انواع الهلوسة واعراضها والتفسير العلمي
يشبه كثير من الناس الهلوسة بالجنون، وينظرون نظرة متوجسة لكل من يعاني منها، أو أصيب بها شخص ما في احدى سنوات حياته. وذلك على الرغم من انها ارتبطت في الثقافات الغربية بالأمراض النفسية والعصبية، وبخاصة الشيزوفرينيا. والتقديرات تشير الى أن واحداً في المئة من البشر في العالم مصاب بهذا المرض في شكل من الأشكال.
والهلوسات العصبية والنفسية كانت وما زالت يعتبرها بعض الثقافات قناة اتصال روحانية مع القوى العليا، أو تحدث بسبب الجن والشياطين، ولم يكن يخطر ببالهم قط انها تصورات يبتدعها الدماغ نفسه. ومثل هذه التصورات يمكن تحفيزها اصطناعياً في الدماغ، على الرغم من اقتناع البعض انها معايشات روحية.
والهلوسة ليست فقط قاصرة على الصور والأشكال، وانما ايضاً يمكن أن تكون معايشة روائح وأحاسيس، أو أصوات، وبالتالي هي جميع الانطباعات الممكنة القادمة من الحواس جميعها، ويمكن أن تصل بمستويات مختلفة، الى حد التطابق مع الواقع.
والمصاب بهذا المرض يمكن، في مرحلة ما، أن ينتبه الى أنه يعاني من نوبات الهلوسة العميقة. ومعايشات الهلوسة قد تتشابه مع الواقع بدرجة من الدرجات. والأصوات القادمة من داخل الدماغ يمكن أن يسمعها المريض مثل الصوت العادي تماماً، في حين أن انواعاً اخرى من الهلوسات يمكن أن تكون نادرة وشخصية، ومن الصعب وصفها أو التعبير عنها للآخرين. وتتميز الهلوسة الكلاسيكية بأن المصاب بها لا يستطيع التحكم برؤيته وادارتها، في حين أن المعايشات التي يمكن التحكم بها بسهولة يستحسن -حسب المختصين- تسميتها وهم أو تخيلات.
والهلوسات قد تأتي من دون سبب واضح، في حين ان هلوسات أخرى يتم تحفيزها بالمخدرات أو تكون نتيجة الأمراض الجسدية او النفسية. ويمكن أن تأتي ايضاً بسبب الجوع والعطش او قلة النوم، او عدم القدرة على النوم، أو بسبب الاجهاد والتنويم المغناطيسي. ويمكن ايضا اثارة الهلوسات عبر الطقوس مثل الرقص والترنح والغناء ذي الايقاع الثابت (مثل الزار والاناشيد الصوفية) والتأمل الصوفي او التنفس بطريقة غير طبيعية. وكذلك بسبب موجات صوتية منخفضة (تحت العشرين هرتز) يشعر بها المرء كاهتزازات يمكنها ان تؤدي الى هلوسات. ومثل هذه الأصوات قد تأتي من مصادر طبيعية مثل القنوات الهوائية، او مجاري المياه، او بسبب الصواعق والآلات.
وشبه البسيكولوجي الأمريكي رونالد سيجل الهلوسة عام 1977، بالشخص الذي ينظر الى الخارج عبر زجاج النافذة طيلة النهار، طالما هناك ضوء، ولكن عندما يختفي الضوء تظهر امام الناظر صورة انعكاس الغرفة على زجاج النافذة، فيبدو الأمر وكأن الغرفة امام الناظر وليست خلفه.
وقد تظهر الهلوسات -حسب د. تشارليز بونيت- لدى أشخاص نتيجة خلل في البصر يؤدي الى رؤيتهم أشباحاً، مع انهم اصحاء عقليا ونفسيا، وسببه هو تشوه الانطباعات البصرية. وهؤلاء الناس يمكن ان يروا اطارات ملونة تتحرك، ولكنهم غالبا يرون اجساداً او اوجه (مشوهة احيانا) وفي مرات اخرى كما لو انها افلام كرتون تتحرك. ومضمون هذه الصور المتحركة مجهولة بالنسبة لهذا النوع من الأمراض، الأمر الذي يجعلها مختلفة عن المصاب بالهلوسات نتيجة اسباب نفسية مرضية. وهناك نحو عشرة في المئة من المصابين بتضرر الرؤية، في العالم، يتعايشون مع هذه الظاهرة، غير ان غالبيتهم لا يذكرون معاناتهم، حتى لا يتهمون بالجنون.
