منتديات شريف سليمان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


    مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:26 pm



    الشاعر : نزار قباني


    مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 ) 7

    تكتبين الشعر.. وأوقع أنا..
    --------------------------------

    1

    ليس لي القدرةُ على تغييرك

    أو على تفسيركْ..

    لا تُصدّقي أنَّ رجلاً يمكنه تغييرُ امرأهْ..

    وباطلةٌ دعاوى كلِّ الرجال الذين يتوهّّمونْ،

    أنهمْ صنعوا المرأةَ من أَحَد أضلاعِهِمْ..

    المرأةُ لا تخرجُ من ضِلْع الرَجل أبداً..

    هو الذي يخرجُ من حَوْضِها..

    كما تخرجُ السَمَكَةُ من حَوْض الماءْ

    وهو الذي يتفرَّعُ منها،

    كما تتفرَّعُ السواقي من النَهْر..

    وهو الذي يدورُ حولَ شَمْس عَيْنَيْها..

    ويتصوَّرُ أنَّهُ ثابتٌ في مكانِهْ..

    2

    ليس لي القدرةُُ على تعليمكِ أيّ شيءْ..

    فنهداكِ دائِرَتا مَعَارفْ..

    وشفتاكِ هما خلاصةُ تاريخ النبيذْ

    إنّكِ امرأةٌ مكتفيةٌ بذاتها

    زَيْتُكِ منكِ..

    وقمحُكِ منكِ..

    ونارُكِ منكِ..

    وصيفُكِ وشتاؤكِ..

    وبَرْقُكِ ورعدُكِ..

    ومَطَرُكِ وثلجُكِ..

    ومَوْجُكِ وزَبَدُكِ .. كلُُّها منكِ..

    ماذا أُعلّمكِ يا امرأهْ؟

    مَنْ يستطيع أن يٌقْنِعَ سنجاباً بالذهاب إلى المدرسَهْ؟

    مَنْ يستطيع أن يقنِعَ قِطَّاً سياميّاً بالعزف على البيانو؟...

    مَنْ يستطيع أن يُقنِعَ سمكةَ القِرْشْ..

    بأن تُصبحَ راهبَهْ..

    3

    ليس لي القدرةُ على ترويضكِ..

    أو تَدْجينِكِ ..

    أو تهذيبِ غرائزكِ الأُولى.

    هذه مهمّةٌ مستحيلَه..

    لقد جرّبتُ ذكائي معكِ..

    وجرّبتُ أيضاً غَبَائي..

    فلم تنفعْ معكِ هدايةٌ ولا غِوايَهْ..

    خَلّيكِ بدائيةً كما أنتِ..

    خَلّيكِ مِزَاجيَّةً كما أنتِ..

    خَلِّيكِ هجوميَّةًً كما أنتِ..

    ماذا يبقى من إفريقيا؟...

    إذا أخذنا منها نُمُورَها.. وبَهَاراتِها..

    ماذا يبقى من جزيرة العربْ؟

    إذا أخذنا منها..

    مَجْدَ النفْْطِ..

    ومَجْدَ الخيل!!

    4

    ليس لي القدرةُ على كَسْرِ عاداتِكْ..

    هكذا أنتِ منذ ثلاثين سَنَهْ

    منذُ ثلاثمِئةِ سَنَهْ..

    منذُ ثلاثةِ آلافِ سَنَه..

    إعصارٌ محبوسٌ في زٌجاجَهْ..

    جَسَدٌ يتحسَّسُ رائحةَ الرَجُل بالفِطْرَهْ..

    ويهاجمه بالفِطْرَهْ..

    وينتصرُ عليهِ بالفِطْرَه..

    فلا تُصَدِّقي ما يقولُهُ الرجلُ عن نفسِهْ،

    بأنه هو الذي يصنعُ القصائدْ..

    ويصنعُ الأطفالْ..

    إن المرأةَ هي التي تكتُبُ الشّعْرْ..

    والرجلُ هو الذي يوقِّعُهْ..

    والمرأةُ هي التي تنجبُ الأطفالْ..

    والرجلُ هو الذي يُوقِّعُ في مستشفى الولادَهْ..

    بأنّه أصبحَ أباً.!!

    5

    ليس لي القدرةُ على تغيير طبيعتِكْ..

    لا كُتبي تنفعُكِ..

    ولا قَنَاعَاتي تُقْنِعُكِ..

    ولا نصائحي الأبويَّةُ تفيدكْ..

    أنتِ ملكةُ الفوضى، والجُنُون، وعَدَمِ الانتماءْ

    فظلِّي كما أنتِ..

    أنتِ شَجَرةُ الأنوثة التي تكبُرُ في العُتمَهْ..

    ولا تحتاجُ إلى شمسٍ وماءْ..

    أنتِ أميرةُ البحر التي أحبّتْ كلَّ الرجالْ

    ولم تُحبَّ أَحَداً..

    وضاجَعَتْ كلَّ الرجال.. ولم تُضَاجعْ أحداً..

    أنتِ البدَويَّةُ التي ذَهَبَتْ مع كلِّ القبائلْ

    وعادتْ عذراءْ..

    فَظَلّي كما أنتِ..

    ***************************************

    إلى سيدة تصطنع الهدوء
    ------------------------------

    خُذي وَقْتَكِ، يا سيدتي العزيزَهْ

    فلا أحدَ يُرغمُكِ على الإدلاء باعترافاتٍ كاذبَهْ

    ولا أحدَ يُريدُ منكِ أن تفعلي الحبَّ..

    تحت تأثير الخمرة.. أو المُخدِّرْ.

    كما لو كنتِ تخلعينَ أحدَ أضراسِكْ..

    لستِ مُضطرةً للتَبَرُّع بنِصْفِ فَمِكْ..

    أو نصفِ يدِكْ..

    فلا الشفاهُ قابلةٌ للقِسْمَهْ..

    ولا الأنوثةُ قابلةٌ للقِسْمَهْ..

    هذا هو الموقفُ يا سيّدتي..

    فلا تخاطبيني وأنتِ مُضْطَجعةٌ على سريركِ الملكيّْ

    فآخرُ اهتماماتي.. سَنْدُ خاصِرَةِ المَلِكاتْ..

    وقراءةُ شعري..

    في مجالسِ الملكاتْ..

    2

    خُذِي الوقْتَ الذي تستغرقُهُ اللؤلؤةُ لتتشكَّلْ.

    والسُنُونوَّةُ لتصنعَ بجناحيها صيفاً..

    خُذِي الوقْتَ الذي يستغرقُهُ النهدْ..

    ليصبحَ حصاناً أبيضْ..

    خذي الأزْمِنَةَ التي ذَهَبَتْ..

    والأزْمِنَةَ التي سوف تأتي..

    فالمسافةُ طويلَهْ..

    بين آخر النبيذ.. وأوَّلِ الكِتابَهْ

    وأنا لستُ مستعجلاً عليكِ..

    أو على الشِّعْرْ..

    فالعيونُ الجميلةُ غير قابلةٍ للاغتصابْ..

    والكلماتُ الجميلةُ غيرُ قابلةٍ للاغتصابْ..

    والذين لهمْ خبرةٌ بشؤون البحرْ..

    يعرفونَ أنَّ السُفُنَ الذكيّةَ لا تستعجلُ الوصول..

    وان السواحلَ هي شيخوخةُ المراكبْ..

    3

    خُذِي وَقْتَكِ..

    أيّتُها السيّدةُ التي تصطنعُ الهدوءْ

    إنني لا أُطالبُكِ بارتجالِ العواطفْ..

    فلا أحدَ يستطيع تفجيرَ ماء الينابيعْ

    ولا أحدَ يستطيع رَشْوَةَ البَرق والرعدْ..

    ولا أحدَ يستطيعُ إكراهَ قصيدةٍ

    على النوم مع شاعرٍ لا تُريدُهْ..

    4

    خُذي وقْتَكِ.. أيّتها الهوائيَّةُ الأطوارْ..

    يا امرأةَ التحوُّلات، والطقْسِ الذي لا يستقِرْ

    أيتها المسافرةُ بين القُطبِ.. وخَطِّ الإستواءْ

    بين انفجارات الشِعْر.. ورَمَادِ الكلام اليوميّْ

    خُذي وَقْتَكِ..

    خُذي وَقْتَكِ..

    إن نارَ الحطب لا تزال في أوّلها..

    ونارَ القصيدة لا تزال في أوّلِها..

    وأنا لستُ مستعجلاً على انشقاق البحرْ..

    وذوبان الثلوج.. على مرتفعات نهديْكْ..

    إنني لا أطالبُكِ بإحراق سُفُنِكْ..

    والتخلّي عن مملكتك.. وحاشيتكْ.. وامتيازاتِك الطَبَقيَّهْ..

    لا أطالبُكِ بأن تركبي معي فَرَسَ الجنونْ..

    فالجنونُ هو موهبةُ الفقراء وحدَهمْ..

    والشعراء وحْدَهم..

    وأنتِ تريدينَ أن تحتفظي بتاج الملِكاتْ..

    لا بتاج الكلماتْ..

    أنتِ امرأةُ العقل الذي يحسب حساباً لكلّ شيءْ

    وأنا رجُلُ الشِعْر الذي لا يُقيم حساباً لأيِّ شيءْ..


    تابع
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:27 pm

    أيتها السيدة التي استقالت من أنوثتها..
    ---------------------------------------------------

    1

    أيّتها السيّدةُ التي استقالتْ من أنوثتها..

    ومن أمشاطها ، ومكاحلها ، وأساور يديْها .

    كان اللهُ في عونِكْ ..

    أيّتها السيّدة التي استقالتْ من رنين البيانُو..

    ورنينِ النبيذِ الأحمرِ.. ورنينِ شَهَواتي..

    كان اللهُ في عَوْني..

    أيّتها السيّدة التي استقالتْ من نهديْها..

    ووضعْتهما كتُفَّاحتَيْن في ثَلاجَهْ..

    كان اللهُ في عون المرايا..

    2

    أيّتها الرصينةُ كموظّفةٍ في بنكٍ عربيٍّ مؤمَّمْ..

    إبتسمي قليلاً..

    ففمُكِ لا بأسَ به إذا رششتِهِ بماء الفَرَحْ..

    وعيناكِ لا بأسَ بهما..

    إذا كَحَّلتِهِما بقليلٍ من الحنانْ..

    إكسري الزجاجَ الذي يفصل بين صوتي وغاباتك الشاسعَهْ

    بين أصابعي.. وأقاليمكِ الاستوائَّيهْ..

    بين حصاني.. ومزارعكِ الطازجةِ العُشْبْ...

    3

    أيّتها المثقَّفةُ إلى درجة التجلُّدْ..

    الأكاديميَّةُ إلى درجة القشعريرَهْ..

    أيَّتها المحاصَرَهْ..

    بين جدران الكَلماتِ المأثورَهْ..

    وتعاليمِ حُكَماءِ الهندْ..

    ولُزُوميّاتِ ما لا يلزمْ..

    أنتِ مأخوذَةٌ بأبي العتاهِيَهْ

    وأنا مأخوذٌ بالشُعَراءِ الصعاليكْ..

    أنتِ مهتمَّةٌ بالمعتزلَهْ..

    وأنا مهتمٌّ بأبي نُوَاسْ

    أنتِ مُعْجَبَةٌ برقص (البَالِيهْ)

    وأنا مُعْجَبٌ برقْص الدراويشْ..

    أنتِ تسكنينَ مراكبَ الوَرَقْ..

    وأنا أسكُنُ البحرْ..

    أنتِ تسكنينَ الطمأنينَهْ..

    وأنا أسكُن الإنتحارْ..

    4

    أيّتها السيّدةُ المضطجعةُ على رفوف الكُتُبْ..

    أيّتها الضائعةُ في غبار النُصُوصْ...

    إنَّ دمعي أنقى من حِبْر مخطوطاتِك...

    وقراءةَ فمي... أهمُّ من جميع قراءاتِكْ...

    فلماذا لا تتثقّفينَ على يدي؟

    فأنا الثقافة.. أنا الثقافة.. أنا الثقافهْ..

    أنا الذي أستطيعُ أن أحوّل نهدَكِ إلى حمامَهْ

    وفخذَيْكِ إلى سبيكتيْ ذَهَبْ..

    وفَمَكِ إلى عُشٍ للعصافيرْ..

    أنا الذي أستطيع أن أجعلكِ..

    مَلِكَةً .. أو جَاريَهْ..

    سَمَكَةً .. أو غزالَهْ..

    أو قَمَراً في باديَهْ...

    5

    أيّتها السيّدةُ المستنكِفةُ عن السَفَر الليليّْ..

    أيّتها الخائفةُ من رائحة الرَجُلْ..

    ورائحةِ المراكبْ..

    أيّتها السمكةُ التي لا تريد أن تسبَحْ..

    ولا تريدُ أن تغرقْ..

    لماذا لا تَتَتَلْمَذِين على يدي؟..

    إنني أعرف كلَّ شيء عن النساء.. والنباتات المتسلّقَهْ..

    والحيواناتِ الأليفةِ.. والحيوانات المفترسَهْ...

    لماذا لا تتتلمذينَ على يدي؟

    إنني أعرفُ كلَّ شيءٍ عن العناصر الأربعَهْ..

    أعرف كلَّ شيء عن كيمياء الأرضِ..

    وكيمياء الإنسانْ..

    أعرفُ التفَّاحَةَ كيف تستديرْ..

    وغابات القَصَب كيف تتشابَكْ

    والنِمْرَ كيفَ يقفزْ..

    ونَهْدَ المرأة كيف يبحث عن فريستِهْ..

    6

    أيّتها السيّدةُ التي استقالتْ من كُتُب الشعرْ..

    ودخلتْ في جدول الحسابْ..

    واستقالتْ من الورد.. والماء.. والعصافيرْ..

    ودخلتْ في اليباسْ..

    لماذا لا تستعملينَ أعشابي الطبيعيَّهْ؟.

    لماذا لا تَثقينَ بمعارفي؟..

    فأنا المعرفةُ..

    أنا المعرفَهْ..

    هل ترينَ هذه العروقَ المنفجرةَ على وجه يدي؟.

    هل ترينَ هذه الشُقوقَ المفتوحةَ على ضفاف فمي؟

    هل تشمّين رائحةَ الكبريتِ..

    المتصاعدةَ من شراييني؟

    هذه هي شهادات هَمَجيّتي.. وجُنُوني...

    وهي كلّها من مرتبة الشَرَف.. كما تلاحظينْ

    فهل ثَمَّةَ وظيفةٌ شاغرهْ؟...

    لحدائقيٍّ.. يطلبُ عملاً في بساتين عينيْكِ؟..

    7

    أيّتها السيّدةُ التي تتعاملُ معي..

    بميزان صَيْدليّْ..

    وتلامسُ يدي، بحياد مُمرّضَهْ..

    إنني لا أتحمّلُ ثيابَكِ البيضاءْ..

    وأسنانَكِ البيضاءْ..

    وابتسامَتَكِ البيضاءْ..

    لا أتحمَّلْ كلَّ هذا التنظيمْ..

    في التعبير عن غرائزي..

    لا أتحمَّلُ كلَّ هذا المناخ المعقَّمْ..

    والشراشِفِ المعقَّمَه..

    والعواطِف المعقَّمَهْ..

    لا أتحملُ أن أقف ساعاتٍ في طابور الفلاسفَهْ

    لأحصَلَ منكِ على قُبْلَهْ..

    كلُّ هذه الكُتُب التي تحيط بكِ.. أسماكٌ مجلَّدَهْ..

    كل هذه القوارير الكبيرة والصغيرة لا تُخفِضُ حرارتي..

    فارميها جميعاً.. والتجئي إلى أعشاب صدري..

    كَخَرُوفٍ أبيضْ..

    8

    أيّتها السيّدةُ القاسيةُ كناظرة مدرسةٍ داخليَّهْ..

    إعفيني من إرهابكِ الثقافيّْ..

    إن الطفلَ في داخلي، يريدُ أن يلعبَ معكِ..

    فلماذا لَمْلَمْتِ كُرَاتِكِ وانسحبتِ؟

    قد لا أكونُ عادِلاً في لَعِبي معكِ..

    ولكنَّ أطفالَ العالم كلّهم مثلي.. لا يعرفونَ العدالهْ..

    قد تكون سمعتي سيئة في الشارع الذي تسكنينَهْ..

    ولكنني أعِدُكِ لو قبلتِ أن تلعبي معي مرةً ثانيَهْ..

    أنْ أجعلكِ تربحينْ..

    فاربطي شعرَكِ بشريطٍ أزرقْ..

    واضربي الكُرَةَ أنتِ..

    إضربي كُرَتَينِ إذا شئتِ..

    هاجمي أنتِ.. واقتحمي أنتِ..

    واخترقي جسدي أنتِ..

    فليسَ مُهِمّاً أن أربح أنا..

    وليسَ مُهِمّاً ما ستكتُبهُ الصحافةُ عنّي..

    المهمُّ أن تعرفَ الصحافَهْ..

    أن الإمبرياليّةَ قد تكونُ امرأَهْ.......

    ******************************************

    حوار مع امرأة على مشارف الأربعين...
    -------------------------------------------

    1

    ما الذي أستطيع أن أفعلهُ من أَجْلِكْ؟

    أيّتها السيّدة التي بيني وبينها..

    أسرارٌ غيرُ قابلةٍ للنشرْ..

    وذنوبٌ صغيرةٌ غيرُ قابلةٍ للغُفرانْ..

    إنني أفهَمُ جيّداً خلفيّاتِ حُزْنكْ..

    لكنني لا أستطيعُ أن أمنعَ أيَّ انقلابٍ ينفذهُ نَيْسَانْ..

    ضدّ نهديْكِ المتمسِّكينِ بالسُلْطة..

    إلى يوم القيامَه..

    2

    صحيحٌ أنَّ التاريخَ يعيد نفسَه..

    ولكنَّ الأنوثةَ – يا سيدتي- لا تعيدُ نَفْسَها أبداً..

    إنها شرارةٌ لا تقبلُ النسْخَ والتكرارْ..

    هذا ما كنتُ أشرحهُ لكِ، وأنتِ في السادسةَ عشرَهْ..

    يومَ كانت الشمسُ لا تغيبُ عن ممتلكاتِكْ..

    وجيوشُكِ تملأ البحرَ والبرَّ..

    وجَسَدكِ الياسمينيُّ.. يأمُر .. وينهى ..

    ويقول للشيء : كُنْ .. فيكون....

    3

    كيف أستطيعُ أن أُساعدَكِ؟

    أيّتها المرْأةُ التي لم تساعد نَفْسَها..

    ولم تَحْفَظْ خطَّ تراجُعها..

    أيّتها الطاغية الصغيرهْ..

    التي سحقتْ كلَّ معارضيها..

    وأعدَمت كَهَنَتَها وَعَرَّافيها..

    وأغلقت الصُحُفَ.. وسحقَتْ الحرّياتْ

    ورفَعَت تماثيلها في الساحات العامَّهْ..

    ووضعتْ صُوَرَها على طوابع البريدْ..

    هل تتذكَّرِينْ؟

    كمْ كنتِ مجنونةً في السادسةَ عَشْرَهْ

    وكيف كنتِ تتحدَّثينَ.. كملوك فَرَنْسا..

    عن حقّكِ الالهي الذي لا يُنَاقَشْ..

    في قَتْل كلِّ رَجُلٍ..

    يعشقُ امرأةً غيرَكِ من نساء المملكَهْ..

    وقَتْلِ كلِّ امرأةٍ..

    تخرجُ مع رجلٍ يعجبكِ من رجال المملكَهْ...

    4

    ما الذي أستطيع أن أفعلَهْ؟

    لأخفّفَ عنكِ وَجَع الهزيمَهْْ

    ومرارةَ السقوط عن العرشْْ..

    أيّتها السلطانةُ التي فقدتْ سُلْطانَها

    ما الذي أستطيعُ أن أفعلَهْ؟.

    لأحرِّرَكِ من مُرَكَّباتِ العظمة الفارغَهْ..

    وأعيد إلى عينيكِ السوداويْنِ لونَهما الطبيعي..

    وإلى نهديْكِ الأحمقينْ..

    شَعْبِيّتَهما الضائعَهْ!!

    ما الذي أستطيعُُ أن أفعلْ؟

    لأعيدَ جَسَدَكِ حليبيّاً كما كانْ

    ونهدَكِ دائريّاً كما كانْ

    وعِشقي لكِ.. بدائيَّاً.. همجيّاً.. إنتحاريَّاً...

    كما كانْ...

    في سالف الزمانْ!!
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:30 pm

    نزار
    ----------

    مَدْخَل

    إذا تصفّحتِ بوماً يا بنفسجتي

    هذا الكتابَ الذي لا يُشْبِهُ الكُتُبا

    تباركي بحروفي .. كلُّ فاصلةٍ

    كتبتُها عنكِ يوماً.. أصبحت أدبا..

    كتبتُ بالضوء عن عينيكِ. هل أحدٌ

    سوايَ بالضوء عن عينيكِ قد كتبا؟

    وكُنتِ مجهولةً حتى أتيتُ أنا..

    أرمي على صدركِ الأفلاكَ والشُهُبا

    أنا.. أنا.. بانفعالاتي وأخيلتي

    ترابُ نهديكِ قد حوّلتُهُ ذَهَبا...

    ************************************

    أحلَى خَبَر
    --------------------

    كتبتُ (أُحبّكِ) فوقَ جدار القَمَرْ

    (أُحبّكِ جداً)

    كما لا أحبّكِ يوماً بشَرْ

    ألمْ تقرأيها؟

    بخطّ يدي

    فوق سُور القَمَرْ

    وفوق كراسي الحديقةِ..

    فوقَ جذوع الشَجَرْ

    وفوق السنابلِ

    فوق الجداولِ

    فوقَ الثَمَرْ..

    وفوق الكواكب تمسح عنها

    غُبارَ السَفَرْ..

    *

    حفرتُ (أُحبّكِ) فوق عقيق السَحَرْ

    حفرتُ حدودَ السماءِ

    حفرتُ القَدَرْ..

    ألم تُبْصريها؟

    على وَرَقات الزهَرْ

    على الجسر، والنهر، والمنحدرْ

    على صَدَفاتِ البحار

    على قَطَراتِ المطرْ

    ألم تَلْمحيها؟

    على كلّ غصنٍ

    وكل حصاةٍ، وكلّ حجرْ

    *

    كتبتُ على دفتر الشمس

    أحلى خبرْ..

    (أُحبّكِ جداً)

    فليتكِ كنتِ قرأتِ الخبرْ

    **********************************


    صَبَاحُكِ سُكّر
    -------------------------

    إذا مرّ يومٌ. ولم أتذكّرْ

    به أن أقولَ: صباحُكِ سُكّرْ...

    ورحتُ أخطّ كطفلٍ صغير

    كلاماً غريباً على وجه دفترْ

    فلا تَضْجري من ذهولي وصمتي

    ولا تحسبي أنّ شيئاً تغيّرْ

    فحين أنا . لا أقولُ: أحبّ..

    فمعناهُ أني أحبّكِ أكثرْ.

    *

    إذا جئتني ذات يوم بثوبٍ

    كعشب البحيرات.. أخضرَ .. أخضرْ

    وشَعْرُكِ ملقىً على كَتِفيكِ

    كبحرٍ.. كأبعاد ليلٍ مبعثرْ..

    ونهدُكِ.. تحت ارتفاف القميص

    شهيّ.. شهيّ.. كطعنة خنجرْ

    ورحتُ أعبّ دخاني بعمقٍ

    وأرشف حبْر دَواتي وأسكرْ

    فلا تنعتيني بموت الشعور

    ولا تحسبي أنّ قلبي تحجّرْ

    فبالوَهْم أخلقُ منكِ إلهاً

    وأجعلُ نهدكِ.. قطعةَ جوهرْ

    وبالوَهْم.. أزرعُ شعركِ دِفْلى

    وقمحاً.. ولوزاً.. وغابات زعترْ..

    *

    إذا ما جلستِ طويلاً أمامي

    كمملكةٍ من عبيرٍ ومرمرْ..

    وأغمضتُ عن طيّباتكِ عيني

    وأهملتُ شكوى القميص المعطّرْ

    فلا تحسبي أنني لا أراكِ

    فبعضُ المواضيع بالذهن يُبْصَرْ

    ففي الظلّ يغدو لعطرك صوتٌ

    وتصبح أبعادُ عينيكِ أكبر

    أحبّكِ فوقَ المحبّة.. لكنْ

    دعيني أراك كما أتصوّرْ..

    ***********************************

    القصيدَة البحريّة
    --------------------------

    في مرفأ عينيك الأزرقْ

    أمطارٌ من ضوءٍ مسموعْ

    وشموسٌ دائخةٌ.. وقلوعْ

    ترسمُ رحلتها للمُطْلَقْ

    *

    في مرفأ عينيكِ الأزرقْ

    شُبّاكٌ بحريّ مفتوحْ

    وطيورٌ في الأبعاد تلوحْ

    تبحثُ عن جُزُرٍ لم تُخْلَقْ..

    *

    في مرفأ عينيكِ الأزرقْ..

    يتساقط ثلجٌ في تمّوزْ

    ومراكبُ حبلى بالفيروزْ

    أغرقتِ البحرَ ولم تغرقْ..

    *

    في مرفأ عينيكِ الأزرقْ

    أركضُ كالطفل على الصَخْرِ

    أستنشقُ رائحةَ البحرِ..

    وأعودُ كعصفورٍ مُرْهَقْ..

    *

    في مرفأ عينيكِ الأزرقْ..

    أحلم بالبحر وبالابحارْ

    وأصيدُ ملايينَ الأقمارْ

    وعُقودَ اللؤلؤ والزنبقْ

    *

    في مرفأ عينيكِ الأزرقْ

    تتكلّمُ في الليل الأحجارْ..

    في دفتر عينيكِ المُغْلقْ

    مَنْ خبّأ آلافَ الأشعارْ؟

    *

    لو أنّي.. لو أنّي.. بحّار

    لو أحدٌ يمنحني زورقْ..

    أرسيتُ قلوعي كلَّ مساءْ

    في مرفأ عينيك الأزرقْ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:33 pm

    الحَسْناءُ والدّفْتر
    -------------------------

    قالتْ: أتسمحُ أن تُزيّنَ دفتري

    بعبارة، أو بيتِ شعرٍ واحدِ..

    بيتٍ أخبّئهُ بليل ضفائري

    وأريحُهُ كالطفل فوق وسائدي

    قُلْ ما تشاءُ، فإنّ شِعْركَ شاعري

    أغلى وأروعُ من جميع قلائدي

    ذاتَ المفكّرة الصغيرة.. أعذري

    ما عاد ماردكِ القديمُ بماردِ

    من أينَ؟ أحلى القارئات أتيتِني

    أنا لستُ أكثرَ من سراجٍ خامدِ..

    أشعاري الأولى. أنا أحرقتُها

    ورميتُ كلّ مزاهري وموائدي..

    أنتِ الربيعُ.. بدفئه وشموسه

    ماذا سأصنعُ بالربيع العائدِ؟.

    لا تبحثي عني خِلالَ كتابتي..

    شَتّانَ ما بيني وبين قصائدي..

    أنا أهدمُ الدنيا ببيتٍ شاردٍ

    وأعمّرُ الدنيا ببيتٍ شاردِ..

    بيدي صنعتُ جمالَ كلّ جميلةٍ

    وأثرتُ نَخْوَةَ كلّ نهدٍ ناهدِ

    أشعلتُ في حطب النجوم حرائقاً

    وأنا أمامكِ كالجدارِ الباردِ..

    كُتُبي التي أحببتِها وقرأتِها

    ليستْ سوى ورقٍ.. وحبرٍ جامدِ

    لا تُخدعي ببروقِها ورعُودها

    فالنار ميّتةٌ بجوف مواقدي

    سيفي أنا خشبٌ.. فلا تتعجّبي

    إنْ لم يضمّكِ، يا جميلةُ، ساعدي.

    إني أحاربُ بالحروف وبالرؤى

    ومن الدخان صنعتُ كلّ مشاهدي

    شيّدتُ للحبّ الأنيق معابداً

    وسقطتُ مقتولاً .. أمام معابدي..

    *

    قَزَحيّةَ العينين.. تلك حقيقتي..

    هل بعد هذا تقرأينَ قصائدي؟

    ***********************************

    بعدَ العَاصِفَة
    -------------------

    أتُحبّني . بعد الذي كانا؟

    إني أحبّكِ رغم ما كانا

    ماضيكِ. لا أنوي إثارتَهُ

    حسبي بأنّكِ ها هُنا الآنا..

    تَتَبسّمينَ.. وتُمْسكين يدي

    فيعود شكّي فيكِ إيمانا..

    عن أمسِ . لا تتكلّمي أبداً..

    وتألّقي شَعْراً.. وأجفانا

    أخطاؤكِ الصُغرى.. أمرّ بها

    وأحوّلُ الأشواكَ ريحانا..

    لولا المحبّةُ في جوانحه

    ما أصبحَ الإنسانُ إنسانا..

    *

    عامٌ مضى. وبقيتِ غاليةً

    لا هُنْتِ أنتِ ولا الهوى هانا..

    إني أحبّكِ . كيف يمكنني؟

    أن أشعلَ التاريخَ نيرانا

    وبه معابدُنا، جرائدُنا،

    أقداحُ قهوتِنا، زوايانا

    طفليْنِ كُنّا.. في تصرّفنا

    وغرورِنا، وضلالِ دعوانا

    كَلماتُنا الرعْناءُ .. مضحكةٌ

    ما كان أغباها.. وأغبانا

    فَلَكَمْ ذهبتِ وأنتِ غاضبةٌ

    ولكّمْ قسوتُ عليكِ أحيانا..

    ولربّما انقطعتْ رسائلُنا

    ولربّما انقطعتْ هدايانا..

    مهما غَلَوْنا في عداوتنا

    فالحبُّ أكبرُ من خطايانا..

    *

    عيناكِ نَيْسَانانِ.. كيف أنا

    أغتالُ في عينيكِ نَيْسَانا؟

    قدرُ علينا أن نكون معاً

    يا حلوتي. رغم الذي كانا..

    إنّ الحديقةَ لا خيارَ لها

    إنْ أطلعتْ ورقاً وأغصانا..

    هذا الهوى ضوءٌ بداخلنا

    ورفيقُنا.. ورفيقُ نجوانا

    طفلٌ نداريهِ ونعبُدُهُ

    مهما بكى معنا.. وأبكانا..

    أحزانُنا منهُ.. ونسألهُ

    لو زادنا دمعاً.. وأحزانا..

    *

    هاتي يديْكِ.. فأنتِ زنبقتي

    وحبيبتي. رغم الذي كانا..

    *******************************

    إلى تلميذة
    --------------------

    قُلْ لي – ولو كذباً – كلاماً ناعماً

    قد كادً يقتُلُني بك التمثالُ

    مازلتِ في فن المحبة .. طفلةً

    بيني وبينك أبحر وجبالُ

    لم تستطيعي ، بَعْدُ ، أن تَتَفهَّمي

    أن الرجال جميعهم أطفالُ

    إنِّي لأرفضُ أن أكونَ مهرجاً

    قزماً .. على كلماته يحتالُ

    فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً

    فالصمتُ في حَرَم الجمال جمالُ

    كَلِماتُنا في الحُبِّ .. تقتلُ حُبَّنَا

    إن الحروف تموت حين تقال..

    قصص الهوى قد أفسدتك .. فكلها

    غيبوبةُ .. وخُرافةٌ .. وخَيَالُ

    الحب ليس روايةً شرقيةً

    بختامها يتزوَّجُ الأبطالُ

    لكنه الإبحار دون سفينةٍ

    وشعورنا ان الوصول محال

    هُوَ أن تَظَلَّ على الأصابع رِعْشَةٌ

    وعلى الشفاهْ المطبقات سُؤالُ

    هو جدول الأحزان في أعماقنا

    تنمو كروم حوله .. وغلالُ..

    هُوَ هذه الأزماتُ تسحقُنا معاً ..

    فنموت نحن .. وتزهر الآمال

    هُوَ أن نَثُورَ لأيِّ شيءٍ تافهٍ

    هو يأسنا .. هو شكنا القتالُ

    هو هذه الكف التي تغتالنا

    ونُقَبِّلُ الكَفَّ التي تَغْتالُ

    *

    لا تجرحي التمثال في إحساسهِ

    فلكم بكى في صمته .. تمثالُ

    قد يُطْلِعُ الحَجَرُ الصغيرُ براعماً

    وتسيل منه جداولٌ وظلالُ

    إني أُحِبُّكِ من خلال كآبتي

    وجهاً كوجه الله ليس يطالُ

    حسبي وحسبك .. أن تظلي دائماً

    سِراً يُمزِّقني .. وليسَ يُقالُ ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:35 pm

    يوميات قرصَان
    -----------------------

    عزيزتي،

    إذا رجعتُ لحظةً لنفسي

    أشعر أن حبنا جريمَهْ..

    وأنني مهرجٌ عجوزْ

    يقذفه الجمهور بالصفير والشتيمَهْ

    أشعر أني سارقٌ

    يسطو على لؤلؤةٍ كريمَهْ

    أشعر في قرارتي

    أن العبارات التي ألفظُها

    جريمَهْ..

    أن انتصاراتي التي أزعمها

    ليست سوى هزيمَهْ

    فما أنا

    أكثر من جريدةٍ قديمَهْ..

    وأنتِ مازلتِ..

    تحتاجينَ للأمومَهْ..

    إذا رجعتُ لحظةً لنفسي.

    أدركُ يا عزيزتي

    تفاهةَ انتصاري

    أشعرُ أن حبّنا

    تجربةُ انتحارِ..

