منتديات شريف سليمان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


    مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:24 pm


    الشاعر : نزار قباني


    مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 ) 7


    قارئة الفنجان
    ------------------------

    جَلَسَت والخوفُ بعينيها

    تتأمَّلُ فنجاني المقلوب

    قالت:

    يا ولدي.. لا تَحزَن

    فالحُبُّ عَليكَ هوَ المكتوب

    يا ولدي،

    قد ماتَ شهيداً

    من ماتَ على دينِ المحبوب

    فنجانك دنيا مرعبةٌ

    وحياتُكَ أسفارٌ وحروب..

    ستُحِبُّ كثيراً يا ولدي..

    وتموتُ كثيراً يا ولدي

    وستعشقُ كُلَّ نساءِ الأرض..

    وتَرجِعُ كالملكِ المغلوب

    بحياتك يا ولدي امرأةٌ

    عيناها، سبحانَ المعبود

    فمُها مرسومٌ كالعنقود

    ضحكتُها موسيقى و ورود

    لكنَّ سماءكَ ممطرةٌ..

    وطريقكَ مسدودٌ.. مسدود

    فحبيبةُ قلبكَ.. يا ولدي

    نائمةٌ في قصرٍ مرصود

    والقصرُ كبيرٌ يا ولدي

    وكلابٌ تحرسُهُ.. وجنود

    وأميرةُ قلبكَ نائمةٌ..

    من يدخُلُ حُجرتها مفقود..

    من يطلبُ يَدَها..

    من يَدنو من سورِ حديقتها.. مفقود

    من حاولَ فكَّ ضفائرها..

    يا ولدي..

    مفقودٌ.. مفقود

    بصَّرتُ.. ونجَّمت كثيراً

    لكنّي.. لم أقرأ أبداً

    فنجاناً يشبهُ فنجانك

    لم أعرف أبداً يا ولدي..

    أحزاناً تشبهُ أحزانك

    مقدُورُكَ.. أن تمشي أبداً

    في الحُبِّ .. على حدِّ الخنجر

    وتَظلَّ وحيداً كالأصداف

    وتظلَّ حزيناً كالصفصاف

    مقدوركَ أن تمضي أبداً..

    في بحرِ الحُبِّ بغيرِ قُلوع

    وتُحبُّ ملايينَ المَرَّاتِ...

    وترجعُ كالملكِ المخلوع..

    ****************************

    أيظن
    -----------

    أيظن أني لعبة بيديه؟

    أنا لا أفكر في الرجوع إليه

    اليوم عاد كأن شيئا لم يكن

    وبراءة الأطفال في عينيه

    ليقول لي : إني رفيقة دربه

    وبأنني الحب الوحيد لديه

    حمل الزهور إليّ .. كيف أرده

    وصباي مرسوم على شفتيه

    ما عدت أذكر .. والحرائق في دمي

    كيف التجأت أنا إلى زنديه

    خبأت رأسي عنده .. وكأنني

    طفل أعادوه إلى أبويه

    حتى فساتيني التي أهملتها

    فرحت به .. رقصت على قدميه

    سامحته .. وسألت عن أخباره

    وبكيت ساعات على كتفيه

    وبدون أن أدري تركت له يدي

    لتنام كالعصفور بين يديه ..

    ونسيت حقدي كله في لحظة

    من قال إني قد حقدت عليه؟

    كم قلت إني غير عائدة له

    ورجعت .. ما أحلى الرجوع إليه ..

    ***********************************


    رفقاً باعصابي
    ----------------------

    شَرَّشْتِ ..

    في لحمي و أعْصَابي ..

    وَ مَلَكْتِني بذكاءِ سنجابِ

    شَرَّشْتِ .. في صَوْتي ، و في لُغَتي

    و دَفَاتري ، و خُيُوطِ أَثوابي ..

    شَرَّشْتِ بي .. شمساً و عافيةً

    و كسا ربيعُكِ كلَّ أبوابي ..

    شَرَّشْتِ .. حتّى في عروقِ يدي

    وحوائجي .. و زجَاج أكوابي ..

    شَرَّشْتِ بي .. رعداً .. و صاعقةً

    و سنابلاً ، و كرومَ أعنابِ

    شَرَّشْتِ .. حتّى صار جوفُ يدي

    مرعى فراشاتٍ .. و أعشابِ

    تَتَساقطُ الأمطارُ .. من شَفَتِي ..

    و القمحُ ينبُتُ فوقَ أهْدَابي ..

    شَرَّشْتِ .. حتَّى العظْم .. يا امرأةً

    فَتَوَقَّفي .. رِفْقاً بأعصابي ..

    ***************************

    حكاية انقلاب
    ----------------------

    أنا الذي أحرق ألف ليلة وليلة..

    وأخلص النساء ..

    من مخالب الأعراب..

    أنا الذي حميت وردة الأنوثة

    من هجمة الطاعون ...

    والذباب..

    أنا الذي جعلت من حبيبتي

    مليكة تسير في ركابها..

    الأشجار..

    والنجوم ..

    والسحاب..

    أنا الذي هرب قد هرب السلاح..

    في أرغفة الخبز..

    وفي لفائف التبغ..

    وفي بطانة الثياب..

    أنا الذي ذبحت شهريار في سريره..

    أنا الذي أنهيت عصر الوأد..

    والزواج بالمتعة..

    والإقطاع ..

    والإرهاب...

    ... وحين قامت دولة النساء..

    وارتفعت في الأفق البيارق...

    توقف النضال بالبنادق..

    وأبتدأ النضال

    بالعيون ..والأهداب..


    تابع
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:25 pm

    تقرير سري جداً من بلاد قمعستان
    ----------------------------------------

    1

    لم يبق فيهم لا أبو بكر.. ولا عثمان..

    جميعهم هياكل عظمية في متحف الزمان..

    تساقط الفرسان عن سروجهم..

    وأعلنت دويلة الخصيان..

    واعتقل المؤذنون في بيوتهم ..

    و أُلغي الأذان..

    جميعهم تضخمت أثداؤهم..

    وأصبحوا نسوان..

    جميعهم يأتيهم الحيض، ومشغولون بالحمل

    وبالرضاعة..

    جميعهم قد ذبحوا خيولهم..

    وارتهنوا سيوفهم..

    وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان..

    ما كان يدعى ببلاد الشام يوماً..

    صار في الجغرافيا..

    يدعى (يهودستان)..

    الله .. يا زمان..

    2

    لم يبق في دفاتر التاريخ

    لا سيف ولا حصان

    جميعهم قد تركوا نعالهم

    وهرّبوا أموالهم

    وخلّفوا وراءهم اطفالهم

    وانسحبوا الى مقاهي الموت والنسيان

    جميعهم تخنثوا...

    تكحلوا...

    تعطروا...

    تمايلوا أغصان خيزران

    حتى تظن خالدا ... سوزان

    ومريما .. مروان

    الله ... يا زمان...

    3

    جميعهم موتى ... ولم يبق سوى لبنان

    يلبس في كل صباح كفناً

    ويشعل الجنوب إصراراً وعنفوان

    جميعهم قد دخلوا جحورهم

    واستمتعوا بالمسك, والنساء, والريحان

    جميعهم مدجن, مروض, منافق, مزدوج .. جبان

    ووحده لبنان

    يصفع امريكا بلا هوادة

    ويشعل المياه والشطان

    في حين ألف حاكم مؤمرك

    يأخذها بالصدر والأحضان

    هل ممكن ان يعقد الانسان صلحا دائما مع الهوان؟

    الله ... يا زمان ..

    4

    هل تعرفون من أنا

    مواطن يسكن في دولة (قمعستان)

    وهذه الدولة ليست نكتة مصرية

    او صورة منقولة عن كتب البديع والبيان

    فأرض (قمعستان) جاء ذكرها

    في معجم البلدان ...

    وأن من أهم صادراتها

    حقائبا جلدية

    مصنوعة من جسد الانسان

    الله ... يا زمان ...

    5

    هل تطلبون نبذة صغيرة عن أرض (قمعستان)

    تلك التي تمتد من شمال افريقيا

    إلى بلاد نفطستان

    تلك التي تمتد من شواطئ القهر الى شواطئ

    القتل

    الى شواطئ السحل, الى شواطئ الاحزان ..

    وسيفها يمتد بين مدخل الشريان والشريان

    ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة

    ويفقأون أعين الأطفال بالوراثه

    ويكرهون الورق الابيض, والمداد, والاقلام بالوراثة

    واول البنود في دستورها:

    يقضي بأن تلغى غريزة الكلام في الإنسان

    الله ... يا زمان ...

    6

    هل تعرفون من أنا؟

    مواطن يسكن في دولة (قمعستان)

    مواطن...

    يحلم في يوم من الايام أن يصبح في مرتبة الحيوان

    مواطن يخاف أن يجلس في المقهى .. لكي

    لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان

    مواطن أن يخاف أن يقرب من زوجته

    قبيل أن تراقب المباحث المكان

    مواطن أنا من شعب قمعستان

    أخاف أن أدخل أي مسجد

    كي لا يقال إني رجل يمارس الإيمان

    كي لا يقول المخبر السري:

    أني كنت أتلو سورة الرحمن

    الله ... يا زمان ...

    7

    هل تعرفون الآن ما دولة ( قمعستان)؟

    تلك التي ألّفَهَا.. لحَّنها..

    أخرجها الشيطان...

    هل تعرفون هذه الدويلة العجيبة؟

    حيث دخول المرء للمرحاض يحتاج إلى قرار

    والشمس كي تطلع تحتاج إلى قرار

    والديك كي يصيح يحتاج إلى قرار

    ورغبة الزوجين في الإنجاب

    تحتاج إلى قرار

    وشعر من احبها

    يمنعه الشرطي أن يطير في الريح

    بلا قرار..

    8

    ما أردأ الأحوال في دولة (قمعستان)

    حيث الذكور نسخة عن النساء

    حيث النساء نسخة من الذكور

    حيث التراب يكره البذور

    وحيث كل طائر يخاف بقية الطيور

    وصاحب القرار يحتاج الى قرار

    تلك هي الاحوال في دولة (قمعستان)

    الله ... يا زمان ...

    9

    يا أصدقائي:

    إنني مواطن يسكن في مدينة ليس بها سكان

    ليس لها شوارع

    ليس لها أرصفة

    ليس لها نوافذ

    ليس لها جدران

    ليس بها جرائد

    غير التي تطبعها مطابع السلطان

    عنوانها؟

    أخاف أن أبوح بالعنوان

    كل الذي اعرفه

    أن الذي يقوده الحظ إلى مدينتي

    يرحمه الرحمن...

    10

    يا أصدقائي :

    ما هو الشعر اذا لم يعلن العصيان؟

    وما هو الشعر اذا لم يسقط الطغاة ... والطغيان؟

    وما هو الشعر اذا لم يحدث الزلزال

    في الزمان والمكان؟

    وما هو الشعر اذا لم يخلع التاج الذي يلبسه

    كسرى أنوشروان؟

    11

    من أجل هذا أعلن العصيان

    باسم الملايين التي تجهل حتى الآن ما هو النهار

    وما هو الفارق بين الغصن والعصفور

    وما هو الفارق بين الورد والمنثور

    وما هو الفارق بين النهد والرمانة

    وما هو الفارق بين البحر والزنزانة

    وما هو الفارق بين القمر الاخضر والقرنفلة

    وبين حد كلمة شجاعة,

    وبين خد المقصله ...

    12

    من اجل هذا أعلن العصيان

    باسم الملايين التي تساق نحو الذبح كالقطعان

    باسم الذين انتزعت أجفانهم

    واقتلعت أسنانهم

    وذوبوا في حامض الكبريت كالديدان

    باسم الذين ما لهم صوت ...

    ولا رأي ...

    ولا لسان ...

    سأعلن العصيان ...

    13

    من أجل هذا أعلن العصيان

    باسم الجماهير التي تجلس كالأبقار

    تحت الشاشة الصغيرة

    باسم الجماهير التي يسقونها الولاء

    بالملاعق الكبيرة

    باسم الجماهير التي تركب كالبعير

    من مشرق الشمس الى مغربها

    تركب كالبعير ...

    وما لها من الحقوق غير حق الماء والشعير

    وما لها من الطموح غير ان تأخذ للحلاق زوجة الامير

    او ابنة الامير ...

    او كلبة الامير ...

    باسم الجماهير التي تضرع لله لكي يديم القائد العظيم

    وحزمة البرسيم ...

    14

    يا اصدقاء الشعر:

    إني شجر النار, وإني كاهن الأشواق

    والناطق الرسمي عن خمسين مليوناً من العشاق

    على يدي ينام أهل الحب والحنين

    فمرةً أجعلهم حمائما

    ومرة اجعلهم أشجار ياسمين

    يا أصدقائي ...

    إنني الجرح الذي يرفض دوما

    سلطة السكين ...

    15

    يا أصدقائي الرائعين:

    أنا الشفاه للذين ما لهم شفاه

    أنا العيون للذين ما لهم عيون

    أنا كتاب البحر للذين ليس يقرأون

    أناالكتابات التي يحفرها الدمع على عنابر السجون

    أنا كهذا العصر, يا حبيبتي

    اواجه الجنون بالجنون

    وأكسر الاشياء في طفولة

    وفي دمي, رائحة الثورة والليمون ...

    انا كما عرفتموني دائما

    هوايتي أن أكسر القانون

    أنا كما عرفتموني دائما

    اكون بالشعر ... وإلا لا أريد أن أكون ...

    16

    يا اصدقائي:

    أنتم الشعر الحقيقي

    ولا يهم أن يضحك ... أو يعبس ...

    أو أن يغضب السلطان

    أنتم سلا طيني ...

    ومنكم أستمد المجد, والقوة , والسلطان ...

    قصائدي ممنوعة ...

    في المدن التي تنام فوق الملح والحجارة

    قصائدي ممنوعة ...

    لأنها تحمل للإنسان عطر الحب, والحضارة

    قصائدي مرفوضة ...

