباراً مُطَمْئِنةً

    لناهديكِ، قُبَيْلَ الفجر، فانتظري..

    لَنْ تخرجي من رهان الحبِّ خاسرةً

    عندي تُراثي.. وعندي حِكْمَةُ الشَجَرِ..

    فاستمتعي بالحضاراتِ التي بقيتْ

    على شفاهي، فإنّي آخرُ الحَضَرِ..

    ***

    قرأتُ شعري عليها .. وهي نائمةٌ

    فما أحسَّتْ بتجريدي، ولا صُوَري

    ولا تحمَّسَ نهداها لقافيةٍ

    ولا استجابا لقَيْثَارٍ ولا وَتَرِ..

    هَزَزْتُها من ذراعَيْها.. فما انْتَبَهَتْ

    ناديتُ: يا قِطّتي البيضاءَ.. يا عُمُري

    قُومي.. سأُهديكِ تيجاناً مُرَصَّعةً

    وأشتري لكِ ما في البحر من دُرَرِ..

    وأشتري لكِ بلداناً بكاملها...

    وأشتري لكِ ضوءَ الشمس.. والقَمَرِ..

    ***

    ناديتُ .. ناديتُ.. لكنْ لم يُجِبْ أحَدٌ

    في مخدع الحُبِّ، غيرُ الريحِ والمَطَرِ..

    أَزَحتُ أثوابَها عنها.. فما اكترثتْ

    كأنَّها يئِستْ مِنّي.. ومن خَطَري..

    ***

    وكان ليلي طويلاً.. مثلَ عادتِهِ

    وكنتُ أبكي على قبريْن من حَجَرِ..

    ***********************************

    وصفةٌ عربيةٌ لمداواة العشق
    ------------------------------

    تصوَّرتُ حُبَّكِ..

    طَفْحَاً على سطح جلْدِي..

    أداويهِ بالماء.. أو بالكُحُولْ

    وبرَّرتُهُ باختلافِ المناخْ..

    وعلَّلتُه بانقلاب الفُصٌولْ..

    وكنتُ إذا سألوني، أقولْْ:

    هواجسُ نَفْسٍ..

    وضَرْبَةُ شمسٍ..

    وخَدْشٌ صغيرٌ على الوجهِ.. سوف يزولْ...

    تصورت حبك نهرا صغيرا

    سَيُحيي المراعي.. ويَرْوي الحقولْ..

    ولكنَّهُ اجتاحَ برَّ حياتي..

    فأغرَقَ كلَّ القرى..

    وأتلفَ كلَّ السُهُولْ..

    وجرَّ سريري..

    وجدرانَ بيتي..

    وخَلَّفني فوق أرض الذُهُولْ..

    ***

    تصوَّرتُ في البدءِ..

    أنَّ هواكِ يمرُّ مرورَ الغمامَه

    وأنَّكِ شطُّ الأمانْْ

    وبرُّ السلامَهْ..

    وقدَّرتُ أن القضيّةَ بيني وبينكِ..

    سوفَ تهونُ ككُلِّ القضايا..

    وأنّكِ سوف تذوبينَ مثلَ الكتابة فوق المرايا..

    وأنَّ مرورَ الزمانْ..

    سيقطعُ كلَّ جُذور الحنانْ

    ويغمُرُ بالثلج كلَّ الزوايا

    ***

    تصوَّرتُ أنَّ حماسي لعينيكِ كان انفعالاً..

    كأيِّ انفعالْ..

    وأنَّ كلامي عن الحُبِّ، كان كأيِّ كلامٍ يُقَالْ

    واكتَشفتُ الآنَ.. أنيَ كنتُ قصيرَ الخيالْ

    فما كان حُبُّكِ طَفْحاً يُداوى بماء البنفسج واليانسُونْ

    ولا كان خَدْشاً طفيفاً يُعالَجُ بالعشب أو بالدُهُونْ..

    ولا كان نوبةَ بَرْدٍ..

    سترحلُ عند رحيل رياح الشمالْ..

    ولكنَّهُ كان سيفاً ينامُ بلحمي..

    وجَيْشَ احتلالْ..

    وأوَّلَ مرحلةٍ في طريق الجُنونْ..

    وأوَّلَ مرحلةٍ في طريق الجُنونْ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:32 pm

    إن الأنُوثة من علم ربّي
    ----------------------------

    1

    يذوبُ الحنانُ بعينيكِ مثلَ دوائر ماءْ

    يذوبُ الزمانُ، المكانُ، الحقولُ، البيوتُ،

    البحارُ، المراكبُ،

    يسقطُ وجهي على الأرض مثلَ الإناءْ

    وأحملُ وجهي المكسَّرِ بين يديَّ..

    وأحلُمُ بامرأةٍ تشتريهِ..

    ولكنَّ من يشترونَ الأواني القديمةَ، قد أخبروني

    بأنّ الوجوهَ الحزينةَ لا تشتريها النساءْ

    ***

    2

    وصلنا إلى نقطة الصِفْرِ..

    ماذا أقولُ؟ وماذا تقولينَ؟

    كلُّ المواضيع صارتْ سواءْ..

    وصارَ الوراءُ أَمَاماً..

    وصار الأَمَامُ وراءْ..

    وصلنا إلى ذروة اليأس.. حيث السماءُ رصاصٌ..

    وحيثُ العناقُ قِصاصٌ..

    وحيثُ ممارسةُ الجنس، أقسى جزاءْ..

    ***

    3

    تُحِبِّين.. أو لا تُحِبِّينَ..

    إنَّ القضيَّةَ تعنيكِ أنتِ على أيٍِّ حالْ

    فلستُ أجيدُ القراءةَ في شفتيكِ..

    لكي أتنبَّأ في أيِّ وقتٍ..

    سينفجرُ الماءُ تحت الرمالْ

    وفي أيِّ شهرٍ تكونينَ أكثرَ عُشْباً..

    وأكثرَ خِصْباً..

    وفي أيِّ يومٍ تكونينَ قابلةً للوصالْ

    ***

    4

    تُريدينَ.. أو لا تُريدينَ..

    إنَّ الأنوثةَ من علم ربّي..

    ولو كنتُ أملكُ خارطةَ الطقس،

    كنتُ قرأتكِ سطراً.. فسطراً

    وبرّاً.. وبحراً..

    ونهداً.. وخصراً..

    وكنتُ تأكّدتُ من أيِّ صوبٍ.

    تهبُّ رياحُ الجنوبِ،

    ومن أيِّ صَوْبٍ، تهبُّ رياحُ الشمالْ

    وكنتُ اكتشفتُ طريقي

    إلى جُزُر التبغ، والشاي، والبرتُقَالْ..

    ***

    تُحِبِّين.. أو لا تُحِبِّينَ..

    إنَّ السنينَ، الشهورَ، الأسابيعَ،

    تمرقُ كالرمل من راحَتَيْنَا..

    أحاولُ تفسيرَ هذا التشابه في الحزنِ في نظرتَيْنَا.

    أحاولُ تفسيرَ هذا الخرابِ..

    الذي يتراكمُ شيئاً.. فشيئاً على شَفَتَيْنَا..

    أحاولُ أن أتذكَّرَ عصرَ الكلام الجميلْ

    وعصرَ المياهِ وعصرَ النخيلْ

    أحاولُ ترميمَ حبِّكِ.. رغمَ اقتناعي

    بأنَّ التصاقَ الزُجَاجِ المكسَّرِ ضربٌ من المستحيلْ..

