الغرغرينــــــا
الغرغرينا هي موت الأنسجة وتعفنها، وتحدث عادة في أطراف جسم الإنسان، إلا أنها قد تصيب أي مكان في الجلد والأعضاء الداخلية. وهي تنشأ من عدوى موضعية أو من توقف الدورة الدموية في ذلك الموضع. تتوقف أعراض الغرغرينا على موقع الاصابة، وتشمل الحمى والألم وسمرة الجلد مع ظهور رائحة غير مستحبة.
وإذا أصابت الغرغرينا عضواً داخلياً فإنها عادة تصطحب بألم وغشية. ويشمل العلاج معالجة الأسباب، ويغلب أن ينجح العلاج بالأدوية الحديثة والجراحة وبالأعشاب الطبية وربما الكي في بعض الأحيان والجراحة هي آخر العلاج. وكانت عمليات البتر هي الوسيلة الوحيدة لإنقاذ حياة المريض في الماضي القريب.
وللغرغرينا أنواع ثلاثة رئيسية وهي: النوع الرطب، والنوع الجاف، والنوع الغازي . وينشأ النوع الرطب والجاف من توقف دورة الدم، أما النوع الغازي فينشأ بعدوى بنوع من البكتيريا يحلل الأنسجة.
وتتسبب الغرغرينا الرطبة من توقف الدم فجأة، وقد ينشأ ذلك من حرق بالحرارة، أو بالحمض، أو التبريد الشديد أو التجلد، ومن اصابة جسيمة تدمر الأنسجة او حتى من رباط ضاغط للشرايين بقي مدة طويلة، أو من جلطة دموية أو من انسداد دموي وأحياناً أخرى من قروح الفراش المهملة لدى كبار السن. وبالإضافة إلى ما تؤدي إليه هذه الحالات مع قطع للإمداد الدموي فإنها قد تسهل الطريق للعدوى ببكتريا الغرغرينا الغازية. وتتوقف الوقاية من هذه العدوى على المحافظة على نظافة الجروح وكثرة تغيير المضادات المطهرة.
كيف تبدأ ؟ تبدأ الغرغرينا الرطبة على هيئة تغير في لون نسيج الجلد مع ظهور نفوط وحينئذ قد يحاول الطبيب المعالج إنقاذ النسيج المتهتك أو المضمحل، وقد يجري جراحة إذا لزم الأمر، فإذا لم يتمكن من وقف الغرغرينا في الوقت المناسب فإنها قد تنتشر بسرعة فائقة، وتتكون في الأنسجة المصابة نواتج سامة يمتصها الجسم مما يجعل البتر السريع ضرورة حتمية.
أما الغرغرينا الجافة فتنشأ من توقف سير الدم توقفاً تدريجياً في الشرايين ولا تحدث إلا في الأطراف. وقد تنشأ من تصلب الشرايين في كبار السن أو في حالات مرض السكر الشديدة التي ينتج عنها تضييق الشرايين في الأطراف السفلى. وتشمل أعراض الغرغرينا الجافة انكماشاً تدريجياً في النسيج ثم يصبح بارداً عديم النبض ثم يتلون أولاً باللون الأسمر ثم باللون الأسود، ويظهر عادة خط محدد واضح بين النسيج المصاب والنسيج السليم بسبب استمرار الجزء السليم في تلقي مدداً من الدم مع انعدام وصول الدم إلى الجزء المصاب.
والعناية بالقدم ضرورية جداً من مرض السكر بصفة خاصة لأن هذا المرض كثيراً ما يؤدي إلى ضعف الدورة الدموية في الرجلين والقدمين.
أمراض مصاحبة: قد تحدث الغرغرينا داخلياً كما في الفتق المختنق قد يحدث أن يحتبس جزء من الأمعاء في الفتق فينقطع مدده من الدم فتصيبه الغرغرينا، ولما كانت هذه الحالة بالغة الخطورة فإنه يلزم دائماً عرض الفتق على الطبيب لتشخيصه وعلاجه.
وفي التهاب الزائدة الدودية الحاد قد تظهر مناطق من الغرغرينا في جُذور الزائدة الدودية يعقبها انفجار، وأفضل وسائل الوقاية من ذلك الخطر هو التشخيص المبكر لالتهاب الزائدة الدودية واستئصالها. وفي التهاب المرارة الحاد والمصحوب عادة بوجود حصوات بها، قد تحدث الغرغرينا حيث تضغط هذه الحصوات على الغشاء المخاطي. وفي تخثر الشريان المسار يقي (البريتوني)، وهي حالة بطنية تحدث غالباً لكبار السن. وقد تحدث الغرغرينا من جلطة دموية في الشريان المساريقي (البريتوني). وقد تكون الغرغرينا إحدى المضاعفات النادرة لخراج الرئة في حالات الالتهاب الرئوي. ومن أعراضها تلون البصاق باللون الأسمر وظهور رائحة كريهة فيه.