    لأنها لكل بيت تحمل البشارة

    يا أصدقائي:

    إنني ما زلت بانتظاركم

    لنوقد الشراره ...


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:26 pm

    حوار مع ملك المغول
    ---------------------------

    يا ملك المغول ..

    يا وارث الجزمه والكرباج عن جدّك أرطغولْ

    يا من ترانا كلنّا خيولْ..

    لا فرق- من نوافذ القصور-

    بين الناس والخيولْ..

    يا ملك المغولْ ..

    يا أيها الغاضب من صهيلنا..

    يا أيهل الخائف من تفتّح الحقولْ..

    أريد أن أـقول:

    من قبل أن يقتلني سيّافكم مسرورْ..

    وقبل أن يأتي شهود الزورْ..

    أريد أن أقول كلمتينْ

    لزوجت يالحامل من شهورْ..

    وأصدقائي كلّهم..

    وشعبي المقهورْ..

    أريد أن أقول انّي شاعر

    أحمل في حنجرتي عصفور

    أرفض أن أبيعه..

    وأنت من حنجرتي

    تريد أن تصادر العصفورْ..

    يا ملك المغولْ..

    يا قاهر الجيوش يا مدحرج الرؤوس..

    يا مدوّخ البحورْ..

    يا عاجن الحديد يا مفتت الصخور

    يا آكل الأطفال

    يا مغتصب الأبكار

    يا مفترس العطور

    واعجبي ... واعجبي

    أأنت , والشرطة , والجيش

    على عصفور

    ******************

    قصيدة اعتذار لأبي تمام
    ----------------------------

    1 -

    أحبائي :

    إذا جئنا لنحضر حفلة للزار ..

    منها يضجر الضجر

    إذا كانت طبول الشعر ، يا سادة

    تفرقنا .. وتجمعنا

    وتعطينا حبوب النوم في فمنا

    وتسطلنا .. وتكسرنا.

    كما الأوراق في تشرين تنكسر

    فإني سوف أعتذر ..

    2 -

    أحبائي :

    إذا كنا سنرقص دون سيقان .. كعادتنا

    ونخطب دون أسنان .. كعادتنا ..

    ونؤمن دون إيمان .. كعادتنا ..

    ونشنق كل من جاؤوا إلى القاعة

    على حبل طويل من بلاغتنا

    سأجمع كل أوراقي..

    وأعتذر...

    3 -

    إذا كنا سنبقي أيها السادة

    ليوم الدين .. مختلفين حول كتابة الهمزة ..

    وحول قصيدة نسبت إلى عمرو بن كلثوم ..

    إذا كنا سنقرأ مرة أخرى

    قصائدنا التي كنا قرأناها ..

    ونمضغ مرة أخرى

    حروف النصب والجر .. التي كنا مضغناها

    إذا كنا سنكذب مرة أخرى

    ونخدع مرة أخرى الجماهير التي كنا خدعناها

    ونرعد مرة أخرى ، ولا مطر ..

    سأجمع كل أرواقي ..

    وأعتذر..

    4 -

    إذا كان تلاقينا

    لكي نتبادل الانخاب، أو نسكر ..

    ونستلقي على تخت من الريحان والعنبر

    إذا كنا نظن الشعر راقصة .. مع الأفراح تستأجر

    وفي الميلاد ، والتأبين تستأجر

    ونتلوه كما نتلو كلام الزير أو عنتر

    إذا كانت هموم الشعر يا سادة

    هي الترفيه عن معشوقة القيصر

    ورشوة كل من في القصر من حرس .. ومن عسكر ..

    إذا كنا سنسرق خطبة الحجاج : والحجاج .. والمنبر ..

    ونذبح بعضنا بعضا لنعرف من بنا أشعر ..

    فأكبر شاعر فينا هو الخنجر..

    5 -

    أبا تمام .. أين تكون .. أين حديثك العطر؟

    وأين يد مغامرة تسافر في مجاهيل ، وتبتكر ..

    أبا تمام ..

    أرملة قصائدنا .. وأرملة كتابتنا ..

    وأرملة هي الألفاظ والصور..

    فلا ماء يسيل على دفاترنا..

    ولا ريح تهب على مراكبنا

    ولا شمس ولا قمر

    أبا تمام، دار الشعر دورته

    وثار اللفظ .. والقاموس..

    ثار البدو والحضر ..

    ومل البحر زرقته ..

    ومل جذوعه الشجر

    ونحن هنا ..

    كأهل الكهف .. لا علم ولا خبر

    فلا ثوارنا ثاروا ..

    ولا شعراؤنا شعروا ..

    أبا تمام : لا تقرأ قصائدنا ..

    فكل قصورنا ورق ..

    وكل دموعنا حجر ..

    6 -

    أبا تمام : إن الشعر في أعماقه سفر

    وإبحار إلى الآتي .. وكشف ليس ينتظر

    ولكنا .. جعلنا منه شيئا يشبه الزفة

    وإيقاعا نحاسيا، يدق كأنه القدر ..

    7 -

    أمير الحرف .. سامحنا

    فقد خنا جميعا مهنة الحرف

    وأرهقناه بالتشطير ، والتربيع ، والتخميس ، والوصف

    أبا تمام .. إن النار تأكلنا

    وما زلنا نجادل بعضنا بعضا ..

    عن المصروف .. والممنوع من صرف ..

    وجيش الغاصب المحتل ممنوع من الصرف!!

    وما زلنا نطقطق عظيم أرجلنا

    ونقعد في بيوت الله ننتظر ..

    بأن يأتي الإمام على .. أو يأتي لنا عمر

    ولن يأتوا .. ولن يأتوا

    فلا أحدا بسيف سواه ينتصر ..

    8 -

    أبا تمام : إن الناس بالكلمات قد كفروا

    وبالشعراء قد كفروا..

    فقل لي أيها الشاعر

    لماذا الشعر - حين يشيخ -

    لا يستل سكينا .. وينتحر؟




    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:27 pm

    من مفكرة عاشق دمشقي
    -------------------------------

    فرشتُ فوقَ ثراكِ الطاهـرِ الهدبـا فيا دمشـقُ... لماذا نبـدأ العتبـا؟
    حبيبتي أنـتِ... فاستلقي كأغنيـةٍ على ذراعي، ولا تستوضحي السببا
    أنتِ النساءُ جميعاً.. ما من امـرأةٍ أحببتُ بعدك..ِ إلا خلتُها كـذبا
    يا شامُ، إنَّ جراحي لا ضفافَ لها فامسّحي عن جبيني الحزنَ والتعبا
    وأرجعيني إلى أسـوارِ مدرسـتي وأرجعي الحبرَ والطبشورَ والكتبا
    تلكَ الزواريبُ كم كنزٍ طمرتُ بها وكم تركتُ عليها ذكرياتِ صـبا
    وكم رسمتُ على جدرانِها صـوراً وكم كسرتُ على أدراجـها لُعبا
    أتيتُ من رحمِ الأحزانِ... يا وطني أقبّلُ الأرضَ والأبـوابَ والشُّـهبا
    حبّي هـنا.. وحبيباتي ولـدنَ هـنا فمـن يعيـدُ ليَ العمرَ الذي ذهبا؟
    أنا قبيلـةُ عشّـاقٍ بكامـلـها ومن دموعي سقيتُ البحرَ والسّحُبا
    فكـلُّ صفصافـةٍ حّولتُها امـرأةً و كـلُّ مئذنـةٍ رصّـعتُها ذهـبا
    هـذي البساتـينُ كانت بينَ أمتعتي لما ارتحلـتُ عـن الفيحـاءِ مغتربا
    فلا قميصَ من القمصـانِ ألبسـهُ إلا وجـدتُ على خيطانـهِ عنبا
    كـم مبحـرٍ.. وهمومُ البرِّ تسكنهُ وهاربٍ من قضاءِ الحبِّ ما هـربا
    يا شـامُ، أيـنَ هما عـينا معاويةٍ وأيـنَ من زحموا بالمنكـبِ الشُّهبا
    فلا خيـولُ بني حمـدانَ راقصـةٌ زُهــواً... ولا المتنبّي مالئٌ حَـلبا
    وقبـرُ خالدَ في حـمصٍ نلامسـهُ فـيرجفُ القبـرُ من زوّارهِ غـضبا
    يا رُبَّ حـيٍّ.. رخامُ القبرِ مسكنـهُ ورُبَّ ميّتٍ.. على أقدامـهِ انتصـبا
    يا ابنَ الوليـدِ.. ألا سيـفٌ تؤجّرهُ؟ فكلُّ أسيافنا قد أصبحـت خشـبا
    دمشـقُ، يا كنزَ أحلامي ومروحتي أشكو العروبةَ أم أشكو لكِ العربا؟
    أدمـت سياطُ حزيرانَ ظهورهم فأدمنوها.. وباسوا كفَّ من ضربا
    وطالعوا كتبَ التاريخِ.. واقتنعوا متى البنادقُ كانت تسكنُ الكتبا؟
    سقـوا فلسطـينَ أحلاماً ملوّنةً وأطعموها سخيفَ القولِ والخطبا
    وخلّفوا القدسَ فوقَ الوحلِ عاريةً تبيحُ عـزّةَ نهديها لمـن رغِبـا..
    هل من فلسطينَ مكتوبٌ يطمئنني عمّن كتبتُ إليهِ.. وهوَ ما كتبا؟
    وعن بساتينَ ليمونٍ، وعن حلمٍ يزدادُ عنّي ابتعاداً.. كلّما اقتربا
    أيا فلسطينُ.. من يهديكِ زنبقةً؟ ومن يعيدُ لكِ البيتَ الذي خربا؟
    شردتِ فوقَ رصيفِ الدمعِ باحثةً عن الحنانِ، ولكن ما وجدتِ أبا..
    تلفّـتي... تجـدينا في مَـباذلنا.. من يعبدُ الجنسَ، أو من يعبدُ الذهبا
    فواحـدٌ أعمـتِ النُعمى بصيرتَهُ فانحنى وأعطى الغـواني كـلُّ ما كسبا
    وواحدٌ ببحـارِ النفـطِ مغتسـلٌ قد ضاقَ بالخيشِ ثوباً فارتدى القصبا
    وواحـدٌ نرجسـيٌّ في سـريرتهِ وواحـدٌ من دمِ الأحرارِ قد شربا
    إن كانَ من ذبحوا التاريخَ هم نسبي على العصـورِ.. فإنّي أرفضُ النسبا
    يا شامُ، يا شامُ، ما في جعبتي طربٌ أستغفرُ الشـعرَ أن يستجديَ الطربا
    ماذا سأقرأُ مـن شعري ومن أدبي؟ حوافرُ الخيلِ داسـت عندنا الأدبا
    وحاصرتنا.. وآذتنـا.. فلا قلـمٌ قالَ الحقيقةَ إلا اغتيـلَ أو صُـلبا
    يا من يعاتبُ مذبوحـاً على دمـهِ ونزفِ شريانهِ، ما أسهـلَ العـتبا
    من جرّبَ الكيَّ لا ينسـى مواجعهُ ومن رأى السمَّ لا يشقى كمن شربا
    حبلُ الفجيعةِ ملتفٌّ عـلى عنقي من ذا يعاتبُ مشنوقاً إذا اضطربا؟
    الشعرُ ليـسَ حمامـاتٍ نـطيّرها نحوَ السماءِ، ولا ناياً.. وريحَ صَبا
    لكنّهُ غضـبٌ طـالت أظـافـرهُ ما أجبنَ الشعرَ إن لم يركبِ الغضبا


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:27 pm

    متى يعلنون وفاة العرب
    ----------------------------

    1 -

    أحاولُ منذ الطُفولةِ رسْمَ بلادٍ

    تُسمّى - مجازا - بلادَ العَرَبْ

    تُسامحُني إن كسرتُ زُجاجَ القمرْ...

    وتشكرُني إن كتبتُ قصيدةَ حبٍ

    وتسمحُ لي أن أمارسَ فعْلَ الهوى

    ككلّ العصافير فوق الشجرْ...

    أحاول رسم بلادٍ

    تُعلّمني أن أكونَ على مستوى العشْقِ دوما

    فأفرشَ تحتكِ ، صيفا ، عباءةَ حبي

    وأعصرَ ثوبكِ عند هُطول المطرْ...

    - 2 -

    أحاولُ رسْمَ بلادٍ...

    لها برلمانٌ من الياسَمينْ.

    وشعبٌ رقيق من الياسَمينْ.

    تنامُ حمائمُها فوق رأسي.

    وتبكي مآذنُها في عيوني.

    أحاول رسم بلادٍ تكون صديقةَ شِعْري.

    ولا تتدخلُ بيني وبين ظُنوني.

    ولا يتجولُ فيها العساكرُ فوق جبيني.

    أحاولُ رسْمَ بلادٍ...

    تُكافئني إن كتبتُ قصيدةَ شِعْرٍ

    وتصفَحُ عني ، إذا فاض نهرُ جنوني

    - 3 -

    أحاول رسم مدينةِ حبٍ...

    تكون مُحرّرةً من جميع العُقَدْ...

    فلايذبحون الأنوثةَ فيها...ولايقمَعون الجَسَدْ...

    - 4 -

    رَحَلتُ جَنوبا...رحلت شمالا...

    ولافائدهْ...

    فقهوةُ كلِ المقاهي ، لها نكهةٌ واحدهْ...

    وكلُ النساءِ لهنّ - إذا ما تعرّينَ-

    رائحةٌ واحدهْ...

    وكل رجالِ القبيلةِ لايمْضَغون الطعامْ

    ويلتهمون النساءَ بثانيةٍ واحدهْ.

    - 5 -

    أحاول منذ البداياتِ...

    أن لاأكونَ شبيها بأي أحدْ...

    رفضتُ الكلامَ المُعلّبَ دوما.

    رفضتُ عبادةَ أيِ وثَنْ...

    - 6 -

    أحاول إحراقَ كلِ النصوصِ التي أرتديها.

    فبعضُ القصائدِ قبْرٌ،

    وبعضُ اللغاتِ كَفَنْ.

    وواعدتُ آخِرَ أنْثى...

    ولكنني جئتُ بعد مرورِ الزمنْ...

    - 7 -

    أحاول أن أتبرّأَ من مُفْرداتي

    ومن لعْنةِ المبتدا والخبرْ...

    وأنفُضَ عني غُباري.

    وأغسِلَ وجهي بماء المطرْ...

    أحاول من سلطة الرمْلِ أن أستقيلْ...

    وداعا قريشٌ...

    وداعا كليبٌ...

    وداعا مُضَرْ...

    - 8 -

    أحاول رسْمَ بلادٍ

    تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ

    سريري بها ثابتٌ

    ورأسي بها ثابتٌ

    لكي أعرفَ الفرقَ بين البلادِ وبين السُفُنْ...

    ولكنهم...أخذوا عُلبةَ الرسْمِ منّي.

    ولم يسمحوا لي بتصويرِ وجهِ الوطنْ...

    - 9 -

    أحاول منذ الطفولةِ

    فتْحَ فضاءٍ من الياسَمينْ

    وأسّستُ أولَ فندقِ حبٍ...بتاريخ كل العربْ...

    ليستقبلَ العاشقينْ...

    وألغيتُ كل الحروب القديمةِ...

    بين الرجال...وبين النساءْ...

    وبين الحمامِ...ومَن يذبحون الحمامْ...

    وبين الرخام ومن يجرحون بياضَ الرخامْ...

    ولكنهم...أغلقوا فندقي...

    وقالوا بأن الهوى لايليقُ بماضي العربْ...

    وطُهْرِ العربْ...

    وإرثِ العربْ...

    فيا لَلعجبْ!!

    - 10 -

    أحاول أن أتصورَ ما هو شكلُ الوطنْ؟

    أحاول أن أستعيدَ مكانِيَ في بطْنِ أمي

    وأسبحَ ضد مياه الزمنْ...

    وأسرقَ تينا ، ولوزا ، و خوخا،

    وأركضَ مثل العصافير خلف السفنْ.

    أحاول أن أتخيّلَ جنّة عَدْنٍ

    وكيف سأقضي الإجازةَ بين نُهور العقيقْ...

    وبين نُهور اللبنْ...

    وحين أفقتُ...اكتشفتُ هَشاشةَ حُلمي

    فلا قمرٌ في سماءِ أريحا...

    ولا سمكٌ في مياهِ الفُرات...

    ولا قهوةٌ في عَدَنْ...

    - 11 -

    أحاول بالشعْرِ...أن أُمسِكَ المستحيلْ...

    وأزرعَ نخلا...

    ولكنهم في بلادي ، يقُصّون شَعْر النخيلْ...

    أحاول أن أجعلَ الخيلَ أعلى صهيلا

    ولكنّ أهلَ المدينةِيحتقرون الصهيلْ!!

    - 12 -

    أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...

    خارجَ كلِ الطقوسْ...

    وخارج كل النصوصْ...

    وخارج كل الشرائعِ والأنْظِمَهْ

    أحاول - سيدتي - أن أحبّكِ...

    في أي منفى ذهبت إليه...

    لأشعرَ - حين أضمّكِ يوما لصدري -

    بأنّي أضمّ تراب الوَطَنْ...

    - 13 -

    أحاول - مذْ كنتُ طفلا، قراءة أي كتابٍ

    تحدّث عن أنبياء العربْ.

    وعن حكماءِ العربْ... وعن شعراءِ العربْ...

    فلم أر إلا قصائدَ تلحَسُ رجلَ الخليفةِ

    من أجل جَفْنةِ رزٍ... وخمسين درهمْ...

    فيا للعَجَبْ!!

    ولم أر إلا قبائل ليست تُفرّق ما بين لحم النساء...

    وبين الرُطَبْ...

    فيا للعَجَبْ!!

    ولم أر إلا جرائد تخلع أثوابها الداخليّهْ...

    لأيِ رئيسٍ من الغيب يأتي...

    وأيِ عقيدٍ على جُثّة الشعب يمشي...

    وأيِ مُرابٍ يُكدّس في راحتيه الذهبْ...

    فيا للعَجَبْ!!

    - 14 -

    أنا منذ خمسينَ عاما،

    أراقبُ حال العربْ.

    وهم يرعدونَ، ولايمُطرونْ...

    وهم يدخلون الحروب، ولايخرجونْ...

    وهم يعلِكونَ جلود البلاغةِ عَلْكا

    ولا يهضمونْ...

    - 15 -

    أنا منذ خمسينَ عاما

    أحاولُ رسمَ بلادٍ

    تُسمّى - مجازا - بلادَ العربْ

    رسمتُ بلون الشرايينِ حينا

    وحينا رسمت بلون الغضبْ.

    وحين انتهى الرسمُ، ساءلتُ نفسي:

    إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ...

    ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟

    ومَن سوف يبكي عليهم؟

    وليس لديهم بناتٌ...

    وليس لديهم بَنونْ...

    وليس هنالك حُزْنٌ،

    وليس هنالك مَن يحْزُنونْ!!

    - 16 -

    أحاولُ منذُ بدأتُ كتابةَ شِعْري

    قياسَ المسافةِ بيني وبين جدودي العربْ.

    رأيتُ جُيوشا...ولا من جيوشْ...

    رأيتُ فتوحا...ولا من فتوحْ...

    وتابعتُ كلَ الحروبِ على شاشةِ التلْفزهْ...

    فقتلى على شاشة التلفزهْ...

    وجرحى على شاشة التلفزهْ...

    ونصرٌ من الله يأتي إلينا...على شاشة التلفزهْ...

    - 17 -

    أيا وطني: جعلوك مسلْسلَ رُعْبٍ

    نتابع أحداثهُ في المساءْ.

    فكيف نراك إذا قطعوا الكهْرُباءْ؟؟

    - 18 -

    أنا...بعْدَ خمسين عاما

    أحاول تسجيل ما قد رأيتْ...

    رأيتُ شعوبا تظنّ بأنّ رجالَ المباحثِ

    أمْرٌ من الله...مثلَ الصُداعِ...ومثل الزُكامْ...

    ومثلَ الجُذامِ...ومثل الجَرَبْ...

    رأيتُ العروبةَ معروضةً في مزادِ الأثاث القديمْ...

    ولكنني...ما رأيتُ العَرَبْ!!...


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:28 pm

    دكتوراة شرف في كيمياء الحجر
    --------------------------------

    يرمي حجراً..

    أو حجرينْ.

    يقطعُ أفعى إسرائيلَ إلى نصفينْ

    يمضغُ لحمَ الدبّاباتِ،

    ويأتينا..

    من غيرِ يدينْ..

    في لحظاتٍ..

    تظهرُ أرضٌ فوقَ الغيمِ،

    ويولدُ وطنٌ في العينينْ

    في لحظاتٍ..

    تظهرُ حيفا.

    تظهرُ يافا.

    تأتي غزَّةُ في أمواجِ البحرِ

    تضيءُ القدسُ،

    كمئذنةٍ بين الشفتينْ..

    يرسمُ فرساً..

    من ياقوتِ الفجرِ..

    ويدخلُ..

    كالإسكندرِ ذي القرنينِ.

    يخلعُ أبوابَ التاريخِ،

    وينهي عصرَ الحشّاشينَ،

    ويقفلُ سوقَ القوَّادين،

    ويقطعُ أيدي المرتزقينَ،

    ويلقي تركةَ أهلِ الكهفِ،

    عن الكتفينْ..

    في لحظاتٍ..

    تحبلُ أشجارُ الزّيتونِ،

    يدرُّ حليبٌ في الثديينْ..

    يرسمُ أرضاً في طبريّا

    يزرعُ فيها سنبلتينْ

    يرسمُ بيتاً فوقَ الكرملْ،

    يرسمُ أمّاً.. تطحنُ بُنَّاً عندَ البابِ،

    وفنجانينْ..

    وفي لحظاتٍ.. تهجمُ رائحةُ الليمونِ،

    ويولدُ وطنٌ في العينينْ

    يرمي قمراً من عينيهِ السوداوينِ،

    وقد يرمي قمرينْ..

    يرمي قلماً.

    يرمي كتباً.

    يرمي حبراً.

    يرمي صمغاً.

    يرمي كرّاسات الرسمِ

    وفرشاةَ الألوانْ

    تصرخُ مريمُ: "يا ولداهُ.."

    وتأخذهُ بينَ الأحضانْ.

    يسقطُ ولدٌ

    في لحظاتٍ..

    يولدُ آلافُ الصّبيانْ

    يكسفُ قمرٌ غزّاويٌ

    في لحظاتٍ...

    يطلعُ قمرٌ من بيسانْ

    يدخلُ وطنٌ للزنزانةِ،

    يولدُ وطنٌ في العينين..

    ينفضُ عن نعليهِ الرملَ..

    ويدخلُ في مملكةِ الماء.

    يفتحُ نفقاً آخرَ.

    يُبدعُ زمناً آخرَ.

    يكتبُ نصاً آخرَ.

    يكسرُ ذاكرةَ الصحراءْ.

    يقتلُ لغةً مستهلكةً

    منذُ الهمزةِ.. حتّى الياءْ..

    يفتحُ ثقباً في القاموسِ،

    ويعلنُ موتَ النحوِ.. وموتَ الصرفِ..

    وموتَ قصائدنا العصماءْ..

    يرمي حجراً.

    يبدأ وجهُ فلسطينٍ

    يتشكّلُ مثلَ قصيدةِ شعرْ..

    يرمي الحجرَ الثاني

    تطفو عكّا فوق الماءِ قصيدةَ شعرْ

    يرمي الحجرَ الثالثَ

    تطلعُ رامَ الله بنفسجةً من ليلِ القهرْ

    يرمي الحجر العاشرَ

    حتّى يظهرَ وجهُ اللهِ..

    ويظهرُ نورُ الفجرْ..

    يرمي حجرَ الثورةِ

    حتّى يسقطَ آخر فاشستيّ

    من فاشستِ العصرْ

    يرمي..

    يرمي..

    يرمي..

    حتّى يقلعَ نجمةَ داوودٍ

    بيديهِ،

    ويرميها في البحرْ..

    تسألُ عنهُ الصحفُ الكبرى:

    أيُّ نبيٍّ هذا القادمُ من كنعانْ؟

    أيُّ صبيٍّ؟

    هذا الخارجُ من رحمِ الأحزانْ؟

    أيُّ نباتٍ أسطوريٍّ

    هذا الطالعُ من بينِ الجُدرانْ؟

    أيُّ نهورٍ من ياقوتٍ

    فاضت من ورقِ القرآنْ؟

    يسألُ عنهُ العرَّافونَ.

    ويسألُ عته الصوفيّونَ.

    ويسألُ عنه البوذيّونَ.

    ويسألُ عنهُ ملوكُ الأنسِ،

    ويسألُ عنهُ ملوكُ الجانْ.

    من هوَ هذا الولدُ الطالعُ

    مثلَ الخوخِ الأحمرِ..

    من شجرِ النسيانْ؟

    من هوَ هذا الولدُ الطافشُ

    من صورِ الأجدادِ..

    ومن كذبِ الأحفادِ..

    ومن سروالِ بني قحطانْ؟

    من هوَ هذا الولدُ الباحثُ

    عن أزهارِ الحبِّ..

    وعنْ شمسِ الإنسانْ؟

    من هوَ هذا الولدُ المشتعلِ العينينْ..

    كآلهةِ اليونانْ؟

    يسألُ عنهُ المضطهدونَ..

    ويسألُ عنهُ المقموعونَ.

    ويسألُ عنه المنفيّونَ.

    وتسألُ عنهُ عصافيرٌ خلفَ القضبانْ.

    من هوَ هذا الآتي..

    من أوجاعِ الشمعِ..

    ومن كتبِ الرُّهبانْ؟

    من هوَ هذا الولدُ

    التبدأُ في عينيهِ..

    بداياتُ الأكوانْ؟

    من هوَ؟

    هذا الولدُ الزّارعُ

    قمحَ الثورةِ..

    في كلِّ مكانْ؟

    يكتبُ عنهُ القصصيّونَ،

    ويروي قصّتهُ الرُّكبانْ.

    من هوَ هذا الطفلُ الهاربُ من شللِ الأطفالِ،

    ومن سوسِ الكلماتْ؟

    من هوَ؟

    هذا الطافشُ من مزبلةِ الصبرِ..

    ومن لُغةِ الأمواتْ؟

    تسألُ صحفُ العالمِ،

    كيفَ صبيٌّ مثل الوردةِ..

    يمحو العالمَ بالممحاةْ؟؟

    تسألُ صحفٌ في أمريكا

    كيف صبيٌّ غزّاويٌّ،

    حيفاويٌّ،

    عكَّاويٌّ،

    نابلسيٌّ،

    يقلبُ شاحنةَ التاريخِ،

    ويكسرُ بللورَ التوراةْ؟؟؟


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:30 pm

    في المقهى
    ------------------

    جواري اتخذت مقعدها كوعاء الورد في اطمئنانها
    وكتاب ضارع في يدها يحصد الفضلة من إيمانها
    يثب الفنجان من لهفته في يدي ، شوقا إلى فنجانها
    آه من قبعة الشمس التي يلهث الصيف على خيطانها
    جولة الضوء على ركبتها زلزلت روحي من أركانها
    هي من فنجانها شاربة وأنا أشرب من أجفانها
    قصة العينين .. تستعبدني من رأى الأنجم في طوفانها
    كلما حدقت فيها ضحكت وتعرى الثلج في أسنانها
    شاركيني قهوة الصبح .. ولا تدفني نفسك في أشجانها
    إنني جارك يا سيدتي والربى تسأل عن جيرانها
    من أنا .. خلي السؤالات أنا لوحة تبحث عن ألوانها
    موعدا .. سيدتي! وابتسمت وأشارت لي إلى عنوانها..
    وتطلعت فلم ألمح سوى طبعة الحمرة في فنجانها

    ******************************

    على الغيم
    -------------

    فَرَشتُ أهدابي.. فلن تتعَبي

    نُزْهتنا على دمِ المغربِ

    في غيمةٍ ورديّـةٍ.. بيتـُنــا

    نَسْبَحُ في بريقها المُذْهَبِ

    يسوقُنا العطرُ كما يشتهي

    فحيثُما يذهبْ بنا.. نَذْهَبِ..

    خذي ذراعي.. دربُنا فضّهٌ

    ووعدُنا في مخدعِ الكوكبِ

    أرجوكِ.. إنْ تمسّحتْ نجمةٌ

    بذيلِ فستانكِ.. لا تغضبي

    فإنها صديقةٌ .. حاولتْ

    تقبيلَ رِجليكِ ، فلا تعتبي

    ثِقي بحُبّي .. فهو أقصوصةٌ

    بِأَدْمُعِ النجومِ لم تُكْتَبِ

    حُبِّي بِلَونِ النار.. إنْ مرةً

    وَشْوَشْتُ عنه الحبَّ، يَسْتَغْرِبُ

    لا تَسأَليني..كيفَ أَحْبَبْتَني؟

    يَدفعني إليكِ شوقٌ نــبي..

    و اللهِ إنْ سَأَلتِني نجمةً

    قَلَعْتُها من أُفْقِها .. فاطلبي

    هل كان ينمو الوردُ في قمّتي؟

    لو لم تهلّي أنتِ في ملعبي

    و مطلبي لَديكِ ما يطلبُ

    العصفورُ عند الجدولِ المعشبِ

    و أنتِ لي ، ما العطرُ للوردة

    الحمراء، لا أكونُ إنْ تذهبي ..

    ****************************8

    القبلة الأولى
    ------------------------

    عامان .. مرا عليها يا مقبلتي

    وعطرها لم يزل يجري على شفتي

    كأنها الآن .. لم تذهب حلاوتها

    ولا يزال شذاها ملء صومعتي

    إذ كان شعرك في كفي زوبعة

    وكأن ثغرك أحطابي .. وموقدتي

    قولي. أأفرغت في ثغري الجحيم وهل

    من الهوى أن تكوني أنت محرقتي

    لما تصالب ثغرانا بدافئة

    لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

    تروي الحكايات أن الثغر معصية

    حمراء .. إنك قد حببت معصيتي

    ويزعم الناس أن الثغر ملعبها

    فما لها التهمت عظمي وأوردتي؟

    يا طيب قبلتك الأولى .. يرف بها

    شذا جبالي .. وغاباتي .. وأوديتي

    ويا نبيذية الثغر الصبي .. إذا

    ذكرته غرقت بالماء حنجرتي..

    ماذا على شفتي السفلى تركت .. وهل

    طبعتها في فمي الملهوب .. أم رئتي؟

    لم يبق لي منك .. إلا خيط رائحة

    يدعوك أن ترجعي للوكر .. سيدتي

    ذهبت أنت لغيري .. وهي باقية

    نبعا من الوهج .. لم ينشف .. ولم يمت

    تركتني جائع الأعصاب .. منفردا

    أنا على نهم الميعاد .. فالتفتي.
    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:34 pm

    الشقيقتان
    -------------------

    قلم الحمرة .. أختاه .. ففي شرفات الظن، ميعادي معه
    أين أصباغي.. ومشطي .. والحلي؟ إن بي وجدا كوجد الزوبعة
    ناوليني الثوب من مشجبه ومن الديباج هاتي أروعه
    سرحيني .. جمليني .. لوني ظفري الشاحب إني مسرعة
    جوربي نار .. فهل أنقذته؟ من يد موشكة أن تقطعه
    ما كذبت الله .. فيما أدعي كاد أن يهجر قلبي موضعة
    رحمة .. يا هند هل أمضى له وأنا مبهورة .. ممتقعة ..
    إنه الآن .. إلى موعدنا جبهة .. باذخة .. مرتفعة
    ورداء يحصد الشمس .. جوى وفم لون الفصول الأربعة
    لا أسميه .. وإن كان اسمه نقرة العود .. وبوح المزرعة
    لو سألت الريش من أجفانه أتقي البرد به .. لاقتلعه
    ركزي يا هند شغلى .. فعلى سحبات الرصد ميعادي معه

    ********************************

    هرة
    ---------

    كنت أعدو في غابة اللوز .. لما قال عني، أماه، إني حلوة
    وعلى سالفي .. غفا زر ورد وقميص تفلتت منه عروة
    قال ما قال .. فالقميص جحيم فوق صدري، والثوب يقطر نشوة
    قال لي : مبسمي وريقة توت ولقد قال إن صدري ثروة
    وروى لي عن ناهدي حكايا.. فهما جدولا نبيذ وقهوة
    وهما دورقا رحيق ونور وهما ربوة تعانق ربوة..
    أأنا حلوة؟ وأيقظ أنثى في عروقي ، وشق للنور كوه
    إن في صوته قرارا رخيما وبأحداقه .. بريق النبوة
    جبهة حرة .. كما انسرح النور وثغر فيه اعتداد وقسوة
    يغصب القبلة اغتصابا .. وأرضي وجميل أن يؤخذ الثغر عنوة
    ورددت الجفون عنه .. حياء وحياء النساء للحب دعوة
    تستحي مقلتي .. ويسأل طهري عن شذاه .. كأن للطهر شهوة
    أنت .. لن تنكري على احتراقي كلنا .. في مجامر النار نسوه

    ******************************

    رسالة حب صغيرة
    ----------------------

    حبيبتي ، لديَّ شيءٌ كثيرْ.. أقولُهُ ، لديَّ شيءٌ كثيرْ ..
    من أينَ ؟ يا غاليتي أَبتدي و كلُّ ما فيكِ.. أميرٌ.. أميرْ
    يا أنتِ يا جاعلةً أَحْرُفي ممّا بها شَرَانِقاً للحريرْ
    هذي أغانيَّ و هذا أنا يَضُمُّنا هذا الكِتابُ الصغيرْ
    غداً .. إذا قَلَّبْتِ أوراقَهُ و اشتاقَ مِصباحٌ و غنّى سرير..
    واخْضَوْضَرَتْ من شوقها، أحرفٌ و أوشكتْ فواصلٌ أن تطيرْ
    فلا تقولي : يا لهذا الفتى أخْبرَ عَنّي المنحنى و الغديرْ
    و اللّوزَ .. و التوليبَ حتى أنا تسيرُ بِيَ الدنيا إذا ما أسيرْ
    و قالَ ما قالَ فلا نجمةٌ إلاّ عليها مِنْ عَبيري عَبيرْ
    غداً .. يراني الناسُ في شِعْرِهِ فَمَاً نَبيذِيّاً، و شَعْراً قَصيرْ
    دعي حَكايا الناسِ.. لَنْ تُصْبِحِي كَبيرَةً .. إلاّ بِحُبِّي الكَبيرْ
    ماذا تصيرُ الأرضُ لو لم نكنْ لو لَمْ تكنْ عَيناكِ... ماذا تصيرْ ؟

    ************************

    مع جريدة
    -------------

    أخرجَ من معطفهِ الجريده..

    وعلبةَ الثقابِ

    ودون أن يلاحظَ اضطرابي..

    ودونما اهتمامِ

    تناولَ السكَّرَ من أمامي..

    ذوَّب في الفنجانِ قطعتين

    ذوَّبني.. ذوَّب قطعتين

    وبعدَ لحظتين

    ودونَ أن يراني

    ويعرفَ الشوقَ الذي اعتراني..

    تناولَ المعطفَ من أمامي

    وغابَ في الزحامِ

    مخلَّفاً وراءه.. الجريده

    وحيدةً

    مثلي أنا.. وحيده

    **************************

    عيد ميلادها
    --------------------

    بطاقة من يدها ترتعد

    تفدى اليد

    تقول : عيدي الأحد

    ما عمرها؟

    لو قلت .. غنى في جبيني العدد

    إحدى ثوانيه إذا

    أعطت، عصورا تلد

    وبرهة من عمرها

    يكمن فيها .. أبد

    ترى إذا جاء غد

    وانشال تول أسود

    واندفعت حوامل الزهر..

    وطاب المشهد

    ورد..وحلوى ..وأنا

    يأكلني التردد

    بأي شيء أفد

    إذا يهل الأحد

    بخاتم ..بباقة؟

    هيهات. لا أقلد

    أليس من يدلني؟

    كيف .. وماذا أقتني؟

    ليومها الملحن

    أحزمة من سوسن؟

    أنجمة مقيمة في موطني؟

    أهدي لها

    الله .. ما أقلها؟ ..

    من ينتقي؟

    لي من كروم المشرق

    من قمر محترق

    حقا غريب العبق

    آنية مسحورة خالقها لم يخلق..

    أحملها ..غدا لها

    الله ..ما أقلها

    لو بيدي الفرقد

    والدر والزمرد

    فصلتها جميعها

    رافعة لنهدها

    ومحبسا لزندها

    هدية صغيرة .. تحمل نفسي كلها

    لعلها

    إذا أنا حملتها

    غدا لها

    ستسعد

    يا مرتجي .. يا أحد ..




    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:36 pm

    الى صديقة جديدة
    -----------------------

    وَدَّعتُكِ الأمس ، و عدتُ وحدي

    مفكِّراً ببَوْحكِ الأخيرِ

    كتبتُ عن عينيكِ ألفَ شيءٍ

    كتبتُ بالضوءِ و بالعبيرِ

    كتبتُ أشياءَ بدون معنى

    جميعُها مكتوبة ٌ بنورِ

    مَنْ أنتِ . . مَنْ رماكِ في طريقي ؟

    مَنْ حرَّكَ المياهَ في جذوري ؟

    و كانَ قلبي قبل أن تلوحي

    مقبرةً ميِّتَةَ الزُهورِ

    مُشْكلتي . . أنّي لستُ أدري

    حدّاً لأفكاري و لا شعوري

    أضَعْتُ تاريخي ، و أنتِ مثلي

    بغير تاريخٍ و لا مصيرِ

    محبَّتي نار ٌ فلا تُجَنِّي

    لا تفتحي نوافذ َ السعيرِ

    أريدُ أن أقيكِ من ضلالي

    من عالمي المسمَّم ِ العطورِ

    هذا أنا بكلِّ سيئاتي

    بكلِّ ما في الأرضِ من غرورِ

    كشفتُ أوراقي فلا تُراعي

    لن تجدي أطهرَ من ما عندي من شرور

    للحسن ثوراتٌ فلا تهابي

    و جرِّبي أختاهُ أن تثوري

    و لتْثقي مهما يكنْ بحُبِّي

    فإنَّه أكبر ُ من كبيرِ

    **************************

    سُلالات
    -----------

    مِنْ سُلالاتِ العَصَافِيرِ .. أنا

    لا سُلالاتِ الشَجَرْ

    وشَرَاييني امتدادٌ لشَرَايينِ القَمَرْ

    إنَّني أخزِنُ كالأسماكِ في عَيْنَيَّ

    ألوانَ الصواري ،

    ومواقيتَ السَفَرْ .

    أنا لا أُشْبِهُ إلا صُورَتي

    فلماذا شَبَّهُوني بعُمَرْ ؟

    ****************************

    طوق الياسمين
    ----------------------

    شكراً.. لطوق الياسمين

    وضحكت لي.. وظننت أنك تعرفين

    معنى سوار الياسمين

    يأتي به رجل إليك

    ظننت أنك تدركين

    *

    وجلست في ركن ركين

    تتسرحين

    وتنقطين العطر من قارورة و تدمدمين

    لحناً فرنسي الرنين

    لحناً كأيامي حزين

    قدماك في الخف المقصب

    جدولان من الحنين

    وقصدت دولاب الملابس

    تقلعين .. وترتدين

    وطلبت أن أختار ماذا تلبسين

    أفلي إذن ؟

    أفلي أنا تتجملين ؟

    ووقفت .. في دوامة الأوان ملتهب الجبين

    الأسود المكشوف من كتفيه

    هل تترددين ؟

    لكنه لون حزين

    لون كأيامي حزين

    ولبسته

    وربطت طوق الياسمين

    وظننت أنك تعرفين

    معنى سوار الياسمين

    يأتي به رجل إليك

    ظننت أنك تدركين..

    هذا المساء

    بحانة صغرى رأيتك ترقصين

    تتكسرين على زنود المعجبين

    تتكسرين

    وتدمدمين

    قي أذن فارسك الأمين

    لحناً فرنسي الرنين

    لحناً كأيامي حزين

    *

    وبدأت أكتشف اليقين

    وعرفت أنك للسوى تتجملين

    وله ترشين العطور

    وتقلعين

    وترتدين

    ولمحت طوق الياسمين

    في الأرض .. مكتوم الأنين

    كالجثة البيضاء

    تدفعه جموع الراقصين

    ويهم فارسك الجميل بأخذه

    فتمانعين

    وتقهقهين

    " لاشيء يستدعي انحناْك

    ذاك طوق الياسمين .. "




    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:37 pm

    خبز وحشيش وقمر
    -----------------------

    عندما يولدُ في الشرق القمرْ..

    فالسطوحُ البيضُ تغفو

    تحت أكداس الزَهَرْ..

    يترك الناسُ الحوانيت و يمضون زُمَرْ

    لملاقاةِ القَمَرْ..

    يحملون الخبزَ.. و الحاكي..إلى رأس الجبالْ

    و معدات الخدَرْ..

    و يبيعونَ..و يشرونَ..خيالْ

    و صُوَرْ..

    و يموتونَ إذا عاش القمر..

    ***

    ما الذي يفعلهُ قرصُ ضياءْ؟

    ببلادي..

    ببلاد الأنبياءْ..

    و بلاد البسطاءْ..

    ماضغي التبغ و تجَّار الخدَرْ..

    ما الذي يفعله فينا القمرْ؟

    فنضيع الكبرياء..

    و نعيش لنستجدي السماءْ..

    ما الذي عند السماءْ؟

    لكسالى..ضعفاءْ..

    يستحيلون إلى موتى إذا عاش القمرْ..

    و يهزّون قبور الأولياءْ..

    علَّها ترزقهم رزّاً.. و أطفالاً..قبورُ الأولياءْ

    و يمدّون السجاجيدَ الأنيقات الطُرَرْ..

    يتسلون بأفيونٍ نسميه قَدَرْ..

    و قضاءْ..

    في بلادي.. في بلاد البسطاءْ..

    ***

    أي ضعفً و انحلالْ..

    يتولاّنا إذا الضوء تدفقْ

    فالسجاجيدُ.. و آلاف السلالْ..

    و قداحُ الشاي .. و الأطفالُ..تحتلُّ التلالْ

    في بلادي

    حيث يبكي الساذجونْ

    و يعيشونَ على الضوء الذي لا يبصرونْ..

    في بلادي

    حيث يحيا الناسُ من دونِ عيونْ..

    حيث يبكي الساذجونْ..

    و يصلونَ..

    و يزنونَ..

    و يحيونَ اتكالْ..

    منذ أن كانوا يعيشونَ اتكالْ..

    و ينادون الهلال:

    " يا هلالْ..

    أيُّها النبع الذي يُمطر ماسْ..

    و حشيشياً..و نعاسْ..

    أيها الرب الرخاميُّ المعلقْ

    أيها الشيءُ الذي ليس يصدَّق"..

    دمتَ للشرق..لنا

    عنقود ماسْ

    للملايين التي عطَّلت فيها الحواسْ

    ***

    في ليالي الشرق لمَّا..

    يبلغُ البدرُ تمامُهْ..

    يتعرَّى الشرقُ من كلَِ كرامَهْ

    و نضالِ..

    فالملايينُ التي تركض من غير نعالِ..

    و التي تؤمن في أربع زوجاتٍ..

    و في يوم القيامَهْ..

    الملايين التي لا تلتقي بالخبزِ..

    إلا في الخيالِ..

    و التي تسكن في الليل بيوتاً من سُعالِ..

    أبداً.. ما عرفت شكلَ الدواءْ..

    تتردَّى جُثثاً تحت الضياءْ..

    في بلادي.. حيث يبكي الأغبياءْ..

    و يموتون بكاءْ..

    كلَّما حرَّكهمْ عُودٌ ذليلٌ..و "ليالي"

    ذلك الموتُ الذي ندعوهُ في الشرقِ..

    "ليالي"..و غناءْ

    في بلادي..

    في بلاد البسطاءْ..

    حيث نجترُّ التواشيح الطويلةْ..

    ذلكَ السثلُّ الذي يفتكُ بالشرقِ..

    التواشيح الطويلة..

    شرقنا المجترُّ..تاريخاً

    و أحلاماً كسولةْ..

    و خرافاتٍ خوالي..

    شرقُنا, الباحثُ عن كلِّ بطولةْ..

    في أبي زيد الهلالي..


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:38 pm

    أكبر من كل الكلمات
    ---------------------------

    سيّدتي ! عندي في الدفترْ

    ترقصُ آلافُ الكلمات

    واحدةٌ في ثوبٍ أصفَرْ

    واحدةٌ في ثوبٍ أحمَرْ

    يحرقُ أطرافَ الصفحاتِ

    أنا لستُ وحيداً في الدنيا

    عائلتي .. حُزْمةُ أبيات

    أنا شاعرُ حُبٍّ جَوَّالٌ

    تعرفُهُ كلُّ الشُرُفاتِ

    تعرفهُ كلُّ الحُلْوَاتِ

    عندي للحبِّ تعابيرٌ

    ما مرَّتْ في بال دواة

    الشمسُ فتحتُ نوافذَها

    و تركتُ هنالكَ مرساتي

    و قطعتُ بحاراً .. و بحاراً

    أنبشُ أعماقَ الموجاتِ

    أبحثُ في جوف الصَدَفاتِ

    عن حرفٍ كالقمر الأخضرْ

    أهديهِ لعينيْ مولاتي

    *

    سيِّدتي ! في هذا الدفترْ

    تجدينَ ألوفَ الكلمات

    الأبيضَ منها و .. و الأحمَرْ

    الأزرقَ منها و .. و الأصفَرْ

    لكنَّكِ .. يا قمري الأخضَرْ

    أحلى من كلِّ الكلماتِ

    أكبرُ من كُلِّ الكلماتِ ..

    *****************************

    شؤون صغيرة
    -------------------

    تمر بها أنت .. دون التفات

    تساوي لدي حياتي

    جميع حياتي..

    حوادث .. قد لا تثير اهتمامك

    أعمر منها قصور

    وأحيا عليها شهور

    وأغزل منها حكايا كثيرة

    وألف سماء..

    وألف جزيرة..

    شؤون ..

    شؤونك تلك الصغيرة

    فحين تدخن أجثو أمامك

    كقطتك الطيبة

    وكلي أمان

    ألاحق مزهوة معجبة

    خيوط الدخان

    توزعها في زوايا المكان

    دوائر.. دوائر

    وترحل في آخر الليل عني

    كنجم، كطيب مهاجر

    وتتركني يا صديق حياتي

    لرائحة التبغ والذكريات

    وأبقي أنا ..

    في صقيع انفرادي

    وزادي أنا .. كل زادي

    حطام السجائر

    وصحن .. يضم رمادا

    يضم رمادي..

    ***

    وحين أكون مريضة

    وتحمل أزهارك الغالية

    صديقي.. إلي

    وتجعل بين يديك يدي

    يعود لي اللون والعافية

    وتلتصق الشمس في وجنتي

    وأبكي .. وأبكي.. بغير إرادة

    وأنت ترد غطائي علي

    وتجعل رأسي فوق الوسادة..

    تمنيت كل التمني

    صديقي .. لو أني

    أظل .. أظل عليلة

    لتسأل عني

    لتحمل لي كل يوم

    ورودا جميلة..

    وإن رن في بيتنا الهاتف

    إليه أطير

    أنا .. يا صديقي الأثير

    بفرحة طفل صغير

    بشوق سنونوة شاردة

    وأحتضن الآلة الجامدة

    وأعصر أسلاكها الباردة

    وأنتظر الصوت ..

    صوتك يهمي علي

    دفيئا .. مليئا .. قوي

    كصوت نبي

    كصوت وارتطام النجوم

    كصوت سقوط الحلي

    وأبكي .. وأبكي ..

    لأنك فكرت في

    لأنك من شرفات الغيوب

    هتفت إلي..

    ***

    ويوم أجيء إليك

    لكي أستعير كتاب

    لأزعم أني أتيت لكي أستعير كتاب

    تمد أصابعك المتعبة

    إلى المكتبة..

    وأبقي أنا .. في ضباب الضباب

    كأني سؤال بغير جواب..

    أحدق فيك وفي المكتبة

    كما تفعل القطة الطيبة

    تراك اكتشفت؟

    تراك عرفت؟

    بأني جئت لغير الكتاب

    وأني لست سوى كاذبة

    .. وأمضى سريعا إلى مخدعي

    أضم الكتاب إلى أضلعي

    كأني حملت الوجود معي

    وأشعل ضوئي .. وأسدل حولي الستور

    وأنبش بين السطور .. وخلف السطور

    وأعدو وراء الفواصل .. أعدو

    وراء نقاط تدور

    ورأسي يدور ..

    كأني عصفورة جائعة

    تفتش عن فضلات البذور

    لعلك .. يا .. يا صديقي الأثير

    تركت بإحدى الزوايا ..

    عبارة حب قصيرة ..

    جنينة شوق صغيرة

    لعلك بين الصحائف خبأت شيا

    سلاما صغيرا .. يعيد السلام إليا ..

    ***

    وحين نكون معا في الطريق

    وتأخذ - من غير قصد - ذراعي

    أحس أنا يا صديق ..

    بشيء عميق

    بشيء يشابه طعم الحريق

    على مرفقي ..

    وأرفع كفي نحو السماء

    لتجعل دربي بغير انتهاء

    وأبكي .. وأبكي بغير انقطاع

    لكي يستمر ضياعي

    وحين أعود مساء إلى غرفتي

    وأنزع عن كتفي الرداء

    أحس - وما أنت في غرفتي -

    بأن يديك

    تلفان في رحمة مرفقي

    وأبقي لأعبد يا مرهقي

    مكان أصابعك الدافئات

    على كم فستاني الأزرق ..

    وأبكي .. وأبكي .. بغير انقطاع

    كأن ذراعي ليست ذراعي..



    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:39 pm

    كلمات
    ---------------

    يُسمعني.. حـينَ يراقصُني كلماتٍ ليست كالكلمات
    يأخذني من تحـتِ ذراعي يزرعني في إحدى الغيمات
    والمطـرُ الأسـودُ في عيني يتساقـطُ زخاتٍ.. زخات
    يحملـني معـهُ.. يحملـني لمسـاءٍ ورديِ الشُـرفـات
    وأنا.. كالطفلـةِ في يـدهِ كالريشةِ تحملها النسمـات
    يحمـلُ لي سبعـةَ أقمـارٍ بيديـهِ وحُزمـةَ أغنيـات
    يهديني شمسـاً.. يهـديني صيفاً.. وقطيـعَ سنونوَّات
    يخـبرني.. أني تحفتـهُ وأساوي آلافَ النجمات
    و بأنـي كنـزٌ... وبأني أجملُ ما شاهدَ من لوحات
    يروي أشيـاءَ تدوخـني تنسيني المرقصَ والخطوات
    كلماتٍ تقلـبُ تاريخي تجعلني امرأةً في لحظـات
    يبني لي قصـراً من وهـمٍ لا أسكنُ فيهِ سوى لحظات
    وأعودُ.. أعودُ لطـاولـتي لا شيءَ معي.. إلا كلمات

    **************************

    لوليتا
    -----------------

    صار عمري خمس عشرة

    صرت أحلى ألف مرة

    صار حبي لك أكبر

    ألف مرة..

    ربما من سنتين

    لم تكن تهتم في وجهي المدور

    كان حسني بين بين ..

    وفساتيني تغطي الركبتين

    كنت آتيك بثوبي المدرسي

    وشريطي القرمزي

    كان يكفيني بأن تهدي إلي

    دمية .. قطعة سكر ..

    لم أكن أطلب أكثر

    وتطور..

    بعد هذا كل شيء

    لم أعد أقنع في قطعة سكر

    ودمي .. تطرحها بين يدي

    صارت اللعبة أخطر

    ألف مرة..

    صرت أنت اللعبة الكبرى لدي

    صرت أحلى لعبة بين يدي

    صار عمري خمس عشره..

    *

    صار عمري خمس عشره

    كل ما في داخلي .. غنى وأزهر

    كل شيء .. صار أخضر

    شفتي خوح .. وياقوت مكسر

    وبصدري ضحكت قبة مرمر

    وينابيع .. وشمس .. وصنوبر

    صارت المرآة لو تلمس نهدي تتخدر

    والذي كان سويا قبل عامين تدور

    فتصور ..

    طفلة الأمس التي كانت على بابك تلعب

    والتي كانت على حضنك تغفو حين تتعب

    أصبحت قطعة جوهر..

    لا تقدر ..

    *

    صار عمري خمس عشره

    صرت أجمل ..

    وستدعوني إلى الرقص .. وأقبل

    سوف ألتف بشال قصبي

    وسأبدوا كالأميرات ببهو عربي..

    أنت بعد اليوم لن تخجل في

    فلقد أصبحت أطول ..

    آه كم صليت كي أصبح أطول..

    إصبعا .. أو إصبعين..

    آه .. كم حاولت أن أظهر أكبر

    سنة أو سنتين ..

    آه .. كم ثرت على وجهي المدور

    وذؤاباتي .. وثوبي المدرسي

    وعلى الحب .. بشكل أبوي

    لا تعاملني بشكل أبوي

    فلقد أصبح عمري خمس عشرة.


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:40 pm

    نهر الأحزان
    -------------------

    عيناكِ كنهري أحـزانِ

    نهري موسيقى.. حملاني

    لوراءِ، وراءِ الأزمـانِ

    نهرَي موسيقى قد ضاعا

    سيّدتي.. ثمَّ أضاعـاني

    الدمعُ الأسودُ فوقهما

    يتساقطُ أنغامَ بيـانِ

    عيناكِ وتبغي وكحولي

    والقدحُ العاشرُ أعماني

    وأنا في المقعدِ محتـرقٌ

    نيراني تأكـلُ نيـراني

    أأقول أحبّكِ يا قمري؟

    آهٍ لـو كانَ بإمكـاني

    فأنا لا أملكُ في الدنيـا

    إلا عينيـكِ وأحـزاني

    سفني في المرفأ باكيـةٌ

    تتمزّقُ فوقَ الخلجـانِ

    ومصيري الأصفرُ حطّمني

    حطّـمَ في صدري إيماني

    أأسافرُ دونكِ ليلكـتي؟

    يا ظـلَّ الله بأجفـاني

    يا صيفي الأخضرَ ياشمسي

    يا أجمـلَ.. أجمـلَ ألواني

    هل أرحلُ عنكِ وقصّتنا

    أحلى من عودةِ نيسانِ؟

    أحلى من زهرةِ غاردينيا

    في عُتمةِ شعـرٍ إسبـاني

    يا حبّي الأوحدَ.. لا تبكي

    فدموعُكِ تحفرُ وجـداني

    إني لا أملكُ في الدنيـا

    إلا عينيـكِ ..و أحزاني

    أأقـولُ أحبكِ يا قمـري؟

    آهٍ لـو كـان بإمكـاني

    فأنـا إنسـانٌ مفقـودٌ

    لا أعرفُ في الأرضِ مكاني

    ضيّعـني دربي.. ضيّعَـني

    إسمي.. ضيَّعَـني عنـواني

    تاريخـي! ما ليَ تاريـخٌ

    إنـي نسيـانُ النسيـانِ

    إنـي مرسـاةٌ لا ترسـو

    جـرحٌ بملامـحِ إنسـانِ

    ماذا أعطيـكِ؟ أجيبيـني

    قلقـي؟ إلحادي؟ غثيـاني

    ماذا أعطيـكِ سـوى قدرٍ

    يرقـصُ في كفِّ الشيطانِ

    أنا ألـفُ أحبّكِ.. فابتعدي

    عنّي.. عن نـاري ودُخاني

    فأنا لا أمـلكُ في الدنيـا

    إلا عينيـكِ... وأحـزاني


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:41 pm

    يد
    --------

    يدك التي حطت على كتفي كحمامة . . نزلت لكي تشرب
    عندي تســاوي ألف مملكة يا ليتهـــــــا تبقى ولا تذهب
    تلك السبيكة . . كيف أرفضها من يرفض السكنى على كوكب
    لهث الخيال على ملاستها وأنهار عند سوارها المذهب
    الشمس نائمة على كتفي قبلتهــــا ألفــا ولم أتعب
    نهر حريري . . ومروحة صينية . . وقصيدة تكتب
    يدك المليسة . . كيف أقنعها أني بها .. أني بها معجب
    قولي لها تمضي برحلتها فلها جميع . . جميع ما ترغب
    يدك الصغيرة . . نجمة هربت مــاذا أقــول لنجمة تلعب
    أنا ساهر .. ومعي يد امرأة بيضاء .. هل اشهى وهل أطيب؟

    ******************************

    رسالة جندي في جبهة السويس
    ------------------------------

    يا والدي!