    ***

    تجيئينَ .. أو لا تجيئينَ..

    إنَّ القضيَّةَ لا تستحقُّ الوقوفَ لديها طويلاً..

    ولا تستحقُّ الغَضَبْ..

    لقد أَصبحَ الماءُ مثلَ الخَشَبْ

    لقد أَصبحَ الماءُ مثلَ الخَشَبْ

    وكلُّ النساء اللواتي دخلنَ حياتي

    أَتَيْنَ.. ورُحْنَ.. بغير سَبَبْ!!

    ******************************

    تكذيبٌ رسمي لسيدة ثرثارة
    ------------------------------

    لماذا تقولينَ للناس إنِّي حَبيبُكِ؟...

    في حينَ لا أتذكَّرُ أنِّي..

    وتروينَ أشياءَ مرّتْ بظنّكِ أنتِ،

    لكنَّها لم تمُرَّ بظنّي؟

    لماذا تقولينَ ما لا يُقالْ؟

    وتبنينَ كلَّ قصورِكِ فوق الرمالْ

    وَتَسْتَمْتِعينَ بنَسْج أقاصيصَ فاقتْ حدودَ الخيالْ

    لماذا تقولينَ: إنِّي خدعتُكِ..

    إنّي ابتَزَزْتُكِ..

    إنّي اغتصبتُكِ..

    في حين لا أتذكَّرُ أنِّي..

    فهل تفعلينَ الذي تفعلينْ؟

    ترى من قبيل التمنِّي..

    ***

    لماذا تَغِشِّينَ في وَرَق الحُبِّ؟.

    تحترفينَ الفضيحةَ،

    تحترفينَ الإشاعةَ،

    تحترفينَ التجنّي..

    لماذا تقولينَ:

    إنَّ بقايا الأظافرِ فوق ذراعيْكِ مِنِّي...

    وإنَّ النزيفَ الخفيفَ بزاوية الثغر مِنِّي...

    وإنَّ شظايا الزُجاج المكسَّرِ ما بين نهديكِ.. مِنِّي..

    لماذا تقولينَ هذي الحماقاتِ؟

    في حين لا أتذكَّرُ أنّي رأيتُكِ..

    لا أتذكَّرُ أنّي اشتهيتُكِ..

    لا أتذكَّرُ أنّي..

    فهل تفعلينَ الذي تفعلينْ؟

    تُرى من قبيل التمنّي..

    ***

    لماذا تُسيئينَ فَهْمَ حناني؟

    وتخترعينَ كلاماً عن الحُبِّ ما مرَّ فوق لساني

    وتخترعينَ بلاداً إليها ذَهَبْنَا..

    وتخترعينَ فنادقَ فيها نَزَلْنَا..

    وتخترعينَ بحاراً..

    وتخترعينَ مَوَاني

    وتخترعينَ لنفسكِ ثوباً

    من الورد، والنار، والأُرجوانِ..

    لماذا ، على اللهِ سيِّدتي، تكذبينْ؟

    وهل تفعلينَ الذي تفعلينْ؟

    ترى من قبيل التمنّي..

    لماذا تقولينَ؟

    إنَّ ثلاثةَ أرباع شعري..

    عن الحُبِّ، كانتْ إليكِ..

    وإني اقتبستُ حروفَ الكتابةِ من شَفَتَيْكِ..

    وإنّي تربَّيْتُ مثلَ خَرُوفٍ صغيرٍ على ركبتيْكِ..

    لماذا تجيدينَ فنَّ الروايةِ؟

    تختلقينَ الزمانَ..

    المكانَ..

    الوجوهَ..

    الحوارَ..

    الثيابَ..

    المَشَاهِدَ...

    في حين لا أتذكَّرُ وَجْهَكِ بين حُطَام الوجوهِ،

    وبين حُطَام السنينْ..

    ولا أتذكَّرُ أنِّي قرأتُكِ.. في كُتُب الورد والياسمينْ

    فهل تكتُبينَ السيناريو الذي تشتهينْ؟

    لكي تطمئِّني..

    هل تفعلينَ الذي تفعلينْ؟

    ترى، من قبيل التمنّي...

    ***

    لماذا تقولينَ بين الصديقاتِ والأصدقاءْ؟

    بأنّي اختطفتُكِ...

    _ رغمَ احتجاج رجالِ القبيلةِ،

    رغمَ نباح الكلابِ، وسُخْطِ السماءْ _

    لماذا تُعانينَ من عُقْدَة النَقْص؟

    تختلقينَ الأكاذيبَ..

    تنتحرينَ بقطرة ماءْ..

    وتستعملينَ ذكاءكِ حتى الغباءْ..

    لماذا تُحبّينَ تمثيلَ دور الضحيّةِ؟

    في حين ليسَ هناكَ دليلٌ..

    وليسَ هناكَ شهودٌ...

    وليسَ هناكَ دماءْ...

    لماذا تقولينَ:

    إنّكِ منِّي حَمَلْتِ.. وأَجْهَضْتِ..

    في حين لا أتذكّرُ أنّي تشرَّفتُ يوماً بهذا اللقاءْ

    ولا أتذكَّرُ من أنتِ.. بين زحام النساءْ

    ولا ربَطَ الجنْسُ بيني وبينكِ..

    لا في الصباحِ.. ولا في المساءْ

    ولا في الربيعِ.. ولا في الشتاءْ

    فكيف إذن تزعُمينْ

    بأنِّي .. وأنيِّ.. وأنِّي..

    وهل كان حَمْلُكِ منِّي

    تُرى من قَبيل التمنّي؟...
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:34 pm

    سأبدأ من أول السطر
    ---------------------------

    سأَبدأُ من أَوَّلِ السطر.. إن كنتِ تعتقدينْ

    بأنيِّ سقطتُ أمام التحدّي الكبيرْ!!

    سأَبدأُ من أوَّلِ الخَصْر.. إن كنتِ تعتقدينْ

    بأنِّي تلعثمتُ، مثل التلاميذ، فوق السريرْ..

    سأبدأ من قِمّة الصدر.. إن كنتِ تعتقدينْ

    بأنّي تصرّفتُ كالأغبياءْْ

    أمام دموع المرايا.. وشكوى الحريرْ..

    سأبدأُ من شفتيكِ نزولاً..

    إذا كنتِ تخشينَ من غربة الليل والزمهريرْ

    سأَبدأُ من قَدَمَيْكِ صعوداً..

    إذا كان لا بدَّ لي أن أموتَ..

    لأَربَحَ هذا الرهانَ الكبيرْ!!

    *******************************

    راسبوتين العَربي
    --------------------

    صراخُكِ دونما طائلْ

    ورفضُكِ دونما طالْ

    أنا القاضي بأمر اللهِ، والناهي بأمر اللهِ،

    فامْتَثِلي لأحكامي،

    فحبّي دائماً عادلْ..

    أنا المنحاذُ كُليّاً إلى نهديْكِ..

    والعصريُّ والحجريُّ..

    والمَدَنيُّ والهَمَجيُّ..

    والرُوحيُّ والجِنْسيُّ..

    والوثنيُّ والصوفيُّ..

    والمتناقضُ الأبديُّ..

    والمقتولُ والقاتلْ..

    أنا المكتوبُ بالكوفيِّ.. فوق عباءة العشّاق..

    والعلنيُّ والسريُّ..

    المرئيُّ والمخفيُّ..

    والمجذوبُ، والمسلوبُ، والحشَّاشُ، والمتعهِّرُ الفاضلْ.

