اسباب الالتهاب الرئوى
تسبب أنواع من الميكروبات التي تشمل البكتيريا والفيروسات التهابات في الجهاز التنفسي عند غالبية البشر، ومختلف الأعمار، وطوال أيام السنة، وهي لا تعرف حدودًا مغلقه او حماية مطلقة. وتكثر الالتهابات بالتفشي بين الأطفال حديثي الولادة وصغارالسن، كما أنها تصيب الأشخاص البالغين الذين يعانون من الإرهاق وضعف الجسم،ونقص المناعة المؤقت أو المزمن، كما يكثر أنتشارها مع تقلبات الطقس الحادة.
وتدل الدراسات العلمية، بأنه يصاب كل شخص تقريباً مرة واحدة على الاقل سنوياً بأحد فيروسات الجهاز التنفسي المعدية، مثل الإنفلونزا، وكثيرا ما يتبع العدوي بالفيروسات، التهابات تسببها أحد أنواع البكتيريا المعدية في جزء أو أكثر من الجهاز التنفسي العلوي، مثل الحلق واللوزتين والبلعوم والحنجرة والجيوب الانفية والأذن الوسطى وخاصة بين الاطفال الصغار السن، وفي حالات قليلة تحدث التهابات حادة بالرئة والقصبات الهوائية. ويعود سبب هذه الالتهابات البكتيرية لكون العدوى بالفيروسات تضعف عادة مقاومة الغشاء المخاطي المبطن للجهاز التنفسي، كما تضعف بصورة عامة مقاومة الجسم، مما يساعد أنواع من البكتيريا المعدية أن تنشط وتحدث التهابات حادة وقاتلة في بعض الأحيان.
وقد تنتشر الالتهابات التنفسية بشكل وباء يشمل عدداٌ محدوداٌ من أفراد المجتمع في منطقة جغرافية محددة، أو ينتشر بصورة واسعة في حاضنات ومدارس الاطفال والمستشفيات والتجمعات السكنية المكتظة والفقيرة، أو بشكل عدة أوبئة محلية ومناطق مختلفة ، وتصيب في نفس الوقت المئات والآلاف في البلد الواحد. وأحيانا تنتشر عدوى المرض بصورة جائحة تعبرعدة بلدان وقارات خلال فترة زمنية قصيرة، وخاصة مع سرعة أنتقال المسافرين بالطائرات، ومن أهمها بعض أنواع الفيروسات التي تصيب الآلاف والملايين خلال فترة أسابيع محدودة، مثل فيروسات الزكام والنزلة الصدرية الحادة / الإنفلونزا بأنواعها المتعددة. ولا تزال تبين تقارير منظمة الصحة العالمة الحديثة بان التهابات الجهاز التنفسي الحادة ومضاعفاتها، تعتبر المسبب الأول للوفاة بين كبار السن وصغار الأطفال في العالم بالنسبة لنوعية الأمراض المعدية، وتؤدي إلى وفاة عدة ملايين سنويا، ومعظمهم في بلدان العالم النامي.
ومن المدهش معرفة أن الجهاز التنفسي لأي إنسان يحتوي على خليط كبير من أنواع البكتيريا الطبيعية والمفيدة التي تعيش بأمان على سطح وثنايا أنسجة الجسم ، وهذه تعرف بأسم نبيت الجهاز التنفسي، وهذا النبيت يساهم بالحفاظ على صحة الجهاز التنفسي والجسم، وتمنع عنه في كثير من الأحيان التهابات الميكروبات المعدية. فالميكروبات المفيدة تمنع أنواع الميكروبات الممرضة من الالتصاق بالاغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي، وترفع من مستوى مناعة الجسم. وبالرغم مما تقدم، فقد ينتهز أحد أنواع الميكروبات المعدية الفرصة المواتية، ويهاجم الأغشية والانسجة الداخلية، ويسبب الالتهابات التنفسية الحادة او المزمنة. وغالبا يتكاثر وينتشر الميكروب المعدي في ظروف خاصة أثناء ضعف مناعة الجسم أو إنحسار بكتيريا نبيت الجسم العادي نتيجة الاستعمال المتكرر اوالكثيف للمضادات الحيوية.
مسببات الالتهابات الرئوية بأنواع البكتيريا الخفية.
أولا، هناك عدد قليل من أنواع البكتيريا التي تنتشر بصورة واسعة في الجهاز التنفسي وبنسبة مئوية عالية بين الناس، وغالبيتها تسبب حالات التهابات الحلق والرئة والقصبات بين الأطفال، وبنسبة مئوية أقل بين البالغين وكبار السن، وهذه الأنواع يسهل أكتشفها في المختبرات الطبية بزراعة عينات من مسحات الحلق والأنف أو إفرازات الجهاز التنفسي مثل القشع، ولن أتحدث عنها في هذا المقال.
وثانيا، هناك أنواع قليلة من البكتيريا التي تسبب أحياننا حالات حادة من الالتهابات التنفسية، ويصعب أكتشفها وتشخيصها في المختبرات، وهذه تستوطن في الجهاز التنفسي لفترات زمنية محدودة، وقد تنتشر فجأة بين الأفراد والتجمعات ضمن ظروف تقلبات الطقس الحادة وتوفر رطوبة عالية في الجو ولأسباب آخري غير معروفة، كما حدث في الفترة الأخيرة في الأردن (شهر أذار ونيسان2012) حسب المعلومات المتوفرة من عدد من الأطباء، ولهذا تعتبر هذه البكتيريا مسببات خفية تؤدي الى التهابات الجهازالتنفسي، وهذه الحالات تعرف باسم مرض ذات الرئة غيرالتقليدي Atypical pneumonia.
ومن أهم هذه الأنواع البكتيريا التالية: الميكوبلازما الرئوية والكلاميديا الرئوية واللجيونيلا الرئوية، وجميعها تسبب مظاهر مرضية متشابهة لحد ما، ويصعب علاجها بالمضادات الحيوية إذا لم يتم تشخيصها حسب خبرة الطبيب السريرية أو بواسطة فحوصات المختبر النوعية.
* الميكوبلازما Mycoplasm
تستوطن أنواع عديدة من بكتيريا الميكوبلازما في الجهاز التنفسي عند الإنسان وبعض الحيوانات لفترات قليلة، وخاصة أثناء حدوث تغيرسريع بدرجات حرارة الطقس من البارد الى الدافئ أو الحار وتوفر رطوبه عالية في الجو. وبكتيريا الميكوبلازما تعتبر من أصغر أنواع البكتيريا المعروفة، وليس من السهولة أكتشافها بالزراعة كباقي أنواع البكتيريا في المختبرات الطبية، لكونها تحتاج الى مزارع خاصة متوفرة فقط في مختبرات الأبحاث الطبية. ومن أهم أنواعها الممرضة للإنسان ميكوبلازما الرئوية.
العدوى والمظاهر المرضية للميكوبلازما الرئوية:
تنتشر العدوى مباشرة من شخص الى آخر عن طريق إفرازات الجهاز التنفسي (الرذاذ) للمريض وملامسة وجهه ويدي المريض والتقبيل، وبصورة واسعة بين الأطفال والبالغين الصغار من كلا الجنسين والذين تتراوح أعمارهم بين 10- 20 عاما، وبشكل فردي أو وبائي في المدارس والجامعات والتجمعات المزدحمة وخاصة خلال أشهر الخريف ونهاية الشتاء، ونادراً ما يحتاج المريض الى إدخال في المستشفى أو يؤدي المرض الى الوفاة، وغالبا تأخذ حضانة أسبوعين قبل ظهور أعراض المرض المميزة. واحيانا تؤدي ميكوبلازما الرئوية الى التهاب بلعومي خفيف يتحول تدريجيا الى التهاب القصبات، وعندها يعاني المريض من سعال جاف وحمى خفيفة الى متوسطة مع إرهاق عام في الجسم يستمر لعدة أيام الى أسابيع، وفي حالات قليلة جدا، يتطور المرض الى التهاب ذات الرئة الذي يحتاج الى دخول المريض الى المستشفى للمعالجة المكثفة، وخاصة إذا تمت معالجة المريض في البداية بأنواع المضادات الحيوية غير الفعالة لهذه البكتيريا مثل أنواع البنسيلين والسفلوسبورين، ويطور جسم المصاب ببطئ الأجسام المضادة النوعية للميكوبلازما الرئوية خلال حضانة المرض، وبعدها يكتسب الجسم مناعة ضد المرض.