    وأننا..

    ننكش كالأطفال في هياكل المحارِ..

    أشعر أن ضحكتي..

    نوعٌ من القمارِ..

    وقبلتي..

    نوعٌ من القمارِ..

    أشعر أن نهدكِ المزروعَ في جواري..

    كخنجرٍ مفضّضٍ..

    ككوكبٍ مَداري

    يشتمني..

    يجلدني..

    يُشعرني بعاري..

    *

    إذا رجعتُ لحظةً لنفسي

    أشعر أن حبّنا

    حماقةٌ كبيرَهْ..

    وأنني حاوٍ من الحواةْ..

    يُخرج من جيوبه الأرانبَ المثيرَهْ..

    وأنني كتاجر الرقيقْ..

    يبيع كلَّ امرأةٍ ضميرَهْ..

    أشعر في قرارتي

    أن يدي في يدك الصغيرهْ..

    قرصنةٌ حقيرهْ..

    أن يدي..

    كخيط عنكبوتٍ

    تلتفُّ حول الخصر والضفيرَه..

    أشعر في قرارتي

    أنكِ، بعدُ نعجةٌ غريرَهْ

    أما أنا.. فمركبٌ عتيقٌ

    يواجهُ الدقائقَ الأخيرَهْ..

    ********************************

    حصَان
    ------------

    حاذري أن تقعي بين يديّا

    إنَّ سُمّي كلّه في شفتيّا

    إنني أرفضُ أن أبقى هُنا

    رِجْلَ كرسي.. وتمثالاً غبياً..

    حاذري..أن ترفعي السَوْطَ.. ألمْ

    تركبي قَبْلُ.. حصاناً عربيّا..

    نَخْزَةٌ منكِ على خاصرتي

    تجعلُ الحقدَ بصدري بربريا..

    أنا شمشونُ .. اذا أوجعتني

    قلتُ: يا ربي، عليها.. وعليّا..

    ********************************

    ثمن قصَائدي
    -----------------

    "لقد أحبّتْ شاعرا"

    وتمضغُ النساءُ في المدينة القديمَهْ..

    قِصّتنا العظيمَهْ..

    ويرفعُ الرجالُ في الهواءْ

    قَبَضاتِهم.. وتُشْحَذُ الفؤوسْ..

    وتُقْرع الكؤوسُ بالكؤوسْ..

    كأنها .. كأنها جريمَهْ..

    بأن تحبّي شاعرا...

    فَرَاشي..

    يا ليتَ باستطاعتي

    أن لا أكونَ شاعرا..

    يا ليتني..

    أقدرُ أن أكونَ شيئاً آخرا

    مرابياً، أو سارقاً..

    أو قاتلاً..

    أو تاجراً..

    يا ليتني أكونُ يا صديقتي الحزينهْ..

    لصّاً على سفينَهْ..

    فربّما تقبلُني المدينَهْ..

    مدينةُ القصديرِ والصفيحِ، والحجَرْ.

    تلكَ التي سماؤها لا تعرفُ المطرْ..

    وخبزُها اليوميّ..

    حقدٌ وضجَرْ..

    تلكَ التي .. تطاردُ الحرفَ..

    وتغتالُ القمَرْ..

    يا ليتَ باستطاعتي..

    يا نجمتي،

    يا كرمتي،

    يا غابتي،

    أن لا أكون شاعرا..

    لكنما الشعرُ قدَرْ..

    فكيفَ، يا لؤلؤتي وراحتي..

    أهربُ من ها القدَرْ؟.

    *

    الناسُ في بلادنا السعيدَهْ..

    لا يفهمونَ الشاعرا..

    يرونه مهرّجاً يحرك المشاعرا..

    يَرَوْنَ قرصاناً به

    يقتنصُ الكنوزَ.. والنساءَ.. والحرائرا

    يرون فيه ساحرا..

    يحوّل النحاسَ في دقيقةٍ

    إلى ذهبْْ..

    ما أصعبَ الأدبْ!

    فالشعرُ لا يُقرأ في بلادنا لذاتهِ..

    لجرْسِهِ..

    أو عمقهِ..

    أو محتوى لَفْظاتِهِ..

    فكلُّ ما يهمنّا..

    من شعرِ هذا الشاعرِ..

    ما عَدَدُ النساءِ في حياتهِ؟

    وهل لهُ صديقةٌ جديدَهْ؟

    فالناسُ..

    يقرأون في بلادنا القصيدَهْ..

    ويذبحونَ صاحبَ القصيدَه..

    أعطيتُ هذا الشرقَ من قصائدي بيادرا

    علّقتُ في سمائه.. النجومَ والجواهرا

    ملأتُ يا حبيبتي..

    بحبّه الدفاترا..

    ورغم ما كتبتُهُ..

    ورغم ما نشرتُهُ

    ترفضني المدينةُ الكئيبَهْ..

    تلك التي سماؤها لا تعرف المطَرْ..

    وخبزُها اليوميُّ.. حقدٌ وضجَرْ..

    ترفضني المدينةُ الرهيبَهْ..

    لأنني .. بالشِعْر يا حبيبَهْ

    غيّرتُ تاريخَ القَمَرْ..




    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:37 pm

    مرثاةُ قِطّة
    ---------------------

    عرفتُكِ من عامين.. ينبوعَ طيبةٍ

    ووجهاً بسيطاً كان وجهي المُفَضّلا..

    وعينينِ أنقى من مياه غمامةٍ

    وشَعْراً طفوليّ الضفائر مُرْسَلا

    وقلباً كأضواء القناديل صافياً

    وحُبّاً، كأفراخ العصافير، أوّلا..

    أصابعُكِ الملساءُ كانتْ مناجما

    أُلملمُ عنها لؤلؤاً وقرنفلا..

    وأثوابُكِ البيضاء كانت حمائماً

    ترشرش ثلجاً – حيث طارتْ- ومخملا

    *

    عرفتُكِ صوتاً ليس يُسْمعُ صوتُهُ

    وثغراً خجولاً كان يخشى المُقبِّلا..

    فأين مضتْ تلك العذوبةُ كلُّها..

    وكيف مضى الماضي.. وكيف تبدَّلا؟.

    توحّشتِ.. حتى صرتِ قِطّةَ شارعٍ

    وكنتِ على صدري تحومين بُلبلا..

    فلا وجهك الوجه الذي قد عبدتُهُ

    ولا حسنك الحسن الذي كان مُنْزَلا..

    وداعتُك الأولى استحالتْ رعونةً

    وزينتكِ الأولى استحالتْ تبذلا..

    أيمكن أن تغدو المليكةُ هكذا؟

    طلاءً بدائياً.. وجفناً مكحّلا...

    أيمكن أن يغتالَ حسنُكِ نفسَهُ

    وأن تصبح الخمرُ الكريمةُ حنظلا..

    يروّعني أن تصبحي غجريةً

    تنوء يداها بالأساور والحُلى..

    تجولينَ في ليل الأزقة.. هرةً

    وجوديةً.. ليستْ تثير التخيّلا..

    *

    سلامٌ على من كُنْتِها.. يا صديقتي

    فقد كنتِ أيامَ البساطةِ أجملا..

    ***********************************
    المجدُ للضفائر الطويلة
    -------------------------------

    .. وكان في بغداد يا حبيبتي، في سالف الزمانْ

    خليفةٌ لهُ ابنةٌ جميلَهْ..

    عيونُها.

    طَيْرانِ أخضرانْ..

    وشَعْرها قصيدةٌ طويلَهْ..

    سعى لها الملوكُ والقياصرَه..

    وقدّموا مَهْراً لها..

    قوافلَ العبيد والذهبْ

    وقدّموا تيجانَهُم

    على صحافٍ من ذهبْ..

    ومن بلاد الهند جاءها أميرْ..

    ومن بلاد الصين جاءها الحريرْ..

    لكنما الأميرةُ الجميلَهْ

    لم تقبلِ الملوكَ والقصورَ والجواهرا..

    كانت تحبّ شاعرا..

    يلقي على شُرفتِها

    كلَّ مساءٍ وردةً جميلَهْ

    وكِلْمةً جميلَهْ..

    تقولُ شهرزادْ:

    .. وانتقم الخليفةُ السفّاحُ من ضفائر الأميرَهْ

    فقصّها..

    ضفيرةً.. ضفيرَهْ..

    وأعلنتْ بغدادُ – يا حبيبتي- الحدادْ

    عامينِ..

    أعلنتْ بغدادُ – يا حبيبتي – الحدادْ

    حُزْناً على السنابل الصفراء كالذهَبْ

    وجاعت البلادْ..

    فلم تعُد تهتزّ في البيادرِ

    سنبلةٌ واحدةٌ..

    أو حبّةٌ من العنبْ..

    وأعلنَ الخليفةُ الحقودْ

    هذا الذي أفكاره من الخشبْ

    وقلبهُ من الخشبْ

    عن ألف دينارٍ لمن يأتي برأس الشاعرِ.

    وأطلقَ الجنودْ..

    ليحرقوا..

    جميعَ ما في القصر من ورودْ..

    وكلّ ما في مُدُنِ العراقِ من ضفائرِ.

    *

    سيمسحُ الزمانُ، يا حبيبتي..

    خليفةَ الزمانْ..

    وتنتهي حياتُهُ

    كأيّ بهلوانْ..

    فالمجدُ .. يا أميرتي الجميلَهْ..

    يا مَنْ بعينها، غفا طيرانِ أخضَرانْ

    يظلّ للضفائر الطويلَهْ..

    والكِلْمةِ الجميلَهْ..

    *********************************

    بَريدهَا الذي لا يَأتي
    --------------------------------

    تلكَ الخطاباتُ الكسولةُ بيننا

    خيرٌ لها.. خيرٌ لها.. أن تُقْطَعَا

    إنْ كانت الكلماتُ عندكِ سُخْرَةً

    لا تكتبي. فالحبّ ليس تبرّعا

    أنا أرفضُ الاحسانَ من يد خالقي

    قد يأخذ الاحسانُ شكلاً مُفْجِعا

    إني لأقرأ ما كتبتِ فلا أرى

    إلاّ البرودةَ .. والصقيعَ المفْزِعا..

    عفويةً كوني. وإلاّ فاسكتي

    فلقد مللتُ حديثَكِ المتميّعا

    *

    حَجَريّةَ الإحساس .. لن تتغيّري

    إني أخاطبُ ميّتاً لن يَسمعا

    ما أسخفَ الأعذارَ تبتدعينها

    لو كان يمكنني بها أن أقنعا

    سنةٌ مضتْ. وأنا وراء ستائري

    أستنظر الصيفَ الذي لن يرجعا..

    كلُّ الذي عندي رسائلُ أربعٌ

    بقيتْ – كما جاءت- رسائلَ أربعا.

    هذا بريدٌ. أم فتاتُ عواطفٍ

    إني خُدعتُ. ولن أعودَ فأُخدعا.

    *

    يا أكسل امرأةٍ .. تخطّ رسالةً

    يا أيتها الوهمُ الذي ما أشبَعَا..

    أنا من هواكِ .. ومن بريدكِ مُتْعبٌ

    وأريدُ أن أنسى عذابكما معا..

    لا تُتْعبي يدَكِ الرقيقةَ. إنني

    أخشى على البللور أن يتوجعا..

    إني أريحُكِ من عناء رسائلٍ..

    كانتْ نفاقاً كلُّها.. وتصنّعا

    الحرفُ في قلبي نزيفٌ دائمٌ

    والحرفُ عندكِ.. ما تعدّى الإصبعا.




    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:39 pm

    تريدين..
    --------------------

    تُريدينَ مثلَ جميعِ النساءِ..

    كنوزَ سليمانَ..

    مثلَ جميع النساءِ

    وأحواض عطرٍ

    وأمشاط عاجٍ

    وسرْبَ إماءِ

    تُريدينَ مَوْلى..

    يُسبّح باسمك كالبَبَغاءِ

    يقولُ: (أحبّكِ) عند الصباحِ

    يقولُ: (أحبّكِ) عند المساءِ

    ويغسلُ بالخمر رجليْكِ..

    يا شهرزادَ النساءِ..

    تريدينَ مثل جميع النساءِ

    تريدينَ مني نجومَ السماءِ

    وأطباقَ مَنٍّ..

    وأطباقَ سلوى..

    وخُفّينِ من زَهر الكستناءِ..

    تريدينَ..

    من شَنغَهَاي الحريرَ..

    ومن أصفهانَ

    جلودَ الفراءِ..

    ولستُ نبياً من الأنبياءِ..

    لألقي عصايَ..

    فينشقّ بحرٌ..

    ويولدُ حِجَارته من ضياءِ..

    تريدينَ مثلَ جميع النساءِ..

    مراوحَ ريشٍ

    وكُحلاً..

    وعطرا..

    تريدينَ عبداً شديدَ الغباءِ

    ليقرأ عند سريركِ شعرا.

    تريدينَ..

    في لحظتينِ اثْنَتيْنِ

    بَلاطَ الرشيدِ

    وإيوانَ كِسرى..

    وقافلةً من عبيد وأسرى

    تجرّ ذيولكِ..

    يا كلْيوبترا...

    ولستُ أنا..

    سندبادَ الفضاءِ..

    لأحضر بابلَ بين يديكِ

    وأهرامَ مصرٍ..

    وإيوانَ كسْرى

    وليس لديّ سراجُ علاءِ

    لآتيكِ بالشمسِ فوقَ إناءِ..

    كما تتمنى.. جميعُ النساءِ..

    وبعدُ..

    أيا شهرزادَ النساءِ..

    أنا عاملٌ من دمشقَ .. فقيرٌ

    رغيفي أغمّسه بالدماءِ..

    شعوري بسيط

    وأجري بسيطٌ

    وأؤمنُ بالخبز والأولياءِ..

    وأحلم بالحبّ كالآخرينْ..

    وزوجٍ تخيطُ ثقوبَ ردائي..

    وطفلٍ ينامُ على ركبتيَّ

    كعصفور حقلٍ

    كزهرةِ ماءِ..

    أفكر بالحب كالآخرينْ..

    لأن المحبة مثل الهواءِ..

    لأن المحبة شمسٌ تضيء..

    على الحالمينَ وراء القصورِ..

    على الكادحينَ..

    على الأشقياءِ..

    ومن يملكونَ سريرَ حريرٍ

    ومن يملكونَ سريرَ بُكاءِ..

    تريدينَ مثلَ جميع النساءِ..

    تريدينَ ثامنةَ المعجزاتِ..

    وليس لديَّ..

    سوى كبريائي..

    ***********************************
    لا تحِبّيني
    ----------------------

    هذا الهوى..

    ما عادَ يُغريني!

    فَلْتستريحي.. ولْترُيحيني..

    إنْ كان حبّكِ.. في تقلّبهِ

    ما قد رأيتُ..

    فلا تُحبّيني..

    حُبّي..

    هو الدنيا بأجمعها

    أما هواكِ. فليس يعنيني..

    أحزانيَ الصغْرى.. تعانقني.

    وتزورني..

    إنْ لم تزوريني.

    ما همّني..

    ما تشعرينَ به..

    إن إفتكاري فيكِ يكفيني..

    فالحبّ.

    وهمٌ في خواطرنا

    كالعطر، في بال البساتينِ..

    عيناكِ.

    من حُزْني خلقتُهُما

    ما أنتِ؟

    ما عيناكِ؟ من دُوني

    فمُكِ الصغيرُ..

    أدرتُهُ بيدي..

    وزرعتُهُ أزهارَ ليمونِ..

    حتى جمالُكِ.

    ليس يُذْهلني

    إن غابَ من حينٍ إلى حينِ..

    فالشوقُ يفتحُ ألفَ نافذةٍ

    خضراءَ..

    عن عينيكِ تُغنْيني

    لا فرقَ عندي. يا معذّبتي

    أحببتِني.

    أم لم تُحبّيني..

    أنتِ استريحي.. من هوايَ أنا..

    لكنْ سألتُكِ..

    لا تُريحيني..

    *****************************

    يجوزُ أن تكوني
    -------------------------

    يجوزُ أن تكوني

    واحدةً من أجمل النساءِ..

    دافئةً..

    كالفحم في مواقد الشتاءِ..

    وَحْشيةً..

    كقطةٍ تموءُ في العَراءِ..

    آمرةً.. ناهيةً

    كالربّ في السماءِ..

    يجوز أن تكوني

    سمراءَ.. إفريقيةَ العيونِ.

    عنيدةً..

    كالفَرَسِ الحَرُونِ..

    عنيفةً..

    كالنارِ، كالزلزالِ، كالجنونِ..

    يجوز أن تكوني..

    جميلةً، ساحقةَ الجمالِ..

    مثيرةً للجلد، للأعصاب، للخيالِ..

    وتُتقنين اللهوَ في مصائر الرجالِ..

    يجوزُ أن تضطجعي أمامي..

    عاريةً..

    كالسيف في الظلام..

    مليسةً كريشة النعامِ..

    نهدُكِ مُهْرٌ أبيضٌ

    يجري..

