من قام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " رواه البخاري 37 ومسلم 759 .
الحديث دليل على فضل قيام رمضان ، وأنه من أسباب مغفرة الذنوب ، ومن صلى التراويح كما ينبغي فقد قام رمضان ..
والمغفرة مشروطة بقوله : " إيماناً واحتساباً " ..
ومعنى " إيمانا " : أي أنه حال قيامه مؤمناً بالله تعالى ، ومصدقاً بوعده وبفضل القيام ، وعظيم أجره عند الله تعالى .
" واحتساباً " : أي محتسباً الثواب عند الله تعالى لا بقصد آخر من رياء ونحوه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة ، ثم يقول : من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه .
فعلى المسلم أن يحرص على صلاة التراويح ، ويصبر على إتمامها مع إمامه ، ولا يفرط في شيء منها ، ولا ينصرف قبل إمامه ، حتى ولو زاد إمامه على إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة " .
وما هي إلا ليالٍ معدودة يغتنمها العاقل قبل فواتها .
وقال أبو داود : " قيل لأحمد وأنا أسمع : يؤخر القيام – يعني التراويح – إلى آخر الليل ؟
قال : لا سنة المسلمين أحب إليّ . "
وإذا رغب الإنسان أن يصلي ما كتب له وقت السحر ، فإنه لا يوتر في آخر صلاته مرة أخرى ، بل يكتفي بوتره مع إمامه في صلاة التراويح لما ورد في حديث طلق بن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا وتران في ليلة " .
وأما حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا " ، فهو محمول على من صلى في آخر الليل ولم يوتر في أوله ..
والأمر فيه محمول على الندب وليس على الإيجاب ، فلا يلزم ختم صلاة آخر الليل بالوتر ، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد وتره في آخر الليل .
قال أبو داوود : قلت لأحمد : ينقض الوتر ؟ قال : لا .
قال أبو داوود : سمعت أحمد يقول فيمن أوتر أول الليل ثم قام يصلي ؟
قال : يصلي ركعتين ..
قيل : وليس عليه وتر ؟
قال : لا .
قال : وسمعته سئل عمن أوتر يصلي بعدها مثنى مثنى ؟
قال : نعم ، ولكن يكون بعد الوتر ضجعة . أ.هـ
وينبغي للإمام في صلاة التراويح أن يراعي صلاته ، فيصلي صلاة الخاشعين يرتل القراءة ، ويطمئن في الركوع والسجود ، ويحذر من العجلة لئلا يخل بالطمأنينة ن ويتعب من خلفه من الضعفاء وكبار السن والمرضى ..
يقول السائب بن يزيد : " أمر عمر بن الخطاب أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة ، قال : وقد كان القارئ يقرأ بالمئين ، حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام ، وما كنا ننصرف إلا في فروع الفجر " .
وإذا سلم المصلي من الوتر قال : " سبحان الملك القدوس " ثلاثاً ، يمد بها صوته ويرفع في الثالثة ، لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا بأس بحضور النساء صلاة التراويح إذا أمنت الفتنة ، وخرجن محتشمات غير متبرجات بثياب زينة ولا طيب ، وصلين بخضوع وخشوع ، منزهات بيوت الله تعالى عن اللغو ورديء الكلام ، من غيبة أو نميمة أو ما يتعلق بشئون بيوتهن لعلهن أن يسلمن من الإثم ، ويحظين بثواب الله تعالى . والله أعلم
المرجع ( أحاديث الصيام .. للفوزان ص 59)
اللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم ، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم .