منتديات شريف سليمان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


3 مشترك

    مكتبة قصائد امير الشعراء احمد شوقى ( 3 )

    شـريـف
    شـريـف
    مؤسس المنتدى
    مؤسس المنتدى


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 7374

    تاريخ التسجيل : : 07/05/2010

    مكتبة قصائد امير الشعراء احمد شوقى ( 3 ) Empty مكتبة قصائد امير الشعراء احمد شوقى ( 3 )

    مُساهمة من طرف شـريـف 13/5/2011, 1:28 pm



    أحمد شوقي علي أحمد شوقي بك ملقب بأمير الشعراء (1868 - 23 أكتوبر 1932)، شاعر مصري من مواليد القاهرة. يعتبره منير البعلبكي أحد أعظم شعراء العربية في جميع العصور حسبما ذكر ذلك في قاموسه الشهير


    محجوبُ ، إن جئتَ الحجا


    محجوبُ ، إن جئتَ الحجا زَ ، وفي جوانحك الهوى له
    شوقاً، وحباً بالرسو ل، وآلهِ أَزكى سُلاله
    فلَمحتَ نضرة َ بانِه وشممتَ كالرَّيحان ضالَه
    وعلى العتيق مشيتَ تنـ ـظر فيه دمعَك وانهماله
    ومضى السُّرى بك حيثُ كا ن الروحُ يسري والرِّساله
    وبلغتَ بيتاً بالحجا ز، يُبارك الباري حِياله
    ويؤدي كما وعَاهُ الكلاما
    اللهُ فيه جلا الحرا مَ لخلقه، وجلا حلاله
    فهناك طِبُّ الروحِ، طِـ ـبُّ العالمين من الجهاله
    وهناكَ أطلالُ الفَصَا حة ِ ، والبلاغة ِ ، والنَّباله
    وهناك أزكى مسجدٍ أَزكى البريَّة قد مشى له
    وهناك عُذريُّ الهوى وحديثُ قَيْسٍ والغزاله
    وأَدارَ الردَى على القوم جامَه مِثلما جاملوا الملوكَ العِظاما
    وهناك مُجري الخيل ، ويجري في أَعنتها خياله
    وهناك مَنْ جمعَ السماحة والرجاحة ، والبسالة
    وهناك خيَّمت النُّهى والعلمُ قد أَلقى رِحاله
    وهناك سرحُ حضارة ٍ اللهُ فيَّأنا ظِلالَه
    إنّ الحسينَ بنَ الحسـ ـينِ أَميرَ مَكَّة َ والإياله
    قمرُ الحجيج إذا بدا دارُ الحجيج عليه هاله
    أنتَ العليلُ ، فلُذ به مُستشفياً، واغْنم نَواله
    لا طِبَّ إلا جَدُّه شافي العقولِ من الضَّلاله
    قبِّل ثراه ، وقُل له شوقي إليك على النَّوى
    أَنا يا بنَ أَحمدَ بعدَ مَدْ حي في أَبيك بخير حاله
    أنا في حِمَى الهادي أبيـ ـك ، أُحبُّهُ ، وأُجلُّ آله
    شوقُ الضرير إلى الغزاله
    يا بنَ الملوك الراشديـ ـن، الصالحين، أُولِي العَداله
    إن كان بالملك الجلا لة ُ ، فالنبيُّ لكم جلاله
    أَوَليس جدُّكمُ الذي بلغَ الوجودُ به كماله؟

    ------------------------------------------

    لنا صاحبٌ قد مُسَّ إلا بقيَّة


    لنا صاحبٌ قد مُسَّ إلا بقيَّة فليس بمجنون، وليس بعاقل
    له قَدَمٌ لا تستقرُّ بموضع كما يتنزَّى في الحصى غيرُ ناعل
    إذا ما بدا في مجلسٍ ظُنَّ حافلاً من الصَّخب العالي ، وليس بحافل
    ويُمطرنا من لفظِه كلَّ جامدٍ ويُمطرنا من رَيْلِه شرَّ سائل
    ويُلقي على السُّمار كفّاً دِعابُها كعَضَّة ِ بَرْدٍ في نواحي المفاصل

    -------------------------------------------------

    رزق الله أهلَ باريسَ خيراً


    رزق الله أهلَ باريسَ خيراً وأَرى العقلَ خيرَ ما رُزِقوه
    عندهم للثنار والزّهر ممّا تُنجِب الأَرضُ مَعْرِضٌ نَسقوه
    جنَّة ٌ تَخلِب العقولَ، وروضٌ تجمع العينُ منه ما فرقوه
    من رآه يقول: قد حُرموا الفر دوسَ، لكنْ بسحرهم سرقوه
    ما ترى الكَرْم قد تشاكلَ، حتى لو رآه السُّقاة ُ ما حقَّقوه
    يُسْكِرُ الناظرين كَرْماً، ولمَّا تَعْتَصِرْهُ يَدٌ، ولا عتَّقوه
    صوروه كما تشاءُون ، حتى عَجبَ الناسُ : كيفَ لم يُنطِقُوه؟
    يجدُ المتَّقي يد الله فيه ويقول الجَحودُ : قد خَلَقوه

    ---------------------------------------------------

    هذي المحاسنُ ما خلفتَ لِبُرقُع


    ضُمّي قِناعَكِ يا سُعادُ أَو اِرفَعي هَذي المَحاسِنُ ما خُلِقنَ لِبُرقُعِ
    الضاحياتُ، الضاحكاتُ، ودونَها ستر الجلالِ ، بعدُ شأو الملطع
    يا دُمْيَة ً لا يُستزاد جمالُها زيديه حُسْنَ المُحْسِن المتبرِّع
    ماذا على سلطانِه من وقفة للضَّارعين، وعَطْفة ٍ للخُشَّع؟
    بل ما يضركِ لو سمحت بحلوة ؟ إنّ العروسَ كثيرة ُ المتطلَّع
    ليس الحجابُ لِمن يَعِز مَنالُه إن الحجاب لهين لم يمنع
    أَنتِ التي اتَّخذ الجمالَ لعزِّه من مظهر ، ولسره من موضع
    وهو الصناع ، يصوغ كل دقيقة وأَدقّ منكِ بَنانُه لم تَصْنَع
    لمستك راحته ، ومسك روحه فأَتى البديعُ على مِثال المُبْدِعِ

    * * *
    الله في الأحبار : من متهالكٍ نضوٍ ، ومهتوكِ المسوحِ مصرع
    من كل غاوٍ في طوية ِ راشدٍ عاصي الظواهرِ في سريرة ِ طَيِّع
    يَتَوَهَّجون ويَطفأَون، كأَنهم سرجٌ بمعتركِ الرياحِ الأربع
    علموا ، فضاق بهم وشقَّ طريفهم والجاهلون على الطريق المَهْيَع
    ذهب ابن سينا ، لم يفز بكِ ساعة ً وتَوَلَّت الحكماءُ لم تَتَمَتّع
    هذا مقامٌ ، كلُّ عِزٍّ دونَه شمسُ النهارِ بمثله لم تطمع
    فمحمدٌ لك والمسيح ترجلا وترجلتْ شمسُ النهار ليوشع
    ما بالُ أَحمدَ عَيَّ عنكِ بيانُه؟ بل ما لعيسى لم يقلْ أو يدع
    وَلِسانُ موسى اِنحَلَّ إِلّا عُقدَةً مِن جانِبَيكَ عِلاجُها لَم يَنجَع

    * * *
    لَمّا حَلَلتِ بِآدَمٍ حَلَّ الحِبا وَمَشى عَلى المَلَأ السُجودِ الرُكَّعِ
    وَأَرى النُبُوَّةَ في ذَراكِ تَكَرَّمَت في يوسُفٍ وَتَكَلَّمَت في المُرضَعِ
    وَسَقَت قُريشَ عَلى لِسانِ مُحَمَّدٍ بِالبابِلِيِّ مِنَ البَيانِ المُمتِعِ
    وَمَشَت بِموسى في الظَلامِ مُشَرَّداً وَحَدَتهُ في قُلَلِ الجِبالِ اللُمَّعِ
    حَتّى إِذا طُوِيَت وَرِثتِ خِلالَها رُفِعَ الرَحيقُ وَسِرُّهُ لَم يُرفَعِ
    قَسَمَت مَنازِلَكِ الحُظوظُ فَمَنزِلاً أُترَعنَ مِنكِ وَمَنزِلاً لَم تُترَعِ
    وَخَلِيَّةً بِالنَحلِ مِنكِ عَميرَةً وَخَلِيَّةً مَعمورَةٍ بِالتُبَّعِ
    وَحَظيرَةً قَد أودِعَت غُرَرَ الدُمى وَحَظيرَةً مَحرومَةً لَم تودَعِ
    نَظَرَ الرَئيسُ إِلى كَمالِكِ نَظرَةً لَم تَخلُ مِن بَصَرِ اللَبيبِ الأَروَعِ

    * * *
    فَرآهُ مَنزِلَةً تَعَرَّضَ دونَها قِصَرُ الحَياةِ وَحالَ وَشكُ المَصرَعِ
    لَولا كَمالُكِ في الرَئيسِ وَمِثلِهِ لَم تَحسُنِ الدُنيا وَلَم تَتَرَعرَعِ
    اللَهُ ثَبَّتَ أَرضَهُ بِدَعائِمٍ هُم حائِطُ الدُنيا وَرُكنُ المَجمَعِ
    لَو أَنَّ كُلَّ أَخي يَراعٍ بالِغٌ شَأوَ الرَئيسِ وَكُلَّ صاحِبِ مِبضَعِ