    بلا سرجٍ ولا لجامِ..

    يجوز أن تبقي هُنا..

    عاماً وبعضَ عام..

    فلا يثيرُ حسنُكِ المدمّرُ اهتمامي..

    كأنما..

    ليست هناك امرأةٌ.. أمامي..

    يجوزُ أن تكوني

    سلطانةَ الزمان والعصور..

    وأن أكون أبلهاً.. معقّد الشعورِ..

    يجوز أن تقولي

    ما شئتِ عن جُبني.. وعن غروري.

    وأنّني .. وأنّني..

    لا أستطيعُ الحُبَّ.. كالخصيانِ في القصورِ

    يجوز أن تهدّدي..

    يجوز أن تعربدي..

    يجوز أن تثوري..

    لكن أنا..

    رغمَ دموع الشمع والحريرِ..

    وعُقْدة (الحريم) في ضميري.

    لا أقبلُ التزويرَ في شعوري..

    يجوزُ أن تكوني

    شفّافةً كأدمع الربابَهْ

    رقيقةً كنجمةٍ،

    عميقةً كغابَهْ..

    لكنني أشعر بالكآبَهْ..

    فالجنسُ – في تصوري-

    حكايةُ انسجامِ..

    كالنحتِ ، كالتصوير، كالكتابَهْ..

    وجسمكُ النقيُّ. كالقشطةِ والرُخَامِ

    لا يُحسن الكتابَهْ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:42 pm

    تعوّد شَعْري عَلَيكْ
    --------------------------

    تعوَّدَ شَعْري الطويلُ عليكْ

    تعوّدتُ أرخيه كلَّ مساءٍ

    سنابلَ قمح على راحتيكْ

    تعوّدتُ أتركه يا حبيبي..

    كنجمة صيفٍ على كتفيكْ..

    فكيف تَمَلّ صداقةَ شَعْري؟

    وشَعْري ترَعْرعَ بين يديكْ.

    ثلاثُ سنينْ..

    ثلاثُ سنينْ..

    تُخدّرني بالشؤون الصغيرَه..

    وتصنع ثوبي كأيّ اميرَهْ..

    من الأرجوانِ..

    من الياسمينْ..

    وتكتبُ إسمَكَ فوق الضفائرْ

    وفوق المصابيح.. فوق الستائرْ

    ثلاثُ سنينْ..

    وأنتَ تردّد في مسمعيّا..

    كلاماً حنوناً.. كلاماً شهيّا..

    وتزرعُ حبّك في رئتيّا..

    وها أنتَ.. بعد ثلاث سنينْ..

    تبيعُ الهوى.. وتبيعُ الحنينْ

    وتترك شَعْري..

    شقيّاً.. شقيّا..

    كطيرٍ جريحٍ.. على كتفيّا

    *

    حبيبي!

    أخافُ اعتيادَ المرايا عليكْ..

    وعطري. وزينةِ وجهي عليكْ..

    أخافُ اهتمامي بشكل يديكْ..

    أخافُ اعتيادَ شفاهي..

    مع السنواتِ، على شفتيكْ

    أخافُ أموتُ

    أخافُ أذوبُ

    كقطعة شمعٍ على ساعديْك..

    فكيف ستنسى الحريرَ؟

    وتنسى..

    صلاةَ الحرير على ركْبتيكْ؟

    *

    لأني أحبّكَ، أصبحت أجمّلْ

    وبعثرتُ شعري على كتفيَّ..

    طويلاً .. طويلاً..

    كما تتخيّلْ..

    فكيفَ تملّ سنابلَ شعري؟

    وتتركه للخريف وترحَلْ

    وكنتَ تريحُ الجبينَ عليه

    وتغزلُهُ باليدينِ فيُغْزَلْ..

    وكيف سأخبر مِشْطي الحزينْ؟

    إذا جاءني عن حنانكِ يسألْ..

    أجبني. ولو مرةً يا حبيبي

    إذا رُحْتَ..

    ماذا بِشَعْري سأفعَلْ؟

    ************************************

    إلاّ مَعي
    ---------------------

    ستذكرينَ دائماً أصابعي..

    لو ألفَ عام عشتِ.. يا عزيزتي

    ستذكرين دائماً

    أصابعي..

    فضاجعي من شئتِ أن تُضاجعي..

    ومارسي الحُبَّ..

    على أرصفةِ الشوارعِ

    نامي مع الحوذيّ، واللوطيّ،

    والإسكافِ.. والمُزَارعِ..

    نامي مع الملوك، واللصوص،

    والنُسَّاكِ في الصوامعِ..

    نامي مع النساءِ – لا فرقَ-

    مع الريح، مع الزوابعِ..

    فلن تكوني امرأةً..

    إلاّ معي..

    إلاّ معي...

    ********************************

    سَاعَة الصِّفر
    --------------------------

    أنتِ لا تُحتملينْ!!

    كلُّ أطواركِ فَوْضى

    كلُّ أفكاركِ طينْ..

    صوتُكِ المبحوحُ وحشيّ، غريزي الرنينْ

    خنجر يأكلُ من لحمي. فلاّ تسكتينْ

    يا صُداعاً عاش في رأسي

    سنيناً.. وسنينْ..

    يا صُداعي.

    كيفَ لم أقتلْكِ من خمس سنينْ؟

    *

    إننا .. في ساعة الصِفْر..

    فما تقترحينْ؟.

    أصبحتْ أعصابُنا فحماً

    فما تقترحينْ؟

    عُلَبُ التبغ رميناها

    وأحرقنا السفينْ

    وقتلنا الحبَّ في أعماقنا

    وهو جنينْ..

    سبعَ ساعاتٍ..

    تكلَّمتِ عن الحبِّ الذي لا تعرفينْ

    وأنا أمضغُ أحزاني

    كعصفورٍ حزين

    سبعَ ساعاتٍ..

    كسنجابٍ لئيم.. تكذبينْ

    وأنا أصغي إلى الصوت الذي أدمنتُهُ

    خمسَ سنينْ..

    ألعنُ الصوتَ الذي أدمنتُهُ

    خمسَ سنينْ..

    *

    معطفي هاتيهِ.

    ما تنتظرينْ؟

    فمع الأمطار والفجر الحزينْ

    أنتهي منكِ. ومني تنتهينْ

    إنني أتركك الآنَ.. لزيف الزائفينْ

    ونفاق المعجبينْ..

    فاجعلي من بيتك الحالم مأوى التافهينْ

    واخطري جاريةً بين كؤوس الشاربينْ

    كيف أبقى؟

    عابراً بين ألوف العابرينْ؟

    كيف أرضى؟

    أن تكوني في ذراعي..

    وذراعي الآخرينْ.

    كيفَ يا مُلكي ومُلْكَ الآخرينْ

    كيف لم أقتُلْكِ

    من خمس سنينْ؟.

    *

    أبْعِدي الوجهَ الذي أكرهُهُ..

    أنتِ عندي

    في عِدَادِ الميتينْ..

    *********************************

    التفكير بالأصابع
    -----------------------------

    ماذا يهمّكِ من أكونُ؟

    حجرٌ..

    كتابٌ..

    غيمةٌ..

    ماذا يهمُّكِ من أكونُ؟.

    خلّيكِ في وهمي الجميلِ..

    فسوفَ يقتلك اليقينُ..

    ماذا يهمُّك من أنا؟

    ما دمتُ أحرثُ كالحصانِ

    على السرير الواسعِ..

    ما دمتُ أزرعُ تحت جلدِكِ

    ألفَ طفلٍ رائعِ..

    ما دمتُ أسكبُ في خليجك

    رَغْوتي وزوابعي..

    ما شأن أفكاري؟

    دعيها جانباً..

    إني أفكّر عادةً بأصابعي...

    ***************************************
    النقاط على الحُروف
    ------------------------------

    لا تكوني عَصَبيَّهْ!!

    لنْ تثيريني بتلك الكلماتِ البربريَّهْ

    ناقشيني بهدوءٍ ورويّهْ

    من بنا كان غبيّاً؟

    يا غبيَّهْ..

    إنزعي عنكِ الثيابَ المسرحيّهْ..

    وأجيبي..

    من بنا كان الجبانا؟.

    من هو المسؤولُ عن موتِ هوانا؟.

    من بنا قد باع للثاني.. القصورَ الورقيّهْ؟

    من هو القاتلُ فينا والضحيّهْ؟.

    من تُرى أصبح منَّا بهلوانا..؟

    بين يوم وعشيّهْ؟

    *

    إمْسَحي دمعَ التماسيحِ..

    وكوني منطقيّهْ..

    أزمةُ الشكّ التي نجتازُها

    ليس تُنهيها الحلولُ العاطفيَّهْ..

    أنتِ نافقتِ كثيرا...

    وتجبّرتِ كثيرا..

    ووضعتِ النارَ في كل الجُسُور الذهبيَّهْ

    أنتِ منذ البدء ، يا سيّدتي

    لم تعيشي الحبَّ يوماً.. كقضيَّهْ

    دائماً. كنت على هامشِهِ..

    نقطةً حائرةً في أبجديَّهْ..

    قشّةً تطفو..

    على وجه المياه الساحليَّهْ.

    كائناً..

    من غير تاريخٍ.. ومن غير هويَّهْ..

    لا تكوني عَصَبيَّهْ!

    كلُّ ما أرغبُ أن أسألَهُ.

    من بنا كان غبيَّاً...

    يا غبيَّهْ؟
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:49 pm

    دمُوع شهريَار
    -----------------------

    ما قيمةُ الحوارِ؟

    ما قيمةُ الحوارِ؟

    ما دمتِ، يا صديقتي، قانعةً

    بأنني وريثُ شهريارِ..

    أذبحُ، كالدجاجِ، كلَّ ليلةٍ

    ألفاً من الجواري..

    أدحرجُ النهودَ كالثمارِ..

    أذيبُ في الأحماض.. كلَّ امرأةٍ

    تنامُ في جواري..

    لا أحد يفهمني..

    لا أحدٌ يفهمُ ما مأساةُ شهريارِ

    حين يصير الجنْسُ في حياتنا

    نوعاً من الفرارِ..

    مخدّراً نشمّهُ في الليل والنهارِ..

    ضريبةً ندفعُها

    بغير ما اختيارِ..

    حين يصير نهدُكِ المعجونُ بالبهارِ

    مقصلتي..

    وصخرةَ انتحاري..

    صديقتي،

    مللتُ من تجارة الجواري..

    مللتُ من مراكبي

    مللتُ من بحاري..

    لو تعرفين مرةً..

    بشاعةَ الإحساسِ بالدُوارِ..

    حين يعود المرءُ من حريمِهِ

    منكمشاً كدودة المحارِ..

    وتافهاً كذرّةِ الغبارِ..

    حين الشفاهُ كلُّها..

    تصير من وفرتها

    كالشوك في البراري..

    حين النهودُ كلُّها..

    تدقّ في رتابةٍ

    كساعة الجدارِ...

    *

    لن تفهميني أبداً..

    لن تفهمي أحزانَ شهريارِ..

    فحين ألفُ امرأةٍ..

    ينمنَ في جواري..

    أُحسّ أنْ لا أحدٌ..

    ينامُ في جواري...

    *******************************

    إمرأة من زجاج
    ------------------------------

    عيناكِ.. كلُّهما تحدّي

    ولقد قبلتُ أنا التحدّي!!

    يا أجبنَ الجبناء.. إقتربي

    فبرقُكِ دون رعدِ

    هاتي سلاحَكِ.. واضربي

    سَتَريْنَ كيف يكون ردّي..

    إنْ كان حقدُكِ قطرةً

    فالحقدُ كالطوفان عندي

    أنا لستُ أغفر كالمسيحِ

    ولن أُديرَ إليكِ خدّي

    السَوْطُ.. أصبحَ في يدي

    فتمزَّقي بسياط حقدي

    *

    يا آخر امرأةٍ.. تحاولُ

    أن تسدَّ طريقَ مجدي

    جدرانُ بيتكِ من زجاجٍ

    فاحذري أن تستبدّي!

    سنرى غداً .. سنرى غداً

    من أنتِ بعد ذُبُول وردي

    *

    أتهدِّدينَ بحبِّك الثاني..

    وزندٍ غير زندي؟

    إني لأعرفُ، يا رخيصةُ،

    أنَّني ما عدتُ وحدي..

    هذا الذي يسعى إليكِ الآنَ...

    لا أرضاهُ عَبْدي..

    فليَمْضغِ النهدَ الذي

    خلّفتُهُ أنقاضَ نهدِ..

    يكفيه ذُلاًّ ... أنّه

    قد جاءَ ماءَ البئر.. بعدي

    ************************************

    ديك الجنّ الدِمَشقي
    --------------------------

    إنّي قتلتُكِ.. واسترحتُ

    يا أرخصَ امرأةً عرفتُ..

    أغمدتُ في نهدَيْكِ.. سِكِّيني

    وفي دمكِ اغتسلتُ..

    وأكلتُ من شفة الجراحِ

    ومِنْ سُلافتها شربتُ..

    وطعنتُ حبَّكِ في الوريدِ..

    طعنتُهُ.. حتى شبعتُ

    ولُفافتي بفمي.. فلا انفعلَ

    الدخانُ.. ولا انفعلتُ

    ورميتُ للأسماكِ.. لحمَكِ

    ولا رحمتُ.. ولا غفرتُ

    لا تستغيثي.. وانزفي

    فوق الوسادة كما نزفتُ

    نفّذتُ فيكِ جريمتي

    ومسحتُ سِكِّيني.. نمتُ..

    ولقد قتلتُكِ عَشْرَ مرّاتٍ

    ولكني.. فشلتُ

    وظننتُ، والسكّينُ تلمعُ

    في يدي، أني انتصرتُ

    وحملتُ جُثتكِ الصغيرةَ

    طيّ أعماقي وسرتُ

    وبحثتُ عن قبر لها..

    تحت الظلام فما وجدتُ

    وهربتُ منكِ.. وراعني

    أني إليكِ.. أنا هربتُ

    في كلِّ زاويةٍ.. أراكِ

    وكلِّ فاصلة كتبتُ

    في الطيب، في غَيْم السجائر،

    في الشراب إذا شربتُ

    أنتِ القتيلةُ.. أم أنا

    حتى بموتكِ.. ما استرحتُ

    *

    حسناءُ.. لم أقتُلْكِ أنتِ..

    وإنما نفسي.. قتلتُ..

    ********************************

    من منكما أحلى؟
    -------------------------

    شِعْري ووجهُكِ.. قطعتا ذَهَبٍ

    وحمامتانِ. وزهرتا دِفْلى..

    ما زلتُ محتاراً.. أمامكما..

    مَنْ منكُما.. مَنْ منكُما أحلى؟

    *************************************

    قبْل.. وبَعْد
    ----------------------

    قصائدي قَبْلَكِ. يا حُلوتي

    كانتْ كلاماً.. مثلَ كلِّ الكلامْ

    وحين أحببتُكِ صار الذي

    أكتبُهُ للناسِ أحلى الكلامْ..

    *********************************
    أخاف
    -----------------

    أخافُ أن أقولَ للتي أُحبُّها

    (أُحبُّها)

    فالخمرُ في جِرارِها

    تخسرُ شيئاً

    عندما نصبُّها..

    *****************************

    مَاذَا سَتفعل؟
    -------------------

    لا تُقبِّلني بعنفٍ..

    زهرةُ الرُمَّانِ ليستْ تتحمّلْ..

    لا تقبّلني..

    فلو ذابَ فمي..

    ماذا ستفعلْ؟

    *******************************

    حَديثُ يَدَيْها
    ---------------------

    قليلاً من الصَمْت..

    يا جاهلَهْ..

    فأجملُ من كلِّ هذا الحديثْ

    حديثُ يديْكِ

    على الطاولَهْ..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:51 pm

    أوراقٌ إسْبَانيّة
    ------------------------

    (1)

    الجسر

    إسبانيا..

    جسرٌ من البكاءْ..

    يمتدُّ بين الأرضِ والسماءْ..

    (2)

    سوناتا

    على صدر قيثارةٍ باكيَهْ

    تموتُ..

    وتولدُ إسبانيَهْ..

    (3)

    الفارسُ والوردة

    إسبانيا..

    مراوحٌ هفهافةٌ

    تمشّطُ الهواءْ..

    وأعينٌ سوداءُ..

    لا بدءٌ لها.. ولا انتهاءْ

    قُبّعةٌ تُرمى أمام شرفة الحبيبَه.

    ووردةٌ رطيبَه..

    تطيرُ من مقصورة النساءْ

    تحملُ في أوراقها الصلاةَ والدعاءْ.

    لفارسٍ من الجنوب.. أحمرِ الرداءْ.

    يداعبُ الفناءْ..

    وكلُّ ما يملُكهُ..

    سيفٌ.. كبرياءْ..