    هذي الحروفُ الثائرهْ

    تأتي إليكَ من السويسْ

    تأتي إليكَ من السويسِ الصابرهْ

    إني أراها يا أبي، من خندقي، سفنُ اللصوصْ

    محشودةٌ عندَ المضيقْ

    هل عادَ قطّاعُ الطريقْ؟

    يتسلّقونَ جدارنا..

    ويهدّدون بقاءنا..

    فبلادُ آبائي حريقْ

    إني أراهم، يا أبي، زرقَ العيونْ

    سودَ الضمائرِ، يا أبي، زُرقَ العيونْ

    قرصانهم، عينٌ من البللورِ، جامدةُ الجفونْ

    والجندُ في سطحِ السفينةِ.. يشتمونَ.. ويسكرونْ

    فرغتْ براميلُ النبيذِ.. ولا يزالُ الساقطونْ..

    يتوعّدونْ

    الرسالة الثانية 30/10/1956

    هذي الرسالةُ، يا أبي، من بورسعيدْ

    أمرٌ جديدْ..

    لكتيبتي الأولى ببدءِ المعركهْ

    هبطَ المظليّونَ خلفَ خطوطنا..

    أمرٌ جديدْ..

    هبطوا كأرتالِ الجرادِ.. كسربِ غربانٍ مُبيدْ

    النصفُ بعدَ الواحدهْ..

    وعليَّ أن أُنهي الرسالهْ

    أنا ذاهبٌ لمهمّتي

    لأرُدَّ قطّاعَ الطريقِ.. وسارقي حرّيتي

    لكَ.. للجميعِ تحيّتي.

    الرسالة الثالثة 31/10/1956

    الآنَ أفنَينا فلولَ الهابطينْ

    أبتاهُ، لو شاهدتَهم يتساقطونْ

    كثمارِ مشمشةٍ عجوزْ

    يتساقطونْ..

    يتأرجحونْ

    تحتَ المظلاتِ الطعينةِ

    مثلَ مشنوقٍ تدلّى في سكونْ

    وبنادقُ الشعبِ العظيمِ.. تصيدُهم

    زُرقَ العيونْ

    لم يبقَ فلاحٌ على محراثهِ.. إلا وجاءْ

    لم يبقَ طفلٌ، يا أبي، إلا وجاءْ

    لم تبقَ سكّينٌ.. ولا فأسٌ..

    ولا حجرٌ على كتفِ الطريقْ..

    إلا وجاءْ

    ليرُدَّ قطّاعَ الطريقْ

    ليخُطَّ حرفاً واحداً..

    حرفاً بمعركةِ البقاءْ

    الرسالة الرابعة 1/11/1956

    ماتَ الجرادْ

    أبتاهُ، ماتتْ كلُّ أسرابِ الجرادْ

    لم تبقَ سيّدةٌ، ولا طفلٌ، ولا شيخٌ قعيدْ

    في الريفِ، في المدنِ الكبيرةِ، في الصعيدْ

    إلا وشاركَ، يا أبي

    في حرقِ أسرابِ الجرادْ

    في سحقهِ.. في ذبحهِ حتّى الوريدْ

    هذي الرسالةُ، يا أبي، من بورسعيدْ

    من حيثُ تمتزجُ البطولةُ بالجراحِ وبالحديدْ

    من مصنعِ الأبطالِ، أكتبُ يا أبي

    من بورسعيدْ..


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:42 pm

    حبك طير أخضر
    ---------------------

    حُبُّكِ طيرٌ أخضرُ ..

    طَيْرٌ غريبٌ أخضرُ ..

    يكبرُ يا حبيبتي كما الطيورُ تكبْرُ

    ينقُرُ من أصابعي

    و من جفوني ينقُرُ

    كيف أتى ؟

    متى أتى الطيرُ الجميلُ الأخضرُ ؟

    لم أفتكرْ بالأمر يا حبيبتي

    إنَّ الذي يُحبُّ لا يُفَكِّرُ ...

    حُبُّكِ طفلٌ أشقرُ

    يَكْسِرُ في طريقه ما يكسرُ ..

    يزورني .. حين السماءُ تُمْطِرُ

    يلعبُ في مشاعري و أصبرُ ..

    حُبُّكِ طفلٌ مُتْعِبٌ

    ينام كلُّ الناس يا حبيبتي و يَسْهَرُ

    طفلٌ .. على دموعه لا أقدرُ ..

    *

    حُبُّكِ ينمو وحدهُ

    كما الحقولُ تُزْهِرُ

    كما على أبوابنا ..

    ينمو الشقيقُ الأحمرُ

    كما على السفوح ينمو اللوزُ و الصنوبرُ

    كما بقلب الخوخِ يجري السُكَّرُ ..

    حُبُّكِ .. كالهواء يا حبيبتي ..

    يُحيطُ بي

    من حيث لا أدري به ، أو أشعُرُ

    جزيرةٌ حُبُّكِ .. لا يطالها التخيُّلُ

    حلمٌ من الأحلامِ ..

    لا يُحْكَى .. و لا يُفَسَّرُ ..

    *

    حُبُّكِ ما يكونُ يا حبيبتي ؟

    أزَهْرَةٌ ؟ أم خنجرُ ؟

    أم شمعةٌ تضيءُ ..

    أم عاصفةٌ تدمِّرُ ؟

    أم أنه مشيئةُ الله التي لا تُقْهَرُ

    *

    كلُّ الذي أعرفُ عن مشاعري

    أنكِ يا حبيبتي ، حبيبتي ..

    و أنَّ من يًُحِبُّ ..

    لا يُفَكِّرُ ..

    *********************

    ماذا أقول له
    -------------------------

    ماذا أقول له لو جاء يسألني.. إن كنت أكرهه أو كنت أهواه؟
    ماذا أقول ، إذا راحت أصابعه تلملم الليل عن شعري وترعاه؟
    وكيف أسمح أن يدنو بمقعده؟ وأن تنام على خصري ذراعاه؟
    غدا إذا جاء .. أعطيه رسائله ونطعم النار أحلى ما كتبناه
    حبيبتي! هل أنا حقا حبيبته؟ وهل أصدق بعد الهجر دعواه؟
    أما انتهت من سنين قصتي معه؟ ألم تمت كخيوط الشمس ذكراه؟
    أما كسرنا كؤوس الحب من زمن فكيف نبكي على كأس كسرناه؟
    رباه.. أشياؤه الصغرى تعذبني فكيف أنجو من الأشياء رباه؟
    هنا جريدته في الركن مهملة هنا كتاب معا .. كنا قرأناه
    على المقاعد بعض من سجائره وفي الزوايا .. بقايا من بقاياه..
    ما لي أحدق في المرآة .. أسألها بأي ثوب من الأثواب ألقاه
    أأدعي أنني أصبحت أكرهه؟ وكيف أكره من في الجفن سكناه؟
    وكيف أهرب منه؟ إنه قدري هل يملك النهر تغييرا لمجراه؟
    أحبه .. لست أدري ما أحب به حتى خطاياه ما عادت خطاياه
    الحب في الأرض . بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها .. لاخترعناه
    ماذا أقول له لو جاء يسألني إن كنت أهواه. إني ألف أهواه..

    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:44 pm

    لاتحبيني
    ---------------

    هذا .. الهوى ما عاد يغرينيَ ! فلتستريحيِ .. ولترُيحينيِ
    إن كان حبكِ .. في تقلبه ما قد رأيتُ .. فلا تُحبينيِ
    حبي . . هو الدنيا بأجمعها أما هواك فليس يعنيني
    أحزانيَ الصغرى .. تعانقنيَ وتزورنيَ ... أن لم تزوريني
    ما همني .. ما تشعرين به إن أفتكاري فيكِ يكفيني
    فالحبُ . وهمٍ في خواطرنا كالعطر , في بال البساتين
    عيناكِ . من حزني خلقتُهما ما أنتِ ؟ ما عيناكِ ؟ من دوني
    فمُكِ الصغيرً ... أدرتهُ بيدي وزرعتهُ أزهار ليمون
    حتى جمالُك , ليس يذهلني إن غاب من حينٍ إلى حين
    فالشوقُ يفتحُ ألف نافذةٍ خضراء ... عن عينيكِ تغنينيَ
    لا فرق عنديَ يا معذبتيِ أحببتنيِ ، أم لم تُحبينيِ
    أنتِ أستريحيِ ... من هواي أنا لكن سألتكِ ... لا ترُيحني

    ****************************

    مهرجة
    -----------

    أتريدين إذ وجدت العشيقا أتريدين أن أكون صديقا
    وتقولينها بكل غبــاء بؤبؤا جامدا . . ووجها صفيقا
    موقفي تعرفينه .. فتواري عن طريقي يا من أضعتي الطريقا
    مضحك ما اقترحت .. يا بهلوانا يستحق الرثاء .. لا التصفيقا
    أصديق .. وبعد خمس سنين كنت فيها الشذا وكنت الرحيقا
    يا له من منطق النساء .. أمثلي يقبل الآن أن يكون صديقــا
    أسالي ....... عن بصماتي كل ....... أشعلت فيه حريقا
    هكذا بين ليلة وضحاهـــا نتلاقى شقيقة .. وشقيقـــا
    فكأني لم أملأ الصدر لوزا وعلى الثغر ما سكبت العقيقا
    إطمئني .. فلن ازور نفسي قدر النسر أن يظل طليقــا
    ابدا .. لن أكون قطا أليفا تستضيفينه .. وثوبا عتيقا
    سيدا كنت .. في مقاصير حبي ومن الصعب أن أصير رقيقا

    **************************

    هذه البلاد شقة مفروشة !
    ---------------------------------

    هـذي البـلادُ شـقَّـةٌ مَفـروشـةٌ ، يملُكُها شخصٌ يُسَمّى عَنترَهْ …

    يسـكَرُ طوالَ الليل عنـدَ بابهـا ، و يجمَعُ الإيجـارَ من سُكّـانهـا ..

    وَ يَطلُبُ الزواجَ من نسـوانهـا ، وَ يُطلقُ النـارَ على الأشجـار …

    و الأطفـال … و العيـون … و الأثـداء …والضفـائر المُعَطّـرَهْ ...

    هـذي البـلادُ كلُّهـا مَزرَعَـةٌ شخصيّـةٌ لعَنـترَهْ …

    سـماؤهـا .. هَواؤهـا … نسـاؤها … حُقولُهـا المُخضَوضَرَهْ …

    كلُّ البنايـات – هنـا – يَسـكُنُ فيها عَـنتَرَهْ …

    كلُّ الشـبابيك علَيـها صـورَةٌ لعَـنتَرَهْ …

    كلُّ الميـادين هُنـا ، تحمـلُ اسـمَ عَــنتَرَهْ …

    عَــنتَرَةٌ يُقـيمُ فـي ثيـابنـا … فـي ربطـة الخـبز …

    و فـي زجـاجـة الكُولا ، وَ فـي أحـلامنـا المُحتَضـرَهْ ...

    مـدينـةٌ مَهـجورَةٌ مُهَجّـرَهْ …

    لم يبقَ – فيها – فأرةٌ ، أو نملَـةٌ ، أو جدوَلٌ ، أو شـجَرَهْ …

    لاشـيء – فيها – يُدهشُ السّـياح إلاّ الصـورَةُ الرسميّـة المُقَرَّرَهْ ..

    للجـنرال عَــنتَرَهْ …

    فـي عرَبـات الخَـسّ ، و البـطّيخ …

    فــي البـاصـات ، فـي مَحطّـة القطـار ، فـي جمارك المطـار..

    فـي طوابـع البريـد ، في ملاعب الفوتبول ، فـي مطاعم البيتزا …

    و فـي كُلّ فئـات العُمـلَة المُزَوَّرَهْ …

    فـي غرفَـة الجلوس … فـي الحمّـام .. فـي المرحاض ..

    فـي ميـلاده السَـعيد ، فـي ختّـانه المَجيـد ..

    فـي قُصـوره الشـامخَـة ، البـاذخَـة ، المُسَـوَّرَهْ …

    مـا من جـديدٍ في حيـاة هـذي المـدينَـةُ المُسـتَعمَرَهْ …

    فَحُزنُنـا مُكّرَّرٌ ، وَمَوتُنـا مُكَرَّرٌ ،ونكهَةُ القهوَة في شفاهنـا مُكَرَّرَهْ …

    فَمُنذُ أَنْ وُلدنـا ،و نَحنُ مَحبوسُونَ فـي زجـاجة الثقافة المُـدَوَّرَهْ …

    وَمُـذْ دَخَلـنَا المَدرَسَـهْ ،و نحنُ لانَدرُسُ إلاّ سيرَةً ذاتيّـةً واحـدَهً …

    تـُخبرنـا عـن عَضـلات عَـنتَرَهْ …

    وَ مَكـرُمات عَــنتَرَهْ … وَ مُعجزات عَــنتَرَهْ …

    ولا نرى في كلّ دُور السينما إلاّ شريطاً عربيّاً مُضجراً يلعبُ فيه عَنتَرَهْ …

    لا شـيء – في إذاعَـة الصـباح – نهتـمُّ به …

    فـالخـبَرُ الأوّلُــ – فيهـا – خبرٌ عن عَــنترَهْ …

    و الخَـبَرُ الأخـيرُ – فيهـا – خَبَرٌ عن عَــنتَرَهْ …

    لا شـيءَ – في البرنامج الثـاني – سـوَى :

    عـزفٌ – عـلى القـانون – من مُؤلَّفـات عَــنتَرَهْ …

    وَ لَـوحَـةٌ زيتيّـةٌ من خـربَشــات عَــنتَرَهْ ...