الصرع والهلوسة:
معروف أن الصرع مرض شائع للغاية، وكان الاعتقاد ان سببه جني او شيطان يسكن في جسم المريض، وتجري طقوس \"دينية\" لإخراجه منه. والموسيقي البولوني الشهير فريدريك شوبان, كان يعاني من الصرع الشديد، حيث كان يرى خلال النوبات (نوبات الصرع) صوراً وخيالات تثير فزعه. وفي هذه الأيام يطلق على هذا النوع من الصرع الهلوسي اسم Temporallobsepilepsi. والاصابة بهذا الخلل الدماغي يؤدي بصاحبه الى رؤية اشباح مرعبة، يخيل إليه أنها تتكلم معه. والانسان المعرض للضغوط النفسية عرضة للاصابة بالهلوسة، والفنانون عموماً أكثر الناس تعرضاً للهلوسة لشدة تجرد عقولهم، مثل الفنان الهولندي المعروف \"فان كوخ\".
أنواع الهلوسات
قبل الحديث عن أنواع الهلوسات نشير إلى أن الهلوسة تحدث علمياً نتيجة لحدوث تماس كهربائي في منطقة محددة من الدماغ بسبب مؤثر ما قد يكون تلوثاً كيميائياً أو كهربائياً، أو سمعياً، أو أي نوع آخر من انواع التلوث، يؤدي الى حدوث بعض الرؤى أو الاحاسيس غير الموجودة فعلياً، إلا أن المصاب يشعر بها ويحسها كأنها حقيقة واقعة.
وأنواع الهلوسة كثيرة وعديدة، ولكن اشهرها وأقربها الى الواقع انتشاراً بين الناس الهلوسات السمعية والبصرية والتنويمية واللمسية:
الهلوسة السمعية: وتحدث في ابسط حالاتها حينما تصر على سماع أغنية ما، وأنت مقبل على النوم، فتأتي مرحلة على عقلك تكون الدائرة الكهربائية فيه في حالة تماس -وذلك بعد انتهاء المؤثر الفعلي ألا وهي الأغنية- فتظل أذناك تسمع الأغنية على الرغم من انتهاء المؤثر فعلياً. وهذه تحدث للناس كثيراً، وبخاصة للذين يصرون على النوم وبجانب أذنهم «كاسيت» أو مذياع يشدو بأغنية ما.
الهلوسة البصرية: وتحدث نتيجة بعض حالات الصداع النصفي، وتكون عبارة عن رؤية أشياء وأشخاص يتحركون أمام المرء، وتحدث نتيجة حدوث تقاطع بين اشارات المخ، وهي من أشد أنواع الهلاوس تأثيراً في المخ. ويتم في بعض الأحيان اتهام المريض بها بالانفصام، ويكون بالفعل، في بعض الاحيان، مريضاً بالانفصام، ولكن ليس هذا هو الشائع، فربما تعرض المرء للصداع أو الاجهاد.
الهلوسة التنويمية: وهي من أخطر انواع الهلاوس، وتتمثل في الحالات العادية في ان المرء يستيقظ من نومه بجسده ويظل عقله وعينه وأذنه مع الحلم، لم يستيقظ بعد، فيحدث مثل هذا النوع من الهلوسات.
الهلوسة اللمسية: وهي من أغرب انواع الهلوسات التي يمكن أن يتعرض لها الانسان. ويقال أنها تحدث نتيجة تعاطي انواع معينة من الأدوية، ولكن بعض الاختصاصيين يرى أن هذا النوع من الهلوسات له علاقة بـ»الفوبيا» اكثر منه بالكيماويات. فحينما يتعرض المرء لتجربة نفسية في الصغر فإنها تؤثر في استجابته لمواقف معينة، أو حين تعرضه لأحاسيس معينة تخرج «الفوبيا» الى الوجود ويظهر معها بمظهر الشخص الوسواس. ومن الهلاوس اللمسية أن تشعر وكأن هناك شيئاً ما يسير على جسدك أو يلمسك وأنت نائم، كالحشرات او الفئران.
تجارب علمية
الهلوسات والتصورات سالفة الذكر يمكن تحفيزها اصطناعياً في الدماغ في المختبر، حيث يستخدم العلماء جهازاً يشبه مجفف الشعر الذي يوضع على رأس النساء في صالونات الحلاقة، غير أنه يكون موصولاً بخطوط كهربائية وأجهزة قياس. فقد قام عالم النفس والاعصاب الكندي \"ميشيل بيرسنجر\" بوضع قبعة على رأس شخص ما وجّه من خلاله تياراً كهرومغناطيسياً موجه بالكمبيوتر على منطقة معينة بدقة كبيرة في الدماغ، نجم عنه احساس الشخص برؤية \"رؤى\" أثرت في مشاعره وهزتها.
الكثير من الأشخاص الذين اجريت عليهم هذه التجارب إنتابتهم مشاعر دينية اعتقدوا خلالها انهم في حضرة أحد من الأنبياء. ومثل هذه الرؤيا الدماغية ذات الطابع الديني السماوي تحدث بسبب الثقافات الدينية المتراكمة تاريخياً، حيث يرى المرء من هؤلاء صوراً يترجمها على أنها ملائكة أو أحد الرسل، في حين أن شخصاً من ثقافة دينية غير سماوية يترجمها على أنها صور لأرواح الأجداد.
ومن المعايشات الأخرى، المتميزة معايشة ما يسمى \"الخروج من الجسد\" حيث يشعر المرء في المختبر، وكأنه أسرى بروحه تاركاً جسده يحلق في الفضاء.
وما يلفت الانتباه أن الحقل الكهرومغناطيسي الذي استخدمه الباحث الكندي \"بيرسنجر\" يوجد مثله في الطبيعة، وهو شائع عند حدوث هزات أرضية، أو عند حدوث انفجارات شمسية، الأمر الذي قد يقر رؤية البعض لرؤى مرتبطة بملائكة أو بجن.
والتيار الكهرومغناطيسي في المختبر يوجه الى منطقتين في وسط الدماغ تسميان: \"الهيبوكامبوس\" و\"الميغدالا\". فعند وصول التيار الى هاتين المنطقتين يرى المرء المعرض للتيار رؤى غير واقعية. الباحثة البريطانية \"سوزان بلاكمور\" وهي زميلة العالم الكندي \"بيرسنجر\" كانت غير مقتنعة بتجارب زميلها، الى أن تم اجراء التجربة الكهرمغناطيسية عليها، حيث كتبت في مجلة \"العلم الجديد البريطانية قائلة بهذا الخصوص: \"بعد عشر دقائق شعرت أني اطير بين السحاب، وبعد ذلك شعرت، وبقوة، أن يدين امسكت بي من اكتافي وسحبتني الى الأعلى. وكنت اعرف بأني اجلس بثبات على الكرسي، ولكن هناك من سحبني منه الى الاعلى. وعقب ذلك جاءت المشاعر الفياضة.. لقد شعرت بغضب لتلحق به موجات من الرعب والارتعاش\".
العلاج
لم يُنظر للهلوسات باعتبارها ظواهر مرضية، الا في بداية القرن التاسع عشر، أي عند نشأة ما يعرف بالطب النفسي، وكان د.\"ايتيان ايسكيرول\" هو أول من قرن الهلوسات بالأمراض العصبية. وقد مكن تطور منهاج الاكتشافات العصبية من ملاحظة العيوب \"المورفولوجية\" (والمورفولوجيا هو أحد فروع علم الأحياء، يختص بالكائنات الحية، بما فيها الانسان، وبنيتها) والوظيفية لمخ المريض الذي يعاني من الهلوسات المزمنة. وتتضمن المقاربة العلاجية لهذه العيوب محاور تكميلية عدة، كانت احدى خطواتها التاريخية الحاسمة اكتشاف أدوية مضادة للذهان في الخمسينيات تمكن احياناً من تخفيف حدة الهلوسات أو الهذيان الهلوسي، كما مكنت خطوات التقدم في مجال الصور خلال العشر سنوات الاخيرة، وفي مراكز علاج متعددة، من تطوير صيغ علاجية واعدة عن طريق تعديل Neuromodulation وهي مواد كيميائية في الدماغ مسؤولة عن التواصل بين الخلايا العصبية.