    (4)

    بيتُ العصافير

    بإشبيليهْ

    تعلِّق كلُّ جميلَهْ

    على شَعْرها وردةً قانيَهْ

    تحطُّ عليها مساءً

    جميعُ عصافير إسبانيَهْ

    (5)

    مراوحُ الاسبانيات

    إذا لَمْلَمَ الصيفُ أشياءَهُ

    ومات الربيعُ على الرابيَهْ

    تفتّح ألفُ ربيعٍ جديدٍ

    على ألف مروحةٍ زاهيَه..

    (6)

    اللؤلؤ الأسود

    شوارعُ غرناطة في الظهيرَهْ

    حقولٌ من اللؤلؤ الأسودِ..

    فمِنْ مقعدي..

    أرى وطني في العيون الكبيرَهْ

    أرى مئذناتِ دمشقَ

    مُصوَّرةً..

    فوقَ كلِّ ضفيرَهْ

    (7)

    دونيا ماريا

    تُمزِّقني.. دونيا ماريّهْ

    بعَيْنينِ أوسعَ من باديَهْ

    ووجهٍ عليه شموسُ بلادي

    وروعةُ آفاقها الصاحيَهْ..

    فأذكرُ منزلنا في دمشق

    وَلثْغةَ بِرْكته الصافيَهْ

    ورقْصَ الظلال بقاعاتِه

    وأشجارَ ليمونه العاليَهْ

    وباباً قديماً.. نقشتُ عليه

    بخطّ رديء.. حكاياتيَهْ

    بعينيكِ.. يا دونيا ماريَهْ

    أرى وطني مرةً ثانيَهْ...

    (8)

    القُرط الطموح

    على أُذُنيْ هذه الغانيَهْ

    تأرجح قُرْطٌ رفيعْ

    كما يضحكُ الضوءُ في الآنيَهْ

    يمدُّ يديهِ.. ولا يستطيعْ

    وصولاً.. إلى الكتِفِ العاريَهْ..

    (9)

    الثور

    برغْمِ النزيف الذي يعتريهِ..

    برغمِ السهام الدفينةِ فيهِ..

    يظلُّ القتيلُ على ما به..

    أجلَّ .. وأكبرَ .. من قاتليهِ..

    (10)

    نزيفُ الأنبياء..

    كُوريدَا...

    كُوريدَا...

    ويندفع الثورُ نحو الرداءْ

    قوياً.. عنيداً..

    ويسقُطُ في ساحة الملعب..

    كأيِّ شهيدٍ..

    كأيِّ نبي..

    ولا يتخلى عن الكبرياءْ...

    (11)

    بقايا العرب

    فْلامنكُو..

    فْلامنكُو..

    وتستيقظُ الحانةُ الغافيَهْ

    على قهقهاتِ صنوج الخَشَبْ

    وبحّةِ صوتٍ حزينِ..

    يسيلُ كنافورةٍ من ذهبْ

    وأجلسُ في زاويَهْ

    ألُمُّ دموعي..

    ألُمُّ بقايا العربْ...

    ******************************

    حُبٌ إستثنائي.. لامرأةٍ إستثنائية
    ----------------------------------------

    1

    أكثرُ ما يعذّبني في حُبِّكِ..

    أنني لا أستطيع أن أحبّكِ أكثرْ..

    وأكثرُ ما يضايقني في حواسّي الخمسْ..

    أنها بقيتْ خمساً.. لا أكثَرْ..

    إنَّ امرأةً إستثنائيةً مثلكِ

    تحتاجُ إلى أحاسيسَ إستثنائيَّهْ..

    وأشواقٍ إستثنائيَّهْ..

    ودموعٍ إستثنايَّهْ..

    وديانةٍ رابعَهْ..

    لها تعاليمُها ، وطقوسُها، وجنَّتُها، ونارُها.

    إنَّ امرأةً إستثنائيَّةً مثلكِ..

    تحتاجُ إلى كُتُبٍ تُكْتَبُ لها وحدَها..

    وحزنٍ خاصٍ بها وحدَها..

    وموتٍ خاصٍ بها وحدَها

    وزَمَنٍ بملايين الغُرف..

    تسكنُ فيه وحدها..

    لكنّني واأسفاهْ..

    لا أستطيع أن أعجنَ الثواني

    على شكل خواتمَ أضعُها في أصابعكْ

    فالسنةُ محكومةٌ بشهورها

    والشهورُ محكومةٌ بأسابيعها

    والأسابيعُ محكومةٌ بأيامِها

    وأيّامي محكومةٌ بتعاقب الليل والنهارْ

    في عينيكِ البَنَفسجيتيْنْ...

    2

    أكثرُ ما يعذِّبني في اللغة.. أنّها لا تكفيكِ.

    وأكثرُ ما يضايقني في الكتابة أنها لا تكتُبُكِ..

    أنتِ امرأةٌ صعبهْ..

    كلماتي تلهثُ كالخيول على مرتفعاتكْ..

    ومفرداتي لا تكفي لاجتياز مسافاتك الضوئيَّهْ..

    معكِ لا توجدُ مشكلة..

    إنَّ مشكلتي هي مع الأبجديَّهْ..

    مع ثمانٍ وعشرين حرفاً، لا تكفيني لتغطية بوصة

    واحدةٍ من مساحات أنوثتكْ..

    ولا تكفيني لإقامة صلاة شكرٍ واحدةٍ لوجهك

    الجميلْ...

    إنَّ ما يحزنني في علاقتي معكِ..

    أنكِ امرأةٌ متعدِّدهْ..

    واللغةُ واحِدهْ..

    فماذا تقترحين أن أفعلْ؟

    كي أتصالح مع لغتي..

    وأُزيلَ هذه الغُربَهْ..

    بين الخَزَفِ، وبين الأصابعْ

    بين سطوحكِ المصقولهْ..

    وعَرَباتي المدفونةِ في الثلجْ..

    بين محيط خصركِ..

    وطُموحِ مراكبي..

    لاكتشاف كرويّة الأرضْ..

    3

    ربما كنتِ راضيةً عنِّي..

    لأنني جعلتكِ كالأميرات في كُتُب الأطفالْ

    ورسمتُكِ كالملائكة على سقوف الكنائس..

    ولكني لستُ راضياً عن نفسي..

    فقد كان بإمكاني أن أرسمكِ بطريقة أفضلْ.

    وأوزّعَ الوردَ والذَهَبَ حول إليتيْكِ.. بشكلٍ أفضلْ.

    ولكنَّ الوقت فاجأني.

    وأنا معلَّقٌ بين النحاس.. وبين الحليبْ..

    بين النعاس.. وبين البحرْ..

    بين أظافر الشهوة.. ولحم المرايا..

    بين الخطوط المنحنية.. والخطوط المستقيمهْ..

    ربما كنتِ قانعةً، مثل كلّ النساءْ،

    بأيّة قصيدة حبٍ . تُقال لكِ..

    أما أنا فغير قانعٍ بقناعاتكْ..

    فهناك مئاتٌ من الكلمات تطلب مقابلتي..

    ولا أقابلها..

    وهناك مئاتٌ من القصائدْ..

    تجلس ساعات في غرفة الإنتظار..

    فأعتذر لها..

    إنني لا أبحث عن قصيدةٍ ما..

    لإمرأةٍ ما..

    ولكنني أبحث عن "قصيدتكِ" أنتِ....

    4

    إنني عاتبٌ على جسدي..

    لأنه لم يستطع ارتداءكِ بشكل أفضلْ..

    وعاتبٌ على مسامات جلدي..

    لأنها لم تستطع أن تمتصَّكِ بشكل أفضلْ..

    وعاتبٌ على فمي..

    لأنه لم يلتقط حبّات اللؤلؤ المتناثرة على امتداد

    شواطئكِ بشكلٍ أفضلْ..

    وعاتبٌ على خيالي..

    لأنه لم يتخيَّل كيف يمكن أن تنفجر البروق،

    وأقواسُ قُزَحْ..

    من نهدين لم يحتفلا بعيد ميلادهما الثامنِ عشر..

    بصورة رسميَّهْ...

    ولكن.. ماذا ينفع العتب الآنْ..

    بعد أن أصبحتْ علاقتنا كبرتقالةٍ شاحبة،

    سقطت في البحرْ..

    لقد كان جسدُكِ مليئاً باحتمالات المطرْ..

    وكان ميزانُ الزلازلْ

    تحت سُرّتِكِ المستديرةِ كفم طفلْ..

    يتنبأ باهتزاز الأرضْ..

    ويعطي علامات يوم القيامهْ..

    ولكنني لم أكن ذكياً بما فيه الكفايه..

    لألتقط إشاراتكْ..

    ولم أكن مثقفاً بما فيه الكفايه...

    لأقرأ أفكار الموج والزَبَدْ

    وأسمعَ إيقاعَ دورتكِ الدمويّهْ....

    5

    أكثر ما يعذِّبني في تاريخي معكِ..

    أنني عاملتُكِ على طريقة بيدبا الفيلسوفْ..

    ولم أعاملكِ على طريقة رامبو.. وزوربا..

    وفان كوخ.. وديكِ الجنّ.. وسائر المجانينْ

    عاملتُك كأستاذ جامعيّْ..

    يخاف أن يُحبَّ طالبته الجميلهْ..

    حتى لا يخسَر شرَفَه الأكاديمي..

    لهذا أشعر برغبةٍ طاغية في الإعتذار إليكِ..

    عن جميع أشعار التصوُّف التي أسمعتكِ إياها..

    يوم كنتِ تأتينَ إليَّ..

    مليئةً كالسنبُلهْ..

    وطازجةً كالسمكة الخارجة من البحرْ..

    6

    أعتذر إليكِ..

    بالنيابة عن ابن الفارض، وجلال الدين الرومي،

    ومحي الدين بن عربي..

    عن كلَّ التنظيرات.. والتهويمات.. والرموز..

    والأقنعة التي كنتُ أضعها على وجهي، في

    غرفة الحُبّْ..

    يوم كان المطلوبُ منِّي..

    أن أكونَ قاطعاً كالشفرة

    وهجومياً كفهدٍ إفريقيّْ..

    أشعرُ برغبة في الإعتذار إليكِ..

    عن غبائي الذي لا مثيلَ له..

    وجبني الذي لا مثيل له..

    وعن كل الحكم المأثورة..

    التي كنتُ أحفظها عن ظهر قلبْ..

    وتلوتُها على نهديكِ الصغيريْْنْ..

    فبكيا كطفلينِ معاقبينِ.. وناما دون عشاءْ..

    7

    أعترفُ لكِ يا سيّدتي..

    أنّكِ كنتِ امرأةً إستثنائيَّهْ

    وأنَّ غبائي كان استثنائياً...

    فاسمحي لي أن أتلو أمامكِ فِعْلَ الندامَهْ

    عن كلِّ مواقف الحكمة التي صدرتْ عنِّي..

    فقد تأكّد لي..

    بعدما خسرتُ السباقْ..

    وخسرتُ نقودي..

    وخيولي..

    أن الحكمةَ هي أسوأُ طَبَقٍ نقدِّمهُ..

    لامرأةٍ نحبُّها....
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:54 pm

    في الحُبِّ البحري..
    ------------------------

    مواقفي منكِ، كمواقف البحرْ..

    وذاكرتي مائيّةٌ كذاكرتهْ..

    لا هو يعرف أسماءَ مرافئه..

    ولا أنا أتذكَّّرُ أسماءَ زائراتي

    كلُّ سمكةِ تدخل إلى مياهي الإقليمية، تذوبْ..

    كلُّ امرأةٍ تستحمُّ بدمي، تذوبْ...

    كل نهدٍ، يسقط كالليرة الذهبيّه..

    على رمال جسدي.. يذوبْ..

    فلتكُنْ لكِ حكمةُ السُفُن الفينيقيّهْ

    وواقعيَّةُ المرافئ التي لا تتزوّج أحدا...

    2

    كلَّما شمَّ البحرُ رائحةَ جسمكِ الحليبيّْ

    صَهَلَ كحصانٍ أزرقْ

    وشاركتُهُ الصهيلْ..

    هكذا خلقني الله...

    رَجُلاً على صورة بحرْ

    بحراً على صورة رجُلْ

    فلا تناقشيني بمنطق زارعي العِنَب والحِنطَهْْ..

    ودكاترة الطبّ النفسيّْ..

    بل ناقشيني بمنطق البحرْ

    حيث الأزرقُ يُلغي الأزرقْ

    والأشرعةُ تُلغي الأُفُقْ..

    والقبْلَةُ تُلغي الشَفَه..

    والقصيدةُ تُلغي ورقةَ الكتابَهْ...

    3

    إحساسي بكِ متناقضٌ، كإحساس البحرْ

    ففي النهار، أغمركِ بمياه حناني

    وأُغطِّيكِ بالغيم الأبيض، وأجنحة الحمائمْ

    وفي الليل..

    أجتاحكِ كقبيلةٍ من البرابرهْ..

    لا أستطيع، أيتها المرأة ، أن أكونَ بحراً محايداً..

    ولا تستطيعين أن تكوني سفينةً من ورقْ..

    لا أنتِ انديرا غاندي

    ولا أنا مقتنعٌ بجدوى الحياد الإيجابي

    ففي الحبّ.. لا تُوجد مصالحاتٌ نهائيّهْ..

    بين الطوفان، وبين المدن المفتوحَهْ..

    بين الصواعق، ورؤوس الشَجَرْ

    بين الطعنة، وبين الجرحْ

    بين أصابعي، وبين شَعْرِكْ

    بين قصائد الحبّ.. وسيوفِ قُرَيشْ

    بين ليبراليّة نهديكِ..

    وتحالفِ أحزاب اليمينْ!!..

    4

    أيتُّها الخارجةُ من خرائط العَطَش والغبارْ..

    تخلّصي من عاداتكِ البَرِيَّهْ..

    فالعواصفُ الَبرِيَّة تعبّر عن نفسها..

    بإيقاع واحدٍ.. ووتيرةٍ واحدة..

    أما الحبُّ في البحر.. فمختلفٌ.. مختلفٌ ..

    مختلفْ..

    فهو غيرُ خاضع لجاذبيّة الأرض..

    وغيرُ ملتزم بالفصول الزراعيّه..

    وغيرُ ملتزم بقواعد الحبِّ العربيّْ

    حيثُ أجسادُ الرجال تنفجر من التُخْمَهْ..

    ونهودُ النساء تتثاءبُ من البطالهْ..

    5

    أدخلي بحري كسيفٍ من النحاس المصقولْ

    ولا تقرأي نَشَرات الطقسْ

    ونُبوءات مصلحة الأرصاد الجويَّهْ

    فهي لا تعرفُ شيئاً عن مزاج سَمَك القِرْشْ

    ولا تعرفُ شيئاً عن مزاجي..

    لا أريدُ أن أعطيكِ ضماناتٍ كاذبَهْ

    ولا أرغب أن أشتغلَ حارساً لجواهر التاجْ

    إنَّ نهديكِ لا يدخلان في حدود مسؤولياتي

    فأنا لا أستطيع أن أضمنَ مستقبلهما..

    كما لا يستطيعُ البَرْقُ أن يضمنَ مستقبلً غابَهْ..

    6

    لماذا تبحثينَ عن الثباتْْ؟

    حين يكونُ بوسعنا أن نحتفظَ بعلاقاتنا البحريَّهْ

    تلكَ التي تتراوحُ بين المدّ .. والجَزْرْ

    بين التراجع والاقتحامْ

    بين الحنان الشامل، والدمار الشاملْ..

    لماذا تبحثين عن الثباتْ؟

    فالسمكةُ أرقى من الشجرَهْ..

    والسنجابُ .. أهمُّ من الغصنْ..

    والسحابة.. أهمّ من نيويوركْ..

    7

    أريدكِ أن تتكلّمي لغةَ البحرْ..

    أريدكِ أن تلعبي معهْ..

    وتتقلَّبي على الرمل معهْ..

    وتمارسي الحبَّ معهْ..

    فالبحرُ هو سيِّد التعدُّد.. والإخصاب.. والتحوّلاتْ..

    وأنوثتُكِ هي امتدادٌ طبيعي له..

    نامي مع البحر، يا سيدتي..

    فليس من مصلحتكِ أن تكوني من فصيلة الشجرْ..

    ولا من مصلحتي أن أُحوّلكِ إلى جريدةٍ مقروءهْ

    أو إلى ربطة عُنُقٍ معلَّقةٍ في خزانتي

    منذُ أن كنتُ طالباً في الجامعهْ..

    ليس من مصلحتكِ أن تتزوجيني..

    ولا من مصلحتي أن أكون حاجباً على باب المحكمة

    الشرعيَّهْ..

    أتقاضى الرَشَواتِ من الداخلينْ

    وأتقاضى اللَعَناتِ من الخارجينْ..

    8

    أنا بحرُكِ يا سيّدتي..

    فلا تسأليني عن تفاصيل الرحلة..

    ووقتِ الإقلاع والوصولْ..

    كلُّ ما هو مطلوبٌ منكِ..

    أن تنسيْ غرائزكِ البَرِيَّهْ..

    وتُطيعي قوانينَ البحرْ..