    أنا الممتدُّ مثل القوس بين الثلج والتُفَّاح،

    بين النار والياقوتِ،

    بين البحر والخلجانِ..

    والموجودُ والمفقودُ

    والمولودُ كالأسماك عند سواحل الكلماتْ

    أنا المُتَسَكِّعُ الغَجَريُّ تأخذني خطوطُ الطولِ

    في سَفَرٍ إلى الأعلى.. وتأخذني خطوطُ العرضِ

    في سَفَرٍ إلى الأحلى.. فأسقط مثلَ درويشٍ

    أمام تقاطع الفخذين.. والطُرُقاتْ..

    وأستلقي على ظهري

    وتنزلُ فوقيَ الآياتْ...

    أنا القِدّيسُ تأتيني نساءُ العالم الثالثْ

    فأَغسِلُهُنَّ بالكافور والحِنَّهْ..

    وأغمرُهُنَّ بالبَرَكاتْ..

    وأعطي كلَّ واحدةٍ بنفسجةً.. ومُوالاً..

    وأرزقهنَّ أطفالا..

    وأزرعهنَّ كالأشجار في الغاباتْ

    وأوصيهنَّ أن يحفظنَ أشعاري

    فشِعْري يُدْخِلُ الجنَّهْ...

    *******************************

    يوميّات مريض ممنوع من الكتابة
    ----------------------------------

    1

    ممنوعةٌ أنتِ من الدخول، يا حبيبتي ، عَلَيَّهْ..

    ممنوعةٌ أن تلمسي الشراشفَ البيضاءَ، أو أصابعي الثلجيَّهْ

    ممنوعةٌ أن تجلسي.. أو تهمسي.. أو تتركي يديكِ في يَديَّهْ

    ممنوعةٌ أن تحملي من بيتنا في الشامْ..

    سرْباً من الحَمَامْ

    أو فُلَّةً.. أو وردةً جُوريَّهْ..

    ممنوعةٌ أن تحملي لي دُمْيَةً أحضُنُها..

    أو تقرأي لي قصّةَ الأقزام، والأميرةِ الحسناء، والجنيَّهْ.

    ففي جناح مرضى القلب يا حبيبتي..

    يصادرونَ الحبَّ، والأشواقَ ، والرسائلَ السريَّهْ..

    2

    لا تَشْهَقي .. إذا قرأتِ الخَبَرَ المثيرَ في الجرائد اليوميَّهْ

    قد يشعرُ الحصانُ بالإرهاق يا حبيبتي

    حينَ يدقُّ الحافرَ الأوّلَ في دمشقْ

    والحافرَ الآخرَ في المجموعة الشمسيَّهْ..

    3

    تَمَاسَكي.. في هذه الساعات يا حبيبتي

    فعندما يقرّرُ الشاعرُ أن يثقبَ بالحروفِ..

    جِلْدَ الكُرَة الأرضيَّهْ.

    وأن يكونَ قلبُهُ تُفّاحةً

    يقضُمُهَا الأطفالُ في الأزِقّة الشعبيَّهْ..

    وعندما يحاول الشاعرُ أن يجعل من أشعارِهِ

    أرغِفَةً.. يأكُلُها الجياعُ للخبز وللحُريَّهْ

    فلن يكونَ الموتُ أمراً طارئاً..

    لأنَّ من يكتبُ يا حبيبتي..

    يحملُ في أوراقه ذبْحَتَهُ القلبيَّهْ..

    4

    أرجوكِ أن تبتسمي.. أرجوكِ أن تبتسمي..

    يا نَخْلَةَ العراق، يا عصفورةَ الرصافة الليليَّهْ

    فَذّبْحةُ الشاعر ليستْ أبداً قضيَّةً شخصيَّهْ

    أليسَ يكفي أنني تركتُ للأطفال بعدي لغةً

    وأنني تركتُ للعُشّاق أبجديَّهْ..

    5

    أغطِيتي بيضاءْ..

    والوقتُ، والساعاتُ، والأيَّامُ كلُّهَا بيضاءْ

    وأوجُهُ الممرضات حولي كُتُبٌ أوراقُهَا بيضاءْ

    فهل من الممكن يا حبيبتي؟

    أن تضعي شيئاً من الأحمر فوق الشفة الملساءْ

    فمنذ شهرٍ وأنا.. أحلُمُ كالأطفال أن تزورَني

    فَرَاشةٌ كبيرةٌ حمراءْ..

    6

    أَطلب أقلاماً فلا يعطونني أقلامْ...

    أطلبُ أيَّامي التي ليس لها أيَّامْ

    أسألُهمْ برشامةً تُدخلني في عالم الأحلامْ

    حتى حبوبُ النوم قد تعوَّدتْ مثلي على الصحو.. فلا تنامْ..

    7

    إن جِئتني زائرةً..

    فحاولي أن تلبسي العقودَ، والخواتمَ الغريبةَ الأحجارْ

    وحاولي أن تلبسي الغابات والأشجارْ..

    وحاولي أن تلبسي قبّعةً مفرحةً كمعرض الأزهارْ

    فإنّني سئمتُ من دوائر الكِلْسِ.. ومن دوائر الحَوَّارْ..

    8

    ما يفعلُ المشتاقُ يا حبيبتي في هذه الزنزانة الفرديَّه

    وبيننا الأبوابُ ، والحُرَّاسُ، والأوامرُ العُرْفيَّهْ..

    وبيننا أكثرُ من عشرين ألفَ سنةٍ ضوئِيَّهْ..

    ما يفعلهُ المشتاقُ للحُبِّ، وللعزف على الأنامل العاجيَّهْ

    والقلب لا يزالُ في الإقامة الجبريَّهْ..

    9

    لا تَشْعُري بالذنْبِ يا صغيرتي.. لا تشْعُري بالذَنْبْ..

    فإنَّ كلَّ امرأةٍ أحببتُها..

    قد أورثَتْني ذبحةً في القلب..

    10

    وصيَّةُ الطبيب لي:

    أن لا أقولَ الشعرَ عاماً كاملاً..

    ولا أرى عينيكِ عاماً كاملاً..

    ولا أرى تحوُّلاتِ البحر في العين البنفسجيَّه

    الله.. كم تُضْحِكُني الوصيَّهْ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:36 pm

    فاطِمَهْ
    ------------

    يا ذاتَ الشَفَتيْنِ المعطَّرتينِ بحَبِّ الهالْ

    والقَدَميْنِ المرسُومتيْنِ بالأكْوَاريلْ

    لم يكنْ في حسابي

    أن أكون أشهرَ العُشَّاق بتاريخ العَرَبْ..

    وأشهرَ العُشّاق في تاريخ فرنسا..

    لم يكُنْ في حسابي..

    أن أدخلَ إلى باريسَ بجواز سَفَر عربي

    وأخرجَ منها..

    رئيساً للجمهوريَّة الخامسَهْ!!..

    *******************************

    امرأة تمشي في داخلي
    --------------------------

    1

    لا أحَدَ قَرأَ فنجاني..

    إلاَّ وعرفَ أنَّكِ حبيبتي

    لا أَحدَ درَسَ خُطُوطَ يدي

    إلا واكتشفَ حروفَ اسْمِكِ الأربعهْ..

    كلُّ شيء يمكنُ تكذيبُهْ

    إلاَّ رائحةَ امرأةٍ نُحبُّها..

    كلُّ شيءٍ يمكنُ إخفاؤُهْ

    إلاّ خَطَواتِ امرأةٍ تتحرَّكُ في داخلنا..