التشخيص المخبري والمعالجة والوقاية:
يتم تشخيص العدوى بالميكوبلازما الرئوية مخبريا بأختبار قياس عيار الأجسام المضادة للبكتيريا في دم المريض، وهذا الفحص لايكون إيجابيا قبل مرور أسبوعين على الأقل، ولهذا يصعب في معظم الحالات التأكد من أسباب الأصابة بهذا النوع من البكتيريا. وحديثاً بدأً استعمال أختبار سلسلة البوليمريز PCR بنجاح، ويتم تشخيص الحالات المرضية بسرعة خلال ساعات من العينات التي تأخذ من إفرازات الجهاز التنفسي للمريض. ويوصى باستعمال المضادات الحيوية من مجموعة إريثروميسين الحديثة أو الأوكسيسكلين، وتعطى للمريض لفترة لا تقل عن أسبوعين حتى يتم الشفاء. ولا يوجد حتى الآن لقاح يحصن الجسم ضد العدوى بالميكوبلازما المعدية. ومن المعروف من الدراسات في العالم ومنها الأردن، أن أنتشار العدوى بالميكوبلازما الرئوية يحدث بشكل أوبئة محدوة أو واسعة كل فترة عدة سنوات.
النوع الثاني، الكلاميديا الرئوية Chlamydia pneumoniae ، فهو قليل الأنتشار في العالم، وينتشرعادة بشكل حالات فردية من شخص مصاب الى آخر، وتكثر العدوى بالمرض بين الأطفال الصغار. وتظهر أعراض المرض السريرية بعد حضانة 10-14 يوما، وبشكل خفيف، وتشمل غالبا الرئتين، ومع ارتفاع درجة حرارة الجسم وصداع وألم في العضلات. وفي حالات قليلة تحدث مضاعفات مثل التهاب ذات الرئة الحاد مع سعال جاف أو مع قشع- قيحي وضيق في التنفس، وقد يتبعه التهاب في الدماغ وعضلة القلب تنتهي بوفاة المريض. ويتم تشخيص أمراض الكلاميديا باستعمال مزارع الأنسجة الخاصة أو بالكشف عن الأجسام المضادة للكلاميديا بعد أسبوعين من المرض. ويعتبر استعمال فحص سلسلة البوليمريز للكشف عن جينات البكتيريا من أفضل وأسرع الطرق المخبرية للكشف عن الكلاميديا الرئوية والتناسليةC. trachomatis والتي يمكن أن تسبب أحيانا حالات التهاب الرئتين بين الأطفال حديثي الولادة.
النوع الثالث، اللجيونيلا الرئوية Legionella pneumonphila، فقد اكتشفت أهمية هذا النوع من البكتيريا بالصدفة عام 1976 في مدينة فيلادلفيا بأمريكا أثناء الاجتماع السنوي للمحاربين الأمريكيين القدماء (الفيالقة)، فقد أصيب المئات منهم فجأة بأعراض مرض غامض تبين فيما بعد بأن الميكروب المسبب للمرض نوع من عصيات بكتيريا رفيعة الشكل، ويصعب رؤيتها بسهوله في المجهرالضوئي. وقد تم تسمية هذه البكتيريا فيما بعد باسم بكتيريا لجيونيل، وهنالك ما يقارب 36 صنف آخر من بكتيريا اللجيونيلا ينتشر في بيئة الإنسان والحيوان وفي الطبيعة، ومعظمها تعتبر حتى الآن غير ممرضة للإنسان.