    * * *
    ذَهَبَ الكَمالُ سُدىً وَضاعَ مَحَلُّهُ في العالَمِ المُتَفاوِتِ المُتَنَوِّعِ
    يا نَفسُ مِثلُ الشَمسِ أَنتِ أَشِعَّةٌ في عامِرٍ وَأَشِعَّةٌ في بَلقَعِ
    فَإِذا طَوى اللَهُ النَهارَ تَراجَعَت شَتّى الأَشِعَّةِ فَاِلتَقَت في المَرجِعِ
    لَما نُعيتِ إِلى المَنازِلِ غودِرَت دَكّاً وَمِثلُكِ في المَنازِلِ ما نُعي
    ضَجَّت عَلَيكِ مَعالِماً وَمَعاهِداً وَبَكَت فُراقُكِ بِالدُموعِ الهُمَّعِ
    آذَنتِها بِنَوىً فَقالَت لَيتَ لَم تَصِلِ الحِبالَ وَلَيتَها لَم تَقطَعِ
    وَرِداءُ جُثمانٍ لَبِستِ مُرَقَّمٍ بِيَدِ الشَبابِ عَلى المَشيبِ مُرَقَّعِ

    * * *
    كَم بِنتِ فيهِ وَكَم خَفيتِ كَأَنَّهُ ثَوبُ المُمَثِّلِ أَو لِباسُ المَرفَعِ
    أَسَئِمتِ مِن ديباجِهِ فَنَزَعتِهِ وَالخَزُّ أَكفانٌ إِذا لَم يُنزَعِ
    فَزِعَت وَما خَفِيَت عَلَيها غايَةٌ لَكِنَّ مَن يَرِدِ القِيامَةَ يَفزَعِ
    ضَرَعَت بِأَدمُعِها إِلَيكِ وَما دَرَت أَنَّ السَفينَةَ أَقلَعَت في الأَدمُعِ
    أَنتِ الوَفِيَّةُ لا الذِمامُ لَدَيكِ مَذ مومٌ وَلا عَهدُ الهَوى بِمُضَيَّعِ
    أَزمَعتِ فَاِنهَلَّت دُموعُكِ رِقَّةً وَلَوِ اِستَطَعتِ إِقامَةً لَم تُزمِعي
    بانَ الأَحِبَّةُ يَومَ بَينِكِ كُلُّهُم وَذَهَبتِ بِالماضي وَبِالمُتَوَقَّعِ

    -------------------------------------------

    قالوا فروقُ الملكِ دارُ مخاوفٍ


    قالوا فروقُ الملكِ دارُ مخاوفٍ لا ينقضي لنزيلها وسواسُ
    وكلابُها في مأمنٍ ، فأعجب لها أَمِنَ الكلابُ بها، وخاف الناسُ
    يهم بها، ولا عينٌ تُحِس كالثريا تريد أن تَنقضَّاً
    مشرفات على الكواكب نهضا كرهت فراقك وهيَ ذات تفجُّع
    أَيها المنتحي بأَسوان داراً ومنازلاً بفراقها لم تقنع
    غَشِيتُك والأَصيلُ يَفيض تبراً

    زهورٌ لا تُشمُّ، ولا تُمَسُّ

    أَين ملكٌ حيالَها وفريد

    شيَّدتْ بعضها الفراعينُ زلقى
    اخلع النعلَ، واخفِض الطرفَ، واخشع
    بل ما يضركِ لو سمحت بحلوة ؟ مُشرفاتٍ على الزوالِ، وكانت
    وهو الصناع ، يصوغ كل دقيقة نعُ منه اليَدَيْنِ بالأَمس نفضا
    صنعة ٌ تدهش العقولَ ، وفنٌّ وخيرُ الوقتِ ما لكَ فيه أُنس
    كأَن الخُود مريمُ في سُفور كان حتى على الفراعين غمضا

    علموا ، فضاق بهم وشقَّ طريفهم
    يا: سماءَ الجلاِل ، لا صرتِ أرضاً

    وأَمواهٌ على الأَردُنِّ قُدْس
    هذا مقامٌ ، كلُّ عِزٍّ دونَه شمسُ النهارِ بمثله لم تطمع

    كأَن مآزِر العِينِ انتساباً
    أين أيزيس تحتها النيل يجري حكمت فيه شاطئين وعرضا ؟
    وأرى النبوة َ في ذراكِ تكرمتْ في يوسفٍ ، وتكلَّمت في المرضع
    وكان النيلُ يعرِس كلَّ عامٍ في قيود الهوانِ ، عنانينَ جرضى

    أين هوروسُ بين سيف ونطعٍ ؟
    إذا لم يَسترِ الأَدَبُ الغواني
    نظر الرئيس إلى كمالكِ نظرة ً لم تخلُ من بصر اللبيب الأروع
    وشبابُ الفنونِ ما زال غضّا

    لما نعيت إلى المنازل عودرتْ
    شيمة ُ النيل أَن يفي، وعجيب
    بان الأحبة ُ يومَ بينكِ كلُّهم ومقاصيرُ أُبْدِلَت بفُتاتِ الـ

    -----------------------------------------------

    اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي


    اِختِلافُ النَهارِ وَاللَيلِ يُنسي اُذكُرا لِيَ الصِبا وَأَيّامَ أُنسي
    وَصِفا لي مُلاوَةً مِن شَبابٍ صُوِّرَت مِن تَصَوُّراتٍ وَمَسِّ
    عصفتْ كالصَّبا اللعوبِ ومرّت سِنة ً حُلوة ً، ولذَّة ُ خَلْس
    وسلا مصرَ : هل سلا القلبُ عنها أَو أَسا جُرحَه الزمان المؤسّي؟
    كلما مرّت الليالي عليه رقَّ ، والعهدُ في الليالي تقسِّي
    مُستَطارٌ إذا البواخِرُ رنَّتْ أَولَ الليلِ، أَو عَوَتْ بعد جَرْس
    راهبٌ في الضلوع للسفنِ فَطْن كلما ثُرْنَ شاعَهن بنَقسْ
    يا ابنة َ اليمِّ ، ما أبوكِ بخيلٌ ما له مولع بمنع وحبس
    أَحرامٌ عَلى بَلابِلِهِ الدَو حُ حَلالٌ لِلطَيرِ مِن كُلِّ جِنسِ
    كُلُّ دارٍ أَحَقُّ بِالأَهلِ إِلّا في خَبيثٍ مِنَ المَذاهِبِ رِجسِ
    نَفسي مِرجَلٌ وَقَلبي شِراعٌ بِهِما في الدُموعِ سيري وَأَرسي
    وَاِجعَلي وَجهَكِ الفَنارَ وَمَجرا كِ يَدَ الثَغرِ بَينَ رَملٍ وَمَكسِ
    وَطَني لَو شُغِلتُ بِالخُلدِ عَنهُ نازَعَتني إِلَيهِ في الخُلدِ نَفسي
    وَهَفا بِالفُؤادِ في سَلسَبيلٍ ظَمَأٌ لِلسَوادِ مِن عَينِ شَمسِ
    شَهِدَ اللَهُ لَم يَغِب عَن جُفوني شَخصُهُ ساعَةً وَلَم يَخلُ حِسّي
    يُصبِحُ الفِكرُ وَالمَسَلَّةُ نادي هِ وَبِالسَرحَةِ الزَكِيَّةِ يُمسي
    وَكَأَنّي أَرى الجَزيرَةَ أَيكاً نَغَمَت طَيرُهُ بِأَرخَمَ جَرسِ
    هِيَ بَلقيسُ في الخَمائِلِ صَرحٌ مِن عُبابٍ وَصاحَت غَيرُ نِكسِ
    حَسبُها أَن تَكونَ لِلنيلِ عِرساً قَبلَها لَم يُجَنَّ يَوماً بِعِرسِ
    لَبِسَت بِالأَصيلِ حُلَّةَ وَشيٍ بَينَ صَنعاءَ في الثِيابِ وَقَسِّ
    قَدَّها النيلُ فَاِستَحَت فَتَوارَت مِنهُ بِالجِسرِ بَينَ عُريٍ وَلُبسِ
    وَأَرى النيلَ كَالعَقيقِ بَوادي هِ وَإِن كانَ كَوثَرَ المُتَحَسّي
    اِبنُ ماءِ السَماءِ ذو المَوكِبِ الفَخمِ الَّذي يَحسُرُ العُيونَ وَيُخسي
    لا تَرى في رِكابِهِ غَيرَ مُثنٍ بِخَميلٍ وَشاكِرٍ فَضلَ عُرسِ
    وَأَرى الجيزَةَ الحَزينَةَ ثَكلى لَم تُفِق بَعدُ مِن مَناحَةِ رَمسي
    أَكثَرَت ضَجَّةَ السَواقي عَلَيهِ وَسُؤالَ اليَراعِ عَنهُ بِهَمسِ
    وَقِيامَ النَخيلِ ضَفَّرنَ شِعراً وَتَجَرَّدنَ غَيرَ طَوقٍ وَسَلسِ
    وَكَأَنَّ الأَهرامَ ميزانُ فِرعَو نَ بِيَومٍ عَلى الجَبابِرِ نَحسِ
    أَو قَناطيرُهُ تَأَنَّقَ فيها أَلفُ جابٍ وَأَلفُ صاحِبِ مَكسِ
    رَوعَةٌ في الضُحى مَلاعِبُ جِنٍّ حينَ يَغشى الدُجى حِماها وَيُغسي
    وَرَهينُ الرِمالِ أَفطَسُ إِلّا أَنَّهُ صُنعُ جِنَّةٍ غَيرُ فُطسِ
    تَتَجَلّى حَقيقَةُ الناسِ فيهِ سَبُعُ الخَلقِ في أَساريرِ إِنسي
    لَعِبَ الدَهرُ في ثَراهُ صَبِيّاً وَاللَيالي كَواعِباً غَيرَ عُنسِ
    رَكِبَت صُيَّدُ المَقاديرِ عَينَيهِ لِنَقدٍ وَمَخلَبَيهِ لِفَرسِ
    فَأَصابَت بِهِ المَمالِكَ كِسرى وَهِرَقلاً وَالعَبقَرِيَّ الفَرَنسي
    يا فُؤادي لِكُلِّ أَمرٍ قَرارٌ فيهِ يَبدو وَيَنجَلي بَعدَ لَبسِ
    عَقَلَت لُجَّةُ الأُمورِ عُقولاً طالَت الحوتَ طولَ سَبحٍ وَغَسِّ
    غَرِقَت حَيثُ لا يُصاحُ بِطافٍ أَو غَريقٍ وَلا يُصاخُ لِحِسِّ
    فَلَكٌ يَكسِفُ الشُموسَ نَهاراً وَيَسومُ البُدورَ لَيلَةَ وَكسِ
    وَمَواقيتُ لِلأُمورِ إِذا ما بَلَغَتها الأُمورُ صارَت لِعَكسِ
    دُوَلٌ كَالرِجالِ مُرتَهَناتٌ بِقِيامٍ مِنَ الجُدودِ وَتَعسِ
    وَلَيالٍ مِن كُلِّ ذاتِ سِوارٍ لَطَمَت كُلَّ رَبِّ رومٍ وَفُرسِ
    سَدَّدَت بِالهِلالِ قَوساً وَسَلَّت خِنجَراً يَنفُذانِ مِن كُلِّ تُرسِ
    حَكَمَت في القُرونِ خوفو وَدارا وَعَفَت وائِلاً وَأَلوَت بِعَبسِ
    أَينَ مَروانُ في المَشارِقِ عَرشٌ أَمَوِيٌّ وَفي المَغارِبِ كُرسي
    سَقِمَت شَمسُهُم فَرَدَّ عَلَيها نورَها كُلُّ ثاقِبِ الرَأيِ نَطسِ
    ثُمَّ غابَت وَكُلُّ شَمسٍ سِوى هاتي كَ تَبلى وَتَنطَوي تَحتَ رَمسِ
    وَعَظَ البُحتُرِيَّ إيوانُ كِسرى وَشَفَتني القُصورُ مِن عَبدِ شَمسِ
    رُبَّ لَيلٍ سَرَيتُ وَالبَرقُ طِرفي وَبِساطٍ طَوَيتُ وَالريحُ عَنسي
    أَنظِمُ الشَرقَ في الجَزيرَةِ بِالغَر بِ وَأَطوي البِلادَ حَزناً لِدَهسِ
    في دِيارٍ مِنَ الخَلائِفِ دَرسٍ وَمَنارٍ مِنَ الطَوائِفِ طَمسِ
    وَرُبىً كَالجِنانِ في كَنَفِ الزَيتو نِ خُضرٍ وَفي ذَرا الكَرمِ طُلسِ
    لَم يَرُعني سِوى ثَرىً قُرطُبِيٍّ لَمَسَت فيهِ عِبرَةَ الدَهرِ خَمسي
    يا وَقى اللَهُ ما أُصَبِّحُ مِنهُ وَسَقى صَفوَةَ الحَيا ما أُمَسّي
    قَريَةٌ لا تُعَدُّ في الأَرضِ كانَت تُمسِكُ الأَرضَ أَن تَميدَ وَتُرسي
    غَشِيَت ساحِلَ المُحيطِ وَغَطَّت لُجَّةَ الرومِ مِن شِراعٍ وَقَلسِ
    رَكِبَ الدَهرُ خاطِري في ثَراها فَأَتى ذَلِكَ الحِمى بَعدَ حَدسِ
    فَتَجَلَّت لِيَ القُصورُ وَمَن في ها مِنَ العِزِّ في مَنازِلَ قُعسِ
    ما ضَفَت قَطُّ في المُلوكِ عَلى نَذ لِ المَعالي وَلا تَرَدَّت بِنَجسِ
    وَكَأَنّي بَلَغتُ لِلعِلمِ بَيتاً فيهِ ما لِلعُقولِ مِن كُلِّ دَرسِ
    قُدُساً في البِلادِ شَرقاً وَغَرباً حَجَّهُ القَومُ مِن فَقيهٍ وَقَسِّ
    وَعَلى الجُمعَةِ الجَلالَةُ وَالنا صِرُ نورُ الخَميسِ تَحتَ الدَرَفسِ
    يُنزِلُ التاجَ عَن مَفارِقِ دونٍ وَيُحَلّى بِهِ جَبينَ البِرِنسِ
    سِنَةٌ مِن كَرىً وَطَيفُ أَمانٍ وَصَحا القَلبُ مِن ضَلالٍ وَهَجسِ
    وَإِذا الدارُ ما بِها مِن أَنيسٍ وَإِذا القَومُ ما لَهُم مِن مُحِسِّ
    وَرَقيقٍ مِنَ البُيوتِ عَتيقٌ جاوَزَ الأَلفَ غَيرَ مَذمومِ حَرسِ
    أَثَرٌ مِن مُحَمَّدٍ وَتُراثٌ صارَ لِلروحِ ذي الوَلاءِ الأَمَسِّ
    بَلَغَ النَجمَ ذِروَةً وَتَناهى بَينَ ثَهلانَ في الأَساسِ وَقُدسِ
    مَرمَرٌ تَسبَحُ النَواظِرُ فيهِ وَيَطولُ المَدى عَلَيها فَتُرسي
    وَسَوارٍ كَأَنَّها في اِستِواءٍ أَلِفاتُ الوَزيرِ في عَرضِ طِرسِ
    فَترَةُ الدَهرِ قَد كَسَت سَطَرَيها ما اِكتَسى الهُدبُ مِن فُتورٍ وَنَعسِ
    وَيحَها كَم تَزَيَّنَت لِعَليمٍ واحِدِ الدَهرِ وَاِستَعدَت لِخَمسِ
    وَكَأَنَّ الرَفيفَ في مَسرَحِ العَي نِ مُلاءٌ مُدَنَّراتُ الدِمَقسِ
    وَكَأَنَّ الآياتِ في جانِبَيهِ يَتَنَزَّلنَ في مَعارِجِ قُدسِ
    مِنبَرٌ تَحتَ مُنذِرٍ مِن جَلالٍ لَم يَزَل يَكتَسيهِ أَو تَحتَ قُسِّ
    وَمَكانُ الكِتابِ يُغريكَ رَيّا وَردِهِ غائِباً فَتَدنو لِلَمسِ
    صَنعَةُ الداخِلِ المُبارَكِ في الغَر بِ وَآلٍ لَهُ مَيامينَ شُمسِ
    مَن لِحَمراءَ جُلِّلَت بِغُبارِ ال دَهرِ كَالجُرحِ بَينَ بُرءٍ وَنُكسِ
    كَسَنا البَرقِ لَو مَحا الضَوءُ لَحظاً لَمَحَتها العُيونُ مِن طولِ قَبسِ
    حِصنُ غِرناطَةَ وَدارُ بَني الأَح مَرِ مِن غافِلٍ وَيَقظانَ نَدسِ
    جَلَّلَ الثَلجُ دونَها رَأسَ شيرى فَبَدا مِنهُ في عَصائِبَ بِرسِ
    سَرمَدٌ شَيبُهُ وَلَم أَرَ شَيباً قَبلَهُ يُرجى البَقاءَ وَيُنسي
    مَشَتِ الحادِثاتُ في غُرَفِ الحَم راءِ مَشيَ النَعِيِّ في دارِ عُرسِ
    هَتَكَت عِزَّةَ الحِجابِ وَفَضَّت سُدَّةَ البابِ مِن سَميرٍ وَأُنسِ
    عَرَصاتٌ تَخَلَّتِ الخَيلُ عَنها وَاِستَراحَت مِن اِحتِراسٍ وَعَسِّ
    وَمَغانٍ عَلى اللَيالي وِضاءٌ لَم تَجِد لِلعَشِيِّ تَكرارَ مَسِّ
    لا تَرى غَيرَ وافِدينَ عَلى التا ريخِ ساعينَ في خُشوعٍ وَنَكسِ
    نَقَّلوا الطَرفَ في نَضارَةِ آسٍ مِن نُقوشٍ وَفي عُصارَةِ وَرسِ
    وَقِبابٍ مِن لازَوَردٍ وَتِبرٍ كَالرُبى الشُمِّ بَينَ ظِلٍّ وَشَمسِ
    وَخُطوطٍ تَكَفَّلَت لِلمَعاني وَلِأَلفاظِها بِأَزيَنَ لَبسِ
    وَتَرى مَجلِسَ السِباعِ خَلاءً مُقفِرَ القاعِ مِن ظِباءٍ وَخَنسِ
    لا الثُرَيّا وَلا جَواري الثُرَيّا يَتَنَزَّلنَ فيهِ أَقمارَ إِنسِ
    مَرمَرٌ قامَتِ الأُسودُ عَلَيهِ كَلَّةَ الظُفرِ لَيِّناتِ المَجَسِّ
    تَنثُرُ الماءَ في الحِياضِ جُماناً يَتَنَزّى عَلى تَرائِبَ مُلسِ
    آخَرَ العَهدِ بِالجَزيرَةِ كانَت بَعدَ عَركٍ مِنَ الزَمانِ وَضَرسِ
    فَتَراها تَقولُ رايَةُ جَيشٍ بادَ بِالأَمسِ بَينَ أَسرٍ وَحَسِّ
    وَمَفاتيحُها مَقاليدُ مُلكٍ باعَها الوارِثُ المُضيعُ بِبَخسِ
    خَرَجَ القَومُ في كَتائِبَ صُمٍّ عَن حِفاظٍ كَمَوكِبِ الدَفنِ خُرسِ
    رَكِبوا بِالبِحارِ نَعشاً وَكانَت تَحتَ آبائِهِم هِيَ العَرشُ أَمسِ
    رُبَّ بانٍ لِهادِمٍ وَجَموعٍ لِمُشِتٍّ وَمُحسِنٍ لِمُخِسِّ
    إِمرَةُ الناسِ هِمَّةٌ لا تَأَنّى لِجَبانٍ وَلا تَسَنّى لِجِبسِ
    وَإِذا ما أَصابَ بُنيانَ قَومٍ وَهيُ خُلقٍ فَإِنَّهُ وَهيُ أُسِّ
    يا دِياراً نَزَلتُ كَالخُلدِ ظِلّاً وَجَنىً دانِياً وَسَلسالَ أُنسِ
    مُحسِناتِ الفُصولِ لا ناجِرٌ في ها بِقَيظٍ وَلا جُمادى بِقَرسِ
    لا تَحِشَّ العُيونُ فَوقَ رُباها غَيرَ حورٍ حُوِّ المَراشِفِ لُعسِ
    كُسِيَت أَفرُخي بِظِلِّكِ ريشاً وَرَبا في رُباكِ وَاِشتَدَّ غَرسي
    هُم بَنو مِصرَ لا الجَميلُ لَدَيهِمُ بِمُضاعٍ وَلا الصَنيعُ بِمَنسي
    مِن لِسانٍ عَلى ثَنائِكِ وَقفٌ وَجَنانٍ عَلى وَلائِكِ حَبسِ
    حَسبُهُم هَذِهِ الطُلولُ عِظاتٍ مِن جَديدٍ عَلى الدُهورِ وَدَرسِ
    وَإِذا فاتَكَ اِلتِفاتٌ إِلى الما ضي فَقَد غابَ عَنكَ وَجهُ التَأَسّي