    كلُّ شيءٍ يمكنُ الجَدَلُ فيه..

    إلا أُنوثَتكِ..

    2

    أينَ أُخْفيكِ يا حبيبتي؟

    نحنُ غابتان تشتعلانْ

    وكلُّ كاميرات التلفزيون مسلَّطةٌ علينا..

    أينَ أُخبِّئكِ يا حبيبتي؟

    وكلُّ الصحافيين يريدونَ أن يجعلوا منكِ

    نَجْمةَ الغلافْ..

    ويجعلوا منّي بطلاً إغريقيّاً

    وفضيحةً مكتوبَهْ..

    3

    أينَ أذهبُ بكِ؟

    أينَ تذهبينَ بي؟

    وكلُّ المقاهي تحفظُ وجوهَنا عن ظَهْر قلبْ

    وكلُّ الفنادق تحفظُ أسماءنا عن ظَهْر قلبْ

    وكلُّ الأرصفة تحفظُ موسيقى أقدامِنا

    عن ظَهْر قلبْ..

    نحنُ مكشوفان للعالم كشُرْفَةٍ بحريَّهْ

    ومرئيّانِ كَسَمَكتيْنِ ذهبيَّتيْنْ..

    في إناءٍ من الكريستالْ..

    4

    لا أحَدَ قرأ قصائدي عنكِ..

    إلاّ وعرفَ مصادرَ لغتي..

    لا أحدَ سافر في كُتُبي

    إلا وَصَل بالسلامة إلى مرفأ عينَيْكْ

    لا أحَدَ أعطيتُهُ عُنْوانَ بيتي

    إلا توجَّهَ صَوْبَ شفتيكْ..

    لا أحَدَ فتحَ جواريري

    إلاّ ووجدكِ نائمةً هناكَ كفرَاشَهْ..

    ولا أحدَ نبشَ أوراقي..

    إلاَّ وعرفَ تاريخَ حياتِكْ..

    5

    علِّميني طريقةً

    أحبسُكِ بها في التاء المربوطَهْ

    وأمنعُكِ من الخروجْ..

    علِّميني أن أرسمَ حول نهديْكِ

    دائرةً بالقَلَم البنفسجيّْ

    وأمنعهُمَا من الطيرانْ

    علِّميني طريقةً أعتقلكِ بها كالنقطة في آخر السطرْ..

    علميني طريقةً أمشي بها تحت أمطار عينَيْكِ .. ولا أتبلّلْ

    وأشمُّ بها جسدَكِ المضمَّخَ بالبَهَارات الهنديَّة.. ولا أدوخْ..

    وأتَدَحْرَجُ من مُرْتَفَعاتِ نهديْكِ الشاهقينْ..

    ولا أتفتَّتْ....

    6

    إرفعي يَدَيْكِ عن عاداتي الصغيرَهْ

    وأشيائي الصغيرَهْ..

    عن القلم الذي أكتُبُ بِه..

    والأوراقِ التي أُخَرْبشُ عليها..

    وعَلاَّقةِ المفاتيح التي أحملها..

    والقهوةِ التي أحتسيها..

    ورَبْطَات العُنُق التي أقتنيها

    إرفعي يَدَيْكِ عن كتابتي..

    فليس من المعقول أن أكتبَ بأصابعكِ

    وأتنفّسَ برئَتَيْكِ..

    ليس من المعقول أن أضحكَ بشفَتيْكِ

    وأن تبكي أنتِ بعُيُوني!!.

    7

    إجلسي معي قليلاً..

    لنُعيدَ النظرَ في خريطة الحُبّ التي رسَمْتِها

    بقَسْوَة فاتحٍ مَغُوليّْ..

    وأنانيّةِ امرأةٍ تريدُ أن تقولَ للرجل:

    " كُنْ .. فيكونْ .."

    كلِّميني بديمقراطيَّهْ ،

    فذُكُورُ القبيلة في بلادي..

    أتقنوا لُعْبَةَ القَمْعِ السياسيّْ

    ولا أريدُكِ أن تًُمارسي معي

    لُعْبَةَ القَمْعِ العاطفيّْ..

    8

    إجلسي حتى نرى..

    أينَ حدودُ عينَيْكِ؟.

    وأينَ حدودُ أحزاني؟.

    أين تبتديءُ مياهُكِ الإقليميَهْ؟

    وأين ينتهي دمي؟.

    إجلسي حتى نتفاهَمْ..

    على أيِّ جزءٍ من أجزاء جَسَدي

    ستتوقّفُ فتوحاتُكْ..

    وفي أيِّ ساعةٍ من ساعات الليلْ

    ستبدأ غَزَوَاتُكْ؟

    9

    إجلسي معي قليلاً..

    حتى نتّفقَ على طريقة حُبٍّ

    لا تكونينَ فيها جاريتي..

    ولا أكونُ فيها مستعمرةً صغيرَةً

    في قائمة مستعمراتِكْ..

    التي لا تزالُ منذ القرن السابع عَشَرْ

    تطالبُ نهدَيْكِ بالتحرُّرْ

    ولا يسمعانْ..

    ولا يسمعانْ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:38 pm

    العصفور
    ------------------

    لو حَمَيْناهُ من البَرْد قليلا..

    وحَمَيْناهُ من العين قليلا..

    لو غَسَلنا قَدَميْهِ بمياه الورد والآسِ قليلا..

    آهِ .. لو نحنُ أخذناهُ إلى ساحات باريسَ العظيمَهْ

    وتصوَّرنا مَعَهْ..

    مرةً في ساحة (الفاندومِ) أو في ساحة (الباستيلِ)

    أو في الضفَّة اليسرى من السينْ..

    آهٍ .. لو تَدَحْرَجْنا على الثلج مَعَهْ..

    وهو بالقُبَّعة الزرقاءِ يجري..

    ودموعي جدولٌ يجري مَعَهْ..

    2

    آهِ .. لو نحنُ أخذناهُ إلى عالم (ديزني)..

    وركبنا في القطارات التي تمرُقُ من بين ملايين

    الفَرَاشاتِ إلى قَوْس قُزَحْ..

    آهِ .. لو نحن استجبنا لأمانيه الصغيراتِ..

    وآهٍ.. لو أكلنا معه (البيتزا) بروما..

    وتجوَّلنا بأحياء فلورنسا..

    وتركناهُ ليرمي خبزَهُ لطيور (البُندقيَّهْ)..

    فلماذا هربَ العصفورُ منّا يا شَقِيَّهْ؟

    قد رَسَمْناهُ بأهداب الجفونْ

    ونَحَتْناه بأحداق العُيُونْ

    وانتظرناهُ قُروناً .. وقُرونْ

    فلماذا هربَ العصفورُ منّا؟

    دونَ أن يُلقي التحيَّهْ...

    3

    ربَّما.. لو أنتِ من جنَّتكِ الخضراء ، يا سيّدتي..

    لم تطرُديهِ ..

    ربَّما .. لو أنتِ ، يا سيِّدتي ، لم تقتُليهِ..

    كانَ سلطانَ زمانِهْ..

    ربَّما ... لو كانَ حيّاً

    دخلَ الشمسَ على ظهر حصَانِهْ

    ربَّما .. لو قال شِعْراً..

    يقطُرُ السُكَّرُ من تحت لسانِهْ

    ربَّما .. لو شاءَ يوماً أن يُغنّي..

    يطلعُ الوردُ على قَوْس كَمَانِهْ..

    ربَّما .. لو ظلَّ حيّاً..

