سرّ الصندوق
كان أخوان يعيشان معاً في بيت واحد، وكان لأحدهما صندوق عليه قفل، وضعه في زاوية من البيت، وكان كلما عاد من العمل، فتح الصندوق، وقعد أمامه، تاركاً ظهره لأخيه، وانكب على ما في الصندوق ساعة أو ساعتين، يتأمل ما فيه، ويتفقده، ثم يغلقه، ويحكم إقفاله.
وكان هذا دأبه كل يوم، وأخوه يرقبه بصمت، وضيق، ولكنه لا يسأله عما يخبئ في الصندوق، ولا يحاول إخراجه.
ومرت عليهما الأيام، وهما كذلك، فإذا هي أعوام وأعوام.
ثم كان أن مات الأخ صاحب الصندوق، فقام أخوه بواجبه نحوه، فدفنه، وأكرم مثواه، ثم بادر إلى الصندوق ففتحه، فإذا فيه قطع صغيرة من الحديد، عتيقة، صدئة ومسامير، ومفاتيح، وعجلات، وقطع لا أشكال لها، كلها صدئة صدئة.
من أجل أخي
يحكى أن أخوين اثنين كانا قد ورثا عن أبيهما قطعة أرض، فكانا يعملان فيها معاً، يزرعانها ويحصدانها، ثم يقتسمان غلالها، وكان أحد الأخوين متزوجاً، ذا عيال كثير، على حين كان الآخر ما يزال عزباً.
وفي أحد المواسم، اقتسما المحصول، وحمل كل منهما نصيبه إلى داره، وأودعه في مخزنه، وفي الليل، أوى كل منهما إلى فراشه، فقال الذي ما يزال عزباً يحدث نفسه: (إن أخي متزوج، وذو عيال، وهو يتحمل من الأعباء أكثر مما أتحمل، وأنا العزب، فليس من الإنصاف أن نقتسم الغلال، فمن حقه أن يكون نصيبه أكثر من نصيبي) ثم ما كان منه إلا أن نهض، ومضى إلى مخزنه، فحمل منه كيساً ومضى به إلى دار أخيه، فدخلها، وألقى بحمله في مخزن أخيه، ورجع إلى داره مرتاحاً مطمئن النفس.
وفي تلك الأثناء كان الأخ الآخر، يحدث نفسه، فيقول: (إن أخي ما يزال عزباً، وهو مقبل على الزواج، وعليه ستقع أعباء كثيرة، وليس من الإنصاف أن أقاسمه الغلال مناصفة) ثم ما كان منه إلا أن نهض، ومضى إلى مخزنه، وحمل منه كيساً، ومضى إلى دار أخيه، فدخلها، وألقى بحمله في مخزن أخيه، ورجع إلى داره مرتاحاً، مطمئن النفس.
وفي النهار رجع الأخوان إلى العمل الذي خلفه لهما والدهما، بتعاون، وصدق وإخلاص.