صحيح البخاري - للإمام أبي عبدالله بن اسماعيل البخاري
72 - كتاب النفقات
1 - باب: فضل النفقة على الأهل.
وقول الله تعالى: {ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخر} /البقرة: 219، 220/
وقال الحسن: العفو: الفضل.
5036 - حدثنا أدم بن أبي إياس:حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت قال:
سمعت عبد الله بن يزيد الأنصاري، عن أبي مسعود الأنصاري، فقلت: عن النبي؟ فقال: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أنفق المسلم نفقة على أهله، وهو يحتسبها، كانت له صدقة).
[55]
5037 - حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك: عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله: أنفق يا ابن أدم أنفق عليك).
[4407]
5038 - حدثنا يحيى بن قزعة: حدثني مالك، عن ثور بن زيد، عن أبي الغيث، عن أبي هريرة قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الساعي على الأرملة والمسكين، كالمجاهد في سبيل الله، أو القائم الليل والصائم النهار).
[5660، 5661]
5039 - حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان، عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعد رضي الله عنه قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأنا مريض بمكة، فقلت: لي مال أوصي بمالي كله؟ قال: (لا). قلت: فالشطر؟ قال: (لا). قلت: فالثلث؟ قال: (الثلث والثلث كثير، أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في أيديهم، ومهما أنفقت فهو لك صدقة، حتى اللقمة ترفعها في في امرأتك، ولعل الله يرفعك ينتفع بك ناس، ويضر بك آخرون).
[56]
2 - باب: وجوب النفقة على الأهل والعيال.
5040/5041 - حدثنا عمر بن حفص: حدثنا أبي: حدثنا الأعمش: حدثنا أبو صالح قال: حدثني أبو هريرة رضي الله عنه قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل الصدقة ما ترك غنى، واليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول). تقول المرأة: إما أن تطعمني، وإما أن تطلقني، ويقول العبد أطعمني واستعملني، ويقول الابن: اطعمني إلى أن تدعني. فقالوا: يا أبا هريرة، سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا، هذا من كيس أبي هريرة.
(5041) - حدثنا سعيد بن عفير قال: حدثني الليث قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، وابدا بمن تعول).
[1360]
3 - باب: حبس نفقة الرجل قوت سنة على أهله. وكيف نفقات العيال.
5042/5043 - حدثني محمد بن سلام: أخبرنا وكيع، عن ابن عيينة قال: قال لي معمر: قال لي الثوري:
هل سمعت في رجل يجمع لأهله قوت سنتهم أو بعض السنة؟ قال معمر: فلم يحضرني، ثم ذكرت حديثا حدثناه ابن شهاب الزهري، عن مالك بن أوس، عن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبيع نخل بني النضير، ويحبس لأهله قوت سنتهم.
(5043) - حدثنا سعيد بن عفير قال: حدثني الليث قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب قال: أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان، وكان محمد بن جبير ابن مطعم ذكر لي ذكرا من حديثه، فانطلقت حتى دخلت على مالك بن أوس فسألته، فقال مالك:
انطلقت حتى ادخل على عمر إذ أتاه حاجبه يرفا فقال: هل لك في عثمان وعبد الرحمن والزبير وسعد يستأذنون؟ قال: نعم، فأذن لهم، قال: فدخلوا وسلموا فجلسوا، ثم لبث يرفا قليلا فقال لعمر: هل لك في علي وعباس؟ قال: نعم، فأذن لهما، فلما دخلا سلما جلسا، فقال عباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا، فقال الرهط عثمان وأصحابه: يا أمير المؤمنين، اقض بينهما وأرح أحدهما من الأخر، فقال عمر: اتئدوا، أنشدكم بالله الذي به تقوم السماء والأرض، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا نورث، ما تركنا صدقة) يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، قال الرهط: قد قال ذلك، فأقبل عمر على علي وعباس فقال: أنشدكما بالله، هل تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك؟ قالا: قد قال ذلك، قال عمر: فإني أحدثكم عن هذا الأمر، أن الله كان خص رسوله صلى الله عليه وسلم في هذا المال بشيء لم يعطه أحد غيره، قال الله:
{ما أفاء الله على رسوله منهم - إلى قوله - قدير} فكانت هذه خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما احتازها دونكم، ولا استأثر بها عليكم، لقد أعطاكموها وبثها فيكم حتى بقي منها هذا المال، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق على أهله نفقة سنتهم من هذا المال، ثم يأخذ ما بقي، فيجعله مجعل مال الله، فعمل بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حياته، أنشدكم بالله، هل تعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، قال لعلي وعباس: أنشدكما بالله هل تعلمان ذلك؟ قالا: نعم، ثم توفى الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبضها أبو بكر يعمل فيها بما عمل به فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتما حينئذ - وأقبل على علي وعباس - تزعمان أن أبا بكر كذا وكذا، والله يعلم: أنه فيها صادق بار راشد تابع للحق، ثم توفى الله أبا بكر، فقلت: أنا ولي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فقبضتها سنتين أعمل فيها بما عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، ثم جئتماني وكلمتكما واحدة وأمركما جميع، جئتني تسألني نصيبك من ابن أخيك، وأتى هذا يسألني نصيب امرأته من أبيها، فقلت: أن شئتما دفعته إليكما على أن عليكما عهد الله وميثاقه، لتعملان فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما عمل به فيها أبو بكر وبما عملت فيها منذ وليتها، وإلا فلا تكلماني فيها، فقلتما ادفعها إلينا بذلك فدفعتها أليكما بذلك، أنشدكم بالله هل دفعتها إليهما بذلك؟ فقال الرهط: نعم، قال: فأقبل على علي وعباس فقال: أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك؟ قالا: نعم، قال أفتلتمسان مني قضاء غير ذلك، فوالذي بإذنه تقوم السماء والأرض، لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة، فإن عجزتما عنها فادفعاها فأنا أكفيكماها.
[2748]
4 - باب: وقال الله تعالى: {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة}.
إلى قوله: {بما تعملون بصير} /البقرة: 233/. وقال: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا} /الأحقاف: 15/.
وقال: {وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى. لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه - إلى قوله - بعد عسر يسرا} /الطلاق: 6 - 7/.
وقال يونس، عن الزهري: نهى الله أن تضار والدة بولدها، وذلك: أن تقول الوالدة: لست مرضعة، وهي أمثل له غذاء، وأشفق عليه وأرفق به من غيرها، فليس لها أن تأبى، بعد أن يعطيها من نفسه ما جعل الله عليه، وليس المولود يضار بولده والدته، فيمنعها أن ترضعه ضرارا لها إلى غيرها، فلا جناح عليهما أن يسترضعا عن طيب نفس الوالد والوالدة، {فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما}: بعد أن يكون ذلك عن تراض منهما وتشاور.
{فصاله} /لقمان: 14/: فطامه.
5 - باب: نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها، ونفقة الولد.
5044 - حدثنا ابن مقاتل: أخبرنا عبد الله: أخبرنا يونس، عن ابن شهاب: أخبرني عروة: أن عائشة رضي الله عنها قالت:
جاءت هند بنت عتبة، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل مسيك، فهل علي حرج أن أطعم من الذي له عيالنا؟ قال: (لا، إلا بالمعروف).
[2097]
5045 - حدثنا يحيى: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أنفقت المرأة من كسب زوجها، عن غير أمره، فله نصف أجره).
[1960]
6 - باب: عمل المرأة في بيت زوجها.
5046 - حدثنا مسدد: حدثنا يحيى، عن شعبةقال: حدثني الحكم، عن ابن أبي ليلى: حدثنا علي:
أن فاطمة عليها السلام أتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى، وبلغه أنه جاءه رقيق، فلم تصادفه، فذكرت ذلك لعائشة، فلما جاء أخبرته عائشة، قال: (فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا، فذهبنا نقوم، فقال: (على مكانكما). فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني، فقال: (ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما، أو أويتما إلى فراشكما، فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم).
[2945]
7 - باب: خادم المرأة.
5047 - حدثنا الحميدي: حدثنا سفيان: حدثنا عبيد الله بن أبي زيد: سمع مجاهدا: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى يحدث: عن علي ين أبي طالب:
أن فاطمة عليها السلام أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله خادما، فقال: (ألا أخبرك ما هو خير لك منه؟ تسبحين الله عند منامك ثلاثا وثلاثين، وتحمدين الله ثلاثا وثلاثين وتكبرين الله أربعا وثلاثين). ثم قال سفيان: إحداهن أربع وثلاثون، فما تركتها بعد، قيل: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين.
[2945]
8 - باب: خدمة الرجل في أهله.
5048 - حدثنا محمد بن عرعرة: حدثنا شعبة: عن الحكم بن عتيبة، عن إبراهيم، عن الأسود بن يزيد:
سألت عائشة رضي الله عنها: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في البيت؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله، فإذا سمع الآذان خرج.