    حرَّكَ الأرضَ بأطرافِ بَنَانِهْ..

    4

    لا تَقُولي : (لا تُؤاخِذْني ) ..

    فقد كانَ قضاءً وقَدَرْ..

    هل يكونُ الجهلُ والسُخْفُ قضاءً وقَدَرْ؟

    قَمَراً كانَ..

    ومَنْ يقتُلُ ، يا سيّدتي ، ضوءَ القَمَرْ؟

    وَتَراً كانَ..

    ومَنْ يقطعُ من عُودٍ وَتَرْ؟

    مَطَراً كانَ ..

    ولنْ يأتي إلينا مرةً أُخرى المَطَرْ..

    أنتِ لو أعطيتِهِ الفرصةَ يا سيِّدتي..

    ربَّما كانَ المسيحَ المُنْتَظَرْ...

    5

    آهِ .. يا قاتلةَ الحُلْمِ الجميلِ المُبْتَكَرْ..

    مؤسفٌ أن يقتلَ الإنسانُ حُلْما..

    مؤسفٌ أن تكسري في الأُفْق نَجْما..

    يا التي تبكي طَوَالَ الليل عصفورَ الأمَلْ

    سَبَقَ السيفُ العَزَلْ..

    لا تلوميني إذا ما يبسَ الدمعُ بعينيَّ

    وصارَ القلبُ فَحْمَا..

    فأنا كنتُ أباً..

    مُدْهِشَ الأحلام.. لكنْ

    أنتِ ، يا سيِدتي ، ما كُنْتِ أُمَا..

    *******************************

    فاطمة في ساحة الكونكورد
    ------------------------------

    1

    يُمْطِرُ عليَّ كُحْلُكِ الحجازيّْ

    وأنا في وَسَط ساحة (الكونكوردْ)

    فأَرْتَبكْ..

    وترتبكُ معي باريسْ

    تسقطُ حكومةٌ .. وتأتي حكومَهْ

    وتطيرُ الجرائدُ الفرنسيّةُ من أكْشَاكِها

    وتطيرُ الشراشفُ من فوق طاولات المقاهي..

    وتطلبُ العصافيرُ اللجوءَ السياسيْ

    إلى عَيْنَيْكِ العَربيَّتيْنْ...

    2

    أيَّتها العربيَّةُ الداخلةُ كالخنجر في صَبَاحات باريسْ

    يا مَنْ ترتشفينَ القهوةَ بالحليبْ

    وترتشفين معها كُرَيَّاتي الحمراءَ والبيضاءْ

    ما كانَ في حسابي أن أُلاقيكِ في محطّة الحزنْ

    وأن تلتقطيني بأهداب حنانِكْ

    وأنا في ذَرْوَة البرد، والخَوْف، والإنْكِسَارْ

    لكنَّ باريسَ قادرةٌ على كلِّ شيءْ

    ونبيذُ بوردو الأحمر، هو الذي سَيُلغي الفُروقْ

    بين صقيع أوروبا..

    وشُموس العالم الثالثْ

    بين حيائكِ الجميلْ...

    وبين جُنُوني...

    3

    أيَّتها العربيَّةُ التي تتكسَّرُ على أرصفة (المونْمَارترْ)

    فتافيتَ ياقُوتٍ..

    وغابةَ سُيوفْ..

    يا مَنْ يتصالحُ في عَيْنَيْها الضوءُ .. والعُتْمَهْ..

    والماءُ .. والحرائقْ

    ما كان في حسابي..

    وأنا أتمشَّى بين (الفاندوم) .. و( المادلينْ)..

    أن أدخلَ في جَدَليَّةِ اللون الأسودْ

    وإشكَاليّة العُيُونِ الواسعَهْ

    كخواتمِ الفضَّهْ...

    ما كانَ في حسابي..

    أن أدخلَ في تفاصيل التاريخ العَرَبيّْ

    فلقد تخانقتُ مع تاريخي..

    وجئتُ إلى باريسَ .. لأُلغيَ ذاكرتي

    ولكنْ .. ما أن نزلتُ من الطائرَهْ..

    حتى نَزَلَتْ ذاكرتي معي..

    ونَزَلَ شَعْرُكِ الغَجَريُّ معي..

    ونزلتْ أثوابُكِ .. ومعاطفُكِ..

    وأدواتُ زينتكِ معي..

    لتسدَّ مداخلَ الطُرُقاتْ

    من مطار (شارل دوغول)

    إلى كنيسة نوتردامْ...

    4

    يا فاطمةَ ساحة (الكونكوردْ)..

    يا فاطمةَ الفاطِماتْ

    أيُّها السيفُ المرصَّعُ بأجمل الآياتْ

    أيُّها اللغةُ التي ألغَتْ جميعَ اللغَاتْ..

    أُرحِّبُ بكِ في باريسْ..

    وأرجو لكِ قامةً سعيدَهْ

    فوق أعشاب صدري...

    5

    يا ذاتَ الشفتينِ المُمْتَلِئتيْنِ كحبَّتَيْ فاكِهَهْ..

    كم هُوَ استفزازيٌّ نوعُ العطر الذي تضعينَهْ

    وكم هُوَ رائعٌ إفطارُ الصباح معكِ..

    وأنتِ تنقرينَ قطعةَ (الكرواسَانْ) كعصفورْ

    وتنقرينَ فمي كعصفورْ

    أيَّتُها السنجابةُ الآسيويَّهْ

    التي تنطُّ من أعلى (برج إيفل) إلى صدري..

    ولا تخشى الدُوارْ..

    وتستحمُّ بنوافير (قصر فرساي)

    ولا تخشى الغَرَقْ..

    وتنامُ عاريةً على أعشاب حديقة (التويلري)..

    ولا تخشى الفضيحَهْ..

    6

    أيَّتُها العربيّةُ التي ينقِّطُ العَسَلُ الأسودُ من عينيْها

    نُقْطَةً .. نُقْطَهْ..

    ويُنقِّطُ الشِعْرُ من شَفَتها السُفْلى

    قصيدةً .. قصيدَه

    ويرنُّ حَلَقُها الطويل صباحَ يوم الأَحَدْ

    كناقُوسِ كنيسَهْ..

    ما كانَ في حسابي..

    أن أمرَّ معكِ ذاتَ يومٍ تحتَ قَوْس النصرْ

    لنضعَ وردةً على قبر العاشق المجهولْ..

    ولا كانَ في حسابي..

    أن أرى صورتَكِ في متحف اللُوفر

    مع أعمال رينوارْ..

    وماتيسْ..

    وسيزانْ..

    وأن أرى أعمالي الشعريَّهْ

    تباعُ في مكتبات الضفّةِ اليُسْرى

    مع أعمال رامبو..

    وفيرلينْ..

    وجاك بريفير..

    7

    صَباحَ الخير..

    أيّتها العصفورةُ القادمةُ من المياه الدافئَهْ

    لتغتسلَ بأمطار باريسْ

    وأمطار حنيني..

    صباحَ الخير..

    أيَّتُها السَمَكةُ التي تتكلَّمُ اللغةَ العربيَّهْ

    وتتهجّى كَلِماتِ الحُبِّ باللغةِ الفَرَنسيَّهْ.

    وتتهجَّاني بكُلِّ لُغَاتِ الأُنوثَهْ...

    8

    كُلَّما سافرتُ إلى باريسَ دونَ حَجْزٍ..

    تصيرينَ فُنْدُقي...

    9

    صَباحَ الخير .. يا بُسْتَانَ الزَعْفَرانْ

    صباحَ الخير .. يا سُجَّادةَ الكاشانْ

    صباحَ الخير على أصابعكِ النائمة بين أصابعي..

    وعلى معطف المطر الذي كنتِ تلبسينَه معي..

    وعلى جرائد الصباح التي كنتِ تتصفَحينها معي..

    صباحَ الخير..

    على الكافيتريات التي ثَرثَرْنا فيها..

    وعلى البُوتيكات التي رافقتُكِ إليها..

    وعلى المرايا التي دخلناها معاً...

    ثم سافرتِ..

    وتركتِني حتى الآن .. مَرْسُوماً عليها...
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:39 pm

    الحب لا يقف على الضوء الأحمر
    -------------------------------

    " أنت في العشرين تستطيع أن تُحبّ..

    وأنت في الثمانين تستطيع أن تُحبّ..

    هناك دائماً مناسبة لاشتعال البرق.."

    فرانسواز ساغان

    - - -

    إفتتاحيّة

    هذا كتابي الأربعُونَ .. ولم أزَلْ

    أحْبُو كتلميذٍ صغيرٍ .. في هَوَاكِ

    هذا كتابي الأربَعُونَ..

    ورغمَ كلِّ شَطَارتي .. ومَهَارتي

    لم يرضَ عنّي ناهداكِ...

    كلُّ اللغات قديمةٌ جداً..

    وأَضْيَقُ من رُؤايَ ومن رُؤاكِ..

    لا بدَّ من لغةٍ أُفَصِّلُها عليكِ .. حبيبتي..

    لا بدَّ من لغةٍ تليقُ بمستواكِ

    ***

    حَلَّقتُ آلافَ السنين.. وما وصلتُ إلى ذُرَاكِ

    وجلبتُ تيجانَ الملوكِ..

    وما حصلتُ على رضَاكِ..

    وصعدتُ فوق الأبْجَديَّة كي أراكِ..

    يا مَنْ تخيطُ قصائدي ثوباً لها..

    هل ممكنٌ بين القصيدةِ .. والقصيدةِ ..

    أنْ أراكِ؟؟...

    ***************************

    القرار
    ----------------

    إنّي عشِقْتُكِ .. واتَّخذْتُ قَرَاري

    فلِمَنْ أُقدِّمُ _ يا تُرى _ أَعْذَاري

    لا سلطةً في الحُبِّ .. تعلو سُلْطتي

    فالرأيُ رأيي .. والخيارُ خِياري

    هذي أحاسيسي .. فلا تتدخَّلي

    أرجوكِ ، بين البَحْرِ والبَحَّارِ ..

    ظلِّي على أرض الحياد .. فإنَّني

    سأزيدُ إصراراً على إصرارِ

    ماذا أَخافُ ؟ أنا الشرائعُ كلُّها

    وأنا المحيطُ .. وأنتِ من أنهاري

    وأنا النساءُ ، جَعَلْتُهُنَّ خواتماً

    بأصابعي .. وكواكباً بِمَدَاري

    خَلِّيكِ صامتةً .. ولا تتكلَّمي

    فأنا أُديرُ مع النساء حواري

    وأنا الذي أُعطي مراسيمَ الهوى

    للواقفاتِ أمامَ باب مَزاري

    وأنا أُرتِّبُ دولتي .. وخرائطي

    وأنا الذي أختارُ لونَ بحاري

    وأنا أُقرِّرُ مَنْ سيدخُلُ جنَّتي

    وأنا أُقرِّرُ منْ سيدخُلُ ناري

    أنا في الهوى مُتَحكِّمٌ .. متسلِّطٌ

    في كلِّ عِشْقِ نَكْهةُ اسْتِعمارِ

    فاسْتَسْلِمي لإرادتي ومشيئتي

    واسْتقبِلي بطفولةٍ أمطاري..

    إنْ كانَ عندي ما أقولُ .. فإنَّني

    سأقولُهُ للواحدِ القهَّارِ...

    عَيْنَاكِ وَحْدَهُما هُمَا شَرْعيَّتي

    مراكبي ، وصديقَتَا أسْفَاري

    إنْ كانَ لي وَطَنٌ .. فوجهُكِ موطني

    أو كانَ لي دارٌ .. فحبُّكِ داري

    مَنْ ذا يُحاسبني عليكِ .. وأنتِ لي

    هِبَةُ السماء .. ونِعْمةُ الأقدارِ؟

    مَنْ ذا يُحاسبني على ما في دمي

    مِنْ لُؤلُؤٍ .. وزُمُرُّدٍ .. ومَحَارِ؟

    أَيُناقِشُونَ الديكَ في ألوانِهِ ؟

    وشقائقَ النُعْمانِ في نَوَّارِ؟

    يا أنتِ .. يا سُلْطَانتي ، ومليكتي

    يا كوكبي البحريَّ .. يا عَشْتَاري

    إني أُحبُّكِ .. دونَ أيِّ تحفُّظٍ

    وأعيشُ فيكِ ولادتي .. ودماري

    إنّي اقْتَرَفْتُكِ .. عامداً مُتَعمِّداً

    إنْ كنتِ عاراً .. يا لروعةِ عاري

    ماذا أخافُ ؟ ومَنْ أخافُ ؟ أنا الذي

    نامَ الزمانُ على صدى أوتاري

    وأنا مفاتيحُ القصيدةِ في يدي

    من قبل بَشَّارٍ .. ومن مِهْيَارِ

    وأنا جعلتُ الشِعْرَ خُبزاً ساخناً

    وجعلتُهُ ثَمَراً على الأشجارِ

    سافرتُ في بَحْرِ النساءِ .. ولم أزَلْ

    _ من يومِهَا _ مقطوعةً أخباري..

    ***

    يا غابةً تمشي على أقدامها

    وتَرُشُّني يقُرُنْفُلٍ وبَهَارِ

    شَفَتاكِ تشتعلانِ مثلَ فضيحةٍ

    والناهدانِ بحالة استِنْفَارِ

    وعَلاقتي بهما تَظَلُّ حميمةً

    كَعَلاقةِ الثُوَّارِ بالثُوَّارِ..

    فَتشَرَّفي بهوايَ كلَّ دقيقةٍ

    وتباركي بجداولي وبِذَاري

    أنا جيّدٌ جدّاً .. إذا أحْبَبْتِني

    فتعلَّمي أن تفهمي أطواري..

    مَنْ ذا يُقَاضيني ؟ وأنتِ قضيَّتي

    ورفيقُ أحلامي ، وضوءُ نَهَاري

    مَنْ ذا يهدِّدُني ؟ وأنتِ حَضَارتي

    وثَقَافتي ، وكِتابتي ، ومَنَاري..

    إنِّي اسْتَقَلْتُ من القبائل كُلِّها

    وتركتُ خلفي خَيْمَتي وغُبَاري

    هُمْ يرفُضُونَ طُفُولتي .. ونُبُوءَتي

    وأنا رفضتُ مدائنَ الفُخَّارِ..

    كلُّ القبائل لا تريدُ نساءَها

    أن يكتشفْنَ الحبَّ في أشعاري..

    كلُّ السلاطين الذين عرفتُهُمْ..

    قَطَعوا يديَّ ، وصَادَرُوا أشعاري

    لكنَّني قاتَلْتُهُمْ .. وقَتَلْتُهُمْ

    ومررتُ بالتاريخ كالإعصارِ ..