    ---------------------------------------------

    دَلَّت على مَلِكِ الملوكِ ، فلم تَدَعْ


    دَلَّت على مَلِكِ الملوكِ ، فلم تَدَعْ لأَدلَّة الفقهاءِ والأَحبار
    مَنْ شَكَّ فيه فنظرة ٌ في صُنْعِه تمحو أثيمَ الشكِّ والإنكار
    كشف الغطاء عن الطرول وأَشرقت منه الطبيعة ُ غيرَ ذاتِ سِتار
    شَبَّهْتُها بلقيسَ فوق سريرها في نَضْرَة ٍ، ومواكبٍ ، وجواري
    أو بابن داوُدٍ وواسعِ مُلكه ومعالمٍ للعزّ فيه كبار
    هُوجُ الرِّياح خواشعٌ في بابه والطيرُ فيه نواكسُ المِنقار
    قامت على ضاحي الجنان كأَنها رضوانُ يُزجي الخلْد للأَبرار
    كم في الخمائل وهي بعض إمائها من ذاتِ خلخالٍ ، وذاتِ سوار
    وحَسِيرَة ٍ عنها الثيابُ، وبَضَّة ٍ في الناعماتِ تجر فضلَ إزار
    وضحوك سنٍّ تملأُ الدنيا سنى ً وغريقة ٍ في دمعها المِدْرار
    ووحيدة ٍ بالنجدِ تشكو وحشة ً وكثيرة ِ الأَتراب بالأَغوار
    ولقد تمرُّ على الغدير تخاله والنَّبْت مرآة ً زهتْ بإطار
    حلو التسلْسُل موجُهُ وجريره كأَنامل مرَّت على أَوتار
    مدّت سواعد مائه وتأَلقت فيها الجواهر من حَصى ً وجمار
    ينساب في مُخضلَّة ٍ مُبتلَّة ٍ منسوجهٍ من سُندُسٍ ونُضار
    زهراءَ عَوْنِ العاشقينعلى الهوى مختارة ِ الشعراءِ في آذار
    قام الجَليدُ بها وسالَ ، كأنه دَمعُ الصبابة ِ بلَّ غضنَ عذار
    وترى السماء ضحى ً وفي جنح الدجى مُنشقَّة ً من أَنهرِ وبحار
    في كلِّ ناحية ٍ سلكتَ ومذهبٍ جبلانِ من صخر وماءٍ جاري
    من كلِّ مُنهمرِ الجوانبِ والذُّرى غَمْرِ الحضيضِ، مُجلَّل بوقار
    عقد الضريبُ له عمامة َ فارعٍ جَمِّ المهابة ِ من شيوخ نِزَار
    ومكذِّبٍ بالجنّ ريع لصوتها في الماءِ منحدراً وفي التيار
    مَلأَ الفضاءَ على المسامع ضجَّة ً فكنما ملأ الجهاتِ ضَواري
    وكأَنما طوفانُ نوحٍ ما نرى والفلكُ قد مُسِخَتْ حثيثَ قِطار
    يجري على مثل الصِّراط ، وتارة ما بين هاوية ٍ وجُرْفٍ هاري
    جاب الممالكَ حَزْنَها وسهولَها وطوى شَعابَ الصرب والبلغار
    حتى رمى برحالنا ورجائنا في ساحِ مَأْمولٍ عزيز الجار
    مَلِكٌ بمفرقه إذا استقبله تاجان : تاجٌ هدى ً ، وتاج فخار
    سكن الثريّا مستقر جلالِه ومشت مكارمُه إلى الأَمصار
    فالشرقُ يُسْقى ديمة ً بيمينه والغرب تمطره غيوثُ يَسار
    ومدائنُ البرَّيْنِ في إعظامه وعوالمُ البحْرَينِ في الإكبار
    الله أَيّده بآساد الشّرى في صورة المُتَدجِّج الجرّار
    الصاعدين إلى العدوِّ على الظُّبى النازلين على القنا الخطَّار
    المشترين الله بالأبناء ، والـ ـأ زواج ، والأمول ، والأعمار
    القائمين على لواء نبيِّه المنزَلين منازلَ الأَنصار
    يا عرش قسطنطين َ ، نلت مكانة ً لم تُعطَها في سالف الأَعصار
    شرِّفتَ بالصِّدّيقِ، والفاروقِ، بل بالأقربِ الأدنى من المُختار
    حامي الخلافة ِ مجدِها وكِيَانِها بالرأي آونة ً وبالبتَّار
    تاهَتْ فروقُ على العواصم،وازدَهت بجلوسِ أَصْيَد باذِخِ المقدار
    جَمِّ الجلالِ، كأَنما كرسيُّه جُزءٌ من الكرسي ذي الأَنوار
    أخذت على البوسفور زُخرفَها دُجى ً وتلألأت كمنازلِ الأقمار
    فالبدرُ ينظر من نوافذِ منزل والشمس ثمَّ مُطِلُّة ٌ من دار
    وكواكبُ الجوزاءِ تخطرُ في الرُّبى والنَّسْر مطلعُه من الأَشجار
    واسم الخليفة في الجهاتِ منوّر تَبدو السبيلُ به ويُهْدَى السَّاري
    كتبوه في شُرف القصور ، وطالما كتبوه في الأسماع والأبصار
    يا واحدَ الإسلام غيرَ مُدافَعٍ أَنا في زمانك واحدُ الأَشعار
    لي في ثنائك ـ وهو باقٍ خالدٌ ـ شعرٌ على الشعرَى المنيعة ِ رازي
    أَخلصتُ حبي في الإمام ديانة ً وجعلته حتى المماتِ شِعاري
    لم أَلتمس عَرَضَ الحياة ِ، وإنما أَقرضْتُهُ في الله والمُخْتار
    إن الصنيعة لا تكون كريمة ً حتى تُقَلِّدَها كريمَ نِجار
    والحبُّ ليس بصادق ما لم تمن حسنَ التكرُّم فيه والإيثار
    والشعر إنجيلٌ إذا استعملتَه في نشرِ مكرُمَة ٍ وستر عَوار
    وثنيتَ عن كدر الحياضَ عِنانَه إنّ الأَديبَ مُسامحٌ ومُدارِي
    عند العواهلِ من سياسة دهرهم سِرٌّ، وعندك سائرُ الأَسرار
    هذا مُقام أنت فيه محمدٌ أَعداءُ ذاتك فِرقة ٌ في النار
    إن الهلالَ ـ وأنتَ وحدّك كهفهُ ـ بين المعاقِل منك والأَسوار
    لم يبقَ غيرك مَنْ يقول: أَصونُه صُنه بحول الواحدِ القهَّار