يشبه كثير من الناس الهلوسة بالجنون، وينظرون نظرة متوجسة لكل من يعاني منها، أو أصيب بها شخص ما في احدى سنوات حياته. وذلك على الرغم من انها ارتبطت في الثقافات الغربية بالأمراض النفسية والعصبية، وبخاصة الشيزوفرينيا. والتقديرات تشير الى أن واحداً في المئة من البشر في العالم مصاب بهذا المرض في شكل من الأشكال.
والهلوسات العصبية والنفسية كانت وما زالت يعتبرها بعض الثقافات قناة اتصال روحانية مع القوى العليا، أو تحدث بسبب الجن والشياطين، ولم يكن يخطر ببالهم قط انها تصورات يبتدعها الدماغ نفسه. ومثل هذه التصورات يمكن تحفيزها اصطناعياً في الدماغ، على الرغم من اقتناع البعض انها معايشات روحية.
والهلوسة ليست فقط قاصرة على الصور والأشكال، وانما ايضاً يمكن أن تكون معايشة روائح وأحاسيس، أو أصوات، وبالتالي هي جميع الانطباعات الممكنة القادمة من الحواس جميعها، ويمكن أن تصل بمستويات مختلفة، الى حد التطابق مع الواقع.
والمصاب بهذا المرض يمكن، في مرحلة ما، أن ينتبه الى أنه يعاني من نوبات الهلوسة العميقة. ومعايشات الهلوسة قد تتشابه مع الواقع بدرجة من الدرجات. والأصوات القادمة من داخل الدماغ يمكن أن يسمعها المريض مثل الصوت العادي تماماً، في حين أن انواعاً اخرى من الهلوسات يمكن أن تكون نادرة وشخصية، ومن الصعب وصفها أو التعبير عنها للآخرين. وتتميز الهلوسة الكلاسيكية بأن المصاب بها لا يستطيع التحكم برؤيته وادارتها، في حين أن المعايشات التي يمكن التحكم بها بسهولة يستحسن -حسب المختصين- تسميتها وهم أو تخيلات.
والهلوسات قد تأتي من دون سبب واضح، في حين ان هلوسات أخرى يتم تحفيزها بالمخدرات أو تكون نتيجة الأمراض الجسدية او النفسية. ويمكن أن تأتي ايضاً بسبب الجوع والعطش او قلة النوم، او عدم القدرة على النوم، أو بسبب الاجهاد والتنويم المغناطيسي. ويمكن ايضا اثارة الهلوسات عبر الطقوس مثل الرقص والترنح والغناء ذي الايقاع الثابت (مثل الزار والاناشيد الصوفية) والتأمل الصوفي او التنفس بطريقة غير طبيعية. وكذلك بسبب موجات صوتية منخفضة (تحت العشرين هرتز) يشعر بها المرء كاهتزازات يمكنها ان تؤدي الى هلوسات. ومثل هذه الأصوات قد تأتي من مصادر طبيعية مثل القنوات الهوائية، او مجاري المياه، او بسبب الصواعق والآلات.
وشبه البسيكولوجي الأمريكي رونالد سيجل الهلوسة عام 1977، بالشخص الذي ينظر الى الخارج عبر زجاج النافذة طيلة النهار، طالما هناك ضوء، ولكن عندما يختفي الضوء تظهر امام الناظر صورة انعكاس الغرفة على زجاج النافذة، فيبدو الأمر وكأن الغرفة امام الناظر وليست خلفه.
وقد تظهر الهلوسات -حسب د. تشارليز بونيت- لدى أشخاص نتيجة خلل في البصر يؤدي الى رؤيتهم أشباحاً، مع انهم اصحاء عقليا ونفسيا، وسببه هو تشوه الانطباعات البصرية. وهؤلاء الناس يمكن ان يروا اطارات ملونة تتحرك، ولكنهم غالبا يرون اجساداً او اوجه (مشوهة احيانا) وفي مرات اخرى كما لو انها افلام كرتون تتحرك. ومضمون هذه الصور المتحركة مجهولة بالنسبة لهذا النوع من الأمراض، الأمر الذي يجعلها مختلفة عن المصاب بالهلوسات نتيجة اسباب نفسية مرضية. وهناك نحو عشرة في المئة من المصابين بتضرر الرؤية، في العالم، يتعايشون مع هذه الظاهرة، غير ان غالبيتهم لا يذكرون معاناتهم، حتى لا يتهمون بالجنون.