    أَسْقَطْتُ بالكلمَاتِ ألفَ خليفة ..

    وحفرت بالكلمات ألف جدار

    أَصَغيرتي .. إنَّ السفينةَ أَبْحَرتْ

    فَتَكَوَّمي كَحَمَامةٍ بجواري

    ما عادَ يَنْفعُكِ البُكَاءُ ولا الأسى

    فلقدْ عشِقْتُكِ .. واتَّخَذْتُ قراري..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:40 pm

    معها .. في باريس
    -------------------------

    لا الشعرُ ، يُرضي طُمُوحاتي ، ولا الوَتَرُ

    إنّي لعَيْنَيْكِ ، باسمِ الشِعْرِ ، أَعتذِرُ..

    يا مَنْ تَدُوخُ على أقدامِكِ الصُوَرُ

    يُروِّجُونَ كلاماً لا أُصَدِّقُهُ

    كم صَعْبةٌ أنتِ .. تَصْويراً وتَهْجِيَةً

    إذا لَمَسْتُكِ ، يبكي في يدي الحَجَرُ

    ولا البصيرةُ ، تكفيني ، ولا البَصَرُ

    نَهْداكِ .. كان بودِّي لو رَسَمْتُهُمَا

    ***

    أيا غَمَامةَ مُوسيقى .. تُظلِّلُني

    الحَرْفُ يبدأُ من عَيْنَيْكِ رحْلتَهُ

    كلُّ اللُغاتِ بلا عينيكِ .. تَنْدثِرُ

    إلى نبيذٍ ، بنار العِشْق يَخْتَمِرُ

    ولم أُخَطِّطْ لهُ .. لكنَّهُ القَدَرُ..

    هزائمي في الهوى تبدو مُعَطَّرَةً

    تركتُ خَلْفيَ أمجادي .. وها أنذا

    بطُولِ شَعْرِكِ _ حتى الخَصْرِ _ أفْتَخِرُ

    وأنتِ .. أجملُ ما في حُبِّكِ الخَطَرُ

    يا مَنْ أُحِبُّكِ .. حتى يستحيلَ فمي

    جرائرُ الكُحْلِ في عينيكِ مُدْهِشَةٌ

    ماذا سأفعلُ لو ناداني السفرُ؟؟

    ولُؤلُؤُ البحر شفَّافٌ .. ومُبْتَكرُ

    هل تذكرينَ بباريسَ تسكُّعَنَا ؟

    خُطَاكِ في ساحة (الفاندوم) أُغنيةٌ

    وكُحْلُ عينيكِ في (المادلين) ينتثرُ ..

    ما زال في رُكْنِنَا الشعريِّ ، ينتظرُ

    كلُّ التماثيل في باريسَ تعرفُنا

    حتّى النوافيرُ في (الكونكُورد) تذكُرُنا

    ما كنتُ أعرفُ أن الماءَ يَفْتكِرُ ..

    نبيذُ بُوردو .. الذي أحسُوهُ يصرعُني

    ودفءُ صوتِكِ .. لا يُبْقي ولا يَذَرُ

    ما دامَ حُبُّكِ يُعْطيني عباءتَهُ

    فكيفَ لا أفتحُ الدنيا .. وأنتصِرُ ؟

    والعاشقُ الفذُّ .. يحيا حين ينتحِرُ ...

    تمشينَ أنتِ .. فيمشي خلْفكِ الشجرُ

    خُطَاكِ في ساحة (الفاندوم) أُغنيةٌ

    وكُحْلُ عينيكِ في (المادلين) ينتثرُ ..

    صَديقَةَ المطعم الصِينيِّ .. مقعدُنا

    ما زال في رُكْنِنَا الشعريِّ ، ينتظرُ

    كلُّ التماثيل في باريسَ تعرفُنا

    وباعةُ الورد ، والأكشَاكُ ، والمَطَرُ

    حتّى النوافيرُ في (الكونكُورد) تذكُرُنا

    ما كنتُ أعرفُ أن الماءَ يَفْتكِرُ ..

    ***

    نبيذُ بُوردو .. الذي أحسُوهُ يصرعُني

    ودفءُ صوتِكِ .. لا يُبْقي ولا يَذَرُ

    ما دُمْتِ لي .. فحدودُ الشمس مملكتي

    والبرُّ ، والبحرُ ، والشُطْآنُ ، والجُزُرُ

    ما دامَ حُبُّكِ يُعْطيني عباءتَهُ

    فكيفَ لا أفتحُ الدنيا .. وأنتصِرُ ؟

    سأركبُ البحرَ .. مَجنوناً ومُنْتَحراً..

    والعاشقُ الفذُّ .. يحيا حين ينتحِرُ ...
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:41 pm

    من يوميات تلميذ راسب
    -------------------------------

    1

    ما هُوَ المطلوبُ منّي ؟

    ما هُوَ المطلوبُ بالتحديد منّي ؟

    إنَّني أنْفَقتُ في مدرسة الحُبّ حياتي

    وطَوالَ الليل .. طالعتُ .. وذاكرتُ ..

    وأنهيتُ جميعَ الواجباتِ..

    كلُّ ما يمكنُ أن أفعلَهُ في مخدع الحُبِّ ،

    فَعَلْتُهْ ...

    كلُّ ما يمكنُ أن أحفرَهُ في خَشَب الوردِ ،

    حَفَرْتُهْ ...

    كلُّ ما يمكنُ أن أرسُمَهُ ..

    من حُرُوفٍ .. ونقاطٍ .. ودوائرْْ ..

    قد رَسَمْتُهُ ..

    فلماذا امتلأَتْ كرَّاستي بالعَلاَمات الرديئَهْ ؟.

    ولماذا تَسْتَهينينَ بتاريخي ..

    وقُدْراتي .. وفنّي ..

    أنا لا أفهمُ حتى الآنَ ، يا سيِّدتي

    ما هُوَ المطلوبُ منّي؟.

    2

    ما هُوَ المطلوبُ منّي؟

    يشهدُ اللهُ بأنِّي ..

    قد تَفرَّغْتُ لنهديْكِ تماما ..

    وتَصَرَّفْتُ كفنّانٍ بدائيٍّ ..

    فأنْهَكْتُ .. وأَوْجَعْتُ الرُخَاما

    إنّني منذُ عصور الرِقِّ .. ما نِلْتُ إجازَهْ

    فأنا أعمَلُ نَحَّاتاً بلا أَجْرٍ لدى نَهْدَيْكِ

    مُذْ كنتُ غُلامَا ..

    أحملُ الرملَ على ظَهْري ..

    وأُلْقِيهِ ببحر اللانهايَهْ

    أنا منذ السَنَة الألفَيْنِ قَبْلَ النهدِ ..

    يا سيِّدتي – أفعلُ هذا ...

    فلماذا؟

    تطلبينَ الآنَ أن أبدأَ – يا سيّدتي – منذُ البدايَهْ

    ولماذا أُطْعَنُ اليومَ بإبْداعي ..

    وتشكيلاتِ فنّي ؟

    ليتني أعرفُ ماذا ...

    يبتغي النَهْدَانِ منّي؟ ؟

    3

    ما هُوَ المطلوبُ منّي ؟

    كي أكونَ الرجُلَ الأوَّلَ ما بين رجالِكْ

    وأكونَ الرائدَ الأوَّلَ ..

    والمكتشفَ الأوَّلَ ..

    والمستوطنَ الأوَّلَ ..

    في شّعْرِكِ .. أو طَيَّاتِ شَالِكْ ..