    و بـاقَـةٌ من أردَئ الشـعر بصـوت عـنترَهْ …

    هذي بلادٌ يَمنَحُ المُثَقَّفونَ – فيها – صَوتَهُم ،لسَـيّد المُثَقَّفينَ عَنتَرَهْ …

    يُجَمّلُونَ قـُبحَهُ ، يُؤَرّخونَ عصرَهُ ، و ينشُرونَ فكرَهُ …

    و يَقـرَعونَ الطبـلَ فـي حـروبـه المُظـفَّرَهْ …

    لا نَجـمَ – في شـاشَـة التلفـاز – إلاّ عَــنتَرَهْ …

    بقَـدّه المَيَّـاس ، أو ضحكَـته المُعَبـرَهْ …

    يـوماً بزيّ الدُوق و الأمير … يـوماً بزيّ الكادحٍ الفـقير …

    يـوماً عـلى طـائرَةٍ سَـمتيّـةٍ .. يَوماً على دبّابَة روسيّـةٍ …

    يـوماً عـلى مُجَـنزَرَهْ …

    يـوماً عـلى أضـلاعنـا المُكَسَّـرَهْ …

    لا أحَـدٌ يجـرُؤُ أن يقـولَ : " لا " ، للجـنرال عَــنتَرَهْ …

    لا أحَـدٌ يجرؤُ أن يسـألَ أهلَ العلم – في المدينَة – عَن حُكم عَنتَرَهْ …

    إنَّ الخيارات هنا ، مَحدودَةٌ ،بينَ دخول السَجن ،أو دخول المَقبَرَهْ ..

    لا شـيء فـي مدينَة المائة و خمسين مليون تابوت سوى …

    تلاوَةُ القُرآن ، و السُرادقُ الكبير ، و الجنائز المُنتَظرَهْ …

    لا شيء ،إلاَّ رجُلٌ يبيعُ - في حقيبَةٍ - تذاكرَ الدخول للقبر ، يُدعى عَنتَرهْ …

    عَــنتَرَةُ العَبسـيُّ … لا يَترُكنـا دقيقةً واحدَةً …

    فـ مَرّةَ ، يـأكُلُ من طعامنـا … و َمـرَّةً يشرَبُ من شـرابنـا …

    وَ مَرَّةً يَندَسُّ فـي فراشـنا … وَ مـرَّةً يزورُنـا مُسَـلَّحاً …

    ليَقبَضَ الإيجـار عن بلادنـا المُسـتأجَرَهْ


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:46 pm

    اليوميات
    -----------------

    أسائل دائما نفسي:

    لماذا لا يكون الحب في الدنيا؟

    لكل الناس .. كل الناس..

    مثل أشعة الفجر...

    لماذا لا يكون الحب قي الدنيا؟

    مثل الماء في النهر..

    ومثل الغيم والأمطار,

    و الأعشاب والزهر...

    أليس الحب للإنسان

    عمراً داخل العمر؟؟؟..

    لماذا لا يكون الحب في بلدي ؟

    طبيعياً...

    كأية زهرة بيضاء..

    طالعة من الصخر...

    طبيعيا ...

    كلقيا الثغر بالثغر...

    ومنسابا

    كما شعري على ظهري...

    لماذا لا يحب الناس... في لين وفي يسر؟

    كما الأسماك في البحر؟؟؟

    كما الأقمار في أفلاكها تجري...

    لماذا لا يكون الحب في بلدي؟

    ضروريا..

    كديوان من الشعر؟؟

    *************************

    إختاري
    ------------------

    إني خيرتُكِ فاختاري

    ما بينَ الموتِ على صدري..

    أو فوقَ دفاترِ أشعاري..

    إختاري الحبَّ.. أو اللاحبَّ

    فجُبنٌ ألا تختاري..

    لا توجدُ منطقةٌ وسطى

    ما بينَ الجنّةِ والنارِ..

    إرمي أوراقكِ كاملةً..

    وسأرضى عن أيِّ قرارِ..

    قولي. إنفعلي. إنفجري

    لا تقفي مثلَ المسمارِ..

    لا يمكنُ أن أبقى أبداً

    كالقشّةِ تحتَ الأمطارِ

    إختاري قدراً بين اثنينِ

    وما أعنفَها أقداري..

    مُرهقةٌ أنتِ.. وخائفةٌ

    وطويلٌ جداً.. مشواري

    غوصي في البحرِ.. أو ابتعدي

    لا بحرٌ من غيرِ دوارِ..

    الحبُّ مواجهةٌ كبرى

    إبحارٌ ضدَّ التيارِ

    صَلبٌ.. وعذابٌ.. ودموعٌ

    ورحيلٌ بينَ الأقمارِ..

    يقتُلني جبنُكِ يا امرأةً

    تتسلى من خلفِ ستارِ..

    إني لا أؤمنُ في حبٍّ..

    لا يحملُ نزقَ الثوارِ..

    لا يكسرُ كلَّ الأسوارِ

    لا يضربُ مثلَ الإعصارِ..

    آهٍ.. لو حبُّكِ يبلعُني

    يقلعُني.. مثلَ الإعصارِ..

    إنّي خيرتك.. فاختاري

    ما بينَ الموتِ على صدري

    أو فوقَ دفاترِ أشعاري

    لا توجدُ منطقةٌ وسطى

    ما بينَ الجنّةِ والنّارِ..

    ***************************

    أحبك جداً
    -------------------

    أحبك جداً

    وأعرف أن الطريق إلى المستحيل طويـل

    وأعرف أنك ست النساء

    وليس لدي بديـل

    وأعرف أن زمان الحنيـن انتهى

    ومات الكلام الجميل

    ...

    لست النساء ماذا نقول

    أحبك جدا...

    ...

    أحبك جداً وأعرف أني أعيش بمنفى

    وأنتِ بمنفى

    وبيني وبينك

    ريحٌ

    وغيمٌ

    وبرقٌ

    ورعدٌ

    وثلجٌ ونـار

    وأعرف أن الوصول لعينيك وهمٌ

    وأعرف أن الوصول إليك

    انتحـار

    ويسعدني

    أن أمزق نفسي لأجلك أيتها الغالية

    ولو خيروني

    لكررت حبك للمرة الثانية

    ...

    يا من غزلت قميصك من ورقات الشجر

    أيا من حميتك بالصبر من قطرات المطر

    أحبك جداً

    ...

    وأعرف أني أسافر في بحر عينيك

    دون يقين

    وأترك عقلي ورائي وأركض

    أركض

    أركض خلف جنونـي

    ...

    أيا امرأة تمسك القلب بين يديها

    سألتك بالله لا تتركيني

    لا تتركيني

    فماذا أكون أنا إذا لم تكوني

    أحبك جداً

    وجداً وجداً

    وأرفض من نــار حبك أن أستقيلا

    وهل يستطيع المتيم بالعشق أن يستقلا...

    وما همني

    إن خرجت من الحب حيا

    وما همني

    إن خرجت قتيلا




    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:49 pm

    رسالة من تحت الماء
    ------------------------

    إن كنتَ صديقي.. ساعِدني

    كَي أرحَلَ عَنك..

    أو كُنتَ حبيبي.. ساعِدني

    كَي أُشفى منك

    لو أنِّي أعرِفُ أنَّ الحُبَّ خطيرٌ جِدَّاً

    ما أحببت

    لو أنِّي أعرفُ أنَّ البَحرَ عميقٌ جِداً

    ما أبحرت..

    لو أنِّي أعرفُ خاتمتي

    ما كنتُ بَدأت...

    إشتقتُ إليكَ.. فعلِّمني

    أن لا أشتاق

    علِّمني

    كيفَ أقُصُّ جذورَ هواكَ من الأعماق

    علِّمني

    كيف تموتُ الدمعةُ في الأحداق

    علِّمني

    كيفَ يموتُ القلبُ وتنتحرُ الأشواق

    *

    إن كنت نبياً .. خلصني

    من هذا السحر..

    من هذا الكفر

    حبك كالكفر.. فطهرني

    من هذا الكفر..

    إن كنتَ قويَّاً.. أخرجني

    من هذا اليَمّ..

    فأنا لا أعرفُ فنَّ العوم

    الموجُ الأزرقُ في عينيك.. يُجرجِرُني نحوَ الأعمق

    وأنا ما عندي تجربةٌ

    في الحب.. ولا عندي زورق..

    إن كنت أعز عليك .. فخذ بيديّ

    فأنا عاشقةٌ من رأسي .. حتى قدميّ

    إني أتنفَّسُ تحتَ الماء..

    إنّي أغرق..

    أغرق..

    أغرق..

    ************************

    هاملت شاعراً
    ---------------------

    أنْ تكوني امرأةً .. أو لا تكوني ..

    تلكَ .. تلكَ المسألَهْ

    أنْ تكوني امرأتي المفضَّلهْ

    قطَّتي التركيَّة المدلَّلهْ ..

    أنْ تكوني الشمسَ .. يا شمسَ عُيوني

    و يداً طيّبةً فوقَ جبيني

    أنْ تكوني في حياتي المقْبِلَهْ

    نجمةً .. تلكَ المشكِلَهْ

    أنْ تكوني كلَّ شيّْ ..

    أو تُضيعي كلَّ شيّْ ..

    إنَّ طبْعي عندما اهوى

    كطبْع البَرْبَريّْ ..

    أنْ تكوني ..

    كلَّ ما يحملُهُ نوَّارُ من عُشْبٍ نديّْ

    أنْ تكوني .. دفتري الأزرقَ ..

    أوراقي .. مِدادي الذهنيّْ ..

    أنْ تكوني .. كِلْمةً

    تبحثُ عن عُنوانِها في شَفَتيّْ

    طفلةً تكبرُ ما بين يديّْ

    آهِ يا حوريةً أرسَلهَا البحرُ إليّْ ..

    و يا قَرْعَ الطُبُولِ الهَمَجيّْ

    إفْهَميني ..

    أتمنَّى مُخْلصاً أن تَفْهَميني

    رُبَّما .. أخطأتُ في شرح ظنُوني

    رُبَّما سرتُ إلى حُبِّكِ معصوبَ العيونِ

    و نَسَفْتُ الجسرَ ما بين اتِّزاني و جُنوني

    أنا لا يمكنُ أن أعشقَ إلاّ بجُنوني

    فاقْبَلِيني هكذا .. أو فارْفُضِيني ..

    *

    إنْصتي لي ..

    أتمنَّى مُخْلصاً أنْ تُنْصِتي لي ..

    ما هناكَ امرأةٌ دونَ بديلِ

    فاتنٌ وجهُكِ .. لكنْ في الهوى

    ليس تكفي فتنةُ الوجه الجميلِ

    إفْعَلي ما شئتِ .. لكنْ حاذِري ..

    حاذِري أنْ تقتلي فيَّ فُضُولي ..

    تَعِبَتْ كفَّايَ .. يا سيِّدتي

    و أنا أطرُقُ بابَ المُسْتَحيلِ ..

    فاعشقي كالناس .. أو لا تعشقي

    إنَّني أرفُضُ أَنْصَافَ الحُلولِ ..

    **************************

    إلى رجل
    ---------------

    متى ستعرف كم أهواك يا رجلا أبيع من أجله الدنيـــا وما فيها
    يا من تحديت في حبي له مدنـا بحالهــا وسأمضي في تحديهـا
    لو تطلب البحر في عينيك أسكبه أو تطلب الشمس في كفيك أرميها
    أنـا أحبك فوق الغيم أكتبهــا وللعصافيـر والأشجـار أحكيهـا
    أنـا أحبك فوق الماء أنقشهــا وللعناقيـد والأقـداح أسقيهـــا
    أنـا أحبك يـا سيفـا أسال دمي يـا قصة لست أدري مـا أسميها
    أنـا أحبك حاول أن تسـاعدني فإن من بـدأ المأساة ينهيهـــا
    وإن من فتح الأبواب يغلقهــا وإن من أشعل النيـران يطفيهــا
    يا من يدخن في صمت ويتركني في البحر أرفع مرسـاتي وألقيهـا
    ألا تراني ببحر الحب غارقـة والموج يمضغ آمـالي ويرميهــا
    إنزل قليلا عن الأهداب يا رجلا مــا زال يقتل أحلامي ويحييهـا
    كفاك تلعب دور العاشقين معي وتنتقي كلمــات لست تعنيهــا
    كم اخترعت مكاتيبـا سترسلها وأسعدتني ورودا سوف تهديهــا
    وكم ذهبت لوعد لا وجود لـه وكم حلمت بأثـواب سأشريهــا
    وكم تمنيت لو للرقص تطلبني وحيـرتني ذراعي أين ألقيهـــا
    ارجع إلي فإن الأرض واقفـة كأنمــا فرت من ثوانيهــــا
    إرجـع فبعدك لا عقد أعلقــه ولا لمست عطوري في أوانيهــا
    لمن جمالي لمن شال الحرير لمن ضفـائري منذ أعـوام أربيهــا
    إرجع كما أنت صحوا كنت أم مطرا فمــا حياتي أنا إن لم تكن فيهـا