الصرع والهلوسة:
معروف أن الصرع مرض شائع للغاية، وكان الاعتقاد ان سببه جني او شيطان يسكن في جسم المريض، وتجري طقوس \"دينية\" لإخراجه منه. والموسيقي البولوني الشهير فريدريك شوبان, كان يعاني من الصرع الشديد، حيث كان يرى خلال النوبات (نوبات الصرع) صوراً وخيالات تثير فزعه. وفي هذه الأيام يطلق على هذا النوع من الصرع الهلوسي اسم Temporallobsepilepsi. والاصابة بهذا الخلل الدماغي يؤدي بصاحبه الى رؤية اشباح مرعبة، يخيل إليه أنها تتكلم معه. والانسان المعرض للضغوط النفسية عرضة للاصابة بالهلوسة، والفنانون عموماً أكثر الناس تعرضاً للهلوسة لشدة تجرد عقولهم، مثل الفنان الهولندي المعروف \"فان كوخ\".
أنواع الهلوسات
قبل الحديث عن أنواع الهلوسات نشير إلى أن الهلوسة تحدث علمياً نتيجة لحدوث تماس كهربائي في منطقة محددة من الدماغ بسبب مؤثر ما قد يكون تلوثاً كيميائياً أو كهربائياً، أو سمعياً، أو أي نوع آخر من انواع التلوث، يؤدي الى حدوث بعض الرؤى أو الاحاسيس غير الموجودة فعلياً، إلا أن المصاب يشعر بها ويحسها كأنها حقيقة واقعة.
وأنواع الهلوسة كثيرة وعديدة، ولكن اشهرها وأقربها الى الواقع انتشاراً بين الناس الهلوسات السمعية والبصرية والتنويمية واللمسية:
الهلوسة السمعية: وتحدث في ابسط حالاتها حينما تصر على سماع أغنية ما، وأنت مقبل على النوم، فتأتي مرحلة على عقلك تكون الدائرة الكهربائية فيه في حالة تماس -وذلك بعد انتهاء المؤثر الفعلي ألا وهي الأغنية- فتظل أذناك تسمع الأغنية على الرغم من انتهاء المؤثر فعلياً. وهذه تحدث للناس كثيراً، وبخاصة للذين يصرون على النوم وبجانب أذنهم «كاسيت» أو مذياع يشدو بأغنية ما.
الهلوسة البصرية: وتحدث نتيجة بعض حالات الصداع النصفي، وتكون عبارة عن رؤية أشياء وأشخاص يتحركون أمام المرء، وتحدث نتيجة حدوث تقاطع بين اشارات المخ، وهي من أشد أنواع الهلاوس تأثيراً في المخ. ويتم في بعض الأحيان اتهام المريض بها بالانفصام، ويكون بالفعل، في بعض الاحيان، مريضاً بالانفصام، ولكن ليس هذا هو الشائع، فربما تعرض المرء للصداع أو الاجهاد.
الهلوسة التنويمية: وهي من أخطر انواع الهلاوس، وتتمثل في الحالات العادية في ان المرء يستيقظ من نومه بجسده ويظل عقله وعينه وأذنه مع الحلم، لم يستيقظ بعد، فيحدث مثل هذا النوع من الهلوسات.
الهلوسة اللمسية: وهي من أغرب انواع الهلوسات التي يمكن أن يتعرض لها الانسان. ويقال أنها تحدث نتيجة تعاطي انواع معينة من الأدوية، ولكن بعض الاختصاصيين يرى أن هذا النوع من الهلوسات له علاقة بـ»الفوبيا» اكثر منه بالكيماويات. فحينما يتعرض المرء لتجربة نفسية في الصغر فإنها تؤثر في استجابته لمواقف معينة، أو حين تعرضه لأحاسيس معينة تخرج «الفوبيا» الى الوجود ويظهر معها بمظهر الشخص الوسواس. ومن الهلاوس اللمسية أن تشعر وكأن هناك شيئاً ما يسير على جسدك أو يلمسك وأنت نائم، كالحشرات او الفئران.