    ما هو المطلوبُ حتّى أدخلَ البحرَ ..

    وأَستلقي على دفءِ رمالِكْ ؟

    إنني نفَّذْتُ – حتى الآنَ –

    آلافَ الحماقاتِ لإرضاء خيالِكْ

    وأنا اسْتُشْهِدتُ آلافاً من المرَّاتِ

    من أجل وصالِكْ ..

    يا التي داخَتْ على أقدامِها

    أقوى الممالِكْ ..

    حَرِّريني ..

    من جُنُوني .. وجَمالِكْ ..

    4

    ما هُوَ المطلوبُ منّي ؟

    ما هُوَ المطلوبُ حتى قطَّتي تصفحَ عنّي ؟

    إنَّني أطْْعَمْتُها ..

    قمحاً ... ولَوْزاً ... وزَبيبا ..

    وأنا قدَّمتُ للنهديْنِ ..

    تُفَّاحاً ..

    وخمراً ..

    وحليباً ..

    وأنا علّقتُ في رقْبَتِها ..

    حَرَزَاً أزْرَقَ يحميها من العَيْنِ ،

    وياقُوتاً عجيبا ..

    ما الذي تطلبهُ القِطَّةُ ذاتُ الوَبَر الناعِم منّي ؟

    وأنا أَجْلَسْتُها سُلْطَانةً في مقعدي ..

    وأنا رافقتُها للبحر يومَ الأَحَدِ ...

    وأنا حَمَّمْتُها كلَّ مساءٍ بيدي ..

    فلماذا ؟

    بعد كلِّ الحُبِّ .. والتكريمِ ..

    قد عضَّتْ يدي ؟.

    ولماذا هي تدعوني حبيباً ..

    وأنا لستُ الحبيبا ..

    ولماذا هيَ لا تمحُو ذُنُوبي ؟

    أبداً .. واللهُ في عَليائهِ يمحُو الذُنُوبَا ..

    5

    ما هُوَ المطلوبُ أن أفعلَ كي أُعْلِنَ للعشق وَلاَئي

    ما هُوَ المطلوبُ أن أفعلَ كي أُدْفَنَ بين الشُهَدَاءِ ؟

    أَدْخَلُوني في سبيل العِشْق مُسْتَشفى المجاذيبِ ..

    وحتَّى الآنَ – يا سيِّدتي – ما أَطْلَقُوني ..

    شَنَقُوني _في سبيل الشِعْر_ مرَّاتٍ .. ومرَّاتٍ ..

    ويبدُو أنَّهُمْ ما قَتَلُوني

    حاولو أن يقلَعُوا الثورةَ من قلبي .. وأوراقي ..

    ويبدُو أنَّهُمْ ..

    في داخل الثورة – يا سيِّدتي –

    قد زَرَعُوني ...

    6

    يا التي حُبِّي لها ..

    يدخُلُ في باب الخُرَافاتِ ..

    ويَسْتَنْزِفُ عُمْري .. ودمايا ..

    لم يَعُدْ عندي هواياتٌ سوى

    أن أجْمَعَ الكُحْلَ الحجازيَّ الذي بَعْثَرْتِ في كلِّ الزوايا ..

    لم يعُدْ عندي اهتمامَاتٌ سوى ..

    أَنْ أُطفيءَ النارَ التي أشْعَلَها نَهْدَاكِ في قلب المرايا ..

    لم يعُدْ عندي جوابٌ مُقْنِعٌ ..

    عندما تسألُني عنكِ دُمُوعي .. وَيَدَايا ..

    7

    إشْرَبي قهوتَكِ الآنَ .. وقُولي

    ما هو المطلوبُ منِّي ؟

    أنا منذُ السَنَةِ الألفَيْنِ قَبْلَ الثَغْرِ ..

    فكَّرْتُ بثغرِكْ ..

    أنا منذُ السنَة الألفَيْنِ قَبْلَ الخَيْل ..

    أَجْري كحصانٍ حَوْلَ خَصْرِكْ ..

    وإذا ما ذكروا النيلَ ..

    تَباهَيْتُ أنا في طُول شَعْرِكْ

    يا التي يأخُذُني قُفْطَانُها المشْغُولُ بالزَهْر ..

    إلى أرض العَجَائبْ ..

    يا التي تنتشرُ الشَامَاتُ في أطرافِها

    مثلَ الكواكبْ ..

    إنَّني أصرخُ كالمجنون من شِدَّة عِشْقي ..

    فلماذا أنتِ ، يا سيِّدتي ، ضدَّ المواهبْ ؟

    إنّني أرجُوكِ أن تبتسمي ..

    إنني أرجُوكِ أن تَنْسَجمِي ..

    أنتِ تدرينَ تماماً ..

    أنَّ خِبْراتي جميعاً تحتَ أَمْرِكْ

    وَمَهاراتي جميعاً تحتَ أَمْرِكْ

    وأصابيعي التي عَمَّرتُ أكواناً بها

    هيَ أيضاً ..

    هيَ أيضاً ..

    هيَ أيضاً تحت أَمْرِكْ ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 5 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 21/6/2011, 5:42 pm

    تصوير
    -------------

    إضْطَجعي دقيقةً واحدةً..

    كي أُكْمِلَ التصويرْ.

    إضْطَجعي مثلَ كتابِ الشِعْر في السريرْ

    أريدُ أن أُصَوِّرَ الغاباتِ في ألوانها

    أريدُ أن أُصَوِّرَ الشاماتِ في اطمئنانِها

    أريدُ أن أُفاجيءَ الحَلْمَةَ في مكانِها

    والناهدَ الأحمقَ _ يا سيِّدتي _

    قُبَيْلَ أن يطيرْ.

    فساعديني..

    _ إن تكرَّمْتِ _ لكَيْ أصالحَ الحريرْ

    وساعديني..

    _ إنْ تكرَّمْتِ_ لكي أفوزَ في صداقة الكَشْمِيرْ

    لعلَّهُ يسمحُ لي بِرَسْمِ هذا الكوكبِ المُثيرْ..

    ولْتَقْبلي تحيّتي..

    مَقْرُونةً بالحُبِّ والتقديرْ.

    ******************************

    من غير يَدَيْن
    --------------------

    لم أكُنْ مُنْتَظراً..

    أنْ تَثْقُبيني مثلَ رُمْحٍ وَثَنِيّْ

    لم أكُنْ منتظِراً..

    أن تدخلي في لُغتي .. وكَلامي..

    وإشاراتِ يَدَيّْ

    لم أكُنْ منتظِراً..

    أن تُصبحي أنتِ الثقافَهْ..

    لم أكُنْ منتظراً..

    أن أخسرَ التاجَ.. وحَقِّي بالخِلافَهْ..

    فلقد كنتُ قويَّاً .. وشهيراً

    وجُنُودي يملأونَ البرَّ والبحرَ..

    وراياتي تُغَطِّي المَشْرِقَينْ

    لم أكنْ منتظراً أن يحدثَ الزَلْزَالُ..

    أن ينْشَطِرَ البحرُ..

    وأن تكسِرَني عيناكِ ، يوماً ، قِطْعَتَيْنْ..

    ***

    لم أكُنْ منتظراً..

    حينَ قَبَّلتُكِ أن أنسى لَدَيْكِ الشَفَتَينْ

    لم أكُنْ منتظراً..

    حينَ عانقتُكِ.. أن أرجعَ من غيرِ يَدَيْنْ...

      الوقت/التاريخ الآن هو 17/5/2024, 9:49 am