    ------------------------------------------------

    تَحْلِيَة ُ كِتَاب


    لا السُّهد يدنيني إليه ، ولا الكرى طَيْفٌ يزورُ بفضله مهما سرى
    تَخِذَ الدُّجى ، وسماؤه ، ونجومه سُبُلاً إلى جنيفك ، لم يرضَ الثرى
    وأتاك موفور النعيم ، تخاله ملكاً تنمُّ به السماءُ، مُطهَّرا
    عِلم الظلامُ هبوطه، فمشت له أهدابه يأخذنه متحدِّراً
    وَحَمى النَسائِمَ أَن تَروحَ وَأَن تَجي حَذَراً وَخَوفاً أَن يُراعَ وَيُذعَرا
    ورقدْتَ تُزْلِف للخيال مكانَه بين الجفون، وبين هُدبِك، والكرى
    فهَنِئْتَهُ مثلَ السعادة ِ شائقاً متصوراً ما شئتَ أَن يَتصورا
    تطوى له الرقباء منصور الهوى وتدوس ألسنة الوشاة ِ مظفَّرا

    * * *
    لولا امتنانُ العين يا طيفَ الرضا ما سامحت أيامها فيما جرى
    باتَت مُشَوَّقَةً وَباتَ سَوادُها زونا بِتِمثالِ الجَمالِ مُنَوِّرا
    تُعطى المُنى وَتُنيلُهُنَّ خَليقَةً بِكَ أَن تُقَدِّمَ في المِنى وَتُؤَخِّرا
    وَتُعانِقُ القَمَرَ السَنِيَّ عَزيزَةً حَتّى إِذا وَدَّعتَ عانَقتَ الثَرى
    في ليلة ٍ قدِم الوجودَ هلالُها فدنت كواكبُها تُعلِّمه السُّرى
    وتريه آثار البدورِ ليقتفي ويرى له الميلادُ أن يتصدّرا
    ناجيتُ مَن أَهوى ؛ وناجاني بها بين الرياض ، وبين ماءِ سويسرا
    حيث الجبالُ صغارُها وكبارُها من كل أَبيضَ في الفضاءِ وأَخضرا
    تَخِذَ الغمامُ بها بيوتاً، فانجلت مشبوبة َ الأجرام ، شائبة َ الذُّرَى

    * * *
    والصخرُ عالٍ، قام يشبه قاعداً وأَناف مكشوفَ الجوانبِ مُنذِرا
    بين الكواكب والسحابِ، ترى له أُذُناً من الحجر الأَصمِّ ومِشفَرا
    قد جاءَها الفاتحُ في عُصْبة ٍ من الأُسُود الرُّكَّع، السُجَّد
    والسفحُ من أَيِّ الجهاتِ أَتيتَه أَلفيته دَرَجاً يَموج مُدوّرا
    نثرَ الفضاءُ عليه عِقدَ نجومِه فبدا زَبَرْجَدُه بهنّ مجوهرا
    وتنظَّمتْ بِيضُ البيوتِ، كأَنها أَوكارُ طيرٍ، أَو خَمِيسٌ عسكرا
    وما توانى الرومُ يَفْدُونَها والسيف في المفْدِيِّ والمفتدِي
    فخلتُها من قيصرٍ سعدُه وأُيِّدتْ بالقيصرِ الأسعد
    والنجمُ يبعث للمياه ضيائه والكهرباءُ تضيءُ أثناءَ الثرى
    هام الفراشُ بها ، وحام كتائباً يحكي حوالَيْها الغمامَ مسيَّرا
    خُلِقَت لِرَحمَتِهِ فَباتَت نارُهُ بَرداً وَنارُ العاشِقينَ تَسَعُّرا

    * * *
    والماءُ من فوق الديار، وتحتَها وخِلالها يجري، ومن حول القرى
    فيا لثأْرٍ بيننا بعده أقام ، لم يقرب، ولم يبعد
    مُتصوِّباً، مُتصعِّداً، مُتمهِّلاً مُتسرِّعاً، مُتسلسِلاً، مُتعثِّرا
    والأَرضُ جِسْرٌ حيث دُرْت ومَعْبَرٌ يصلان جسراً في المياه ومعبرا
    والفُلكُ في ظلّ البيوت موَاخِراً تطري الجداولَ نحوها والأَنهُرا
    حتى إذا هَدأَ المَلا في ليله جاذبتُ لَيلِي ثوبَه متحيِّرا
    وخرجت من بين الجسور، لعلَّني أَستقبِل العَرْفَ الحبيبَ إذا سرَى
    آوي إِلى الشَجَراتِ وَهيَ تَهُزُّني وَقَدِ اِطمَأَنَّ الطَيرُ فيها بِالكَرى
    ويهزّ مني الماءُ في لمعانه فأَميلُ أنظر فيه، أطمعُ أَن أرى

    * * *
    وهنالك ازدَهَت السماءُ، وكان أن آنستُ نوراً ما أتمَّ وأبهرا!!
    فسريتُ في لألائِهِ ، وإذا به بدرٌ تسايره الكواكبُ خُطَّرا
    فكلُّ شرٍّ بينهم أَو أَذى أَنت بَراءٌ منه طُهْرُ اليد
    حُلُم أعارتني العناية ُ سمعها فيه، فما استتممْتُ حتى فُسِّرا
    فرأيتُ صفوي جَهرة ، وأخذتُ أنـ ـسى يقظة ، ومُنايَ لَبَّتْ حُضَّرا
    وأَشرت:هل لُقيا؟ فأُوحِيَ:أَنْ غداً بالطّود أبيض من جبال سويسرا
    إن أَشرَقَت زهراءَ تسمو للضحى وإذا هوت حمراءَ في تلك الذُّرى
    فشروقُها منه أَتمّ معانياً وغروبُها أَجلى وأَكملُ منظرا
    تبدو هنالك للوجود وَلِيدة ً تهْنا بها الدنيا، ويغتبط الثرى
    وتضيءُ أَثناءَ الفضاءِ بغُرَّة ٍ لاحَت برأْسِ الطَّودِ تاجا أزهرا
    فسمعت فكانت نصف طار ، ما بدا حتى أناف ، فلاح طاراً أكبرا
    يعلو العوالم، مستقلاًّ ، نامياً مُستعصياً بمكانه أَن يُنْقَرا

    * * *
    سالَت بِهِ الآفاقُ لَكِن عَسجَداً وَتَغَطَّتِ الأَشباحُ لَكِن جَوهَرا
    واهتزَّ، فالدنيا له مُهتزَّة ٌ وأَنار، فانكشف الوجودُ منوّرا
    حَتّى إِذا بَلَغَ السُمُوُّ كَمالَهُ أَذِنَت لِداعي النَقصِ تَهوى القَهقَرى
    فدنت لناظرها ، ودان عنانُها وتبدّل المستعظم المستصغرا
    واصفرَّ أَبيضُ كلِّ شيءٍ حولَها واحمرَّ برْقُعُها وكان الأصفرا
    وسما إليها الطَّودُ يأْخذُها، وقد جعلتْ أعاليَهُ شريطاً أحمرا
    مسَّته، فاشتعلت بها جَنَباته وبدتْ ذُراه الشُّمُّ تحمل مِجْمرا
    فَكَأَنَّما مَدَّت بِهِ نيرانَها شَرَكاً لِتَصطادَ النَهارَ المُدبِرا
    حرقته ، واحرقت به ، فتولَّيا وأتى طُلولَهما الظلامُ فعسكرا

    * * *
    فشروقُها الأَملُ الحبيبُ لمن رأَى وغروبُها الأَجلُ البغيضُ لمن درى
    خطبانِ قاما بالفناءِ على الصَّفا ما كان بينهما الصفاءُ ليعمُرا
    تتغير الأشياءُ مهما عادوا والله عزّ وجلّ لن يتغيرا
    أنهارنا تحت السليف وفوقه ولدى جوانبه ، وما بين الذُّرى
    هي من أشِّ سبيلٍ جئتها غاية ٌ في المجدِ لا تدنو طِلابا
    رَجْلاً، ورُكْباناً، وزَحْلَقَة ً على عِجلٍ هنالك كهربائيِّ السرَى
    في مركبٍ مُستأْنسٍ، سالت به قُضُبُ الحديدِ، تعرُّجاً وتحدُّرا
    ينسابُ ما بين الصخور تمهُّلاً ويخفُّ بين الهُوَّتين تَخطُّرا
    وإذا اعتلى بالكهرباء لذروة ٍ عصماءَ؛ همّ معانقاً متسوِّرا

    * * *
    لما نزلنا عنه في أُمِّ الذُّرى قمنا على فرع السليف لننظرا
    أرضٌ تموجُ بها المناظرُ جَمَّة ٌ وعوالمٌ نِعْمَ الكتابُ لمن قرا
    وقرى ً ضربن على المدائن هالة ً ومدائنٌ حَلَّيْنَ أَجيادَ القُرَى
    ومزارعٌ للنارظين روائعٌ لَبِسَ الفضاءُ بها طرازاً أَخضرا
    والماءُ غُدْرٌ ما أَرقَّ وأغْزَرا ‍‍ وجداولٌ هنّ اللُّجَيْنُ وقد جرى
    فحشون أَفواهَ السهولِ سبائكاً وملأْنَ أقبالَ الرواسخِ جوهرا
    قد صغَّر البعدُ الوجودَ لنا، فيا لله ما أحلى الوجودَ مصغَّرا

    -----------------------------------------------

    الدستور العثماني

    رحَّالة َ البَدْو هاموا في فيافيها ءِ ، وأنت برهانُ العِنايه
    يا فرنسا، تلت أسبابَ السماءْ وتملَّكتِ مقاليدَ الجِواءُ
    أَو فمُ الحبيبِ، جلا فهي فِضة ذَهَبُ
    إِذا الآجالُ رجَّت منه لينا
    علبَ النسرُ على دولته وتنحى لك عن عرش الهواءُ
    ليت هاجري وهْيَ تارة ً خَبَبُ
    العفافُ زينتُها يُشتهَى ، ويُطَّلب
    وكل خيرٍ يلقَّى في أَوامرها مة ِ ، والصليبَ من الرعايه
    وكيف تنامُ يا عبدَ الحميد
    وأتتكِ الريحُ تمشي أمة لكِ - يا بلقيسُ - من أوفى الإماء

    حنُّوا إليها كما حَنّتْ لهم زمناً
    رُوِّضتْ بعدَ جِماحٍ، وجرتْ طوعَ سُلطانيْنِ: علمٍ، وذَكاءْ
    علَّ بيننا واشياً كذب
    لكِ خَيْلٌ بجناحٍ أَشبهت خَيْلَ جبريلَ لنصرِ الأَنبياء
    أو مفنّداً والرّعيَّة ُ النُّخَبُ

    المحسنون همُ اللبا
    مَن لِمدْنَفٍ دمعه سحب؟
    فإِن ذلك أَجرى من معاليها ـغالي وحرمتِه كنايه
    بالأَمس لادي لوثرٍ بُرُدٍ في البرِّ والبَحْرِ بِطاءْ
    يُبتغى ويُجتذَب فهْيَ تارة ً مَهَلٌ
    لم تأْلُ جِيرتَها عنايه فوقَ عُنْق الرِّيحِ، أَو متْنِ العَمَاء

    وما هاب الرُّماة َ مسدِّدينا
    الأَحمران عن الدم الـ ولا وراء مداها فيه علياءُ
    رحلة ُ المشرِقِ والمغرِبِ ما لبثتْ غيرَ صَبَاح وَمَسَاء
    همُ الأَبطالُ في ماضٍ وآتي
    عندهَ وَصَب
    ذقتُ صدّه غيرَ محتسِب
    أَسْدَتْ إِلى أَهل الجنو لِفريقٍ من بَنيكِ البُسلاء
    وليس مُستعظَماً فضلٌ ، ولا كرمٌ وحسبُ نفسك إِخلاصٌ يُزكِّيها
    تارة ً ويُقْتَضَب سيِّدي لها فلَكٌ
    يعادِلُ جَمعُهم منا جنينا
    ضاقت الأرض بهم ، فاتخذوا في السَّماوات قبورَ الشهداء
    بُ، وسائرُ الناسِ النفايه سمراءَ النجمِ في أوج العلاءُ
    خلافة الله في أحضانِ دولتهم شابَ الزمانُ ، وما شابت نواصيها
    أخجل القُضُب
    بيْن عَينه جَنَّة ٌ، هي الأَرَب
    دروعُها تحتمي في النائباتِ بهم من رمح طاعنِها ، أَو سهمِ راميها
    حُوَّماً فوقَ جبالٍ لم تكن بَ الجهالة والعَمايه
    أُبْسُطْ جَنَاحَيْكَ اللذيْـ ولهم ألفُ بساط في الفضاء

    الرأَيُ رأَيُ أميرِ المؤمنين إذا
    والحربُ للشيطان رايه رفعة ِ الذكر ، وعلياء الثناء
    ساقي الطِّلا شربها وجب
    يا نسوراً هبطوا الوادي على سالِف الحُبِّ، ومَأْثورِ الوَلاء
    لم تكشف النفس لولاه ، ولا بلين لها سرائر لا تحصى واهواءُ
    هاتها مشت فوقها الحقب
    دارُكم مصرُ، وفيها قومُكم مرحباً بالأقربين الكرماء
    تنفثُ الحبب
    طرتم فيها ، فطارت فرحاص بأعزِّ الضيفِّ خيرِ النزلاء
    والمعِيَّة ُ النجُبُ
    ولا استخفَّكَ للذَّاتِ داعيها
    هُذِّبَتْ ففي والنُّهودُ هامِدة ٌ
    هَل شجاكم في ثَرى أَهرامِها ما أرقتمْ من دموع ودماء ؟
    أين نسرٌ قد تلقَّى قبلكم عِظة الأَجيالِ من أَعلى بِناء؟
    إسقها فتى ً خيرَ مَن شرِب
    لو شهِدتم عصره! أضحى له عالمُ الأَفلاكِ معقودَ اللواء
    كلما طغى راضها الحسب
    تكادُ من صُحبة ِ الدنيا وخبرِتها وجاءَته جنودُك مبطلينا
    مة ِ، والصليبَ من الرعايه
    علبدينُ أم في هَوَادجٍ عَجَلاً
    رأَيتَ الحلمَ لما زاد غَرَّا فلبَّتْه الفيالقُ والأَرادي
    ـغالي وحرمتِه كنايه فمشى للقبر مجروحَ الإباء
    أخذتْ تاجاً بتاجٍ تأرها وجَزَتْ من صَلفٍ بالكبرياء

    أَو دوائرٌ دُرَرٌ
    وتمنَّت لو حَوَت أعظمَه بين أَبْنَاءِ الشموسِ العُظماء
    فكنّ الموتَ، أَو أَهدى عيونا عند الرعية ِ من أَسنى أياديها
    وخَشية ُ اللَّهِ أُسٌّ في مبانيها بُ ، وسائرُ الناسِ النفايه
    أَو كبَاقة ٍ زهْرَا يرفع الحجُب
    جلَّ شأْنُ الله هادي خَلْقِه بهُدَى العِلم، ونورِ العلماء
    طارت قناها سروراً عن مراكِزها تفرّق جمعُهم إِلاَّ بقايا
    أَشرقتْ نوافِذهُ عند راحة ٍ تعَب
    ومررتِ بالأَسرى ، فكنـ طلبة ً بها عهد الرجاء
    وزِد الهلالَ من الكرا كان إحدى مُعجزاتِ القدَماء
    فهْيَ مَرَّة ً صُعُدٌ تبَّعُ الغَلب

    تغلي بساكنها ضِغناً ونائرة ً
    نصفه طير ونصفه بشر ! يا لها إحدى أعاجيب القضاء !
    ـمة َ، واستبقن البرَّ غايه وسمها في عروقِ الظلم مشَّاءَ
    السُّراة ُ من واللُّجَينُ، والذهب
    يسْعِفن رِيّاً، أَو قِرى ً أَنْفُسَ الشجعانِ قبلَ الجبناء
    وتلقَفُ نارَهم والمطلقينا
    عُجْمُهُنّ، والعرَبُ
    مُسرَجٌ في كلّ حين، مُلجَمٌ كاما العدة ، مرموق الرُّواء
    الظلامُ رَايتُها وهْيَ بيننا سَلَبٌ
    فسامَرَ الشرَّ في الأجبالِ رائحُها وصبَّح السهلَ بالعدوانِ غاديها
    كبِسَاطِ الريحِ في القدرة ، أَو هُدْهُدِ السيرة ِ في صِدق البلاء
    أو كحوتٍ يرتمي الموج به سابح بين ظهور وخفاء
    والنفسُ مؤذية ٌ من راحَ يؤذيها
    راكب ما شاء من أطرافه لا يُرَى من مركب ذي عُدَوَاء
    بين كوكبٍ ينجلي وينسكِب
    وكم فتحوا الثغورَ بلا تواني كالبوم يبكي رُبُوعاً عزّ باكيها
    يا أيها اللادي التي كالعُذْرِ في جنب الجنايه
    عند شادنٍ سائغٌ ولا سَغَب

    وذَلُّوا في قتال المؤمنينا
    وترى السُّحبَ به راعدة ً من حديدٍ جُمعت ، لا من رواء
    من كل مستسبل يرمي بمهجِته في الهول إِن هي جاشت لا يراعيها
    والهناءُ ما يَهب أينما ذهب
    حمل الفولاذَ ريشاً، وجرى في عنانين له : نارٍ ، وماء
    وجَنَاحٍ غيرِ ذي قادِمة ٍ كجناح النحل مصقولٍ سواء

    يلفتُ الملا
    يقفان في جنب الدِّما مسَّهُ صاعقة ٌ من كهرُباء
    يتراءَى كوكباً ذا ذَنَب فإذا جَدَّ فَسَهما ذا مضاء
    ما كان مُختلفُ الأَديانِ داعية ً فأَهلاً بالأَوزِّ العائمينا
    فإذا جاز اثريا للثري جرّ كالطاووس ذيل الخيلاء
    الكتب، والرسل، والأَديان قاطبة ً وكم باتوا على هَرْج ومَرْجِ
    يملأُ الآفاقَ صوتاً وصدًى كعزيف الجنّ في الأَرض العَرَاء
    أرسلتْه الأرضُ عنها خبراً طَنَّ في آذانِ سكَّانِ السماء
    مائجٌ بها لَبَبُ
    يا شباب الغدِ ، وابناي الفِدى لكُمُ، أَكْرِمْ وأَعزِز بالفِداء
    آنساً الى بابُه لِداخِلِهِ
    وأين ماضية ٌ في الظلم ، قاضية ٌ ؟ واين نافذة ٌ في البغي ، نجلاءُ ؟
    هل يمد اللهُ لي العيشَ ، عسى أن أراكم في الفريق السُّعداء ؟

    وما أُسطولُهم في البحر إِلا
    وأرى تاجكُمُ فوق السُّها وأرى عرشكُمُ فوق ذكاء ؟
    مٌ وإن همُ طَربوا والحنانُ، والحَدَب
    من رآكم قال : مصرُ استرجعتْ عزَّها في عهد خوفو و مناء
    لئن غدوتُ إلى الإحسانِ أَصرفها فإن ذلك أجرى من معاليها
    يَجمعُ المَلا يُحضِر الغَيَب
    أُمَّة ٌ للخلد ما تبني، إذا ما بنى الناسُ جميعاً للعَفاء
    والمُدامُ أَكؤُسُها قبله طرِب
    يا شعبَ عثمانَ من تركِ ومن عربٍ حيّاكَ مَنْ يبعث الموتى ويُحييها
    تَعْصِمُ الأَجسامَ من عادي البلا وتقي الآثار من عادي الفناء
    إن أَسأْنا لكُمُ، أَو لم نُسِىء ْ نحن هلكي ، فلكم طولُ البقاء
    لقينا الفتحَ والنصرَ المبينا تقدم نحو نارٍ أَي نارِ
    إنما مصرُ إليكمْ وبكمْ وحُقوقُ البرِّ أَوْلى بالقضاء
    أنت حاتمٌ ليلة ٌ لسيِّدِنا
    عصركم حرٌّ ، ومستقبلكم في يمين الله خير الأمناء
    لم تقم على المَلاَ لها قُطُب
    لا تقولوا : حطَّنا الدّهرُ ، فما هو إلاَّ من خيالِ الشعراء
    لا تناله الرِّيَب يا وما نضب
    هل علمتمْ أُمة ً في جَهلها ظهرتْ في المجد حسناءَ الرِّداء ؟
    باطِنُ الأُمة ِ من ظاهِرِها إنما السائلُ مِن لونِ الإناء
    لم يقل جدب
    فخذوا العلم على أعلامه واطلبوا الحكمة َ عند الحكماء
    واقرأوا تاريخكم ، واحتفظوا بفصيح جاءكم من فصحاء
    سٍ انظر النّشب
    أنزلَ اللهُ على ألسنهم وحيه في أعصر الوحيِ الوضاء
    ما الخصيبُ؟ ما الـ ،سحرُ ذو العُبُب
    واحكموا الدنيا بسلطانٍ ، فما خلقتْ نضرتها للضعفاء

    ذا هو الجنا
    واطلبوا المجد على الأَرض، فإن هي ضاقت فاطلبوه في السماء
    خيرُ من دعا خيرُ من أَدب
    ربَّ مصر، عش وابلغ الأرب

    يكفلُ الأَميرُ لنا
    وهْوَ مُشْفِقٌ حَدِب ـاعر الأرب
    خيرِ منْ خَطب
    فارسيَّة ً واكتفى بها الغَيَب
    يستفزُّها نَغَمٌ عاطِلٌ ومختضِب

    -------------------------------------------

    فثَمَّ جَلالة ٌ قَرَّتْ ورامت

    سريا صليب الرِّفقِ في ساح الوغى وانتشر عليها رحمة ً وحنانا
    ولو صَرَّحت لم تُثر الظنونا وهل تصوّرُ أفراداً وأعيانا؟
    نزلنَ أَولَ دارٍ في الثرى رَفعَت للشمس مُلكاً ، وللأقمار سلطانا
    ووقى من الفتنِ العبادَ، وصانا
    تفننت قبل خلق الفن، وانفجرت علماً على العُصُرِ الخالي وعِرفانا
    والمسْ جراحاتِ البريَّة ِ شافياً ما كنت إلا للمسيح بنانا
    أُبَوَّة ٌ لو سكتا عن مفاخرهم تواضعاً نطقت صخراً وصَوَّانا

    وإذا الوطيسُ رمى الشباب بناره
    واضرَع ، وسلْ في خلقِه الرّحمانا
    هم قلَّبوا كرَة الدنيا فما وجدَتْ جلالُ الملك أَيامٌ وتمضي
    فيا لكِ هِرَّة ً أَكلت بنيها للهِ له بيعاً ولا صلبانا
    وصيّروا الدهرَ هزءاً يسخرون به يَسُلُّ من التراب الهامدينا
    لم يَسلك الأَرضَ قومٌ قبلهم سُبُلاً ولا الزواخرَ أَثباجاً وشُطَّانا
    ومن دُولاتهم ما تعلمينا
    تقدم الناسَ منهم محسنون مضَوا للموت تحت لواءِ العِلم شجعانا
    إن الذي أمرُ الممالك كلذِها بيديه ؛ أحدثَ في الكنانة شانا
    جابوا العُبابَ على عودٍ وسارية ٍ وأغلوا في الفَلا كاأُسْدِ وحْدانا
    أَزمانَ لا البرُّ بالوابور منتهَباً ولا «البخارُ» لبنت الماءِ رُبَّانا
    وكان نزيلُهُ بالمَلْكِ يُدعَى فينتظم الصنائعَ والفنونا
    هل شيَّع النشءُ رَكْبَ العلم، واكتنفوا لعبقرية ٍ أَحمالاً وأَظعانا؟
    أوَما ترون الأرضَ خُرّب نصفُها وديارُ مصرٍ لا تزال جنانا؟
    عِزَّ الحضارة أعلاماً وركبانا؟
    يسيرُ تحت لواءِ العلم مؤتلفاً ولن ترى كنودِ العلم إخوانها

    كجنود عَمْروٍ ، أينما ركزوا القنا
    العلمُ يجمعُ في جنسٍ ، وفي وطنٍ شتى القبائل أجناساً ، وأوطانا
    ولم يزِدْكَ كرسمِ الأَرض معرفة ً وتارة ً بفضاءِ البَرِّ مُزدانا
    علمٌ أَبان عن الغبراءِ، فانكشفتْ زرعا، وضرعا، وإقليما، وسُكانا
    أُممَ الحضارة ِ، أنتمُ آباؤنا منكم أخذنا العلمَ والعرفانا
    وقسم الأرض آكاماً، وأودية ً نحاذرُ أَن يؤول لآخرينا
    بنيانُ إسماعيل بعد محمدٍ وتركُك في مسامعها طنينا
    وبيَّن الناسَ عادات وأمزجة ً سَيَفْنَى ، أَو سَيُفْنِي المالكينا
    وما تلك القبابُ؟ وأَين كانت؟ وما لكَ حيلة ٌ في المرجفينا:
    ومن المروءة ِ - وهي حائطُ ديننا - أن نذكرَ الإصلاحَ والإحسانا
    وفدَ الممالك ، هز النيل مَنكبَه لما نزلتم على واديه ضيفانا
    غدا على الثغرِ غادٍ من مواكبكم مُمرَّدة البناءِ، تُخالُ برجاً
    لم يعرفوا الأحقاد والأضغانا
    جرت سفينتُكم فيه ، فقلَّبها على الكرامة قيدوماً وسكانا
    يلقاكمُ بسماءِ البحر معتدلٌ نزلتُم بعَروسِ المُلكِ عُمرانا
    ودالتْ دولة المتجبِّرينا كأنه فلق من خِدره بانا
    أناف خلف سماءِ الليل متقداً يخال في شُرفات الجوِّ كيوانا
    تطوي الجواري إليه اليمّ مقبلة ً تجري بوارجَ أَو تنساب خُلجانا
    نورُ الحضارة لا تبغي الركابُ له لا بالنهار ولا بالليل برهانا
    يا موكبَ العلم، قِفْ في أَرض منْفَ به فكانوا الشُّهبَ حين الأَرض ليلٌ
    بكى تمائمَهُ طفلاً بها، ويبكي ملاعباً من دبى الوادي وأحضانا
    أرض ترعرع لم يصحب بساحتها إِلاَّ نبيين قد طابوا، وكهّانا
    عيسى ابنُ مريم فيها جرّ بُردتَه وجرّ فيها العصا موسى بن عِمرانا
    لو لا الحياء لناجتْكم بحاجتها لعل منكم على الأيام أعوانا
    وهل تبقى النفوسُ إِذا أَقامت ليَّنتُمُ كلَّ قلبٍ لم يكن لانا
    فضاقت عن سفينهم البحار فلرُبَّ إِخوانٍ غَزَوْا إِخوانا

    أمورٌ تضحكُ الصبيانُ منها
    وانشر عليها رحمة ً وحنانا
    وصيَّرنا الدخان لهم سماء
    وأَراد أَمراً بالبلاد فكانا هِزبر من ليوث الترك ضاري
    علومَ الحربِ عنكم والفنونا

