منتديات شريف سليمان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


3 مشترك

    معركة الحصن القديم - نجيب محفوظ

    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصة معركة الحصن القديم - نجيب محفوظ

    مُساهمة من طرف شـريـف 6/7/2011, 4:45 pm


    معركة الحصن القديم

    عاد الى الحارة فى أول اجازة بعد فترة غياب غير قصيرة و همست امرأة " ذهب يوم الكشف بجلبابه ، و ها هو يعود بالبدلة الكاكى ، ما أجملة فى البدلة الكاكى " . و حذاؤه الأسود الضخم لم يخف على أحد و لا طربوشه الطويل . أجل نحف و لكن عوده اشتد و صلب . اكتست بشرته بسمرة غميقة من شمس الصحراء . و قال عجوز سبق تجنيده :
    1 أمامه خمس سنوات سخره كسائر الجنود المساكين .

    يوم دعى للتجنيد كان من أيام الحارة الحزينة . هرعت أمه الى شيخ الحارة و قالت له فى ضراعة " نحن فى عرضك " ، فقال لها الرجل : " قوانين الحكومة لا تجدى معها الشفاعة "

    و أوصاها أن تذهب به الى رجل مشهود له بالمهارة فيضمن له عاهه تعفيه من القبول يوم الكشف ، و لكن الشاب رفض الفكرة و قال لأمه : انه يفضل خدمة الجيش خمس سنوات عن عاهة تلتصق به طوال الحياة . هكذا قبل جنديا بلا زغاريد .

    و يوم المحمل احتفلت به الحارة كلها . احتل الرجال قطاعا من الطريق فيما يلى حى الشوام ، و تكأكأت النسوة فيما بين الحمام و الجامع . و خفتت القلوب بالافراح .

    و عاد الشاب الى حارته فى الاجازة ليستمتع بشىء من الحرية و الراحة . و عزمت أمه على ألا تضن عليه بشىء و لو باعت آخر أسورة فى معصمها . و قال لأمه و هو يخلع ملابسه .
    - حياة القشلاق فوق طاقة البشر .

    فدعت له بالقوة و الصبر ثم قالت متشكية بدورها :
    2 و حياتنا فى الحارة أصبحت مثل حياة القشلاق و أسوأ ، ألم تسمع بما حصل ؟
    بلى قد سمع كلمات متناثرة ، و لكنه لم يدرك أبعاد الحكاية ، فواصلت أمه قائلة :
    4 لم يكن ينقصنا الا العفاريت ، ألم يكن فى الناس الكفاية ؟

    الواقع أدرك الشاب أن الحارة تمر بمحنه . قدر رهيب حرك الشر فى قلوب ساكنى الحسن الذى يوجد بابه المغلق تحت القبو على كل من انفردوا به ليلاً ، و ملأوه رعبا فسقط منهم جرحى و هم يفرون من الهول . استمع الجندى الى حكايات الضحايا و عاين الجراح و الكسور ثم قال بامتعاض شديد

    5 ما يصح أن تعبث العفاريت بحارة مؤمنه ..
    فأيده جميع السامعين و قال صوت :
    6 نحن فى حاجة الى بطل ..
    فهز الحماس الشاب و قال :
    7 أنا لها !!
    فثارت ضجة و هتاف ، و تحمس كل شخص باستثناء أمه فأسكره الحماس و صح متحدياً :
    8 أنا لها !!

    و انتظروا المغيب و قد تعلقت به الآمال ، و انزوت أمه تبكى ، و هبط المساء ذلك اليوم فى هالة من التهاويل و الأخيلة الخارقة . و وقف الجندى ممسكا بعصا أهداها إليه فتوة متقاعد . و تقدم من القبو يشق طريقة فى زحمة الخلق فعلت الضوضاء حتى غطت على تحذيرات أمه الباكية . و فى صوت قوى واحد صاحوا " أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم "

    و فى ثبات ظاهر مرق الجندى من باب الحصن القديم . و أنصتوا بقلوب راجفة و دفنوا الهمسات فى الصدور و مال شيخ الحارة نحو الامام و سأله :
    - كيف تنتهى المعركة ؟

    فأجاب الامام :
    9 الله يؤتى النصر من يشاء .
    و ندت من الداخل حركات عنيفة ارتعدت لها القلوب ثم كان انفجار ، تبعه صوت كالرعد ، و انتشرت فى جوف القبو أصوات دق و كسر و تمزق و زمجرة و دار همس حار مع الأنفاس المضطربة : " الدقيقة بعام كامل ، لو انهزم الحق علينا أن نرحل عن الحارة . لولا حكمة ربنا ما أٌدم الشاب على المعركة " .

    و ساد الصمت فجاءة و فتح باب الحصن مرة أخرى فاقتحم صريره سكون الليل . و أمر شيخ الحارة باشعال فوانيس الطوارىء فاشتعلت و تراءت على أضوائها الوجوه الشاحبة و لاح الجندى فى الباب فهتف الناس بجنون " الله الله " و تقدم نحو الحارة يسير فى مشية عسكرية فأوسعوا له و اذا بطابور من الأشباح يتبعه بنفس المشية يسيرون أربعة أربعة . ذهل الناس و هم يرون الطابور و هو يشغل سطح الحارة من القبو حتى مخرج الميدان . و توقف الجندى فوقوا و هم يتحركون محلك سر . ظلوا يتحركون هكذا حتى لم يجد الناس مكانا الا لصق الجدران .

    و ألاف الناس الفرحة و أفاقوا من سكرتها ، و حل محل ذلك تساؤل و دهشة و قشعريرة خوف . و سأل رجل شيخ الحارة :
    - ألا ترى أمامك يا أعمى ... !؟
    و أصرت الأم على اطلاق تحذيراتها حتى رميت بالجنون . و لم يعد يسمع فى الليل الا وقع الأقدام الثقيل
    ميرو
    ميرو
    عضو متألق
    عضو متألق


    انثى
    مصر

    عدد المشاركات : : 982

    تاريخ التسجيل : : 18/05/2010

    قصة رد: معركة الحصن القديم - نجيب محفوظ

    مُساهمة من طرف ميرو 7/7/2011, 12:30 am



    مشكوووووووور
    Asmaa Elnagy
    Asmaa Elnagy
    مشرفة
    مشرفة


    انثى
    مصر

    عدد المشاركات : : 1367

    تاريخ التسجيل : : 03/07/2011

    قصة رد: معركة الحصن القديم - نجيب محفوظ

    مُساهمة من طرف Asmaa Elnagy 7/7/2011, 1:06 pm

    مشكوووووووووووووووور

      الوقت/التاريخ الآن هو 2/5/2024, 3:23 pm