[644]
9 - باب: إذا لم ينفق الرجل، فللمراة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها من معروف.
5049 - حدثنا محمد بن المثنى: حدثنا يحيى، عن هشام قال: أخبرني أبي، عن عائشة:
أن هند بنت عتبة قالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه، وهو لا يعلم، فقال: (خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف).
[2097]
10 - باب: حفظ المرأة زوجها في ذات يده والنفقة.
5050 - حدثنا علي بن عبد الله: حدثنا سفيان: حدثنا ابن طاوس، عن أبيه، وأبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خير نساء ركبن الإبل نساء قريش). وقال الآخر. (صالح نساء قريش، أحناه على ولد في صغره، وأرعاه على زوج في ذات يده).
ويذكر عن معاوية بن عباس: عن النبي صلى الله عليه وسلم.
[3251]
11 - باب: كسوة المرأة بالمعروف.
5051 - حدثنا حجاج بن منهال: حدثنا شعبة قال: أخبرني عبد الملك بن ميسرة قال: سمعت زيد بن وهب، عن علي رضي الله عنه قال:
آتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حلة سيراء فلبستها، فرأيت الغضب في وجهه، فشققتها بين نسائي.
[2472]
12 - باب: عون المرأة زوجها في ولده.
5052 - حدثنا مسدد: حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:هلك أبي وترك سبع بنات أو تسع بنات، فتزوجت امرأة ثيبا فقال لي رسول الله: (تزوجت يا جابر). فقلت: نعم، فقال: (ابكرا أم ثيبا). قلت: بل ثيبا، قال: (فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، تضاحكها وتضاحكك). قال: فقلت له: إن عبد الله هلك، وترك بنات، وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن، فقال: (بارك الله لك، أو قال: خيرا).
[432]
13 - باب: نفقة المعسر على أهله.
5053 - حدثنا أحمد بن يونس: حدثنا إبراهيم بن سعد: حدثنا ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: هلكت، قال: (ولم). قال: وقعت على أهلي في رمضان، قال: (فأعتق رقبة). قال: ليس عندي، قال: (فصم شهرين متتابعين). قال: لا أستطيع، قال: (فأطعم ستين مسكينا). قال: لا أجد، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، فقال: (أين السائل). قال: ها أنا ذا، قال: (تصدق بهذا). قال: على أحوج منا يا رسول الله، فوالذي بعثك بالحق، ما بين لا بتيها أهل بيت أحوج منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، قال: (فأنتم إذا).
[1834]
14 - باب: {وعلى الوارث مثل ذلك} /البقرة: 233/ وهل على المرأة منه شيء.
{وضرب الله مثلا رجلين أحدهما أبكم - إلى قوله - صراط مستقيم} /النحل: 76/.
5054 - حدثنا موسى بن إسماعيل: حدثنا وهيب: أخبرنا هشام عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، عن أم سلمة:
قلت: يا رسول الله، هل لي من أجر في بني أبي سلمة أن أنفق عليهم، ولست بتاركتهم هكذا وهكذا، وإنما هم بني؟ قال: (نعم، لك أجر ما أنفقت عليهم).
[1398]
5055 - حدثنا محمد بن يوسف: حدثنا سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها:
قالت هند: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، فهل علي جناح أن أخذ ما يكفيني وبني؟ قال: (خذي بالمعروف).
[2097]
15 - باب: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من ترك كلا أو ضياعا فإلي)
5056 - حدثنا يحيى بن بكير: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه دين، فيسأل: (هل ترك لدينه فضلا؟). فإن حدث أنه ترك وفاء صلى، وإلا، قال للمسلمين: (صلوا على صاحبكم). فلما فتح الله عليه الفتوح، قال: (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه، ومن ترك مالا فلورثته).
[2176]
16 - باب: المراضع من المواليات وغيرهن.
5057 - حدثنا يحيى بن كثير: حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب: أخبرني عروة: أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته:
أن أم حبيبه زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قلت: يارسول الله، انكح أختي ابنة أبي سفيان، قال: (وتحبين ذلك). فقلت: نعم، لست لك بمخلية، وأحب من مشاركني في الخير أختي، فقال: (إن ذلك لا يحل لي). فقلت: يارسول الله، فوالله إنا نتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة؟ قال: (ابنة أم سلمة). فقلت: نعم، فقال: (فوالله لو لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة، فلا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن).
وقال شعيب، عن الزهري: قال عروة: ثويبة أعتقها أبو لهب.
[4813].