تجارب علمية
الهلوسات والتصورات سالفة الذكر يمكن تحفيزها اصطناعياً في الدماغ في المختبر، حيث يستخدم العلماء جهازاً يشبه مجفف الشعر الذي يوضع على رأس النساء في صالونات الحلاقة، غير أنه يكون موصولاً بخطوط كهربائية وأجهزة قياس. فقد قام عالم النفس والاعصاب الكندي \"ميشيل بيرسنجر\" بوضع قبعة على رأس شخص ما وجّه من خلاله تياراً كهرومغناطيسياً موجه بالكمبيوتر على منطقة معينة بدقة كبيرة في الدماغ، نجم عنه احساس الشخص برؤية \"رؤى\" أثرت في مشاعره وهزتها.
الكثير من الأشخاص الذين اجريت عليهم هذه التجارب إنتابتهم مشاعر دينية اعتقدوا خلالها انهم في حضرة أحد من الأنبياء. ومثل هذه الرؤيا الدماغية ذات الطابع الديني السماوي تحدث بسبب الثقافات الدينية المتراكمة تاريخياً، حيث يرى المرء من هؤلاء صوراً يترجمها على أنها ملائكة أو أحد الرسل، في حين أن شخصاً من ثقافة دينية غير سماوية يترجمها على أنها صور لأرواح الأجداد.
ومن المعايشات الأخرى، المتميزة معايشة ما يسمى \"الخروج من الجسد\" حيث يشعر المرء في المختبر، وكأنه أسرى بروحه تاركاً جسده يحلق في الفضاء.
وما يلفت الانتباه أن الحقل الكهرومغناطيسي الذي استخدمه الباحث الكندي \"بيرسنجر\" يوجد مثله في الطبيعة، وهو شائع عند حدوث هزات أرضية، أو عند حدوث انفجارات شمسية، الأمر الذي قد يقر رؤية البعض لرؤى مرتبطة بملائكة أو بجن.
والتيار الكهرومغناطيسي في المختبر يوجه الى منطقتين في وسط الدماغ تسميان: \"الهيبوكامبوس\" و\"الميغدالا\". فعند وصول التيار الى هاتين المنطقتين يرى المرء المعرض للتيار رؤى غير واقعية. الباحثة البريطانية \"سوزان بلاكمور\" وهي زميلة العالم الكندي \"بيرسنجر\" كانت غير مقتنعة بتجارب زميلها، الى أن تم اجراء التجربة الكهرمغناطيسية عليها، حيث كتبت في مجلة \"العلم الجديد البريطانية قائلة بهذا الخصوص: \"بعد عشر دقائق شعرت أني اطير بين السحاب، وبعد ذلك شعرت، وبقوة، أن يدين امسكت بي من اكتافي وسحبتني الى الأعلى. وكنت اعرف بأني اجلس بثبات على الكرسي، ولكن هناك من سحبني منه الى الاعلى. وعقب ذلك جاءت المشاعر الفياضة.. لقد شعرت بغضب لتلحق به موجات من الرعب والارتعاش\".
العلاج
لم يُنظر للهلوسات باعتبارها ظواهر مرضية، الا في بداية القرن التاسع عشر، أي عند نشأة ما يعرف بالطب النفسي، وكان د.\"ايتيان ايسكيرول\" هو أول من قرن الهلوسات بالأمراض العصبية. وقد مكن تطور منهاج الاكتشافات العصبية من ملاحظة العيوب \"المورفولوجية\" (والمورفولوجيا هو أحد فروع علم الأحياء، يختص بالكائنات الحية، بما فيها الانسان، وبنيتها) والوظيفية لمخ المريض الذي يعاني من الهلوسات المزمنة. وتتضمن المقاربة العلاجية لهذه العيوب محاور تكميلية عدة، كانت احدى خطواتها التاريخية الحاسمة اكتشاف أدوية مضادة للذهان في الخمسينيات تمكن احياناً من تخفيف حدة الهلوسات أو الهذيان الهلوسي، كما مكنت خطوات التقدم في مجال الصور خلال العشر سنوات الاخيرة، وفي مراكز علاج متعددة، من تطوير صيغ علاجية واعدة عن طريق تعديل Neuromodulation وهي مواد كيميائية في الدماغ مسؤولة عن التواصل بين الخلايا العصبية.