صلاة الجماعة للنساء
رسالتنا هذه نبعثها إلى مربية الأجيال الرائدين، وأستاذة الفاتحين، ومنجبة العلماء العاملين، وحاضنة الأشبال الطامحين؛ فإلى كل نساء المسلمين .. إلى شقائق الرجال؛ نهدي هذه الكلمات الرمضانية.
تعلمين أمة الله أن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام، وقد أوجبها الله - تعالى - على كل من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً؛ أكان رجلاً أو امرأة.
لكن الله سبحانه - حفظاً وصيانة للمرأة - لم يفرض عليها صلاة الجماعة في المساجد؛ كما فرضها على الرجال القادرين، بل جعل صلاتها في بيتها خيراً لها جاء ذلك في التوجيه النبوي الكريم: ((صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعه1 أفضل من صلاتها في بيتها))2.
وهذا التوجيه النبوي الكريم للنساء إنما هو لحكمة شرعية عظيمة، ومقصد رفيع، وهدف نبيل صرح به الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - في حديث آخر فقال: ((إن المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من وجه ربها وهي في قعر بيتها))3 ومعنى استشرفها: أي "زينها في نظر الرجال، وقيل أي نظر إليها ليغويها ويغوى بها...فإذا خرجت أمعن النظر إليها ليغويها بغيرها، ويغوي غيرها بها، ليوقعهما أو أحدهما في الفتنة"4.
لكنه رغم ذلك لم يَحرِم المرأة تماماً من حضور صلاة الجماعة مع المسلمين، كيف وقد كانت النساء يحضرن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ويصلين في مسجده، بل لقد قال - عليه الصلاة والسلام - موجهاً للرجال: ((لا تمنعوا إماء الله مساجد الله))5.
فيا أمَة الله: لكِ أن تحضري في هذا الشهر العظيم لصلاة التراويح مع الجماعة، وتشهدين الخير ودعاء المسلمين، وما أردتِ من الصلوات، لكن وأنتِ في حشمة وستر يرضي الله - تعالى -، فلا تبرج ولا سفور، ولا تعطر ولا تفسخ، ولا تضييع لأولادكِ، ولا لحقوق زوجكِ عليك؛ حتى لا تطغى هذه المفاسد على مصلحة حضورك الصلاة مع المسلمين، فلا بد من إعطاء كل ذي حق حقه، وكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته.
نسأل الله - تعالى - أن يوفق نساء المسلمين لما يحب ويرضى، وأن يحفظهن من كيد الكائدين، ومكر الماكرين، والحمد لله رب العالمين.
--------------------------------------------------------------------------------
1 المَخْدَع وهو البيت الصغير الذي يكون داخل البيت الكبير وتُضَم ميِمُه وتُفْتح. النهاية في غريب الأثر (2/35).
2 رواه أبو داود في سننه برقم (570)، وصححه الألباني بنفس الرقم.
3 أخرجه ابن حبان في صحيحه برقم (5599)، وقال شعيب الأرناؤوط في تحقيقه: إسناده صحيح على شرط مسلم.
4 تحفة الأحوذي (4/283).
5 رواه البخاري برقم (900)، ومسلم برقم (1018).