    -----------------------------------------------

    قِفْ بروما ، وشاهد الأمرَ ، واشهد


    قِفْ بروما ، وشاهد الأمرَ ، واشهد أَن للمُلك مالكاً سبحانَه
    دولة ٌ في الثرى ، وأَنقاضُ مُلكٍ هَدَمَ الدهرُ في العُلا بنيانه
    يا عزيز السجن بالبابا، إِلى وأَبوكَ الفضلُ خيرُ المُنجبين
    قد امتلأَت منك أَيْمَانها
    مَزقت تاجهَ الخطوبُ ، وألقت في الترابِ الذي أرى صولجانه

    لا يقولَنَّ امْرُؤ: أَصْلِي، فما
    طللٌ ، عند دمنة ٍ ، عند رسمٍ ككتابٍ محا البلى عنوانه
    وفقدتمُ ما عزَّ في وجدانه وضلَّ المقاتلَ عُدْوانها
    وثماثيل كالحقائق ، تزدا في ذمة ِ الله ـ أَوْفَى ذمة ٍ ـ نَفَرٌ
    إِنَّ الحياة َ نهارٌ أَو سحابتُه
    ربَّ خيرٍ في وجوهِ القادمين
    من رآها يقولُ : هذِي ملوكُ الدَّهر، هذا وقارُهم والرزانه
    أَين المشاركُ مصرَ في فدانه؟
    يدٌ للعناية ِ، لا ينقضي وتبنين الحياة وتهدمينا
    قسماً ما الخيرُ إلا وجهة ٌ هي هذا الوجه للمستقبلين

    هو كالصخرة ِ عند القبط، أَو
    وبقايا هياكلٍ وقصورٍ بين أَخذِ البِلى ودفع المتانه
    تربها القيمُ بالحرزِ الحصين
    أمسك النيلُ ، فلما بشرتْ بك مصرٌ عاد فياضَ اليمينْ

    هيهات ينسَى بذلَهم أرواحَهم
    عبثَ بالدهر بالحواريِّ فيها وبيليوس لم يَهب أرجوانه
    أترع الوادي كما أترعتِهِ قد عَرَضْتَ الد
    ليهْنكِ أنهم نزعو أمونا
    وجرت هاهنا أُمورٌ كبارٌ واصل الدهرُ بعدها جَريانه
    وقفوا له دون الزمانِ وريبِه ومشت حداثُتهم على حدَثانه
    راح دينٌ، وجاءَ دينٌ، وولَّى ملكُ قومٍ ، وحلَّ ملكٌ مكانه
    وضلَّ المقاتلَ عُدْوانها
    هرَ والجيشَ معاً منعَ الأُمَّ ملاقاة البنين
    والذي حصَّل المجدون إهرا قُ دماءٍ خليقة ِ بالصيانه
    فكانوا الشُّهبَ حين الأرض ليلٌ حين الناس جِدُّ مضَلَّلينا
    حَجب النعمة حتى وَجَدَت شيّد الناسُ عليه، وبَنوْا

    في الجو، وارتفعت على كيوانه
    منايا أبى اللهُ إذ ساورتكَ فلم يليق نابيْه ثُعبانها
    قهر الأيتام في عيد الندى مهرجان البر عرس البائسين
    فلطالما أبدى الحنينَ لقسِّه واهتزَّ أشواقاً إلى سَحبانه
    ليت شعري . إلام يقتتل النا سُ على ذي الدَّنِيَّة الفتانه؟
    بلدٌ كان للنصارى قتاداً صار ملكَ القُسوس ، عرش الديانه
    نَسبُ البدرِ أَو الشمسِ ـ إِذا والمرءُ ذو أثر على أخدانه
    قد مشينا بين حديه إلى ركبك المحروس بالله المعين

    ولكنْ رؤُوسٌ لأَموالهم
    وأَحالت عسلاً صابَ المَنون
    حَوَتْ دَمكَ الأَرضُ في أَنفِها منايا أَبى اللَّهُ إِذ ساورتكَ
    نامَ عنها وهي في سدتِهِ ديدبانٌ ساهرُ الجَفْنِ أمين
    وشعوبُ يمحون آية عيسى ثم يعلون في البريَّة ِ شانه
    غاية ٌ قصَّر عنها الفاتحون سائلَ الغُرَّة ِ ممسوحَ الجبين
    وأنخناهُ لدى الخدر الكنين
    تقيَّد في التراب بغير قَيْد رُعاة ُ العهودِ وخُوّانها
    ويُهينون صاحبَ الروح ميْتاً ويُعِزّون بعدَه أَكفانه
    عالمٌ قُلَّبٌ، وأَحلامُ خَلْقٍ تتبارى غباوة ً وفطانه

    ولو زُلتَ غُيَّبَ عَمْرُو الأُمورِ
    إِنما الأُسوة ُ ـ والدنيا أُسى ً ـ وإذا هالاته عزٌّ مكينْ
    قل للشباب: زمانُكم مُتحرِّك هل تأْخذون القسطَ من دورانه؟
    تعالى اللهُ ، كان السحرُ فيهم وأَين من الرِّبح قسطُ الرجال
    وإذا الدنيا عليه سْمحة ٌ تُسفِرُ الآمالَ عنها وتَبينْ
    رومة الزهوِ في الشرائعِ، والحكـ ـمة ِ في الحُكم، والهوى ، والمجانه
    والتناهي ، فما تعدّى عزيزاً فيكِ عِزٌّ، ولا مَهِيناً مهانه

    خُطَبٌ لا صوتَ إِلاّ دونَها

    وترَ الناسَ ذئاباً وضِئين
    ما لحيٍّ لم يُمْسِ منكِ قبيلٌ أو بلادٌ يعدَّها أوطانه
    وليس الخلدُ مرتبة َ تلقَّى وتؤخذ من شفاه الجاهلينا
    يصبحُ الناسُ فيك مولى وعبداً ويرى عبدك الورى غلمانه
    وسرُّ العبقرية حين يسري ميولُ النفوسِ وأَضغانها
    يا مُلَقَّى النصرِ في أَحلامِه
    أين ملكٌ في الشرقِ والغربِ عالٍ تحسدُ الشمسُ في الضحى سلطانه؟
    ومن المكرِ تَغنِّيك بها
    ويختلف الدهرُ حتى يَبينَ إلى التاريخ خيرُ الحاكمينا
    وتَرَ الأَمرَ يداً فوق يدٍ وحملتِ التاجَ فيها أربعين
    وقفوا له دون الزمانِ ورَيبِه
    قادرٌ ، يمسخ الممالكَ أعما لاً ، ويعطي وَسِيعَها أعوانه
    أين مالٌ جَبَيْتِهِ ، ورعايا كلّهم خازنٌ ، وانتِ الخزانه ؟
    ومن الخيف ومن دارِ الأمين
    وأخذُك من فمِ الدنيا ثناءً زكيّاً، كأَنك عثمانها
    مَنْ دَنا مِن رَكْبِك العالي به من أَديم يَهْرَأُ الدبَّ، إِلى
    أَين أَشرافُكِ الذين طَغَوْا في الد هرِ حتى أَذاقهم طغيانه
    فغالي في بنيك الصيدِ غالي ويلعبُ بالنار ولدانها
    أَين قاضيكِ؟ ما أَناخ عليه؟ أين ناديك ؟ ما دهى شيخانه ؟
    سيفُهُ أَحْيينَه في الغابرين
    فاضً الزمانُ من النبوغِ، فهل فتى غمَرَ الزمانَ بعلمه وبيانه؟
    لا ترومي غيرَ شِعري موكباً واخدعِ الأَحياءَ ما شئتَ، فلن
    فناجيهم بعرشٍ كان صِنْواً لعرشك في شبيبته سَنينا
    قد رأَينا عليكِ آثارَ حزنٍ ومن الدُّور ما ترى أحزانه

    أين التجارة ُ وهي مضمارُ الغنى ؟
    وقَتْكَ العنايَة َ بالراحتَينِ وتأْبى الأُمورُ وسلطانها
    كلُّ حمدٍ لم أصًغْهُ زائِلٌ هم جمالُ الأَرض حيناً بعد حين
    أين الجوادُ على العلوم بماله؟ أين المشاركُ مصرَ في فدانه؟
    اقصِري، واسأَلي عن الدهر مصراً هل قضْت مَرَّتَيْن منه اللُّبانه؟
    إِنّ من فرَّق العبادَ شعوباً جعل القسط بينها ميزانه
    وتاجٍ من فرائده ابنُ سيتي ومن خرزاته خوفو ومينا
    ولكن على الجيش تقوى البلادُ وبالعلم تشتدُّ أر
    سمسم
    سمسم
    عضو متألق
    عضو متألق


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 834

    تاريخ التسجيل : : 11/05/2010

    مكتبة قصائد امير الشعراء احمد شوقى ( 3 ) Empty رد: مكتبة قصائد امير الشعراء احمد شوقى ( 3 )

    مُساهمة من طرف سمسم 13/5/2011, 4:39 pm



    شكرا على المواضيع المميزة
    شكشك
    شكشك
    مشرف
    مشرف


    ذكر
    مصر

    عدد المشاركات : : 1796

    تاريخ التسجيل : : 09/12/2010

    مكتبة قصائد امير الشعراء احمد شوقى ( 3 ) Empty رد: مكتبة قصائد امير الشعراء احمد شوقى ( 3 )

    مُساهمة من طرف شكشك 8/6/2011, 7:38 pm



    مشكوووووووووور

      الوقت/التاريخ الآن هو 20/5/2024, 6:29 pm