تشير الدراسات الوبائية بأن مرض اللجيونيلا الرئوي يكثر حدوثه في الأماكن التي يكثر فيها استعمال إجهزة المكيفات المركزية بالهواء، كما حدث أثناء الوباء في فيلادلفيا أو بواسطة حنفيات ومرشات الماء الساخن أو البارد الملوث ببكتيريا اللجونيلا ومنها حممات الساونا غير النظيفة. ولقد ثبت أن هذا الميكروب يبقى حياً لمدة عدة أشهر في الماء النقي الحار والبارد الذي لا يحتوى على المقدار الكافي من مادة الكلورين المطهرة.
العدوى والمظاهر المرضية. تكثرالعدوى باللجيونيلا الرئوية بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن الستين، خاصة عند المدخنين والذين يعانون من أمراض الرئة وضعف المناعة. ويشترك جميع المصابين بأعراض التهاب رئوي متوسط الى حاد، مصحوب بارتفاع درجة الحرارة وضيق التنفس وصداع وألم عضلي شديد. وقد يموت الشخص المصاب خلال أيام قليلة نتيجة القصور بالتنفس الشديد اذا لم يعطى المضادات الحيوية والعلاج المكثف في المستشفى لتنظيم عملية تنفس المريض.
التشخيص المخبري والمعالجة والوقاية. يتم تشخيص مرض الجيونيلا الرئوية بقياس عيار الأجسام المضادة لبكتيريا اللجيونيلا في دم المريض بد مرور أسبوعين على المرض، أو عزل البكتيريا من عينات الحلق والقشع والدم باستعمال مزارع خاصة، كما يستعمل حاليا أختبار سلسلة البوليميريز بنجاح وسهولة للكشف عنها. ويتم علاج الحالات المرضية باستعمال أحد إدوية مجموعة الإريثروميسين، مثل azithromycin أو أحد مجموعة الكوينولونات levofloxacin, moxifloxacin . ولا يوجد حتى الآن لقاح ضد المرض، ولذلك يوصى منع تلوث أنظمة تكيف الهواء أو خزانات الماء التابعة لأجهزة التنفس في المستشفيات ببكتيريا اللجونيلا الرئوية التي تعيش في التربة الرطبة.
تسبب أنواع من الميكروبات التي تشمل البكتيريا والفيروسات التهابات في الجهاز التنفسي عند غالبية البشر، ومختلف الأعمار، وطوال أيام السنة، وهي لا تعرف حدودًا مغلقه او حماية مطلقة. وتكثر الالتهابات بالتفشي بين الأطفال حديثي الولادة وصغارالسن، كما أنها تصيب الأشخاص البالغين الذين يعانون من الإرهاق وضعف الجسم،ونقص المناعة المؤقت أو المزمن، كما يكثر أنتشارها مع تقلبات الطقس الحادة.
وتدل الدراسات العلمية، بأنه يصاب كل شخص تقريباً مرة واحدة على الاقل سنوياً بأحد فيروسات الجهاز التنفسي المعدية، مثل الإنفلونزا، وكثيرا ما يتبع العدوي بالفيروسات، التهابات تسببها أحد أنواع البكتيريا المعدية في جزء أو أكثر من الجهاز التنفسي العلوي، مثل الحلق واللوزتين والبلعوم والحنجرة والجيوب الانفية والأذن الوسطى وخاصة بين الاطفال الصغار السن، وفي حالات قليلة تحدث التهابات حادة بالرئة والقصبات الهوائية. ويعود سبب هذه الالتهابات البكتيرية لكون العدوى بالفيروسات تضعف عادة مقاومة الغشاء المخاطي المبطن للجهاز التنفسي، كما تضعف بصورة عامة مقاومة الجسم، مما يساعد أنواع من البكتيريا المعدية أن تنشط وتحدث التهابات حادة وقاتلة في بعض الأحيان.