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:50 pm

    كتاب الحب
    -------------------

    1

    ما دمت يا عصفورتي الخضراء

    حبيبتي

    إذن .. فإن الله في السماء

    2

    : تسألني حبيبتي

    ما الفرق ما بيني وما بين السما ؟

    الفرق ما بينكما

    أنك إن ضحكت يا حبيبتي

    أنسى السما

    3

    الحب يا حبيبتي

    قصيدة جميلة مكتوبة على القمر

    الحب مرسوم على جميع أوراق الشجر

    . . الحب منقوش على

    ريش العصافير ، وحبات المطر

    لكن أي امرأة في بلدي

    إذا أحبت رجلا

    ترمى بخمسين حجر

    4

    حين أنا سقطت في الحب

    . . تغيرت

    تغيرت مملكة الرب

    صار الدجى ينام في معطفي

    وتشرق الشمس من الغرب

    5

    يا رب قلبي لم يعد كافيا

    لأن من أحبها .. تعادل الدنيا

    فضع بصدري واحدا غيره

    يكون في مساحة الدنيا

    6

    ما زلت تسألني عن عيد ميلادي

    سجل لديك إذن .. ما أنت تجهله

    تاريخ حبك لي .. تاريخ ميلادي

    7

    لو خرج المارد من قمقمه

    وقال لي : لبيك

    دقيقة واحدة لديك

    تختار فيها كل ما تريده

    من قطع الياقوت والزمرد

    لاخترت عينَيْكِ .. بلا تردد

    8

    ذات العينين السوداوين

    ذات العينين الصاحيتين الممطرتين

    لا أطلب أبدا من ربي

    إلا شيئين

    أن يحفظ هاتين العينين

    ويزيد بأيامي يومين

    كي أكتب شعرا

    في هاتين اللؤلؤتين

    9

    لو كنت يا صديقتي

    بمستوى جنوني

    رميت ما عليك من جواهر

    وبعت ما لديك من أساور

    و نمت في عيوني

    10

    أشكوك للسماء

    أشكوك للسماء

    كيف استطعتِ ، كيف ، أن تختصري

    جميع ما في الكون من نساء

    11

    لأن كلام القواميس مات

    لأن كلام المكاتيب مات

    لأن كلام الروايات مات

    أريد اكتشاف طريقة عشق

    أحبك فيها .. بلا كلمات

    12

    أنا عنك ما أخبرتهم .. لكنهم

    لمحوك تغتسلين في أحداقي

    أنا عنك ما كلمتهم .. لكنهم

    قرأوك في حبري وفي أوراقي

    للحب رائحة .. وليس بوسعها

    أن لا تفوح .. مزارع الدراق

    13

    أكره أن أحب مثل الناس

    أكره أن أكتب مثل الناس

    أود لو كان فمي كنيسة

    . . وأحرفي أجراس

    14

    ذوبت في غرامك الأقلام

    . . من أزرق .. وأحمر .. وأخضر

    حتى انتهى الكلام

    علقت حبي لك في أساور الحمام

    ولم أكن أعرف يا حبيبتي

    أن الهوى يطير كالحمام

    15

    عدي على أصابع اليدين ، ما يأتي

    فأولا : حبيبتي أنت

    وثانيا : حبيبتي أنت

    وثالثا : حبيبتي أنت

    ورابعا وخامسا

    وسادسا وسباعا

    وثامنا وتاسعا

    وعاشرا . . حبيبتي أنت

    16

    حبك يا عميقة العينين

    تطرف

    تصوف

    عبادة

    حبك مثل الموت والولادة

    صعب بأن يعاد مرتين

    17

    عشرين ألف امرأة أحببت

    عشرين ألف امرأة جربت

    وعندما التقيت فيك يا حبيبتي

    شعرت أني الآن قد بدأت

    18

    لقد حجزت غرفة لاثنين في بيت القمر

    نقضي بها نهاية الأسبوع يا حبيبتي

    فنادق العالم لا تعجبني

    الفندق الذي أحب أن أسكنه هو القمر

    لكنهم هنالك يا حبيبتي

    لا يقبلون زائرا يأتي بغير امرأة

    فهل تجيئين معي

    يا قمري . . إلى القمر

    19

    لن تهربي مني فإني رجل مقدرعليك

    لن تخلصي مني . . فإن الله قد أرسلني إليك

    فمرة .. أطلع من أرنبتي أذنيك

    ومرة أطلع من أساور الفيروز في يديك

    وحين يأتي الصيف يا حبيبتي

    أسبح كالأسماك في بُحْرَتَيْ عينيك

    20

    لو كنت تذكرين كل كلمة

    لفظتها في فترة العامين

    لو أفتح الرسائل الألف .. التي

    كتبت في عامين كاملين

    كنا بآفاق الهوى

    طرنا حمامتين

    وأصبح الخاتم في

    إصبعكِ الأيسر . . خاتمين

    21

    لمذا .. لمذا .. منذ صرت حبيبتي

    يضيء مدادي .. والدفاترتعشب

    تغيرت الأشياء منذ عشقتني

    وأصبحت كالأطفال .. بالشمس ألعب

    ولستُ نبياً مُرسلاً غير أنني

    أصير نبياً .. عندما عنكِ أكتبُ ..

    22

    23

    محفورة أنت على وجه يدي

    كأٍسطر كوفية

    على جدار مسجد

    محفورة في خشب الكرسي.. ياحبيبتي

    وفي ذراع المقعد

    وكلما حاولت أن تبتعدي

    دقيقة واحدة

    أراك في جوف يدي

    24

    لا تحزني

    إن هبط الرواد في أرض القمر

    فسوف تبقين بعيني دائما

    أحلى قمر

    25

    حين أكون عاشقا

    أشعر أني ملك الزمان

    أمتلك الأرض وما عليها

    وأدخل الشمس على حصاني

    26

    حين أكون عاشقا

    أجعل شاه الفرس من رعيتي

    وأخضع الصين لصولجاني

    وأنقل البحار من مكانها

    ولو أردت أوقف الثواني

    27

    حين أكون عاشقا

    أصبح ضوءا سائلا

    لاتستطيع العين أن تراني

    وتصبح الأشعار في دفاتري

    حقول ميموزا وأقحوان

    28

    حين أكون عاشقا

    تنفجر المياه من أصابعي

    وينبت العشب على لساني

    حين أكون عاشقا

    أغدو زمنانا خارج الزمان

    29

    إني أحبك عندما تبكينا

    وأحب وجهك غائما وحزينا

    الحزن يصهرنا معا ويذيبنا

    من حيث لا أدري ولا تدرينا

    تلك الدموع الهاميات أحبها

    وأحب خلف سقوطها تشرينا

    بعض النساء وجوههن جميلة

    وتصير أجمل .. عندما يبكينا

    30

    31

    أخطأت يا صديقتي بفهمي

    فما أعاني عقدة

    ولا أنا أوديب في غرائزي وحلمي

    لكن كل امرأة أحببتها

    أردت أن تكون لي

    حبيبتي وأمي

    من كل قلبي أشتهي

    لو تصبحين أمي

    32

    جميع ما قالوه عني صحيح

    جميع ماقالوه عن سمعتي

    في العشق والنساء قول صحيح

    لكنهم لم يعرفوا أنني

    أنزف في حبك مثل المسيح

    33

    يحدث أحيانا أن أبكي

    مثل الأطفال بلا سبب

    يحدث أن أسأم من عينيك الطيبتين

    . . بلا سبب

    يحدث أن أتعب من كلماتي

    من أوراق من كتبي

    يحدث أن أتعب من تعبي

    34

    عيناك مثل الليلة الماطرة

    مراكبي غارقة فيها

    كتابتي منسية فيها

    إن المرايا ما لها ذاكره

    35

    كتبت فوق الريح

    إسم التي أحبها

    كتبت فوق الماء

    لم أدر أن الريح

    لا تحسن الإصغاء

    لم أدر أن الماء

    لا يحفظ الأسماء

    36

    ما زلتِ يا مسافره

    مازلت بعد السنة العاشره

    مزروعه

    كالرمح في الخاصره

    37

    كرمال هذا الوجه والعينين

    قد زارنا الربيع هذا العام مرتين

    وزارنا النبيُ مرتين

    38

    أهطل في عينيك كالسحابه

    أحمل في حقائبي إليهما

    كنزا من الأحزان والكآبه

    أحمل ألف جدول

    وألف ألف غابه

    وأحمل التاريخ تحت معطفي

    وأحرف الكتابه

    39

    أروع ما في حبنا أنه

    ليس له عقل ولا منطق

    أجمل ما في حبنا أنه

    يمشي على الماء ولا يغرق

    40

    لا تقلقي . يا حلوة الحلوات

    ما دمت في شعري وفي كلماتي

    قد تكبرين مع السنين .. وإنما

    لن تكبرين أبدا .. على صفحاتي

    41

    ليس يكفيك أن تكوني جميله

    كان لابد من مرورك يوما

    بذراعيَّ

    كي تصيري جميله

    42

    وكلما سافرت في عينيك ياحبيبتي

    أحس أني راكب سجادة سحريه

    فغيمة وردية ترفعني

    وبعدها .. تأتي البنفسجيه

    أدور في عينيك يا حبيبتي

    أدور مثل الكرة الأرضيه

    43

    كم تشبهين السمكه

    سريعة في الحب .. مثل السمكه

    قتلتِ ألف امرأة .. في داخلي

    وصرت أنت الملكه

    44

    .. إني رسول الحب

    أحمل للنساء مفاجآتي

    لو انني بالخمر .. لم أغسلهما

    نهداك.. ماكانا على قيد الحياة

    فإذا استدارت حلمتاك

    فتلك أصغر معجزاتي

    45

    أجمل مافيك هو الجنون

    أجمل ما فيك ، إذا سمحت

    خروج نهديك على القانون

    46

    تعري فمنذ زمان طويل

    على الأرض لم تسقط المعجزات

    تعري .. تعري

    أنا أخرس

    وجسمك يعرف كل اللغات

    47

    كان نهداك .. في العصور الخوالي

    ينشدان السلام مثل الحمامه

    كيف ما بين ليلة وضحاها

    صار نهداك .. مثل يوم القيامه ؟

    48

    ضعي أظافرك الحمراء ..في عنقي

    ولا تكوني معي شاة .. ولا حملا

    وقاوميني بما أوتيت من حيل

    إذا أتيتك كالبركان مشتعلا

    أحلى الشفاه التي تعصي .. وأسوأها

    تلك الشفاه التي دوما تقول : بلى

    49

    كم تغيرت بين عام وعام

    كان همي أن تخلعي كل شيء

    وتظلي كغابة من رخام

    وأنا اليوم لا أريدك إلا

    أن تكوني .. إشارة استفهام

    50

    وكلما انفصلتُ عن واحدة

    أقول في سذاجة

    سوف تكون المرأة الأخيره

    والمرة الأخيره

    وبعدها سقطت في الغرام ألف مرة

    ومت ألف مرة

    ولم أزل أقول

    " تلك المرة الأخيره "

    51

    عبثا ما أكتب سيدتي

    إحساسي أكبر من لغتي

    وشعوري نحوك يتخطى

    صوتي .. يتحطى حنجرتي

    عبثا ما أكتب .. ما دامت

    كلماتي .. أوسع من شفتي

    أكرهها كل كتاباتي

    مشكلتي أنكِ مشكلتي

    52

    لأن حبي لك فوق مستوى الكلام

    قررت أن أسكت .. . . والسلام


    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    قصيدة رد: مكتبة قصائد نزار قبانى ( 2 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 19/6/2011, 6:51 pm

    بيروت والحب والمطر
    ---------------------------

    انتقي أنت المكان..

    أي مقهى، داخل كالسيف في البحر،

    انتقي أي مكان..

    إنني مستسلم للبجع البحري في عينيك،

    يأتي من نهايات الزمان

    عندما تمطر في بيروت..

    أحتاج إلى بعض الحنان

    فادخلي في معطفي المبتل بالماء..

    ادخلي في كنزة الصوف ..

    وفي جلدي .. وفي صوتي ..

    كلي من عشب صدري كحصان..

    هاجري كالسمك الأحمر .. من عيني إلى عيني

    ومن كفي إلى كفي..

    ارسمي وجهي على كرأسه الأمطار، والليل ،

    وبللور الحوانيت، وقشر السنديان..

    طارحيني الحب .. تحت الرعد ، والبرق ..

    وإيقاع المزاريب .. امنحيني وطنا في معطف الفرو الرمادي..

    اصلبيني بين نهديك مسيحا..

    عمديني بمياه الورد .. والآس .. وعطر البيلسان

    عانقيني في الميادين..

    وفوق الورق المكسور، ضميني على مرأى من الناس..

    ارفضي عصر السلاطين، ارفضي فتوى المجاذيب..

    اصرخي كالذئب في منتصف الليل..

    انزفي كالجرح في الثدي..

    امنحيني روعة الإحساس بالموت..

    ونعمى الهذيان..

    عندما تمطر في بيروت..

    تنمو لكآباتي غصون، ولأحزاني يدان

    فادخلي في كنزة الصوف .. ونامي

    نحن تحت الماء يا نخلة روحي .. نخلتان..

    ***

    ليس في ذهني قرار واضح.

    فخذيني حيثما شئت ..

    اتركيني حيثما شئت..

    اشتري لي صحف اليوم .. وأقلام رصاص

    ونبيذا .. ودخان..

    هذه كل المفاتيح .. فقودي أنت ..

    سيري باتجاه الريح والصدفة..

    سيري في الزواريب التي من غير أسماء..

    أحبيني قليلا..

    واكسري أنظمة السير قليلا..

    واتركي لي يدك اليمنى قليلا..

    فذراعاك هما بر الأمان..

    ***

    ليس للحب ببيروت خرائط..

    لا ولا للعشق في صدري خرائط..

    فابحثي عن شقة يطمرها الرمل ..

    ابحثي عن فندق لا يسأل العشاق عن أسمائهم..

    سهريني في السراديب التي ليس بها ..

    غير مغن وبيان..

    ***

    قرري أنت إلى أين ..

    فإن الحب في بيروت مثل الله في كل مكان



      الوقت/التاريخ الآن هو 2/5/2024, 10:44 am