هل هناك علاج للغرغرينا بالأدوية العشبية والزيوت؟
- نعم هناك علاج بالأدوية العشبية والزيوت وهي:
- حرشف السطوح CARDOOM
وهو عشب معمر له ساق ضخم قاتم ومتفرع وأوراق ممتدة رمحية ومشوكة. الرأس المزهر كروي الشكل مع كأس مشحم ويحمل كتلة بنفسجية من الأزهار الشعرية الشكل. والموطن الأهلي للنبات مناطق البحر الأبيض المتوسط. وقد عرف عند المصريين والأغريق والرومان القدماء. الجزء الطبي من النبات الأوراق الغضة تحتوي الأوراق على مركب مر يسمى سينارين Cynarine وآخر يسمى سيناردبكرين Synaropcrine ومواد هلامية ومواد عفصية وأحماض عضوية وفيتامين أ. والأوراق منشطة قوية للمرارة ومدرة للبول، ومضاد للسكري وتصلب الشرايين ومخفض للدهون في الدم ومنشط للكبد ومضاد لحصى المرارة كما أن مركب السينارين يمنع تحلل الدهون في الدم مما يؤدي إلى خفض كمية الكوليسترول في الدم.
تستعمل الأوراق الغضة المهروسة أو المدقوقة لعلاج الغرغرينا والقروح وخصوصاً قروح الشيخوخة والساقين، وتؤكد بعض المصادر الطبية أن المعالجة بهذه الأوراق انقذت أعضاء كثيرة من البتر. وتعالج الغرغرينا بوضع مقدار ورقتين مهروستين أو أكثر فوق موضع الغرغرينا بأنواعها الثلاثة المذكورة آنفاً أو فوق القرحة أو الالتهاب المراد معالجته وتثبيتها برباط غير محكم أو بالبلاسترمع ضرورة تغييرها بضع مرات في اليوم. كما أن هذه الوصفة تستعمل لعلاج لسع الحشرات ومسامير أصابع القدمين والجلد المتشقق في الوجه واليدين والتهابات الثدي ويستعمل عصير الأوراق الغضة الطازجة للأعراض المذكورة.
كما أن مستحلب الأوراق يستعمل لعلاج الغرغرينا الداخلية وذلك بأخذ عشر ورقات مفروكة لكل فنجان ماء مغلي ويعطى المريض ملء ملعقة أكل في كل ساعة.
- الحندقوق Ribbed Melilot :
وهو عشب ثنائي الحول ساقها طويل قائم على زاوية ومتفرع أوراقه معتقه وثلاثية وهي تشبه إلى حد ما أوراق البرسيم. الأزهار صفراء مصفوفة في سنابل تقع في ابط الزوراق رائحتها تشبه العسل. تعرف النبتة أيضاً باسم إكليل الملك والنفل. الأجزاء المستعملة من النبات الأغصان المزهرة أو الأزهار وحدها.
تحتوي الأزهار على زيت طيار وجلوكوزيدات وسالسين وبوبلين ومواد راتنجية.
يستعمل مدرا قويا للبول، ومضادا للالتهابات ومطهرا ومخففا لآلام الروماتزم ولعلاج الغرغرينا.
والطريقة المستعملة لعلاج أي نوع من أنواع الغرغرينا الثلاث هي: تؤخذ كمية من الأزهار والأغصان الغضة وإضافة ضعفي حجمها من الشحم وتترك على النار حتى يتبخر كل الماء ثم تصفى وذلك بعصرها بقطعة شاش ويوضع على موقع الغرغرينا وتربط بقطعة قماش ويستخدم نفس المرهم لعلاج القروح والدمامل والجروح. ويمكن عمل مغلي من أزهار الخندقوق بمعدل 3جرامات لكل كوب ماء مغلي ويشرب منه فنجانان في اليوم ويمكن شرب فنجان عند النوم للأشخاص الذين لديهم أرق فهو جيد جداً لذلك.
- زيزفون Linden
الزيزفون نبات شجري عالي تسقط أوراقها في الشتاء. أغصان النبات تميل عادة إلى أسفل. أوراقه معنقة قلبية الشكل مسننة بدقة خضراء داكنة لامعة في الجزء العلوي رمادية خضراء على الوجه السفلي. الأزهار صفراوية إلى بيضاء اللون عطرية تتواجد في مجاميع كل 15زهرة في عنقود واحد يعرف الزيزفون باسم تيليو أما علمياً فيعرف باسم Tillia Condata.
الجزء المستعمل من النبات الأزهار مع رؤوس الأغصان وبعد تجفيفها تظهر لها رائحة زكية وطعم هلامي. المحتويات الثمانية للأزهار تحتوي على زيت طيار ومواد هلامية ومواد عفصية وجلوكوزيدات فلافونية وصابونيات وسكريات.