وقد تنتشر الالتهابات التنفسية بشكل وباء يشمل عدداٌ محدوداٌ من أفراد المجتمع في منطقة جغرافية محددة، أو ينتشر بصورة واسعة في حاضنات ومدارس الاطفال والمستشفيات والتجمعات السكنية المكتظة والفقيرة، أو بشكل عدة أوبئة محلية ومناطق مختلفة ، وتصيب في نفس الوقت المئات والآلاف في البلد الواحد. وأحيانا تنتشر عدوى المرض بصورة جائحة تعبرعدة بلدان وقارات خلال فترة زمنية قصيرة، وخاصة مع سرعة أنتقال المسافرين بالطائرات، ومن أهمها بعض أنواع الفيروسات التي تصيب الآلاف والملايين خلال فترة أسابيع محدودة، مثل فيروسات الزكام والنزلة الصدرية الحادة / الإنفلونزا بأنواعها المتعددة. ولا تزال تبين تقارير منظمة الصحة العالمة الحديثة بان التهابات الجهاز التنفسي الحادة ومضاعفاتها، تعتبر المسبب الأول للوفاة بين كبار السن وصغار الأطفال في العالم بالنسبة لنوعية الأمراض المعدية، وتؤدي إلى وفاة عدة ملايين سنويا، ومعظمهم في بلدان العالم النامي.
ومن المدهش معرفة أن الجهاز التنفسي لأي إنسان يحتوي على خليط كبير من أنواع البكتيريا الطبيعية والمفيدة التي تعيش بأمان على سطح وثنايا أنسجة الجسم ، وهذه تعرف بأسم نبيت الجهاز التنفسي، وهذا النبيت يساهم بالحفاظ على صحة الجهاز التنفسي والجسم، وتمنع عنه في كثير من الأحيان التهابات الميكروبات المعدية. فالميكروبات المفيدة تمنع أنواع الميكروبات الممرضة من الالتصاق بالاغشية المخاطية المبطنة للجهاز التنفسي، وترفع من مستوى مناعة الجسم. وبالرغم مما تقدم، فقد ينتهز أحد أنواع الميكروبات المعدية الفرصة المواتية، ويهاجم الأغشية والانسجة الداخلية، ويسبب الالتهابات التنفسية الحادة او المزمنة. وغالبا يتكاثر وينتشر الميكروب المعدي في ظروف خاصة أثناء ضعف مناعة الجسم أو إنحسار بكتيريا نبيت الجسم العادي نتيجة الاستعمال المتكرر اوالكثيف للمضادات الحيوية.
مسببات الالتهابات الرئوية بأنواع البكتيريا الخفية.
أولا، هناك عدد قليل من أنواع البكتيريا التي تنتشر بصورة واسعة في الجهاز التنفسي وبنسبة مئوية عالية بين الناس، وغالبيتها تسبب حالات التهابات الحلق والرئة والقصبات بين الأطفال، وبنسبة مئوية أقل بين البالغين وكبار السن، وهذه الأنواع يسهل أكتشفها في المختبرات الطبية بزراعة عينات من مسحات الحلق والأنف أو إفرازات الجهاز التنفسي مثل القشع، ولن أتحدث عنها في هذا المقال.
وثانيا، هناك أنواع قليلة من البكتيريا التي تسبب أحياننا حالات حادة من الالتهابات التنفسية، ويصعب أكتشفها وتشخيصها في المختبرات، وهذه تستوطن في الجهاز التنفسي لفترات زمنية محدودة، وقد تنتشر فجأة بين الأفراد والتجمعات ضمن ظروف تقلبات الطقس الحادة وتوفر رطوبة عالية في الجو ولأسباب آخري غير معروفة، كما حدث في الفترة الأخيرة في الأردن (شهر أذار ونيسان2012) حسب المعلومات المتوفرة من عدد من الأطباء، ولهذا تعتبر هذه البكتيريا مسببات خفية تؤدي الى التهابات الجهازالتنفسي، وهذه الحالات تعرف باسم مرض ذات الرئة غيرالتقليدي Atypical pneumonia.
ومن أهم هذه الأنواع البكتيريا التالية: الميكوبلازما الرئوية والكلاميديا الرئوية واللجيونيلا الرئوية، وجميعها تسبب مظاهر مرضية متشابهة لحد ما، ويصعب علاجها بالمضادات الحيوية إذا لم يتم تشخيصها حسب خبرة الطبيب السريرية أو بواسطة فحوصات المختبر النوعية.