    وتخترقيني.. كسمكةٍ مجنونهْ..

    تشطُرُ السفينةَ إلى نصفينْ..

    والأُفُقَ إلى نصفينْ..

    وحياتي إلى نصفينْْ...
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:55 pm

    أَقرأُ جَسدَكِ.. وأَتَثقَّف..
    -------------------------------

    يومَ توقّف الحوارُ بين نهديكِ المغتسلينِ بالماءْ..

    وبين القبائل المتقاتلة على الماءْ...

    بدأتْ عصورُ الإنحطاطْ..

    أعلنتِ الغيومُ الإضرابَ عن المطرْ

    لمدة خمسمئة سنهْ..

    وأعلنتِ العصافيرُ الإضرابَ عن الطيرانْ

    وامتنعتِ السنابل عن انجاب الأولادْ

    وصار شكلُ القمر كشكل زجاجة النفطْ..

    2

    يومَ طردوني من القبيلَهْ..

    لأني تركتُ قصيدةً على باب خيمتكْ..

    وتركتُ لكِ معها وردهْ..

    بدأت عصورُ الانحطاطْ..

    إنّ عصور الإنحطاط ليست الجهلَ بمبادئ النحو

    والصرفْ..

    ولكنها الجهلُ بمبادئ الأنوثَهْ..

    وشطبُ أسماءِ جميع النساء من ذاكرةِ الوطنْ..

    3

    آهِ يا حبيبتي..

    ما هو هذا الوطن الذي يتعامل مع الحبّ..

    كشرطيِّ سيرْ؟..

    فيعتبر الوردةَ مؤامرةً على النظام..

    ويعتبر القصيدةَ منشوراً سرياً ضدّه..

    ما هو هذا الوطن المرسومُ على شكل جرادة صفراءْ..

    تزحف على بطنها من المحيط إلى الخليج..

    من الخليج إلى المحيطْ..

    والذي يتكلّمُ في النهار كقدّيسْ..

    ويدوخ في الليل على سُرَّة امرأةْ..

    4

    ما هو هذا الوطن؟..

    الذي ألغى مادّةَ الحُبّ من مناهجه المدرسيَّهْ..

    وألغى فنَّ الشعر..

    وعيونَ النساءْ..

    ما هو هذا الوطنْ؟

    الذي يمارسُ العدوانَ على كل غمامةٍ ماطرهْ

    ويفتح لكل نهدٍ ملفّاً سرّياً...

    ويُنظِّمُ مع كل وردةٍ محضرَ تحقيقْ!!.

    5

    يا حبيبتي..

    ماذا نفعلُ في هذا الوطن؟.

    الذي يخاف أن يرى جسده في المرآة..

    حتى لا يشتهيه..

    ويخاف أن يسمع صوت امرأةٍ في التلفون..

    حتى لا يُنْقَضَ وُضُوءُهْ..

    ماذا نفعلُ في هذا الوطن؟

    الذي يعرف كلَّ شيءٍ عن ثورة أكتوبر..

    وثورةِ الزَنْجْ..

    وثورةِ القرامِطَهْ..

    ويتصرّف مع النساء كأنه شيخ طريقَهْ..

    ماذا نفعلُ في هذا الوطن الضائعْ..

    بين مؤلفات الإمام الشافعي.. ومؤلفات لينينْ..

    بين الماديّة الجدليّة.. وصور (البورنو)..

    بين كتب التفسير.. ومجلة (البلاي بويْ)..

    بين فرقة (المعتزلة).. وفرقة (البيلتزْ)...

    بين رابعة العدوية.. وبين (إيمانويلْ)...

    أيتها المدهشةُ كألعاب الأطفالْ

    إنني أعتبر نفسي متحضراً..

    لأني أُحبّكِ..

    وأعتبر قصائدي تاريخيّةً.. لأنها عاصَرَتكِ..

    كلُّ زمنٍ قبل عينيكِ هو احتمالْ

    وكلُّ زمنٍ بعدهما هو شظايا..

    ولا تسأليني لماذا أنا معكِ..

    إنني أريدُ أن أخرجَ من تخلُّفي..

    وأدخلَ في زمن الماءْ..

    أريدُ أن أهربَ من جمهوريّة العَطَشْ..

    وأدخلَ جمهورية المانوليا..

    أريد أن أخرجَ من بداوتي..

    وأجلسَ تحت الشَجَرْ..

    وأغتسلَ بماء الينابيعْ.

    وأتعلَّمَ أسماءَ الزهارْ..

    أريد أن تعلّميني القراءةَ والكتابهْ..

    فالكتابةُ على جسدكِ أوّلُ المعرفَهْ

    والدخولُ إليه دخول إلى الحضارَهْ..

    إن جسدكِ ليس ضدَّ الثقافَهْ..

    ولكنَّه الثقافّهْ..

    ومَن لا يقرأ دفاترَ جسدكِ

    يبقى طولَ حياته.. أُمِيَّاً....
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:55 pm

    كلَ عام وأنتِ حبيبتي..
    -----------------------------

    1

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..

    أقولُها لكِ،

    عندما تدقُّ الساعةُ منتصفَ الليلْ

    وتغرقُ السنةُ الماضيةُ في مياه أحزاني

    كسفينةٍ مصنوعةٍ من الورقْ..

    أقولُها لكِ على طريقتي..

    متجاوزاً كلَّ الطقوس الاحتفاليَّهْ

    التي يمارسها العالم منذ 1975 سنة..

    وكاسراً كلَّ تقاليد الفرح الكاذب

    التي يتمسك بها الناس منذ 1975 سنة..

    ورافضاً..

    كلَّ العبارات الكلاسيكية..

    التي يردّدها الرجالُ على مسامع النساءْ

    منذ 1975 سنة..

    2

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..

    أقولها لكِ بكل بساطه..

    كما يقرأ طفلٌ صلاتَهْ قبل النومْ

    وكما يقف عصفورٌ على سنبلة قمحْ..

    فتزدادُ الأزاهيرُ المشغولةُ على ثوبك الأبيض..

    زهرةً..

    وتزداد المراكبُ المنتظرةُ في مياه عينيكِ..

    مركباً..

    أقولها لكِ بحرارةٍ ونَزَقْ

    كما يضربُ الراقصُ الاسبانيُّ قَدَمَهُ بالأرضْ

    فتتشكَّلْ ألوفُ الدوائرْ

    حولَ محيط الكرة الأرضيَّهْ..

    .....................................

    .....................................

    .....................................

    3

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..

    هذه هي الكلماتُ الأربعْ..

    التي سألفُّها بشريطٍ من القَصَبْ

    وأرسلها إليكِ ليلةَ رأس السنَهْ.

    كلُّ البطاقات التي يبيعونها في المكتباتْ

    لا تقولُ ما أريده..

    وكلُّ الرسوم التي عليها..

    من شموعٍ.. وأجراسٍ.. وأشجارٍ.. وكُراتِ

    ثلجْ..

    وأطفالٍ.. وملائكهْ..

    لا تناسِبُني..

    إنني لا أرتاح للبطاقات الجاهزه..

    ولا للقصائد الجاهزه..

    ولا للتمنيَّات التي برسم التصديرْ

    فهي كلُّها مطبوعة في باريس، أو لندن،

    أو أمستردام..

    ومكتوبةٌ بالفرنسية، أو الانكليزية..

    لتصلحَ لكلِّ المناسباتْ

    وأنتِ لستِ امرأةَ المناسباتْ..

    بل أنتِ المرأةُ التي أُحبّها..

    أنتِ هذا الوجعُ اليوميُّ..

    الذي لا يُقالُ ببطاقات المُعايَدَهْ..

    ولا يُقالُ بالحُروفِ اللاتينيَّهْ...

    ولا يُقالُ بالمُراسلهْ..

    وإنما يُقالُ عندما تدقّ الساعةُ منتصفَ الليلْ..

    وتدخلين كالسمكة إلى مياهي الدافئه..

    وتستحمّين هناكْ..

    ويسافرُ فمي في غاباتِ شَعْركِ الغَجَريّْ

    ويَستوطنُ هناكْ..

    4

    لأننّي أحبّكِ..

    تدخُلُ السنةُ الجديدةُ علينا..

    دخولَ الملوكْ..

    ولأنني أحبكِ..

    أحملُ تصريحاً خاصاً من الله..

    بالتجوُّل بين ملايين النجومْ..

    5

    لن نشتري هذا العيد شَجَرَهْ

    ستكونينَ أنتِ الشَجَرَهْ

    وسأُعلِّقُ عليكِ..

    أمنياتي.. وصَلَواتي..

    وقناديل دموعي..

    6

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..

    أمنيةٌ أخافُ أن أتمناها

    حتى لا أُتَّهَمَ بالطمع أو بالغرورْ

    فكرةٌ أخافُ أن أُفكِّر بها..

    حتى لا يسرقها الناسُ منّي..

    ويزعموا أنهمْ أولُ من اخترعَ الشِعْرْ..

    7

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبتي..

    كلَّ عامٍ وأنتِ حبيبكِ..

    أنا أعرف أنني أتمنى أكثرَ مما ينبغي..

    وأحلمُ أكثرَ من الحدِّ المسموح به..

    ولكن..

    من له الحقُّ أن يحاسبني على أحلامي؟

    من يحاسب الفقراءْ؟..

    إذا حلموا أنهم جلسوا على العرشْ

    لِمُدّةِ خمسِ دقائقْ؟

    من يحاسب الصحراء إذا توحَّمتْ على جدول ماءْ؟

    هناكَ ثلاثُ حالاتٍ يصبحُ فيها الحُلُمُ شرعياً:

    حالةُ الجنونْ..

    وحالةُ الشعرْ..

    وحالةُ التعرفِ على امرأة مدهشةٍ مثلكِ..

    وأنا أعاني – لحسن الحظّ-

    من الحالات الثلاثْ..

    8

    اتركي عشيرتكِ..

    واتبعيني إلى مغائري الداخليَّه

    اتركي قُبّعَةَ الورقْ..

    وموسيقى الجيركْ..

    والملابسَ التنكريَّهْ..

    واجلسي معي تحت شَجَر البرقْ..

    وعباءةِ الشِعْر الزرقاءْ..

    سأغطّيكِ بمعطفي من مَطَر بيروتْ

    وسأسقيكِ نبيذاً أحمر..

    من أقبية الرهبانْ..

    وسأصنعُ لكِ طبقاً إسبانياً..

    من قواقع البحرْ..

    إتبعيني – يا سيدتي- إلى شوارع الحلم الخلفيَّهْ..

    فلسوفَ أُطلعكِ على قصائدَ لم أقرأها لأحَدْ..

    وأفتحُ لكِ حقائبَ دموعي..

    التي لم أفتحها لأحَدْ..

    ولسوف أُحبَّكِ..

    كما لا أَحبّكِ أحدْ..

    9

    عندما تدقُّ الساعةُ الثانيةَ عشرهْ

    وتفقد الكرةُ الأرضيةُ توازنها

    ويبدأ الراقصون يفكِّرون بأقدامهمْ..

    سأنسحبُ إلى داخل نفسي..

    وأسحبكِ معي..

    فأنتِ امرأةٌ لا ترتبط بالفَرَح العامْ

    ولا بالزمنِ العامْ..

    ولا بهذا السيرك الكبير الذي يمرُّ أمامنا..

    ولا بتلك الطبول الوثنية التي تقرع حولنا..

    ولا بأقنعة الورق التي لا يبقى منها في آخر الليل

    سوى رجالٍ من ورق..

    ونساءٍ من ورقْ..

    10

    آهِ.. يا سيدتي

    لو كان الأمر بيدي..

    إذنْ لصنعتُ سنةً لكِ وحدَكِ

    تُفصّلين أيّامها كما تريدينْ..

    وتسندينَ ظهركِ على أسابيعها كما تريدينْ

    وتتشمَّسينْ..

    وتستحمينْ..

    وتركضينَ على رمال شهورها..

    كما تريدينْ..

    آهِ.. يا سيدتي..

    لو كان الأمرُ بيدي..

    لأقمتُ عاصمةً لكِ في ضاحية الوقتْ

    لا تأخذ بنظام الساعات الشمسيّة والرمليَّهْ

    ولا يبدأ فيها الزمنُ الحقيقيّْ

    إلاّ..

    عندما تأخذُ يدُكِ الصغيرةُ قيلولتها..

    داخلَ يدي..

    11

    كلَّ عامٍ وعيناكِ أيقونتانِ بيزنطيّتانْ..

    ونهداكِ طفلانِ أشقرانْ..

    يتدحرجانِ على الثلجْ..

    كلَّ عامٍ.. وأنا متورّطٌ بكِ..

    ومُلاحقٌ بتهمةِ حبّكِ..

    كما السماءُ مُتَّهمةٌ بالزُرْقَهْ

    والعصافيرُ مُتَّهمةٌ بالسفرْ

    والشَفَةُ متَّهَمةٌ بالإستدارهْ...

    كلَّ عامٍ وأنا مضروبٌ بزلازلكْ..

    ومبللٌ بأمطاركْ..

    ومحفورٌ – كالإناء الصينيّ – بتضاريس جسمكْْ

    كلَّ عامٍ وأنتِ.. لا أدري ماذا أُسمّيكِ..

    إختاري أنتِ أسماءكِ..

    كما تختارُ النقطةُ مكانها على السطرْ

    وكما يختارُ المشطُ مكانه في طيَّات الشَّعرْ..

    وإلى أن تختاري إسمك الجديدْ

    إسمحي لي أن أناديكِ:

    "يا حبيبتي"...
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:56 pm

    إلى حبيبتي في رأس السنة..
    ------------------------------------

    1

    أَنقلُ حبّي لكِ من عامٍ إلى عامْ..

    كما ينقل التلميذ فروضه المدرسيّة إلى دفترٍ جديدْ

    أنقل صوتَكِ.. ورائحتَكِ.. ورسائلكِ..

    ورقمَ هاتفكِ.. وصندوقَ بريدك..

    وأعلِّقها في خزانة العام الجديدْ..

    وأمنحكِ تذكرةَ إقامة دائمة في قلبي..

    2

    إنني أحبّكِ..

    ولن أترككِ وحدكِ على ورقة 31 ديسمبر أبداً

    سأحملكِ على ذراعيّ..

    وأتنقَّل بكِ بين الفصول الأربعه..

    ففي الشتاء، سأضع على رأسك قبّعةَ صوف حمراءْ..

    كي لا تبْردي..

    وفي الخريف، سأعطيكِ معطفَ المطر الوحيد

    الذي أمتلكه..

    كي لا تتبلَّلي..

    وفي الربيع..

    سأتركك تنامين على الحشائش الطازجه..

    وتتناولينَ طعامَ الإفطار..

    مع الجنادب والعصافير..

    وفي الصيف..

    سأشتري لكِ شبكةَ صيدٍ صغيره..

    لتصطادي المحارَ..

    وطيورَ البحر..

    والأسماكَ المجهولةَ العناوينْ...

    3

    إنني أُحبّكِ..

    ولا أريد أن أربطكِ بذاكرة الأفعال الماضيَهْ..

    ولا بذاكرة القطارات المسافرهْ..

    فأنتِ القطارُ الأخيرُ الذي يسافر ليلاً ونهاراً

    فوق شرايين يدي..

    أنتِ قطاري الأخير..

    وأنا محطَّتكِ الأخيرَهْ..

    4

    إنني أُحبّكِ..

    ولا أريد أن أربطكِ بالماء.. أو الريح

    أو بالتاريخ الميلادي أو الهجري..

    ولا بحركات المدّ والجزْر..

    أو ساعات الخسوف والكسوفْ

    لا يهمُّني ما تقوله المراصدْ..

    وخطوطُ فناجين القهوَهْ..

    فعيناكِ وحدهما هما النُبوءَهْ

    وهما المسؤولتانِ عن فَرح هذا العالم...

    5

    أُحبّكِ..

    وأحبُّ أن أربطكِ بزمني.. وبطقسي..

    وأجعلكِ نجمةً في مداري..

    أريد أن تأخذي شكلَ الكلمةْ..

    ومساحةَ الورَقه..

    حتى إذا نشرتُ كتاباً.. وقرأه الناس..

    عثروا عليكِ، كالوردة في داخلهْ..

    أريدُ أن تأخذي شكلَ فمي..

    حتى إذا تكلّمتُ..

    وجدكِ الناسُ تستحمّينَ في صوتي..

    أريدكِ أن تأخذي شكلَ يدي..

    حتى إذا وضعتُها على الطاولة..

    وجدكِ الناسُ نائمةً في جوفها..

    كفراشةٍ في يد طفل..

    إنني لا أحترفُ طقوسَ التهنئة..

    إنني أحترفُ العشقَ..

    وأحترفُكِ..

    يتجوّل هو فوق جلدي..

    وتتجوّلينَ أنتِ تحت جلدي..

    وأما أنا..

    فأحمل الشوارعَ والأرصفةَ المغسولة بالمَطَر..

    على ظهري.. وأبحثُ عنكِ..