أما استعمالات الأزهار فهي تستخدم على نطاق واسع فقد عثر على بقايا من أغصان هذا النبات في مقابر هوارة كما ذكر لنا "ثيوفراست" أن أشجار الزيزفون كانت كثيرة النمو في مصر قديماً.
يستعمل مسحوق فحم خشب الأغصان لعلاج الغرغرينا في الجلد بجميع أنواعها وكذلك الجروح والقروح النتنة في الجلد وذلك برش أو ذر المسحوق فوقها مرة واحدة أو أكثر من ذلك يومياً. ويمكن دهان موقع الغرغرينا أو الجروح أو القروح المنتنة بزيت الخروع ثم يذر مسحوق فحم النبات على المواقع. ويستعمل مغلي الأزهار وذلك بأخذ ملعقة من مسحوق الزهر ويوضع في ملء كوب ماء مغلي ويترك لمدة عشر دقائق ثم يصفى ويشرب وذلك لعلاج الغرغرينا الداخلية. كما يستخدم مسحوق فحم جذور الزيزقون لمعالجة عفونة الأمعاء وامتصاص الغازات والسموم منها وذلك بمقدار ملعقة صغيرة سفوفاً في الصباح وأخرى في المساء ويفضل تناول ذلك بعد الوجبة.
- التين Fig :
وهو شجر معمر وقد تحدثنا عنه في أعداد ماضية والجزء المستخدم منه الثمار والأوراق والسائل اللبني يعرف علمياً باسم ficus carica ويسمى باللغة الفرعونية "تون" وكانت أشجار التين تنمو في حديقة الملك "سنغرو" الأسرة الرابعة ثم انتشرت زراعتها والأسرة السادسة ومازالت هناك عدة رسومات منقوشة على جدران مقابر بني حسن وقبر الملك مينا تصور عملية جني الثمار الذي كان له أهمية خاصة عند العرب والفراعنة. وقد ورد التين في البرديات الفرعونية كثيراً وذكرفي بردية ايبرز 47مرة ضمن الوصفات العلاجية التي استخدم فيها التين كملين للمعدة، كما استعمل في علاج الأمراض الصدرية والقلب ولطرد الديدان من البطن والمعدة. بينما جاء في بردية هيرست لعلاج الرئة والكبد والمثانة والبلهارسيا ويحتوي التين على مواد سكرية ومن أغنى المصادر الطبيعية بفيتامينات أ، ب،ج كما أنه يحتوي على نسبة عالية من المعادن وخاصة الحديد والكالسيوم والنحاس ولها مواد لازمة لبناء أنسجة الجسم. كما أن الحليب الأبيض المستخرج من ساق ثمرة التين غير الناضجة له مفعول قابض. وقد اتضح أن منقوع التين الجاف الذي يعرف بالخشاف يساعد على إدرار البول وتنقية الدم. أما تناول بعض ثمار التين صباحاً على الريق فهو يعتبر أفضل أنواع الملينات في العالم ويعتبر علاجاً لحالات الإمساك المزمن.
والتين المجفف يستعمل في علاج الغرغرينا بأنواعها الثلاثة وكذلك الجروح والقروح النتنة والطريقة أن تشق بعض الثمار الجافة بحيث يفتح داخلها تماماً وتغلى في الحليب العادي لمدة بضع دقائق وبعد أن تبرد قليلاً يغطى بها موقع الغرغرينا أو الجرح وتثبت بحيث يكون سطح التينة الداخلي الذي يحتوي على البذور الصغيرة على الجرح ثم تربط ربطاً خفيفاً بالشاش وفوقه القطن ثم الرباط ويجدد الضماد ثلاث إلى أربع مرات في اليوم.
- الأذريون Potmarigoid :
عشب حولي ينمو في الحدائق منذ العصور المتوسطة ومشهور بأزهاره الصفراء والبرتقالية اللون يبلغ ارتفاع النبات ما بين 40- 60 سم. الجزء المستعمل من النبات الأزهار.
تحتوي أزهار الأذريون على زيت طيار ومواد صباغية وجلوكوزيدات فلافونية ومواد هلامية ومواد صمغية ولهذه العشبة قوة شفائية مميزة، وكانت تستعمل في الماضي في عدة مناسبات عالمية حيث استخدمها الجراحون لمعالجة الجروح البليغة والوسخة في المستشفيات الميدانية على الجبهة خلال الحرب العالمية الأولى، وحصلوا على نتائج متميزة. وقد استخدمها الأطباء الإنجليز في المستوصفات لمعالجة الجراح البليغة والتي لم تلتئم نتيجة المعالجات المختلفة الأخرى. ويستخدم مغلي أزهار الاذريون لغسل أنواع الغرغرينا وكذلك الجروح والحروق والقروح المنتنة بمعدل ثلاث مرات في اليوم.