* الميكوبلازما Mycoplasm
تستوطن أنواع عديدة من بكتيريا الميكوبلازما في الجهاز التنفسي عند الإنسان وبعض الحيوانات لفترات قليلة، وخاصة أثناء حدوث تغيرسريع بدرجات حرارة الطقس من البارد الى الدافئ أو الحار وتوفر رطوبه عالية في الجو. وبكتيريا الميكوبلازما تعتبر من أصغر أنواع البكتيريا المعروفة، وليس من السهولة أكتشافها بالزراعة كباقي أنواع البكتيريا في المختبرات الطبية، لكونها تحتاج الى مزارع خاصة متوفرة فقط في مختبرات الأبحاث الطبية. ومن أهم أنواعها الممرضة للإنسان ميكوبلازما الرئوية.
العدوى والمظاهر المرضية للميكوبلازما الرئوية:
تنتشر العدوى مباشرة من شخص الى آخر عن طريق إفرازات الجهاز التنفسي (الرذاذ) للمريض وملامسة وجهه ويدي المريض والتقبيل، وبصورة واسعة بين الأطفال والبالغين الصغار من كلا الجنسين والذين تتراوح أعمارهم بين 10- 20 عاما، وبشكل فردي أو وبائي في المدارس والجامعات والتجمعات المزدحمة وخاصة خلال أشهر الخريف ونهاية الشتاء، ونادراً ما يحتاج المريض الى إدخال في المستشفى أو يؤدي المرض الى الوفاة، وغالبا تأخذ حضانة أسبوعين قبل ظهور أعراض المرض المميزة. واحيانا تؤدي ميكوبلازما الرئوية الى التهاب بلعومي خفيف يتحول تدريجيا الى التهاب القصبات، وعندها يعاني المريض من سعال جاف وحمى خفيفة الى متوسطة مع إرهاق عام في الجسم يستمر لعدة أيام الى أسابيع، وفي حالات قليلة جدا، يتطور المرض الى التهاب ذات الرئة الذي يحتاج الى دخول المريض الى المستشفى للمعالجة المكثفة، وخاصة إذا تمت معالجة المريض في البداية بأنواع المضادات الحيوية غير الفعالة لهذه البكتيريا مثل أنواع البنسيلين والسفلوسبورين، ويطور جسم المصاب ببطئ الأجسام المضادة النوعية للميكوبلازما الرئوية خلال حضانة المرض، وبعدها يكتسب الجسم مناعة ضد المرض.
التشخيص المخبري والمعالجة والوقاية:
يتم تشخيص العدوى بالميكوبلازما الرئوية مخبريا بأختبار قياس عيار الأجسام المضادة للبكتيريا في دم المريض، وهذا الفحص لايكون إيجابيا قبل مرور أسبوعين على الأقل، ولهذا يصعب في معظم الحالات التأكد من أسباب الأصابة بهذا النوع من البكتيريا. وحديثاً بدأً استعمال أختبار سلسلة البوليمريز PCR بنجاح، ويتم تشخيص الحالات المرضية بسرعة خلال ساعات من العينات التي تأخذ من إفرازات الجهاز التنفسي للمريض. ويوصى باستعمال المضادات الحيوية من مجموعة إريثروميسين الحديثة أو الأوكسيسكلين، وتعطى للمريض لفترة لا تقل عن أسبوعين حتى يتم الشفاء. ولا يوجد حتى الآن لقاح يحصن الجسم ضد العدوى بالميكوبلازما المعدية. ومن المعروف من الدراسات في العالم ومنها الأردن، أن أنتشار العدوى بالميكوبلازما الرئوية يحدث بشكل أوبئة محدوة أو واسعة كل فترة عدة سنوات.