    6

    لماذا تتآمرين عليَّ مع المَطَرْ؟ ما دمتِ تعرفينْ..

    أن كلَّ تاريخي معكِ.. مقترنٌ بسقوط المَطَرْ..

    وأن الحساسيّةَ الوحيدة التي تصيبني..

    عندما أشمّ رائحةَ نهديكِ..

    هي حساسية المَطَرْ..

    لماذا تتآمرين عليَّ ؟. ما دمتِ تعرفينْ..

    أن الكتابَ الوحيد الذي أقرؤه بعدكِ..

    هو كتابُ المَطَر..

    7

    إنني أُحبّكِ..

    هذه هي المهنةُ الوحيدة التي أتقنُها..

    ويحسدني عليها أصدقائي.. وأعدائي..

    قَبْلَكِ.. كانتِ الشمسُ، والجبالُ، والغاباتُ..

    في حالة بطالة..

    واللغةُ بحالة بطالة.. والعصافيرُ بحالة بطالة...

    فشكراً لأنكِ أدخلتِني المدرسَهْ..

    وشكراً.. لأنكِ علَّمتني أبجديةَ العشقْ..

    وشكراً .. لأنكِ قبلتِ أن تكوني حبيبتي..
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 5:59 pm

    تَشَبُّث
    --------------

    ليس في وُسْعِكِ ، يا سيِّدتي ، أَن تُصْلِحيني ..

    فلقد فاتَ القِطَارْ ..

    إنَّني قرَّرتُ أن أدخُلَ في حربٍ مع القُبْح ،

    ولا رَجْعَةَ عن هذا القَرَارْ .

    فإذا لم أستطعْ إيقافَ جيش الرُومِ ،

    أَوْ زَحْفِ التتارْ .

    وإذا لم أَستطعْ أن أَقتلَ الوَحْشَ .. فحسبي

    أَنَّني أَحْدَثْتُ ثُقْباً في الجدارْ ...

    ***********************************

    الرسائل المحترقة
    ---------------------

    أحقاً رسالاتي إليك تمزقت

    وهن حبيباتي .. وهن روائعي

    أأنكر ما فيهن ؟ لا يا صديقتي

    عليهن أسلوبي .. عليهن طابعي

    عليهن أحداقي ، وزرقة أعيني

    وروعة أسحاري وسحر مطالعي

    حروفي .. سفيراتي .. مرايا خواطري

    وأطيب طيب في زوايا المخادع

    وأجمل ما غنيت .. ما طرزت يد

    وأكرم ما أعطت أنامل صانع

    بأعصاب أعصابي .. رسمت حروفها

    وأطعمتها من صحتي ، من مدامعي

    وأنفقت أيامي .. أصوغ سطورها

    بدقة مثال ، وأشواق راكع

    أجيبي .. أجيبي .. ما مصير رسائلي

    فإني مذ ضيعتها ألف ضائع ..

    ألم تترك النيران منها بقية

    ألم ينج حتى مقطع من مقاطعي ؟

    حصيلة عام .. تنتهي في دقائق

    وتلتهم النيران كل مزارعي

    وتذهب أوراقي التي استهلكت دمي

    فلا رجع موال .. ولا صوت زارع

    أمطعمة النيران .. أحلى رسائلي

    جمالك ماذا كان ؟ لولا روائعي

    فثغرك بعض من أناقة أحرفي

    وصدرك بعض من عويل زوابعي

    أنا بعض هذا الحبر .. ما عدت ذاكراً

    حدود حروفي من حدود أصابعي

    **********************************

    أوريانتيا
    --------------------

    أوريانتيا

    صديقة من آسيا

    الأنف من شيراز

    والعينان من قفقاسيا

    .. والشفتان .. زهرتا أضاليا

    أوريانتيا

    .. تكونت

    من رغوة البحار

    من نكهة المانغو

    .. من الأصداف والمحار

    من كل ما في الهند

    من طيب .. ومن بهار

    أوريانتيا

    شاحبة جملت الشحوب

    .. دافئة

    كالبن في مزارع الجنوب

    تائبة ! من قال ؟

    جل الحسن أن يتوب

    أوريانتيا

    نهدان واقفان

    كقبتي نحاس

    في ذهب المغيب

    صحنان صينيان رائعان

    قلعان من لهيب

    .. تزودا من آسيا

    .. بزهرتي غاردينيا

    .. بعنبر .. بفلفل .. بطيب

    .. وحبتي زبيب

    أوريانتيا

    شاحبة جملت الشحوب

    أوريانتيا

    .. أحر ما عرفت من توابل الجنوب

    ************************************

    ثلاث بطاقات من آسيا
    ---------------------------

    من آسيا

    عليك يا صديقتي السلام

    .. فبعد عينيك أنا

    لا أعرف السلام

    قطعت في تشردي الطويل

    .. يا قمري

    يا أرنبي الجميل

    يا رغوة الحليب والرخام

    قطعت ألف عام

    بدون عينيك . بلا خبز .. ولا طعام

    ! تصوري

    أتي بلا عينيك .. ألف عام

    بدون مصباحين أخضرين

    .. بدون شمعتين

    .. بينهما أنام

    *

    .. فيروزتي

    ما زلت في سفينتي

    أصارع الشموس ، واللصوص ، والدوارة

    نزلت في مرافئ موبوءة المياه

    صليت في معابد ليس لها إله

    .. وأرخص الخمور ذقت

    أرخص الشفاه

    .. قتلت ألف مرة

    .. غرقت ألف مرة

    صلبت فوق حائط النهار

    وسبعة قطعتها .. من أوسع البحار

    من أخطر البحار

    .. لمست سقف الشمس

    كانت رحلتي انتحار

    .. تصوري

    أتي بلا عينيك ، يا حبيبتي ، قرون

    لا كوكب في الأفق .. لا منار

    بحارتي .. في السطح ميتون

    وخبزي الإسفنج .. والمحار

    تصوري الأرض وما تكون

    يا أرنبي الحنون

    بدون عينيك .. بلا فسقيه اخضرار

    بدون شاطئين مقمرين

    .. بدون غابتين

    أنشد في حمامها القرار

    *
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 6:01 pm

    تلفون
    ----------------

    صوتك القادم من خلف الغيوم

    مد لي أرجوحةً من نغم

    ! من ترى يطلبني ؟ مخطئة

    أنا جرحٌ مطبقٌ أجفانه

    رقمي . من أين قد جئت به

    بعد أن عاش غربياً مهملا

    كيف .. من بعد شهور ٍ خمسة

    حُبنا .. كان عظيماً مرة

    ( أتقولين : ( أنا آسفة

    لم أعد أُخدع يا سيدتي

    صوتك العائد .. لا أعرفه

    حلوتي ! بالرغم مما قلته

    داعبي كل مساءٍ رقمي

    كلمة ٌ منك .. ولو كاذبة

    حُبنا .. كان عظيماً مرة

    وطوينا قصة الحب العظيم

    ( أتقولين : ( أنا آسفة

    بعدما ألقيت حبي في الجحيم

    لم أعد أُخدع يا سيدتي

    بالحديث الحلو .. والصوت النغوم

    صوتك العائد .. لا أعرفه

    كان يوماً جنتي .. كان نعيمي

    حلوتي ! بالرغم مما قلته

    فأنا ، بعد ، على حبي القديم

    داعبي كل مساءٍ رقمي

    و اصدحي مثل عصافير الكروم

    كلمة ٌ منك .. ولو كاذبة

    عمرت لي منزلاً فوق النجوم .

    *********************************

    عندما تمطر فيروزاً
    ------------------------

    لا تسأليني .. هل أحبهما ؟

    عيناك إني منهما لهما

    ألدي مرآتان من ذهب

    أستغفر الفيروز .. كيف أنا

    أبلحظة تنسين سيـدتي

    وجميع أخباري مصورة

    نهران من تبغ ومن عسل

    وستارتان إذا تحركتا

    عام .. وبعض العام سيدتي

    كم جئت أمسح فيهما تعبي

    كوخان عند البحر .. هل سنة

    أحشو جيوبي كلها صدفاً

    عاد الشتاء بكل قسوته

    الشمس منذ رحلت مطفأة

    الآن أدرك حيث لا قمر

    عام .. وبعض العام سيدتي

    وأنا أضئ الشمع حولهما

    كم جئت أمسح فيهما تعبي

    كم نمت .. كم صليت عندهما

    كوخان عند البحر .. هل سنة

    إلا قضيت الصيف تحتهما

    أحشو جيوبي كلها صدفاً

    وأذيب حزني في مياههما

    عاد الشتاء بكل قسوته

    يمتص أيامي فأين هما ؟

    الشمس منذ رحلت مطفأة

    والأرض غير الأرض بعدهما

    الآن أدرك حيث لا قمر

    .. ماذا أنا .. ماذا.. بدونهما

    ********************************

    صديقتي وسجائري
    -------------------------

    واصل تدخينكَ .. يغريني

    رجلٌ .. في لحظةتدخينِ

    ما أشهى تبغكَ .. والدنيا

    تستقبلُ أوّل تشرينِ

    والقهوةُ .. والصحفُ الكسلى

    ورؤىً .. وحطامُ فناجينِ

    دخّنْ .. لا أروعَ من رجلٍ

    يفنى في الركن .. ويُفنيني ..

    رجلٌ .. تنضَمُّ أصابعهُ

    وتُفكّر .. من غير جبينِ ..

    *

    أشعل واحدةً .. من أخرى

    أشعلها من جمر عُيوني

    ورمادك ضعه على كفّي ..

    نيرانكَ ليست تؤذيني ..

    فأنا كامرأةٍ ..يُرضيني

    أن أُلقيَ نفسي في مقعد ..

    ساعاتٍ في هذا المعبدْ

    أتأمّلُ في الوجه المُجْهَد

    وأعُدُّ .. أعدُّ .. عروق اليدْ

    فعروق يديك .. تسليني

    وخيوط الشيب .. هنا .. وهنا

    تنهي أعصابي .. تنهيني ..

    دخّنْ .. لا أروعَ من رجلٍ

    يَفْنَى في الركن .. ويُفنيني ..

    *

    احرقني .. إحرقْ بي بيتي

    وتَصَرّفْ فيه كمجنونِ

    فأنا كامرأةٍ .. يكفيني

    أن أشعُرَ .. أنك تحميني

    أن أشعرَ أن هناكَ يداً ..

    تتسللّ من خلف المقعد ..

    كي تمسح رأسي وجبيني ..

    تتسلّلُ من خلف المقعدْ

    لتداعب أذني بسكونِ

    ولتترك في شعري الأسود

    عِقداً من زهر الليمونِ

    *

    دخِّنْ .. لا أروعَ من رجلٍ

    يفنى في الركن .. ويُفنيني
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 6:04 pm

    شعري .. سرير من ذهب
    --------------------------

    شعري .. سرير من ذهب

    غمسته في الشمس

    بعثرته .. أحس

    جملته ، شكلته

    شعري أنا قصيدة

    داخت عصافير به

    فأين من شعري له

    لواحد أحبه .. ربيته

    سقيته من خفقة الضوء

    خبأت تموز به

    له .. له .. أطلته

    تعبت في تطويله

    تعبت كي ينسى التعب

    أقعد في الشمس أنا

    .. أفتل أسلاك الذهب

    هذا الطويل المنسكب

    سقيته من خفقة الضوء

    .. ورعشات اللهب

    خبأت تموز به

    قمحا .. ولوزا .. وعنب

    له .. له .. أطلته

    جعلته بطول مداد الطرب

    تعبت في تطويله

    تعبت في تدليله

    تعبت كي ينسى التعب

    لواحد .. لواحد

    أقعد في الشمس أنا

    .. من سنة

    .. أفتل أسلاك الذهب

    ********************************

    فستان التفتا
    -------------------------

    أمس أنتهى .. فستاني التفتا

    أرأيت فستاني ؟

    حققت فيه جميع ما شئتا

    .. وشيا .. ونمنمه

    .. وطرائفا شتى

    أرأيت فستاني ؟

    أرأيتني ؟

    أنا بعض نيسان

    أنا كل نيسان

    أرايت فستناني ؟

    .. صنعته حائكتي

    من دمع تشرين

    من غصن ليمون

    .. من صوت حسون

    إخترته لونا حشيشيا

    لونا يشابه لون عينيا

    .. فصلته

    شكلا أثيريا

    فأنا به أخفى من الرؤيا

    ومشيت .. لم أسال عن الدنيا

    ما همني الدنيا

    ..أنا الدنيا

    ورجعت أحمله إلى البيت

    وأخذت أمسحه وأطويه

    .. أسقيه ، أطعمه ، أغنيه

    .. لأجيء فيه ليلة السبت

    .. لتكون .. أول من الاقيه

    أمس أنتهى .. فستاني التفتا

    .. من عند حائكتي

    أكمامه عشب البحيرات

    أزراره .. كقطيع نجمات

    أمس انتهى .. لم تدري والدتي

    .. فيه .. ولم أخبر رفيقاتي

    .. ما قصتي ؟ أثلاث ساعات

    وأنا أدور أمام مرآتي

    أقصيه عن صدري .. وأدنيه

    أرجوه ، أساله ، أناديه

    وأعده للموعد الآتي

    .. حتى تراني فيه

    أمس انتهى فستاني التفتا

    ما همني رأي الرفيقات ؟

    ! يكفي إذا أحببته أنت

    ********************************

    تذكرة سَفر لامـرأةٍ أحبّهـا
    ----------------------------------

    أرجوك يا سيدتي .. أن تتركي لبنان

    ، أرجوك باسم الحب ، باسم الملح

    أن تغادري لبنان

    .. فالبحر لا لون له

    .. والشكل لا شكل له

    والموج – حتى الموج – لا يكلم الشطآن

    .. أرجوك يا سيدتي أن ترحلي

    .. حتى أرى لبنان

    .. أرجوك يا سيدتي أن تختفي

    .. بأي شكل كان

    .. باي سعر كان

    أن ترجعي البحر إلى حدوده

    وترجعي الشمس إلى مكانها

    وترجعي الجبال والوديان

    .. أرجوك يا سيدتي

    .. أن ترجعي براءتي

    .. والزمن المكسور .. فوق ساعتي

    .. وترحلي عني ، وعن لبنان

    .. بأي شكل كلن

    .. بأي سعر كان

    أرجوك يا سيدتي

    أن تدركي بأني إنسان

    وتسحبي السيف الذي زرعته في فوهة الشريان

    أرجوك .. باسم الزعتر البري ، والشربين ، والريحان

    .. والثلج ، والضباب ، والرعاة ، والقطعان

    وباسم عامين .. هما .. خلاصة الزمان

    باسم ( جعيتا ) واليدان فوقها يدان

    ونحن مبحران في عرس من الألوان

    ( وباسم نادي الصيد في ( جبيل

    .. والنبيذ .. والدخان

    ( وبيتنا المهجور في ( طبرجة

    وشعرك المنثور فوق الأرض والحيطان

    وباسم ثوب أحمر

    كنت به رائعة كزهرة الرمان

    .. أرجوك يا سيدتي

    باسم جميع الكتب المقدسة

    والشمع ، والبخور، والصلبان

    أرجوك بالأحزان يا سيدتي

    إن كنت تعرفين ما الأحزان

    أرجوك .. بالأوثان يا سيدتي

    إن كنت تؤمنين في عبادة الأوثان

    أرجوك .. باسم الأنس

    أرجوك .. باسم الجان

    .. أن تتركي لبنان

    .. كل هداياك التي تحرك الشجون

    ( كل المناديل التي تحمل حرف ( النون

    ( أزرار قمصاني التي تحمل حرف ( النون

    .. فكلها أفيون

    .. يا أنت

    .. يا أخطر ما عرفت من أفيون

    أرجوك أن تسترجعي

    مصباحك القريب من وسادتي

    وكلبك الأبيض من سياراتي

    فإنها قد أصبحت .. نوعا من الإدمان

    .. يا امرأة .. قد جعلتني أدمن الإدمان

    رفيقتي ، على دروب ( اليرزة )الخضراء

    رفيقتي ، أمام باب مريم العذراء

    رفيقتي بالحزن والبكاء

    أرجوك ، يا سيدتي ، أن ترجعي

    علاقنتي الأولى مع الأشياء

    .. أن ترجعي الأشجار مستقيمة

    ،، والأرض مستديرة

    والقمح ، والنجوم، والسنابل الخضراء

    .. أرجوك يا سيدتي

    أن ترجعي إلى البحار الماء

    .. والرب للسماء

    .. أرجوك يا سيدتي

    أن تحزمي حقائب النسيان

    أكبر من مساحة الأجفان

    أرجوك يا سيدتي

    أن تتركي بيروت في عناية الرحمن

    .. وتتركي لي الحزن

    .. فهو صاحبي الوحيد من زمان

    .. لبنان

    كان أنت .. يا حبيبتي

    .. ويوم ترحلين عن صدري

    .. لبنان

    كان أنت .. يا حبيبتي

    .. ويوم ترحلين عن صدري

    .. فلا لبنان
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 6:08 pm

    الخرافة
    ---------------

    حين كنا .. في الكتاتيب صغارا

    حقنونا .. بسخيف القول ليلا ونهارا

    : درسونا

    "ركب المرأة عورة"

    "ضحكة المرأة عورة"

    "صوتها - من خلف ثقب الباب - عورة"

    .. صوروا الجنس لنا

    .. غولا .. بأنياب كبيرة

    .. يخنق الأطفال

    .. يقتات العذارى

    خوفونا .. من عذاب الله إن نحن عشقنا

    .. هددونا .. بالسكاكين إذا نحن حلمنا

    .. فنشأنا.. كنباتات الصحاري

    . نلعق الملح ، ونستا ف الغبارا

    يوم كان العلم في أيامنا

    .. فلقة تمسك رجلينا وشيخا.. وحصيرا

    .. شوهونا

    شوهوا الإحساس فينا والشعورا

    .. فصلوا أجسادنا عنا

    .. عصورا .. وعصورا

    .. صوروا الحب لنا .. بابا خطيرا

    لو فتحناه.. سقطنا ميتين

    فنشأنا ساذجين

    وبقينا ساذجين

    نحسب المرأة .. شاه أو بعيرا

    .. ونرى العالم جنسا وسريرا

    *******************************

    يـا زوجة الخليفة
    ------------------------

    ! يا زوجة الخليفة

    ، لا يفهم الحراس ما قضيتي

    .. يا زوجة الخليفة

    .. رسائلي إليك .. يرفضونها

    .. أزهاري الحمراء .. يرفضونها

    .. يا زوجة الخليفة

    قصائدي الكتبتها بالضوء والقطيفة

    لم يقبلوا استلامها

    يا زوجة الخليفة

    أنك كنت زوجتي

    قبل وجود القصر .. والخليفة

    ، حراسك الغلاظ، يا سيدتي

    لا يقرأون الشعر

    .. لا يفهمون الشعر

    حاولت أن أقنعهم

    أنك شمس العمر

    .. جربت سحري معهم

    فما أفاد السحر

    .. جربت أن أرشوهم بالمال

    أو بالخمر

    .. لكنهم .. لم يقبلوا

    أن يدخلوني القصر

    - كل القصور – منذ أن كانت

    .. تخاف الشعر

    .. تخاف الشعر

    ***********************************

    أُقـَدِّمُ اعتـِذارِي
    -------------------------

    .. أقدم اعتذاري

    لوجهك الحزين مثل شمس آخر النهار

    .. عن الكتابات التي كتبتها

    .. عن الحماقات التي ارتكبتها

    عن كل ما أحدثته

    في جسمك النقي من دمار

    وكل ما أثرته حولك من غبار

    .. أقدم اعتذاري

    عن كل ما كتبت من قصائد شريرة

    .. في لحظة انهياري

    فالشعر ، يا صديقتي ، منفاي واحتضاري

    .. طهارتي وعاري

    ولا أريد مطلقا أن توصمي بعاري

    من أجل هذا .. جئت يا صديقتي

    .. أقدم اعتذاري

    .. أقدم اعتذاري

    ***********************************

    أنا قطار الحزن
    --------------------------

    .. أركب آلاف القطارات

    .. وأمتطي فجيعتي

    وأمتطي غيم سجاراتي

    حقيبة واحدة .. أحملها

    .. فيها عناوين حبيباتي

    .. من كن ، بالأمس ، حبيباتي

    يمضي قطاري مسرعا.. مسرعا

    .. يمضغ في طريقه لحم المسافات

    يفترس الحقول في طريقه

    يلتهم الأشجار في طريقه

    .. يلحس أقدام البحيرات

    يسألني مفتش القطار عن تذكرتي

    .. وموقفي آلاتي

    .. وهل هناك موقف آتي ؟

    فنادق العالم لا تعرفني

    .. ولا عناوين حبيباتي

    .. لا رصيف لي

    أقصده .. في كل رحلاتي

    أرصفتي جميعها .. هاربة

    .. هاربة .. مني محطاتي

    .. هاربة .. مني محطاتي

    *******************************

    أعنف حب عشته
    ----------------------

    تلومني الدنيا إذا أحببته

    كأني أنا خلقت الحب واخترعته

    كأنني على خدود الورد قد رسمته

    .. كأنني أنا التي

    للطير في السماء قد علمته

    وفي حقول القمح قد زرعته

    .. وفي مياه البحر قد ذوبته

    .. كأنني أنا التي

    كالقمر الجميل في السماء قد علقته

    .. تلومني الدنيا إذا

    .. سميت من أحب .. أو ذكرته

    .. كأنني أنا الهوى

    .. وأمه .. وأخته

    من حيث ما انتظرته

    .. مختلف عن كل ما عرفته

    مختلف عن كل ما قرأته

    .. وكل ما سمعته

    .. لو كنت أدري

    أنه نوع من الإدمان .. ما أدمنته

    .. لو كنت أدري أنه

    باب كثير الريح ، ما فتحته

    .. لو كنت أدري أنه

    عود من الكبريت ، ما أشعلته

    هذا الهوى . أعنف حب عشته

    .. فليتني حين أتاني فاتحا

    يديه لي .. رددته

    .. وليتني من قبل أن يقتلني

    .. قتلته

    .. هذا الهوى الذي أراه في الليل

    .. أراه .. في ثوبي

    .. وفي عطري .. وفي أساوري

    .. أراه .. مرسوما على وجه يدي

    .. أراه .. منقوشا على مشاعري

    .. لو أخبروني أنه

    .. طفل كثير اللهو والضوضاء ما أدخلته

    .. وأنه سيكسر الزجاج في قلبي

    .. لما تركته

    .. لو اخبروني أنه

    سيضرم النيران في دقائق

    ويقلب الأشياء في دقائق

    ويصبغ الجدران بالأحمر والأزرق في دقائق

    .. لكنت قد طردته

    .. يا أيها الغالي الذي

    .. أرضيت عني الله .. إذ أحببته

    أروع حب عشته

    فليتني حين أتاني زائرا

    .. بالورد قد طوقته

    .. وليتني حين أتاني باكيا

    .. فتحت أبوابي له .. وبسته

    .. وبسته

    .. وبسته

    .. فتحت أبوابي له .. وبسته

    .. وبسته

    .. وبسته
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 6:12 pm

    بإنتظار سيدتي
    -------------------------

    أجلس في المقهى.. منتظرا

    .. أن تأتي سيدتي الحلوة

    .. أبتاع الصحف اليومية

    أفعل أشياء طفوليه

    "أفتش عن "برج الحمل

    " .. ساعدني يا "برج الحمل

    " .. طمئني يا "برج الحمل"

    .. هل تأتي سيدتي الحلوة ؟

    هل ترضى أن تتزوجني

    هل ترضى سيدتي الحلوة ؟

    .. يخبرني برجي عن يوم

    .. يشرق بالحب وبالأمل

    .. يخبر .. عن خمسة أطفال يأتون

    .. وعن شهر العسل

    .. أبقى في المقهى .. منتظرا

    .. عشرة أعوام قمرية

    .. منتظرا .. سيدتي الحلوة

    تقرأني الصحف اليومية

    .. ينفخني غيم سجاراتي

    .. يشربني .. فنجان القهوة

    .. ينفخني غيم سجاراتي

    .. يشربني .. فنجان القهوة

    *********************************

    إلى صامتة
    ---------------------

    .. تكلمي .. تكلمي

    أيتها الجميلة الخرساء

    فالحب .. مثل الزهرة البيضاء

    تكون أحلى .. عندما

    .. توضع في إناء

    ، كالطير في السماء

    والأسماك في البحار

    . واعتبريني منك يا حبيبتي

    .هل بيننا أسرار ؟

    أبعد عامين معا؟

    .تبقى لنا أسرار

    .. تحدثي

    عن كل ما يخطر في بالك من أفكار

    ، عن قطة المنزل

    عن آنية الأزهار

    عن الصديقات اللواتي

    .. زرت في النهار

    .. والمسرحيات التي شاهدتها

    .. والطقس ، والأسفار

    .. تحدثي

    عما تحبين من الأشعار

    ، عن عودة الغيم

    وعن رائحة الأمطار

    .. تحدثي إلي عن بيروت

    .. وحبنا المنقوش

    فوق الرمل والمحار

    .. فإن أخبارك يا حبيبتي

    .. سيدة الأخبار

    .. تصرفي حبيبتي

    كسائر النساء

    .. تكلمي عن أبسط الأشياء

    وأصغر الأشياء

    ، عن ثوبك الجديد

    عن قبعة الشتاء

    عن الأزاهير التي اشتريتها

    (من (شارع الحمراء

    ، تكلمي ، حبيبتي

    عما فعلت اليوم

    - أي كتاب - مثلا

    قرأت قبل النوم؟

    أين قضيت عطلة الأسبوع ؟

    وما الذي شاهدت من أفلام ؟

    بأي شط كنت تسبحين ؟

    هل صرت

    لون التبغ والورد ككل عام ؟

    .. تحدثي .. تحدثي

    من الذي دعاك

    هذا السبت للعشاء ؟

    بأي ثوب كنت ترقصين ؟

    وأي عقد كنت تلبسين ؟

    ،فكل أنبائك ، يا أميرتي

    أميرة الأنباء

    .. عادية

    تبدو لك الأشياء

    .. سطحية

    تبدو لك الأشياء

    .. لكن ما يهمني

    أنت مع الأشياء

    .. وأنت في الأشياء

    .. وأنت في الأشياء

    *****************************

    أين أذهب .؟
    -----------------------

    لم أعد داريا .. إلى أين أذهب

    كلَ يومٍ .. أحس أنك أقرب

    كل يوم .. يصير وجهك ُجزءاً

    من حياتي .. ويصبح العمر أخصب

    وتصير الأشكال أجمل شكلا

    وتصير الأشياء أحلى وأطيب

    قد تسربتِ في مسامات جلدي

    مثلما قطرة الندى .. تتسرب

    .. اعتيادي على غيابك صعبٌ

    واعتيادي على حضورك أصعب

    كم انا .. كم انا أحبك حتى

    أن نفسي من نفسها .. تتعجب

    يسكن الشعر في حدائق عينيك

    فلولا عيناك .. لا شعر يكتب

    منذ احببتك الشموس استدارت

    والسموات .. صرن انقي وارحب

    منذ احببتك .. البحار جميعا

    اصبحت من مياه عينيك تشرب

    حبك البربري .. أكبر مني

    فلماذا .. على ذراعيك أصلب ؟

    خطأي .. أنني تصورت نفسي

    ملكا ، يا صديقتي ، ليس يغلب

    .. وتصرفت مثل طفل صغير

    .. يشتهي أن يطول أبعد كوكب

    سامحيني .. إذا تماديت في الحلم

    .. وألبستك الحرير المقصب

    أتمني .. لو كنت بؤبؤ عيني

    أتراني طلبت ما ليس يطلب ؟

    أخبريني من أنت ؟ إن شعوري

    كشعور الذي يطارد أرنب

    أنت أحلى خرافة في حياتي

    .. والذي يتبع الخرافات يتعب

    ************************************

    حارقة روما
    -----------------

    . كفي عن الكلام يا ثرثارة

    .. كفي عن المشي

    على أعصابي المنهارة

    ماذا أسمي كل ما فعلته ؟

    .. سادية

    .. نفعية

    ..قرصنة

    .. حقارة

    ماذا أسمي كل ما فعلته ؟

    يا من مزجت الحب بالتجارة

    .. والطهر بالدعارة

    ماذا أسمي كل ما فعلته ؟

    .. فإنني لا أجد العبارة

    أحرقت روما كلها

    .. لتشعلي سجارة
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 4 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 20/6/2011, 6:15 pm

    لحمُها .. وأظَافري
    --------------------------

    .. لا تقولي : أرادت الأقدار

    إنك اخترت ، والحياة اختيار

    إذهبي .. إذهبي إليه .. فبعدي

    .. لن تعيش الدفلى ، ولا الجلنار

    بعت شعري .. بحفنة من حجار

    أخبريني . هل أسعدتك الحجار

    وظننت السراب ، جنة عدن

    .. حين لا جنة .. ولا أنهار

    لا تقولي : خسرت أيام عمري

    هكذا .. هكذا .. يكون القمار

    كنت في معصميك إسوار شعر

    وعلى الدرب .. ضاع منك السوار

    أو هذا .. الذي انتهيت إليه ؟

    .. مجدك الآن .. قنب .. وغبار

    كنت سلطانة النساء جميعا

    .. ولك الأرض كلها ، والبحار

    ثم أصبحت ، يا شقية ، بعدي

    .. ربوة .. لا تزورها الأمطار

    شامت .. شامت أنا بك جدا

    .. لا يريح المقتول .. إلا الثأر

    إنني منك .. لا أريد اعتذارا

    ما تفيد الدموع والأعذار ؟

    ما بوسعي أن أفعل الآن شيئا

    .. كل ما حولنا دمار .. دمار

    ما بوسعي إنقاذ وجه جميل

    .. أكلته من جانبيه النار

    .. وسهل على النساء الفرار

    فلماذا ؟ تبكين ملكا مضاعا

    .. أنك اخترت . والحياة اختيار

    .. أنك اخترت . والحياة اختيار

    ************************************

    قصِيدة واقِعية
    --------------------

    .. لو كنت امرأة مثل سواك

    .. لما أكملت معي شهرا

    .. لو أطلب ملكا في نهديك

    ملكتها .. شبرا.. شبرا

    .. أو أطلب نصرا من شفتيك

    .. لكنت تركتهما قشرا

    ، لو كانت تعنيني الأرقام

    .. لكنت بأوراقي صفرا

    .. لو كنت مجرد عابره

    .. تأتي .. وامرأة تتعرى

    .. لغدوت الآن .. مع الذكري

    .. لحصلت عليه .. من امرأة أخرى

    .. من أية واحدة أخرى

    .. لكنك .. معجزة كبرى

    معجزة .. اكبر من كبرى

    تمطرني .. تمطرني .. شعرا

    .. وأنا يا سيدتي رجل

    .. لا يقدر أن ينسى الشعرا

    .. يا امرأة

    .. تساوي عيناها عصرا

    .. لو عندي امرأة .. مثلك أنت

    .. لكنت هرقلا

    .. أو كسرى

    .. لكنت هرقلا

    .. أو كسرى

    *********************************

    قطتي الشاميـة
    -----------------------

    .. أضناني البرد ، فكومني

    داخل قبضتك السحرية

    .. خبئني فيها أياما

    .. إحبسني فيها أعواما

    .. إحبسني كالطير المرسوم

    .. على مروحة صينيه

    .. فالحبس لذيذ، ومثير

    .. داخل قبضتك السحرية

    .. لا تفتح كفك .. واتركني

    .. أرعى كالأرنب

    .. في غابات يديك الوحشية

    لا تغضب مني .. لا تغضب

    ادفنى حيث يشاء الحب

    فأنا قطتك الشامية

    .. هل احد

    يغضب من قطته الشامية ؟

    .. أتركني ألعب كالسنجاب

    على الأدراج العاجية

    .. وفتات السكر ، ألحسه

    .. داخل قبضتك السحرية

    أمنيتي تلك ، وما عندي

    .. أغلى من تلك الأمنية

    .. لو أملك زاوية بيديك

    .. لكنت ملكت البشرية

    .. خبئني .. في خلجان يديك

    فإن الريح شمالية

    ، خبئني .. في أصداف البحر

    وفي الأعشاب المائية

    .. خبئني .. في يدك اليمنى

    .. خبئني .. في يدك اليسرى

    .. لن أطلب منك الحرية

    .. فيداك .. هما المنفى

    .. وهما.. أروع أشكال الحرية

    .. أنت السجان.. وأنت السجن

    وأنت قيودي الذهبية

    .. قيدني .. يا ملكي الشرقي

    .. فإني امرأة شرقية

    .. تحلم بالخيل .. وبالفرسان

    .. وبالكلمات الشعرية

    - إني مولاتك – يا مولاي

    .. فغص في صدري كالمدية

    .. سافر في جسدي كالأفيون

    .. وكالرائحة المنسية

    .. سافر في شعري .. في نهدي

    .. كطعنة رمح وثنية

    سافر – يا ملكي – حيث تريد

    .. فكل شطوطي رملية

    .. سافر .. فالريح مواتية

    .. وأنا .. راضية مرضية

    .. ضيعني

    .. في أحراج يديك

    .. سئمت .. سئمت المدنية

    .. حيث الأشجار بلا عمر

    .. حيث الأزمان خرافية

    .. أرجعني .. صافية كالنار

    .. وكالزلزال بدائية

    .. حررني .. من عقدي الأولى

    .. مزق .. أقنعتي الشمعية

    وادفني .. تحت رماد يديك

    .. شهيدة عشق صوفية

    .. أدفني

    .. حيث يشاء الحب

    .. أنا رابعة العدوية

      الوقت/التاريخ الآن هو 17/5/2024, 4:42 am