النوع الثاني، الكلاميديا الرئوية Chlamydia pneumoniae ، فهو قليل الأنتشار في العالم، وينتشرعادة بشكل حالات فردية من شخص مصاب الى آخر، وتكثر العدوى بالمرض بين الأطفال الصغار. وتظهر أعراض المرض السريرية بعد حضانة 10-14 يوما، وبشكل خفيف، وتشمل غالبا الرئتين، ومع ارتفاع درجة حرارة الجسم وصداع وألم في العضلات. وفي حالات قليلة تحدث مضاعفات مثل التهاب ذات الرئة الحاد مع سعال جاف أو مع قشع- قيحي وضيق في التنفس، وقد يتبعه التهاب في الدماغ وعضلة القلب تنتهي بوفاة المريض. ويتم تشخيص أمراض الكلاميديا باستعمال مزارع الأنسجة الخاصة أو بالكشف عن الأجسام المضادة للكلاميديا بعد أسبوعين من المرض. ويعتبر استعمال فحص سلسلة البوليمريز للكشف عن جينات البكتيريا من أفضل وأسرع الطرق المخبرية للكشف عن الكلاميديا الرئوية والتناسليةC. trachomatis والتي يمكن أن تسبب أحيانا حالات التهاب الرئتين بين الأطفال حديثي الولادة.
النوع الثالث، اللجيونيلا الرئوية Legionella pneumonphila، فقد اكتشفت أهمية هذا النوع من البكتيريا بالصدفة عام 1976 في مدينة فيلادلفيا بأمريكا أثناء الاجتماع السنوي للمحاربين الأمريكيين القدماء (الفيالقة)، فقد أصيب المئات منهم فجأة بأعراض مرض غامض تبين فيما بعد بأن الميكروب المسبب للمرض نوع من عصيات بكتيريا رفيعة الشكل، ويصعب رؤيتها بسهوله في المجهرالضوئي. وقد تم تسمية هذه البكتيريا فيما بعد باسم بكتيريا لجيونيل، وهنالك ما يقارب 36 صنف آخر من بكتيريا اللجيونيلا ينتشر في بيئة الإنسان والحيوان وفي الطبيعة، ومعظمها تعتبر حتى الآن غير ممرضة للإنسان.
تشير الدراسات الوبائية بأن مرض اللجيونيلا الرئوي يكثر حدوثه في الأماكن التي يكثر فيها استعمال إجهزة المكيفات المركزية بالهواء، كما حدث أثناء الوباء في فيلادلفيا أو بواسطة حنفيات ومرشات الماء الساخن أو البارد الملوث ببكتيريا اللجونيلا ومنها حممات الساونا غير النظيفة. ولقد ثبت أن هذا الميكروب يبقى حياً لمدة عدة أشهر في الماء النقي الحار والبارد الذي لا يحتوى على المقدار الكافي من مادة الكلورين المطهرة.
العدوى والمظاهر المرضية. تكثرالعدوى باللجيونيلا الرئوية بين الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن الستين، خاصة عند المدخنين والذين يعانون من أمراض الرئة وضعف المناعة. ويشترك جميع المصابين بأعراض التهاب رئوي متوسط الى حاد، مصحوب بارتفاع درجة الحرارة وضيق التنفس وصداع وألم عضلي شديد. وقد يموت الشخص المصاب خلال أيام قليلة نتيجة القصور بالتنفس الشديد اذا لم يعطى المضادات الحيوية والعلاج المكثف في المستشفى لتنظيم عملية تنفس المريض.
التشخيص المخبري والمعالجة والوقاية. يتم تشخيص مرض الجيونيلا الرئوية بقياس عيار الأجسام المضادة لبكتيريا اللجيونيلا في دم المريض بد مرور أسبوعين على المرض، أو عزل البكتيريا من عينات الحلق والقشع والدم باستعمال مزارع خاصة، كما يستعمل حاليا أختبار سلسلة البوليميريز بنجاح وسهولة للكشف عنها. ويتم علاج الحالات المرضية باستعمال أحد إدوية مجموعة الإريثروميسين، مثل azithromycin أو أحد مجموعة الكوينولونات levofloxacin, moxifloxacin . ولا يوجد حتى الآن لقاح ضد المرض، ولذلك يوصى منع تلوث أنظمة تكيف الهواء أو خزانات الماء التابعة لأجهزة التنفس في المستشفيات ببكتيريا اللجونيلا الرئوية التي تعيش في التربة الرطبة.